علي او عمو نقول”سياسة أردوغان” و ليس “الأردوغانية السياسيّة”….. لقد أشار الأخ عبد الباري عطوان في مقاله بعنوان : (هل أدارَت “الأردوغانيّة” السياسيّة ظهرها لروسيا كُلّيًّا وعادت إلى الحُضن الأمريكي.. وما هو المُقابل؟ وكيف سيردّ الرئيس بوتين على هذه الطّعنة في الظّهر من أقرب حُلفائه؟ وماذا عن انعِكاساتها على الأزمة السوريّة؟).

و أضاف عطوان إلى أنّ “الكاتب التركي الشّهير “مرات يتكين كان” أوّل من نَحت تعبير “الأردوغانيّة” السياسيّة، باعتِبارها ظاهرةً وَضَع أُسُسها الرئيس رجب طيّب أردوغان على مدى 20 عامًا من حُكمه، ومن أبرزها البراغماتيّة الانتِهازيّة، والشعبويّة الخِطابيّة، واعتِماد تزاوج الإسلام السّياسي مع القوميّة التركيّة كأيديولوجيّة رئيسيّة لها”. كما أشار عطوان الى أنّه “تذكّر الكاتب يتكين، ونظريّته هذه، عندما كشفت وكالات الأنباء عن مُوافقة الرئيس أردوغان على انضِمام السويد إلى حِلف شمال الأطلسي “النّاتو” بعد تحقيقه مُعظم مطالبه وأبرزها عدم توفير الحِماية للمُعارضين الأكراد، ومُوافقة الولايات المتحدة في شخص رئيسها جو بايدن على رفع الحظر عن حُصول تركيا على صفقة طائرات “إف 16” وقيمتها 20 مِليار دولار، وإعادة تحديث سِلاح الجو التركي، ورفع الحِصار الاقتِصاديّ الاستِثماريّ عن تركيا”. و ذكر في نفس السياق  أن “استقبال الرئيس التركي للرّئيس الأوكراني زيلينسكي وتعهُّده بدعم انضِمام أوكرانيا لحلف “النّاتو” وتقديم تكنولوجيا المُسيّرات “بيرقدار” كهديّةٍ له، أن الرئيس أردوغان قرّر العودة إلى الحُضن الأمريكي الأكثر دِفئًا مجددًا، ولخيمة حِلف “النّاتو” الذي كانت تركيا دولةً مُؤسّسةً له، وإدارة الظّهر، كُلّيًّا أو جُزئيًّا، للحليف الروسي الجديد، بعد أن استَخدمه بفاعليّة كورقة مُساومة وضغط على الولايات المتحدة لتحقيق جميع مطالبه”. كما قال  السيد عطوان”إن ثقة الولايات المتحدة وحُلفائها في أوروبا بالرئيس أردوغان تراجعت كثيرًا، بعد استِخدامه ورقة المُهاجرين بطريقةٍ ابتزازيّة، وذهابه إلى روسيا وتحالفه معها في ذروة الحرب الأوكرانيّة، والحُصول على منظومات صواريخها “إس 400” كبديلٍ لبطاريّات “الباتريوت”، والتّنسيق سياسيًّا معها، أيّ روسيا، في سورية وأذربيجان وغيرهما، وهذا ما يُفسّر رفض الأوروبيين المُقايضة الأردوغانيّة بربط رفع الفيتو عن انضِمام السويد لحلف النّاتو مُقابل فتْح أبواب الاتّحاد الأوروبي أمام عُضويّة تركيا مجددًا”… للسيد عبد الباري عطوان أقول : ليست هناك ما تُسمّى (السياسة الأردوغانيّة) بل هنالك “سياسة أردوغان”، فهي سياسة حكيمة، استطاع من خلالها إيصال بلده إلى مَصافّ الدول العُظمى التي يُحسَب لها ألفَ حساب في العالم، فسياسة السيد أردوغان براغماتية لا جِدال في ذلك، فجميع السياسات في العالم الديمقراطيّ المُتحضِّر مبنية على السعي وراء مصالح بلدانها و التَّنقيب عنها أينما وُجِدت و العمل على تحقيقها ، هذه المسألة من مُسلَّمات و بديهيّات السياسات الرشيدة التي تضَع دائماً ضمن أولوياتها تنمية البدان و ترفيه الشعوب، التي هي بِمَثابة العمود الفقريّ لجميع الدول الديمُقراطيّة، التي لا تأْلو جُهدا في تنميَّة قدراتها البشريّة و تأهيل عنصرها البشريّ… فالشعب التركي هو الذي اختار رئيسه في انتخابات نزيهة و شفّافة لم يتمّ الطّعن في مِصداقيتها، لهذا فهو يسعى إلى  إرضاء شعبِه الذي وَضعَ ثِقتَه فيه و الالتزام بكلّ الوُعود التي قطعَها حزْبه (العدالة و التنمية)على نفسِه، من خلال برنامجه الانتخابيّ، و ذلك في إطار تنميّة البلاد في كلّ المَجالات و الميادين كي يَرقى بِوَطنه إلى مَصافّ الدّول المُتقدِّمة و المُتحضِّرة و الحداثيّة التي تُواكب العصر و تتجدَّد وِفْق ما تقتضيه الظروف التي تتغيّر بوثيرة سريعة، و حتّى تبقى دولتُه ضمن الدول العُظمى في العالم و كي يَضمَن لها حضوراُ وازِناً داخل المُجتمَع الدولي الجديد المُهيْمِن و المُسيطر الذي لا يُعير أيّ اهتمام لِضِعافِ الدول.. أردوغان رجل ديمقراطيّ الطبع و سياسيّ مُحنَّك، يتعامل مع جميع الدول بمنطق المصلحة العليا لبلده، فهو يَلعب في حَلَبَة صراعات سياسيّة و اقتصاديّة و عسكريّة وغيرها، قد غابت عنها جميع بُلدان المنطقة المغلوبة على أمرها الراضخة لسياسة الدول الأجنبيّة الكُبرى و التابعة لها و العاجِزة على اتخاذ أيّة قرارات حُرَّةً و مُستقلّة،  و كان من المفروض عليه الخوْض في كلّ السياسات المُختلفة التي تجري في هذه الساحة المفتوحة التي طغَت عليها تجاذُب المصالح، فكل دولة عُظمى تستخدم كلّ إمكانياتها من أجل حُسن تموْقُعها إزاء كلّ الأمور السياسية و العسكرية حتّى لا تخرُج خاوية الوِفاض و دون تحقيق أهدافها التي تعمل مِن أجلها،، و في هذا الصّدد يعمل الرئيس أردوغان على تامين مصالحه، و لهذا فهو يُناوِر في سياسته و لا يَرغب في أن يخسَر أيّ حليف من حُلفائه، و لذلك تجدُ سياستَه غير قارّة وغير مُستقِرّة على نمَطٍ مُعيّن، فهي تتغيَّر و تتجدَّد حسب ما تُمليه الظروف و تفرضُه الأوضاع السياسيّة المُتجدِّدة و المُتغيِّرة، يُحاول دائماً أن يُوازن في علاقاتِه مع أمريكا و روسيا و الدول الاوروبيّة و غيرها، و ذلك راجع إلى حِنكتِه السياسيّة المُتمَيِّزة و فكره النيِّر المُتبصِّر.. و إذا تطرّقنا إلى تدخُّل أردوغان في سوريا، فقد كان سببُه الرّئيسي هو تسليح الولايات المتحدة  للمقاتلين العرب في قوات “سوريا الديمقراطية” التي تشمل وحدات حماية الشعب الكردية، علماً أنّ الأكراد يُشكّلون خطراً على استقرار تركيا منذ فترة طويلة، و لمنع هؤلاء المُناوئين لتركيا على السيطرة على الحدود مع سوريا، قام بالضغط و بقوة على أمريكا من أجل سحب قواتها من المناطق السورية الواقعة على الشريط الحدودي مع سوريا و بذلك  تخلّت أمريكا عن حليفها الكردي، و أصبحت بذلك تركيا قد حقّقت هدفها و مُبتغاها. أردوغان بحِنكته السياسية واتِّزان فِكرِه استطاع أن يتَعامل سياسيّاً مع الدول الكبرى التي تعترف بتركيا كقوة ضمن القوى العظمى في العالم. بخلاف بعض العقليّات المُهترِئة خاصّة في البُلدان التي تحكُمُها “النُّخبويّة” و “التسلُّطيَّة” التي لم تَستوْعِب بعدُ السياسة و الديمُقراطية و العدالة و الحريّة، لازالت هذه العقليّات العتيقة البالية لا تتماشى مع السياسات العالميّة لأنها لا تعرف حتّى مفهوم السياسة و لا مَفهوم الديمقراطيّة و لا مفهوم التنميّة و غيرها، فهذه العقليّات للأسف، تُحسّ دوْماً بِضعفها و دُنْيَوِيَّتِها أمام الدول الديمقراطيّة و السياسيّة، فَتُوليها الطاعة و الخُضوع و الخُنوع لكونها لا تملك تلك العقليّات النّيِّرة المُتحضِّرة التي يَمْلِكُها السيّاسيّون الديموقراطيّون، فهي لا تُحاوِل فهم ما يجري في منطقتها من سياسات لم تستطِع أنْ تكون من المُنخرطات فيها، و بذلك تركت الساحة مُرغَمَةً للعقليّات السياسيّة الأجنبية الحديثة لِتلْعبَ فيها كما تشاء.  فغالباً، ما يَلجأ ذَوو العقليّات المُتحجِّرة في سياستهم الدّاخلية إلى تعزيز مكانة النخب التقليدية في المشهد السياسي وكبْح أي تغيير أو إصلاح حقيقيين منبثقين من عمق المجتمع، كما يلجأون إلى الكَذبِ على شعوبهم و سطوِهمْ على ثروات بلدانهم و خيراتهم و التمتُّع بها و اتخاذ القمع كأسلوب للتَّحكُّم و السيطرة على شعوبهم من خلال  الاعتقالات لذوي الأفكار الخصبة المُتنوِّرة و المُناهضة لفكرِهم العقيم والزّجِّ بهم في السجون لِكوْنهم “ذوي العقول النَّيِّة من الشعوب” يُدرِكون كلّ الإدراك أنّ العقول المُتخلّفة لا يُمكنها أن تخلُق دولاً مُتحضِّرةً تُضاهي البلدان العُظمى التي تتنافس فيما بينها على بسط نُفوذِها على كل الجوانب، السياسية و الاقتصادية و العسكرية و غيرها…. فهذه هي السياسة الفارغة الخاوية التي يعرفُها أصحاب العقليّات المُتجاوَزة الرَّثَّة. فالأشخاص من ذوي هذه العقليات المُهترئة، يعتبرون العمل السياسي الخارجيّ أسلوباً للتّحايُل على دول العالم و إيهامها من أجل كسْبِ ثِقتها من خلال تلميع وجوههم أمامها و يتَّضح ذلك جلياً من خلال تصريحاتهم في اللّقاءات و المُؤتمرات و مُداخلاتهم و توقيعهم على معاهدات دولية كالمُحافظة على الماء و مُحاربة التلوُّت البيئي و القضاء على الفساد و تحقيق الحريات في بلدانهم   و احترام حقوق الإنسان و غيرها، و هي أمور كلُّها وهمية لا أثَرَ لها على الواقع .. في الختام : ذو العقليّات المُتخلّفة لا يَقبلون أيّ اختلاف في الرّأي و إنمَا يتشبثون برأيهم و يعتبرونه الأصحّ، مُتناسين أنَّ تلاقُح الأفكار و الآراء هو سبب ازدهار المجتمعات و الأمم. أمّا إقصاء الرأي الآخر فهو سبيل إلى التخلُّف و الانحطاط. إنّ ذوي العقليّات المُتحضّرة يسعون دائماً إلى تعميق الديمقراطيّة في بلدانهم لأنّها هي الضامِنةُ للتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية و كرامة الأفراد و المجتمع، و بذلك تتحقق العدالة الاجتماعيّة و يتعزَّز تمَاسُك المُجتمع.. المملكة المغربية.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرئیس أردوغان الدیمقراطی ة فی العالم السیاسی ة من خلال سیاسی ة ة التی التی ت

إقرأ أيضاً:

كينيا والسباق الأممي على استضافة المقرات الدولية خارج نيويورك

فتح توجّه الأمم المتحدة الأخير نحو هيكلة مكاتبها ووكالاتها وتقليص وجودها في المقر الرئيسي بنيويورك الباب أمام منافسة محتدمة بين الأقاليم والدول لاستضافة المكاتب والهيئات الدولية التي سيتم نقلها خارج نيويورك.

وتظهر كل من كينيا ورواندا وبتسوانا كأبرز الدول الأفريقية المتنافسة للظفر باحتضان هذه المكاتب والهيئات الجديدة، في سباق لتعزيز وترسيخ مكانتها الإقليمية كمراكز نشطة للمؤسسات الدولية، بما يمنحها نفوذًا وقوة تأثير، ليس في القارة الأفريقية ودول الجنوب العالمي فحسب، بل أيضًا في صناعة القرار الأممي، وذلك في وقت يمر فيه العالم بتحولات جيوسياسية كبيرة، لا سيما بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، وسياسته المُعلنة بتقليص الدعم للمنظمات الدولية، ومحاولة إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية.

وتتشارك نيروبي في استضافة المقرات الرئيسية للأمم المتحدة خارج نيويورك مع كل من فيينا وجنيف، وتُعد نيروبي المدينة الوحيدة في الجنوب العالمي التي تستضيف مقرات رئيسية تابعة للأمم المتحدة.

أبرز المكاتب الأممية التي تستضيفها كينيا

تستضيف كينيا برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat)، والمكاتب القُطرية التالية: منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، صندوق الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (UN Women)، صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO).

كما تستضيف المكاتب الإقليمية التالية: الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، منظمة العمل الدولية (ILO)، المنظمة البحرية الدولية (IMO)، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، منظمة الأمم المتحدة للطفولة في أفريقيا، برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية؛الإيدز (UNAIDS)، ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS).

إعلان

تقع المكاتب والوكالات الأممية في نيروبي بحي غيغيري الراقي بمساحة كلية تبلغ 140 فدانًا، وتضم عدد 44 ألف موظف دولي، من بينهم 6 آلاف موظف كيني، لدى 1500 منهم عقود طويلة الأجل.

دعوات أفريقية لإصلاح الأمم المتحدة قد تدفع بمزيد من المكاتب الأممية لأفريقيا

في ظل صعود القارة الأفريقية وتأثيرها العالمي، بالإضافة إلى وجود معظم الأزمات الإنسانية وتلك المرتبطة بالتغيير، وخلال كلمته التي ألقاها في قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك في سبتمبر/ أيلول 2024، دعا الرئيس الكيني وليام روتو إلى إصلاح الأمم المتحدة.

وقال إن الأمم المتحدة لم تعالج التحديات العالمية المستمرة بشكل كافٍ، حيث يشهد الكوكب ارتفاع درجة الحرارة ومناخًا في أزمة، والمحيطات ترتفع، والصحاري تتمدد، والصراعات تجتاح العالم، وملايين البشر نازحون وفقراء ومحرومون من الخدمات الأساسية.

وأضاف: أثبتت الأنظمة متعددة الأطراف عدم كفايتها في معالجة تغيّر المناخ، وعدم المساواة، والديون، وبالتالي هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ قرارات فورية لمعالجة الأزمات العالمية غير المسبوقة. وشدد على إعادة تصميم النظام العالمي الدولي، وتعزيز الشراكات من أجل الأمن المشترك، وسد الفجوة الرقمية، والاستثمار في القدرات البشرية، وتمكين المرأة والشباب.

وطالب بمعالجة الظلم التاريخي المتمثل في افتقار أفريقيا إلى التمثيل الدائم في مجلس الأمن الدولي، كمسألة عادلة في إصلاحات الأمم المتحدة. وبينما أكدت الولايات المتحدة دعمها لحصول أفريقيا على مقعدين دائمين، اشترطت ألّا يكون هناك حق النقض.

كما كتب عدد من منسقي برامج الأمم المتحدة المقيمين في أفريقيا ورقة بحثية بعنوان: "تشكيل الأمم المتحدة في المستقبل"، طالبوا فيها بإجراء إصلاحات لضمان قدرة المنظمة الأممية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأضافوا أنه في ظل الضغوط التي تتعرض لها وازدياد الأزمات العالمية المعقدة والمترابطة، من تغيّر المناخ إلى الاضطراب الرقمي، يتعين على الأمم المتحدة أن تطور وسائل ذات صلة وفاعلية لمواجهة التحديات المستقبلية، بما فيها التمويل والاستجابة السريعة والفعالة للأزمات.

وطالبت الورقة بأن يلعب المنسقون المقيمون دورًا في تشكيل وجود الأمم المتحدة ومتابعة الوكالات للتأكد من فاعليتها، وأن يقوموا بدور الحوار مع الحكومات المضيفة وضمان اتساق البرامج مع أهداف التنمية الوطنية.

الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة أصدرت في شهر مايو/ أيار الماضي أوامر لأكثر من 60 من مكاتبها وعملياتها بتقديم مقترحات حتى منتصف شهر يونيو/ حزيران الجاري لتخفيض 20% من موظفيها، وذلك لمواجهة أزمة تمويل حرجة. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخطوة على نحو 14 ألف وظيفة، وتشمل التخفيضات المكاتب السياسية والإنسانية.

منافسة إقليمية متزايدة على استضافة مكاتب جديدة للأمم المتحدة

في ظل حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في كينيا، تتطلع دول أفريقية إلى تقديم نفسها كمقرات آمنة ومناسبة لاستضافة المكاتب الجديدة، ومن بين هذه الدول رواندا، التي قدمت بالفعل طلبًا رسميًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

وقال رئيس الوزراء الرواندي، إدوارد نجيرتي، في رسالة بعث بها يوم 23 مايو/ أيار 2025: "رواندا مستعدة للعمل كشريك ملتزم في تشكيل مستقبل عملياتها العالمية".

إعلان

ولم تحدد رسالة كيغالي وكالات معينة، لكنها أشارت إلى قدرة البلاد على توفير مساحات لهذه المقرات، بالإضافة إلى إمكانية تهيئة ربط جوي مباشر بالمراكز الإقليمية والعالمية الرئيسية. كما تباهت الرسالة بسجل البلاد الحافل بالاستقرار السياسي، والكفاءة المؤسسية، وضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة.

بجانب رواندا، تقدمت كل من قطر والنمسا وبتسوانا بطلب أيضًا لاستضافة مكاتب الأمم المتحدة الجديدة، حيث أرسلت الحكومة البتسوانية في شهر أبريل/ نيسان 2025 رسالة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تؤكد فيها استعدادها لتوفير استضافة مجانية داخل أحد المباني الحكومية القادرة على استيعاب أكثر من ألف موظف، ودعم تكاليف التشغيل للمكاتب الجديدة.

وجادلت "غابورون" بموقعها الجغرافي الإستراتيجي في قلب الجنوب الأفريقي، مما يجعلها ذات أهمية للتنسيق الإقليمي، فضلًا عن توافر المهنيين المتعلمين والماهرين. وأضافت الرسالة أن بتسوانا ظلت شريكًا دائمًا وثابتًا مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وتؤكد التزامها بمبادئ حسن الجوار، والشمول، والتنمية المستدامة، بما يتماشى مع الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة.

استضافة مقر معاهدة البلاستيك

في عام 2022، اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تفويضًا للتفاوض على الصك الدولي الملزم لإنهاء التلوث البلاستيكي. واجتمعت الدول الأعضاء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وتم اعتماد تقرير (INC5) لتطوير المعاهدة.

وأكدت كينيا التزامها بمنع استخدام البلاستيك، ووقّعت على مبادرة البحار النظيفة لتخليص المجاري المائية من النُفايات البلاستيكية، حيث حظرت استخدام البلاستيك في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2020. كما انضمت كينيا في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى الدول التي تهدف إلى القضاء على التلوث البلاستيكي، إلى جانب 67 دولة أخرى.

في يناير/ كانون الثاني 2025، انتقلت مفاوضات معاهدة البلاستيك التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى جنيف، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية عالمية تاريخية لمعالجة تلوث البلاستيك.

وكان اجتماع المندوبين في بوسان- كوريا الجنوبية، في خواتيم عام 2024، قد انفض دون التوصل إلى اتفاق، مما دفع الدول إلى عقد اجتماع آخر في نيروبي يوم 4 يونيو/ حزيران 2025، حضره ممثلون رفيعو المستوى وواصلوا المشاورات بشأن وضع معالم اتفاق للصك الدولي الملزم بشأن التلوث البلاستيكي.

كما تم الاتفاق على استمرار المشاورات الإقليمية لمجموعات الدول خلال الفترة القادمة السابقة لاجتماع جنيف، وستُعقد مشاورات المجموعة الأفريقية في الفترة من 3 إلى 5 يوليو/ تموز 2025 في نيروبي، بالإضافة إلى اجتماع غير رسمي لرؤساء الوفود في الفترة من 30 يونيو/ حزيران إلى 2 يوليو/ تموز 2025 في نيروبي.

ومن المقرر كذلك أن يُقام الجزء الثاني من الدورة الخامسة المستأنفة (INC 5-2) في الفترة من 5 إلى 14 أغسطس/ آب 2025، في جنيف، ويُتوقع أن تكون حاسمة.

وتسعى كينيا للحصول على دعم بعض الدول الأوروبية لاستضافة مقر الأمانة العامة للمعاهدة، وقد أبدت سويسرا هي الأخرى اهتمامًا بالاستضافة. لكن وزيرة البيئة الكينية، ديبورا باراسا، طلبت من وفد فرنسي زار نيروبي في 15 أبريل/ نيسان 2025 دعم الطلب الكيني، وأشارت في هذا الصدد إلى الدور المحوري الذي تلعبه نيروبي في الحوكمة البيئية العالمية، باعتبارها البلد المضيف لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ووكالات أممية أخرى.

كما أضافت أن الرئيس الكيني، وليام روتو، لا يزال يترأس المجموعة الأفريقية للجنة رؤساء الدول الأفريقية المعنية بتغير المناخ. وفي ذات السياق، تقدّمت كينيا بطلب لاستضافة أسبوع المناخ الأفريقي في سبتمبر/ أيلول 2025، بالإضافة إلى احتمال استضافة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة في يوليو/ تموز 2025، بعد أن تعذر إقامته في ليبيا بسبب الظروف الأمنية.

إعلان هل كينيا قادرة على استضافة مزيد من المكاتب الجديدة؟

قدمت كينيا طلبًا لاستضافة المكاتب التي أُعلن عن نقلها خارج نيويورك، وقالت الحكومة الكينية إنها مستعدة ومؤهلة لذلك. وصرّح رئيس الوزراء ووزير الخارجية، موساليا مودفاي، في مايو/ أيار 2025 لوسائل إعلام محلية بأن كينيا تضع نفسها كوجهة رئيسية لوكالات الأمم المتحدة التي تسعى إلى الانتقال من نيويورك، مما يوفر فوائد هائلة في حال تم توسيع أسرة الأمم المتحدة في كينيا.

وأضاف لقد أظهرت كينيا، من خلال استضافتها مقر برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، مدى هذا التأثير، ونحن مستعدون للعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة، وتضع كينيا نفسها كدولة مضيفة مثالية على المستوى العالمي.

وقالت الحكومة الكينية إن الأمم المتحدة وافقت على ميزانية تبلغ 300 مليون دولار لتحديث وتوسيع عملياتها في كينيا، بما في ذلك تطوير المرافق، ومن بينها قاعة الجلسات الرئيسية التي تستوعب حاليًا ألفَي شخص، وسيتم توسيعها لتستضيف تسعة آلاف شخص، مع احتمال عقد اجتماع للجمعية العامة في كينيا.

الخلاصة

بينما تطرح منافسة كل من رواندا وبتسوانا تحديات أمام رغبة كينيا في استضافة مزيد من الوكالات والمكاتب الأممية، تبرز قضايا أخرى قد تكون مؤثرة على قدرة نيروبي وملاءمتها لاستضافة المقرات الأممية، ومن بينها حالة عدم اليقين بشأن الاستقرار السياسي والأمني، لا سيما أن الحكومة الحالية واجهت/ تواجه معارضة شبابية متزايدة بدأت في منتصف العام الماضي برفض الميزانية العامة المتضمنة زيادة في الضرائب، وتطورت إلى المطالبة برحيل النظام.

ومن المتوقع أن تزداد وتيرة المعارضة مع مرور الوقت، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وقيام الحكومة بالتضييق على مساحة الرأي الآخر، على غير عادة كينيا التي تميزت في السابق بارتفاع سقف الحريات الإعلامية والسياسية مقارنة بنظيراتها في شرق أفريقيا.

كما أن هدف الأمم المتحدة بتنويع وتوزيع مقرات الوكالات والهيئات الدولية في عواصم وأقاليم مختلفة، قد يكون سببًا في اختيار مقرات بديلة لنيروبي للاستضافة، في وقت تبرز فيه مدن مثل كيغالي كخيار آمن ومستقر، وشريك دولي وإقليمي يقدّم نفسه بصورة مقنعة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من عسكرة الذكاء الاصطناعي
  • تركيا.. تراجع عدد أعضاء حزب أردوغان
  • حزب مؤيد للأكراد في تركيا يلتقي أردوغان عقب إعلان العمال الكردستاني نزع سلاحه
  • بنعبد الله ينتقد استمرار ظاهرة العزوف السياسي والأحزاب التي لا يمكنها كسب مقاعد دون مال أو قفف
  • أردوغان وترامب يتوصلان إلى اتفاق: تركيا تحصل على مطالبها من الولايات المتحدة
  • كينيا والسباق الأممي على استضافة المقرات الدولية خارج نيويورك
  • الأمم المتحدة وشريعة الغاب
  • تركيا تفتح تحقيقا مع سبوتيفاي بعد الإساءة تجاه أمينة أردوغان
  • أردوغان يؤكد: مقاتلات إف-35 ستصل تركيا تدريجيا من واشنطن
  • أردوغان واثق من عودة تركيا إلى برنامج إف-35 على مراحل