كتبت زينب حمود في "الأخبار": بعدما صارت تجارة الحطب مربحة إثر ارتفاع أسعار المازوت، سادت أخيراً موضة «السطو» على الأشجار المعمّرة من الأملاك العامة والخاصة على أيدي عصابات منظّمة في عكار والبقاع وإقليم الخروب وغيرها. ففي بلدة شحيم، في قضاء الشوف، اقتلع مجهولون قبل أيام 70 شجرة سنديان معمّرة وعدداً من أشجار الزيتون في أرض يملكها عوني نجم الدين الذي قال إنه «رغم أن الحادثة ليست الأولى من نوعها.

إلا أنها المجزرة الكبرى»، مؤكداً أن «هذه ليست سرقة بغرض التدفئة، ولو كانت كذلك لقطعوا شجرتين تكفيانهم طوال فصل الشتاء».
اللافت أن العصابات المنظّمة، في عكار مثلاً، باتت تعمل علناً، ولا تتردّد في استخدام السلاح وتهديد أصحاب الأراضي في حال قدّموا شكاوى. وتلفت ميرا مخول، من بلدة ممنع، إلى أن «مجموعة من الأشخاص أقدمت في السابع من كانون الثاني الماضي على قطع أشجار معمّرة في أرض يملكها طوني مخول. وعندما حاول منع أفرادها، وجّهوا إليه الشتائم وأطلقوا عليه النار». ويؤكد ناشطون في عكار أنّ «قطع الأشجار مستمرّ على مدار الساعة، وتشهد على ذلك أصوات المناشير في كل مكان»، لافتين إلى أنّ «الفاعلين هم من أهالي القرية والقرى المجاورة، إضافة إلى طفار ممّن نظّموا عصابات تتقاسم المناطق الحرجية، ويشتبك بعضُها مع بعض بسبب الخلاف على الحدود»!
ويؤكد الناشطون أن هذه العصابات تستمد «جرأتها» من شبكة علاقات تربطها برؤساء بلديات ورؤساء مخافر ونافذين من نواب حاليين وسابقين في المنطقة، ممن «تُقدّم إليهم هدايا من الحطب». ويؤكد أحد رؤساء البلديات في عكار تواطؤ رئيس المخفر في بلدته مع السارقين، فـ«عندما نتقدم بشكوى في المخفر ضدّ مجموعة تقطع أشجاراً ونطلب التدخل الفوري، يعتذرون بحجة عدم توفّر الآليات. وعندما نضع آلياتنا في تصرفهم، وقبل أن نصل إلى مسرح الجريمة، ينسحب المعتدون، ويُقفل الملف تحت عنوان بلاغ كاذب. أما إذا حصل واستجابت الأجهزة الأمنية وأوقفت بعضهم، فيُفرج عنهم خلال 24 ساعة».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی عکار

إقرأ أيضاً:

قصة أب ونجله مع التجويع بغزة.. الطريق إلى لقمة العيش محفوف بالموت

غزة- صباح كل يوم، يبدأ أحمد نوفل، وهو أب فلسطيني يعيل أسرته المكوّنة من 6 أفراد، رحلته الشاقة والخطرة على أطراف مخيم النصيرات، في منطقة المفتي المحاذية لمحور نتساريم، مصطحبا معه نجله الصغير محمد (14 عاما)، لجمع الحطب والحديد وبيعه وشراء ما يسد رمقهم من الطعام، في ظل الحرب على قطاع غزة والظروف المعيشية والإنسانية الصعبة.

بحزن وأسى، يقول أحمد (38 عاما) الذي بدّلت الحرب وسامته وغيّرت ملامحه، للجزيرة نت "كل يوم أخرج مع ابني محمد، نجرُّ عربتنا الثقيلة، ونقطع مسافات طويلة ببطون فارغة وتحت أشعة الشمس الحارقة، ونصل أماكن خطرة قرب منطقة نتساريم التي يحتلها الجيش الإسرائيلي".

ويضيف "الطائرات فوقنا، والدبابات أمامنا، نبحث عن بعض الحطب أو بقايا الحديد من البيوت المُهدَّمة والمقصوفة، ونجمعها بمشقة وتعب، ونضعها على العربة، ثم نسير بها مسافات طويلة لبيعها في السوق مقابل مبلغ من المال يساعدني بتوفير الطحين والطعام لأسرتي".

أحمد نوفل وطفله الصغير محمد أثناء مهمتهما الشاقة بجمع الحطب والحديد قرب المناطق الخطرة (الجزيرة) تحت القصف

ومنذ بداية الحرب، لم يعرف أحمد وولده طعم الراحة، حيث تتكرر معاناتهما يوميا بين التعب والإرهاق والجوع، وبين متطلبات الحياة أمام ظروف العيش الصعبة والغلاء الفاحش، وبين المعاناة في جمع الحطب والحديد، التي تتطلب المشي طويلا، والبحث عن مناطق جديدة، ومواجهة صعوبات كبيرة، وأخطار جسيمة، وتحدي الموت.

وتعرض أحمد ونجله للقصف بقذائف الدبابات التي كانت تسقط أمامهما، إضافة لإطلاق النار من طائرات الكواد كابتر المُسيَّرة فوقهما، ونجيا مرات عديدة من موت محقق.

ويقول "كل يوم نخرج فيه نعتقد أنه سيكون الأخير، وأتخيل أننا سنعود يوما ما، محمولين على الأكتاف أو في أكفان، لكن لا مناص؛ فالحاجة والعوز يجبرانا على الخروج، وإن لم نفعل ذلك نموت جوعا".

أحمد نوفل (يمين) يصف لمراسل الجزيرة نت معاناته وعمله قرب مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي (الجزيرة)

وذات مرة، وخلال بحثه عن الحطب والحديد تعمَّق رفقة ابنه قليلا إلى منطقة خطرة جدا طمعًا في الحصول على كمية أكبر من الحطب وبقايا الحديد، يتابع "انهالت علينا القذائف المدفعية والرصاص من كل حدب وصوب، ونجونا بأعجوبة، وعدنا فارغي الأيدي، ولم نستطع شراء الطحين والطعام".

إعلان

وانقطعت المساعدات في غزة حين تجددت الحرب بعد شهرين من وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي، وأحكمت إسرائيل حصارها على القطاع، واستخدمت سياسة التجويع، فانقطعت المعونات وقسائم التوزيع، وأُغلقت مراكز التوزيع والتكايا، وانتشرت سرقة شاحنات الطحين، وظهر تجار السوق السوداء، وبدأ الناس يعانون الأمرّين في الحصول على الطعام.

وأحمد هو جريح انتفاضة الأقصى عام 2000، وكان يتقاضى راتبا حكوميا، وتم إيقافه بعد القرار الإسرائيلي باستقطاع أموال الأسرى والجرحى الفلسطينيين من المقاصة (عائدات الضرائب الفلسطينية) بحجة قانون تجميد أموال السلطة الفلسطينية المرتبطة بالإرهاب، وفق وزارة المالية الإسرائيلية.

أحمد نوفل جريح سابق انقطع راتبه وبات يجمع الحطب والحديد ليسد رمق أطفاله (الجزيرة) رغم الخطر

ويتابع أحمد بحرقة "لا يوجد راتب ولا عمل في غزة بسبب الحرب، وتزداد ظروفي صعوبة في ظل الغلاء الفاحش والاحتكار، وأطفالي يحتاجون للطعام، ولا يكفون عن سؤالي كل يوم: متى سنأكل؟ وماذا سنأكل؟ وكيف؟".

ويشير إلى أن هذه الأسئلة التي تحاصره تجبره على الخروج والمخاطرة من أجلهم، حتى لا يشعر بالعجز أمامهم، وكأنه يحمل ذنبًا لم يرتكبه، ويضيف أن كل شيء في غزة صار يحتاج لمعركة للحصول عليه من أجل البقاء من الطحين والخبز والماء والدواء.

ويردف "القتل والقصف حولنا، والأسعار المشتعلة تكوينا، والجوع يحاصرنا ويفتك بنا. في غزة، حتى الحياة العادية صارت حلمًا بعيدًا، معلقة بين الحصار والقصف، وبين الجوع والموت".

وتُعتبر المناطق القريبة من محور نتساريم أراضي زراعية خصبة، مثل أبو مدين والزهراء والمغراقة، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتجريفها عند توسيع المحور، وهدم البيوت واقتلع الأشجار، وعدها مواقع عسكرية خطيرة لا يُسمح لأي شخص بالاقتراب منها، وتراقبها الطائرات والدبابات وجنود القناصة.

لكنها بالنسبة لأحمد منطقة مليئة بجذور الحطب الكبيرة نتيجة التجريف، وبقايا مخلفات الدفيئات الزراعية من الحديد، ولهذا فهو يتسلل إليها وابنه محمد، ويخاطر لجمع بعض الحطب والحديد، وهو يستخدم أدوات بدائية في تقطيع الحطب وتجميعه، حيث يبيع جزءا منه لشراء بعض الطحين والطعام لأولاده، ويحتفظ ببعضه لإشعال النار وطهي الطعام لعائلته.

وفي ظل انقطاع غاز الطهي، لجأ الغزيون للحطب لطهي الطعام، وهو ما ضاعف سعره 5 مرات، ووصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى نحو دولارين، بعد أن كان يُباع بربع دولار.

آثار التعب والإرهاق على وجه أحمد نتيجة جمع بقايا الحديد فضلا عن الخوف من الاحتلال (الجزيرة) أعمال شاقة

الابن الصغير محمد، الذي انقطع عن دراسته بسبب الحرب، وأصبح مرافقًا لوالده في أعماله الشاقة، يقول للجزيرة نت "أتمنى العيش كباقي أطفال العالم، أذهب إلى مدرستي، وأرتدي ملابسي الجميلة، وأشاهد برامج الكرتون التي أحبها، وأعيش في بيتي، وبين أحضان أسرتي بهدوء، وأنام دون خوف على ضوء الكهرباء، وأتناول الطعام متى أشاء".

"لكن الحرب حرمتنا كل هذه الأشياء الجميلة. وإسرائيل، الله ينتقم منها، دمّرت حياتنا وقلبتها رأسًا على عقب"، يضيف محمد الذي صار حاله وحياته بين موت وخوف وتعب وجوع، "ويجب أن تموت 100 مرة حتى تأكل بعض الطعام ودون شبع، وتستطيع الوقوف على قدميك وإكمال حياتك".

الصغير محمد بدلا من ذهابه للمدرسة صار يساعد والده بالأعمال الشاقة بسبب ظروف الحرب (الجزيرة)

ويقول إنها وجبة واحدة فقط، وبالكاد يمكن تسميتها كذلك، تحتوي بعض قطع الخبز الحاف (ليس معه شيء)، وفي وقت الرفاهية يرافقها صحن عدس، إذا أمكن شراؤه.

ويضيف "بدلا من ذهابي للمدرسة، أعمل مع أبي في الأشغال الشاقة بجمع الحطب وبقايا الحديد، وأقوم بمساعدته وجر العربة إلى السوق، وهناك نقف تحت أشعة الشمس الحارقة حتى نبيع ما جمعناه".

إعلان

ويختم "نشتري أي شيء لنأكله، وعندما ننتهي نكون بحالة تعب شديد، وملابسنا متّسخة، وأجسامنا ملتهبة من شدة الحر، وبعد كل ذلك، لا نجد الماء لنستحم أو نغسل ملابسنا وننام على هذا الحال، لك أن تتخيَّل".

مقالات مشابهة

  • تقرير عبري يكشف أسباب حذف بيان الأزهر ضد التجويع في غزة
  • صبري عبد المنعم يكشف عن تعرضه لوعكة صحية مجدداً
  • عجلون: ضبط معتد على الثروة الحرجية بحقه 5 طلبات
  • «الأمن البيئي» يضبط مخالفًا لتخزينه حطبًا محليًا في الرياض
  • ضبط مخالف لتخزينه حطبًا محليًا في الرياض
  • ليس فى الأمر جديد!
  • توتر أمني في عكار.. ما الذي حصل؟
  • دياب يكشف عن لائحة الدوري ويؤكد : نعمل من أجل منتخبات مصر
  • قصة أب ونجله مع التجويع بغزة.. الطريق إلى لقمة العيش محفوف بالموت
  • زوج يشكو حرمانه من تنفيذ حكم الرؤية لتخلفه عن سداد نفقة المرافق.. تفاصيل