صلاة العيد يوم الجمعة.. حكمها وكيفيتها وموعدها في 33 مدينة
تاريخ النشر: 6th, June 2025 GMT
صلاة العيد يوم الجمعة .. يطرح الكثير من الاستفهامات حول كفاية صلاة عيد الأضحى عن صلاة الجمعة ـ حيث يوافق أول أيام العيد الكبير اليوم الجمعة العاشر من شهر ذي الحجة، لذا يزيد البحث عنها في هذا الوقت سواء موعد صلاة العيد يوم الجمعة، وأحكامها وهل نصلي صلاة العيد والجمعة و كيفيتها وفضلها وما نحوه من الأمور المتعلقة بها.
قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه إذا جاء العيد يوم الجمعة فالأصل أن تقام الجمعة في المساجد، ومن كان يَصعب عليه حضورها أو أراد الأخذ بالرخصة في تركها إذا صلى العيد فله ذلك.
واستشهدت “الإفتاء” بقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- في ذلك: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمِّعون» رواه أبو داود وغيره، بشرط أن يصلي الظهر بدلًا عنها، وأما القول بسقوط الجمعة والظهر معًا بصلاة العيد فلا يُعَوَّل عليه ولا يجوز الأخذ به.
وأوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الواجب على إمام الجمعة وخطيبها أن يقيم الجُمعة وأن يحضر في المسجد ويصلي بمن حضر، حتى لو صادفت الجُمعة أول أيام العيد.
وأضاف «وسام» خلال إجابته عن سؤال: «ما حكم صلاة الجمعة إذا جاءت يوم العيد؟»، أنه يجوز لمن أدى صلاة العيد أن يترك الجمعة، ووجب عليه أن يصلى أربع ركعات ظهرًا وهذا عند بعض الفقهاء، مستشهدًا بما روي عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ، قَالَ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ»، مضيفًا «وأما القول بسقوط الجمعة والظهر معًا بصلاة العيد فلا يُعَوَّل عليه ولا يجوز الأخذ به».
حكم صلاة العيد يوم الجمعةوورد أن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم انطبقت عليه شروط وجوب الجمعة، ولذا إذا وافق أول أيام عيد الفطر أو عيد الأضحى يوم الجمعة، فيجب إقامة صلاة الجمعة ولا تسقط بصلاة العيدأ لأن صلاة الجمعة فرض، وصلاة العيد سنة مؤكدة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها، وذلك لقول الله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (الجمعة/9).
وحدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وافق يومُ العيد يومَ الجمعة، فكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه صلى الصلاتين، وخطب الخطبتين، ولم يترك الجمعة ولا العيد، وذلك أمر مشهور معروف في كتب السنة والحديث، وهو ما ذهب إليه جماهير فقهاء المسلمين من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة.
وورد أنه رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الجمعة ذلك اليوم لأهل العوالي الذين بعدت منازلهم عن المسجد النبوي، ويشقّ عليهم الذهاب والإياب مرتين للصلاتين، فرخص لهم أن يصلوا الظهر في أحيائهم، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ» رواه أبو داود.
وحمل جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية هذا الحديث على أنه واردٌ في حقّ من أتى لصلاة العيد من خارج المدينة المنورة؛ ممن لا تجب عليهم الجمعة ابتداءً؛ كونهم قاطنين خارج المدن والعمران، فهؤلاء إن انتظروا حتى يصلوا الجمعة كان في ذلك مشقة عليهم، وكذلك لو رجعوا إلى أهلهم ثم جاؤوا لصلاة الجمعة؛ فرخص لهم حينئذ في ترك الجمعة.
جاء في كتاب «مغني المحتاج 1/ 539»: "ولو وافق العيد يوم جمعة فحضر أهل القرية الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد ولو رجعوا إلى أهلهم فاتتهم الجمعة فلهم الرجوع وترك الجمعة يومئذ على الأصح، فتستثنى هذه من إطلاق المصنف، نعم لو دخل وقتها قبل انصرافهم كأن دخل عقب سلامهم من العيد فالظاهر كما قال شيخنا أنه ليس لهم تركها".
وجاء في كتاب «البناية شرح الهداية 3/ 97»:"ثم المراد من اجتماع العيدين هاهنا اتفاق كون يوم الفطر أو يوم الأضحى في يوم الجمعة...، ولا يترك بواحد منهما: أي من العيد والجمعة، أما الجمعة فلأنها فريضة، وأما العيد فلأن تركها بدعة وضلال...، قوله: وإنما مجمعون، دليل على أن تركها لا يجوز، وإنما أطلق لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخيرهم عثمان، لأنهم كانوا أهل أبعد قرى المدينة، وإذا رجع أهل القرى قبل صلاة الجمعة لا بأس به".
حكم صلاة العيدقالت دار الإفتاء المصرية ، إن صلاة العيد سُنَّةٌ مؤكدة واظب عليها النبي صلى الله عليه وآلـه وسلم، وأمر الرجال والنساء –حتى الحُيَّض منهن- أن يخرجوا لها.
وأوضحت “ الإفتاء ” أن وقتُ صلاة العيد عند الشافعية ما بين طلوع الشمس وزوالها، ودليلهم على أن وقتها يبدأ بطلوع الشمس أنها صلاةٌ ذات سبب فلا تُراعَى فيها الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة، أما عند الجمهور فوقتها يَبتدِئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة-وهو الوقت الذي تحلُّ فيه النافلة- ويمتدُّ وقتُها إلى ابتداء الزوال.
مكان صلاة العيدوأضافت أن الأفضل في مكان أدائها محلُّ خلافٍ بين العلماء: منهم مَنْ فَضَّل الخلاء والْمُصَلَّى خارج المسجد؛ استنانًا بظاهر فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم من رأى المسجد أفضل إذا اتَّسَـع للمُصَلِّين –وهم الشافعية-، وقالوا إن المسجد أفضل لشرفه، وردوا على دليل مَنْ فَضَّل المصلَّى بأن علة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه عدمُ سعَةِ مسجده الشريف لأعداد المصلين الذين يأتون لصـلاة العيد، وعليه فإذا اتَّسَع المسجد لأعداد المصلين زالت العِلَّة وعادت الأفضلية للمسجد على الأصل؛ لأن العلة تدور مع المعلول وجـودًا وعدمًا.
كيفية صلاة عيد الأضحىوأشارت عن كيفيه صلاه عيد الأضحى إلى أن صلاة العيد ركعتان تجزئ إقامتهما كصفة سائر الصلوات وسننها وهيئاتها-كغيرها من الصلوات-, وينوي بها صلاة العيد, هذا أقلها، وأما الأكمل في صفتها: فأن يكبر في الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع, وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرةِ القيام والركوع، والتكبيراتُ قبل القراءة؛ لما روي «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا، فِي الأُولَى سَبْعًا، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا، سِوَى تَكْبِيرَةِ الصَّلاةِ»، ولما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ.
صلاة العيد الساعة كاميحل موعد صلاه عيد الاضحى 2025 في مصر ومحافظاتها بحسب الحسابات الفلكية اليوم الجمعة الموافق 6 يونيه 2025 في تمام الساعة 19: 6 صباحًا بالقاهرة، وتقام صلاة العيد في محافظة الجيزة في تمام الساعة 6:19 صباحًا، وفي محافظة الإسكندرية في تمام الساعة 6:21 صباحًا، وفي السويس 6:13 صباحًا، والعريش 6:06 صباحًا، وسانت كاترين 6:11 صباحًا، وفي بورسعيد 6:11 صباحًا، وبنها 6:18 صباحًا، وطابا 6:05 صباحًا، والزقازيق 6:16 صباحًا، فيما بنى سويف 6:21 صباحًا، أما عن سوهاج 6:25 صباحًا، وفي دمنهور 6:19 صباحًا.
موعد صلاة العيد في المنصورةويحين موعد صلاة العيد في شبين الكوم: 6:18 صباحًا، وعن موعد صلاه العيد في المنصوره 6:16 صباحًا، والطور: 6:13 صباحًا، وفي المنيا 6:25 صباحًا، وبطنطا: 6:18 صباحًا، وشرم الشيخ: 6:11 صباحًا، وأسيوط: 6:25 صباحًا، وكفر الشيخ: 6:17 صباحًا، ومرسى مطروح: 6:31 صباحًا، وفي الفيوم: 6:22 صباحًا، أما الغردقة: 6:15 صباحًا.
صلاة العيد اسوانفيما يحين موعد صلاة العيد أسوان: 6:25 صباحًا، والإسماعيلية: 6:13 صباحًا، وقنا: 6:21 صباحًا، وأبو سمبل: 6:34 صباحًا، وحلايب: 6:14 صباحًا، أما الخارجة: 6:33 صباحًا، وشلاتين: 6:16 صباحًا، ونويبع: 6:07 صباحًا، وفي السلوم: 6:39 صباحًا، وفي دمياط: 6:13 صباحًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة العيد يوم الجمعة صلاة العيد حكم صلاة العيد يوم الجمعة حكم صلاة العيد صلاة العيد الساعة كام كيفية صلاة عيد الأضحى صلاة العيد اسوان صلى الله علیه وآله وسلم صلاة العید یوم الجمعة النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم موعد صلاة العید ی صلى الله علیه حکم صلاة العید صلاة العید فی صلاة الجمعة عید الأضحى رسول الله صلاة عید أول أیام صلاه عید م الجمعة ول الله ة صلاة صباح ا
إقرأ أيضاً:
هل المتوفى بسبب السرطان يُعتبر من الشهداء؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: كثير من الناس يموتون الآن بسبب مرض السرطان، فهل الذي يموت بسبب هذا المرض الخطير يُعَدُّ شهيدًا؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن الموت بسبب مرض السرطان تشمله أسباب الشهادة الواردة في الشرع الشريف؛ بناءً على أن هذه الأسباب يجمعها معنى الألم لتحقق الموت بسبب خارجي، فليست هذه الأسباب مسوقة على سبيل الحصر، بل هي منبهة على ما في معناها مما قد يطرأ على الناس من أمراض، وبناءً على أن مرض السرطان داخل في عموم المعنى اللغوي لبعض الأمراض، ومشارك لبعضها في بعض الأعراض، وشامل لبعضها الآخر مع مزيد خطر وشدة ضرر، فمن مات بسببه يرجى له أجر الشهادة في الآخرة؛ رحمةً من الله سبحانه وتعالى به، غير أنه تجري عليه أحكام الميت العادي؛ من تغسيلٍ، وتكفينٍ، وصلاةٍ عليه، ودفنٍ.
أنواع الشهداء في الإسلام وبيان كل نوع وسببه
وأوضحت انه قد تقرر أن الشهداء على ثلاثة أقسام:
الأول: شهيد الدّنيا والآخرة: الّذي يقتل في قتال الحربيين أو البغاة أو قطاع الطريق، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة: بالشهادة الحقيقية.
والثاني: شهيد الدّنيا: وهو من قتل كذلك، ولكنه غلّ في الغنيمة، أو قتل مدبرًا، أو قاتل رياءً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا.
والثالث: شهيد الآخرة: وهو من له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكنه لا تجري عليه أحكام شهيد الجهاد في الدنيا من تغسيله والصلاة عليه؛ وذلك كالميّت بداء البطن، أو بالطّاعون، أو بالغرق، ونحو ذلك، وهذه تُسمَّى بالشهادة الحكمية.
وقد وسَّعت الشريعة الغرّاء هذا النوع الثالث؛ فعدَّدت أسباب الشهادة ونوَّعتها؛ تفضلًا من الله تعالى على الأمة المحمدية، وتسليةً للمؤمنين:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا تَعُدّونَ الشّهيدَ فِيكُم؟» قالوا: يا رسول الله، من قُتِلَ في سبيل الله فهو شهيد، قال: «إنّ شُهَدَاءَ أمّتي إذًا لَقَلِيلٌ»، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «مَنْ قُتِلَ فيِ سَبيلِ اللهِ فَهُو شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ في سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ في الطَّاعُونِ فَهُو شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ في البَطنِ فَهُو شَهِيدٌ» قال ابن مقسمٍ: أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال: «وَالغَرِيقُ شَهِيدٌ» رواه مسلم في "صحيحه".
ورواه الإمام البخاري في "صحيحه" من طريق أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بلفظ: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ».
ورواه الطبراني في معجمَيْه "الكبير" و"الأوسط" من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه مرفوعًا، وزاد فيه: «وَالسُّلُّ شَهَادَةٌ».
وعن جابر بن عَتِيك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الشّهادة سبعٌ سوى القتل في سبيل الله؛ المطعونُ شهيدٌ، والغرقُ شهيدٌ، وصاحبُ ذاتِ الجنب شهيدٌ، والمبطونُ شهيدٌ، وصاحبُ الحريق شهيدٌ، والّذي يموت تحت الهدم شهيدٌ، والمرأةُ تموتُ بجمعٍ شهيدٌ» رواه أبو داود وغيره.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحُمَّى شَهَادَةٌ» أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس"، وصححه الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير".
فهذه الأسباب المتعددة وغيرها قد تفضَّل الله تعالى على من مات بها صابرًا مُحتسبًا بأجر الشهيد؛ لِما فيها من الشِدَّة وكثرة الألم والمعاناة:
قال الإمام أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 27، ط. دار السعادة): [وإنما سألهم عن جنس جميع الشهادة فأخبروه عن بعضها؛ وهو جميع ما كان يسمى عنده شهادة فقالوا: القتل في سبيل الله، فأخبرهم صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الشهادة سبعة سوى القتل في سبيل الله؛ تسليةً للمؤمنين، وإخبارًا لهم بتفضل الله تعالى عليهم، فإنَّ الشهادة قد تكون بغير القتل، وإن شهداء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أكثر مما يعتقدهُ الحاضرون.. وهذه ميتات فيها شِدَّة الأمر، فتفضل الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم زيادةً في أجرهم حتى بلَّغهم بها مراتبَ الشهداء] اهـ.
قال العلامة ابن التين -فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 44، ط. دار المعرفة)-: [هذه كلها ميتات فيها شدة، تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة في أجورهم، يبلغهم بها مراتب الشهداء] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقد قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفَضُّل الله تعالى بسبب شِدَّتها وكثرة ألَمِهَا] اهـ.
والعدد في هذه الأحاديث غير مراد؛ فقد نص جماعة من العلماء على أن خصال الشهادة ليست محصورة في هذه الخِصال؛ بل أوصلها العلماء إلى أكثر من ذلك:
فعن محمد بن زياد الألهاني، أنه قال: ذكر عند أبي عِنَبَةَ الخولاني الشهداءُ؛ فذكروا المبطون، والمطعون، والنفساء: فغضب أبو عنبة، وقال: حدثنا أصحاب نبينا رضي الله عنهم، عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إنَّ شُهَدَاءَ الله في الأرضِ، أمناء الله في الأرضِ في خَلقه، قُتِلُوا أو مَاتُوا» رواه الإمام أحمد.
وقال العلامة ابن المُنيِّر في "المتواري على أبواب البخاري" (ص: 154، ط. مكتبة المعلا): [ويحتمل عندي أن يكون البخاري أراد التنبيه على أن الشهادة لا تنحصر في القتل، بل لها أسباب أخر، وتلك الأسباب أيضًا اختلفت الأحاديث في عددها: ففي بعضها خمسة، وهو الذي صح عند البخاري، ووافق شرطه، وفي بعضها سبعة، ولم يوافق شرط البخاري، فنبه عليه في الترجمة، إيذانًا بأنَّ الوارد في عددها من الخمسة أو السبعة ليس على معنى التحديد الذي لا يزيد ولا ينقص؛ بل هو إخبار عن خصوص فيما ذكر الله، والله أعلم بحصرها] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 43): [والذي يظهر: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعلم بالأقل، ثم أعلم زيادة على ذلك فذكرها في وقتٍ آخر، ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك، وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة] اهـ.
وقال العلامة الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (6/ 551، ط. دار السلام): [ولا أعلم أنه تعرض أحدٌ لوجهِ غير هؤلاء من الشهداء؛ فإنَّ ثمة أمراضًا أعظم من هذه المذكورة، وقد ألحق في الأحاديث ما بلغه أربعين شهيدًا] اهـ.
وقد صنف في أسباب الشهادة جماعة من العلماء: منهم الحافظ جلال الدين السيوطي في رسالته "أبواب السعادة في أسباب الشهادة"، وأوصلها إلى سبع وخمسين خصلة، وعدَّهم الأَجْهُوري المالكي ستين خصلة، والعلامة السيد عبد الله بن الصدّيق الغماري في رسالته "إتحاف النبلاء بفضل الشهادة وأنواع الشهداء".
والتحقيق أن الشهادة لا تنحصر في خصوص هذه الخصال؛ بل يلحق بها ما كان في معناها، أو جرى مجراها، وقد استنبط الإمام التقي السبكي السبب الكلي العام للشهادة الذي يشمل تحته أسبابَها الجزئية المتنوعة؛ فقال في "الفتاوى" (2/ 343، ط. دار المعارف): [إذا عرفت حقيقة الشهادة فاعلم أن لها أسبابًا؛ أحدها: القتل في سبيل الله وقد ذكرناه، الثاني: أسبابٌ أُخَرُ وردت في الحديث.. ووجدنا في السبب الأول أمورًا ليست فيها، فلما رأينا الشارع أثبت اسم الشهادة للكل وجب علينا استنباطُ أمرٍ عامٍّ مشترك بين الجميع وهو: الألم بِتَحَقُّقِ الموتِ بسببٍ خارجٍ، وإن اختلفت المراتب وانضم إلى بعضها أمورٌ أُخَرُ] اهـ.
هل المتوفى بسبب السرطان يعتبر شهيدا
وبناء على ذلك فالموت بسبب مرض السرطان داخلٌ في أسباب الشهادة من جهات متعددة:
الأولى: تفاقم أمره واستفحال شره وشِدَّة ألَمِه، والتي جعلها العلماء علةَ أجر الشهادة في الخِصال المنصوص عليها؛ كما سبق.
قال العلامة الكشميري (ت1353هـ) في "فيض الباري" (2/ 248، ط. دار الكتب العلمية): [لمَّا رأيت أن الأحاديثَ لا تستقرُّ فيه على عددٍ معيَّن، بدا لي أن تُوضَعَ له ضابطة، فاستفدتُ من الأحاديث: أن كل من مات في عِلَّةٍ مُؤْلمةٍ متماديةٍ، أو مرضٍ هائلٍ، أو بلاءٍ مفاجئٍ: فله أجر الشهيد] اهـ.
والثانية: أن مرض السرطان داخل في المعنى اللغوي العام لبعض الأمراض المنصوص عليها في أسباب الشهادة؛ كالمبطون، وهو عند جماعة من المحققين: هو الذي يشتكي بطنه مطلقًا؛ كما قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (13/ 63).
وهذا متحقق في أعراض كثيرة من الحالات المصابة بمرض السرطان؛ مثل: سرطان الأمعاء، وسرطان الكلى، والتهابات الكبد، والسُّعال المستمر، وتغيرات أنماط عمل الأمعاء والمثانة، وعُسر الهضم؛ كما سبق بيانه.
والثالثة: أن هناك أمراضًا جعلها الشرع سببًا في الشهادة إذا مات بها الإنسان؛ كالحمى، والسل، ونحوهما، وهذا المرض شامل لأعراضهما وزائد عليهما بأعراض أخرى ومضاعفات أشد.
والرابعة: أنَّ أحاديث الشهادة إنما نصت على الأمراض التي كانت معروفة على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم تأت لتخصيصها بثواب الشهادة بذاتها، بقدر ما جاءت منبهةً على ما في معناها من الأمراض التي قد تحدث في الناس جيلًا بعد جيل.