إطلاق «الصالون الثقافي» لنادي المرأة للرياضة والإبداع
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
أطلق نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي «صالون نادي المرأة الثقافي»، في مقر النادي الثقافي بالقرم، برعاية السيدة سناء بنت حمد البوسعيدية رئيسة مجلس إدارة نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي، وحضور عدد من الناشطات في مجال الثقافة والرياضة والفنون، وأدارت الجلسة الحوارية الإعلامية سها بنت زهران الرقيشية.
يا حبذا ريح الولد ريح الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد أم لم يلد مثلي أحد!
وفي عمان، لكل بيئة عمانية نشيد مختلف:
صباحك صباحين صباح الكحل في العين
صباحك الصباحي والورد والتفاحي
صباحك صباحين لا مغبر ولاشين
وتستكمل الفارسية مراحل شعر المرأة في رحلة تربيتها لابنها فتقول: ثم يخرج الطفل ليلعب، وألعاب الأولاد تعتمد على الحركة، أما ألعاب البنات فمعظمها غنائية، فالأم تتابع ذلك وهناك أغاني الأرجوحة:
الشوط الشوط العالي يا مريم بت خيالي
أبوهم الشيخ ناصر ما ياكل القواصر
فالمرأة حين تعمل في المنزل تنشد، وهناك غناء العمل، وقد يكون مما تنشده هي أو مما تحفظه، والفلاحة تنشد حين تعمل في الأرض، وراعية الغنم تنشد أثناء الرعي، وفي التاريخ كان الصحابة ينشدون أثناء حفرهم في غزوة الخندق.
وتناولت الدكتورة عزيزة الطائية محور السرد عن مساهمة المرأة العمانية في تشكيل الأدب العماني، وأشارت إلى أن السرد العماني لا يمكن حصره في مطلع القرن العشرين أو بمنتصف القرن التاسع عشر، فهو امتداد للماضي من خلال الأساطير والقصص والحوارات التي ألهمت الكاتبة العمانية.
فالمرأة العمانية على امتداد التاريخ وضعت بصمتها، وما نجده اليوم ليس وليدًا للحظة، وإنما تاريخ عريق، مضيفة إنه منذ العصر الجاهلي عرفت المرأة بسردها، ويشهد على ذلك سوق صحار الذي يحتضن الصالونات الأدبية وتبادل الأشعار والأحاديث، كما أن دور المرأة العمانية في تسطير كتاباتها للتاريخ سواء من خلال القصص أو الشعر، نجدها تحررت من قيود القصيدة العمودية، وأثبتت جدارتها في قصيدة التفعيلة، والنثر، وتنوعت في عطائها، وكتبت المرأة العمانية في السيرة الذاتية، كما نجد في مذكرات السيدة سالمة، والمتتبع لكتابة المرأة في الشعر يجد ذلك أيضا.
وتشير الطائية إلى أن السرد برز في الحكايات الشعبية والأساطير، وتحدثت المرأة فيها عن الجبل الأسود الأصم في سكون الليل، وعن تضاريس عمان، برغم أن القصة الحديثة في عمان كانت بدايتها خجولة، فالنضج الفني للرواية وجد متأخرا، وكانت أول بداية روائية لسماح البهلانية عام 1994 وكانت تجربة بسيطة، حتى استهلتها بدرية الشحية بعد خمس سنوات باستحضار التقنيات المتكاملة للخطاب السردي في روايتها، وهي تعد أول من كتب رواية عالجت فيها الثيمة الروائية بتقنيات استندت فيها على النص الروائي عن «السيدة سالمة» من عمان إلى زنجبار، إلى العالم. موضحة أن السرد العماني اعتمد على التقاطعات التاريخية، ومن بين أول نص صدر كان في عام 1994، وبعده بأربع سنوات صدر نص به نضج كبير، ثم نقفز إلى 2010 ومسار السرد كان على التقطع بمسافات، ولا وجود للاسترسال الذي نجده اليوم، حتى وصلنا لعام 2020 بزخم كبير من الإصدارات النسائية، وأسماء كثيرة برزت بين القصة والرواية والقصيدة والنثر.
وعن المحور الثاني «حضور الهوية الوطنية في الحراك الأدبي والثقافي»، فأوضحت فيه الروائية بدرية الشحية، أن الهوية الوطنية حاضرة ليس بسبب التاريخ، فالمرأة توثق التاريخ بطريقة ما، وهي موجودة بكثرة في كل آثارها، فمهمة المرأة هي تعزيز الهوية الوطنية عبر الأغاني ووصف الطريقة الحياتية في الروايات، ووصف الزمان والمكان. وعن تجربتي، كنت أكتب في كل نص صوتا عمانيا ليعرف القارئ بوجود الكاتب العماني في نصه. مبينة أن من المهم أن تتواجد الهوية في كل الكتابات، ويجب أن تعي المرأة ذلك؛ لأن القارئ حين يقرأ نصا يستقرئ هويته.
وتضيف: أنا لا أكتب ليقرأ لي في عمان، بل للخارج، ولكي أكون سفيرة لبلدي، وأكتب وأحكي ما يجري بتفاصيله؛ لأنني مسؤولة عن نشر ثقافتي وهويتي. ولتكون الكتابة همزة وصل للتعبير عما نحتاج، سواء للتغيير أو للثبات. أما التخلي عن الهوية فهو تصنع وليس حقيقة، والمرأة مسؤولة عن نقل الإحساس بالهوية لأبنائها، ومنها يمكن أن ننتقل إلى العالمية، وننقل هويتنا لأبنائنا قبل أن نفكر فينشرها عالميًا، مع التركيز على عدم الإغراق في المحلية، وإنما نحاول أن نكون وسطًا، ولا يمكن أن نعمم لهجة منطقة معينة على سائر البلاد، فعمان غنية بالثقافات المحلية، ويجب أن نحبها جميعًا بمختلف لهجاتها، ونكون وسطًا في معادلاتنا.
أما الفنانة التشكيلية بدور الريامية فارتأت أن تكون سفيرة بفنها مبينة أن الهوية مفهوم ذاتي بحت، ينطلق مني لأنقله للمجتمع، منوهة بأنها تختلف عن رائدات الفن التشكيلي العماني، كما أنها تختلف عمن سيأتي بعدها، لاختلاف الوقت والجغرافيا.
وتضيف الريامية: إن مفهوم الهوية في الفن يتجسد من خلال منظور معين واستخدام عناصر معينة للتصوير، والهوية العمانية في اللوحة ليست كما يظن البعض بتواجد القلعة أو النخلة، فالفنان يمكن أن تعرف هويته من خلال ضربة الريشة. لتتساءل عن الحراك الوطني ومدى تأثيره على الفنانة المرأة ومفهومها الذاتي، وتستشهد بأعمالها وتوضح بأنها تستعين بالأعمال المركبة والنحت، وأحيانا أضطر لاستخدام العناصر المتوفرة لدي شئت أم أبيت، مؤكدة أن الهوية الوطنية هي الصدق والأصالة في التعبير عما نعيش إلى عملية الإبداع. مشيرة إلى أن عمان ليست بمعزل عن الحركة العالمية، وأن التأثير الفردي والاجتماعي يتأثر بالدين وجنس الفنان، كما يؤثر على العمل الفني والإحساس بهوية الفنانة. تخلل الجلسات قصائد وطنية للشاعرتين شميسة النعمانية، والدكتورة هاشمية الموسوية، وفي نهاية الحوار شاركت المبدعات والمثقفات العمانيات من مجالات ثقافية متنوعة كالشعر والفنون والبحث والنقد، والرياضة في إثراء الجلسة من خلال المداخلات والمناقشات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة العمانیة فی الهویة الوطنیة من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد الثقافي
مدرين المكتومية
سُعدتُ كثيرًا على مدى 3 أيام بحضور وتغطية المؤتمر الدولي حول "المتاحف ودورها في التنمية السياحية "، والذي نظمته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بتعاونٍ مُميز مع متحف عُمان عبر الزمان، الذي استضاف الحدث، في قاعاته الفخمة الأنيقة، ووزارة التراث والسياحة، المعنية بالارتقاء بالقطاع السياحي الواعد وتعزيز دوره في تنمية اقتصادنا الوطني.
لقد فتح هذا المؤتمر نافذة كبيرة على جانب مهم وفاعل في نمو الاقتصادات، والذي يُعرف باسم "الاقتصاد البنفسجي" عند كثير من الخبراء، لكن من وجهة نظري أن الأجمل أن نُبقي على اسمه الطبيعي الذي يفهمه كل مواطن، ألا وهو "الاقتصاد الثقافي"؛ أي الاقتصاد المُرتكز على الثقافة بكُل مشتملاتها، من فنون وموسيقى وسينما ومسارح وأوبرا ومتاحف، وقلاع وحصون، وغيرها من المرافق التي تُعزز من السياحة الثقافية.
ومن خلال متابعتي لكافة مجريات المؤتمر، عُرضت أوراق عمل وجرت مناقشات موسعة حول دور المتاحف في التنمية السياحية، إذ شهد هذا الحدث مشاركة أكثر من 42 باحثًا وأكاديميًّا وخبيرًا من 21 دولة، وهذه الأوراق لم تكن مجرد بحوث أعدها المتخصصون في هذا المجال، لكنها كانت بمثابة دراسات مُعمَّقة في كيفية الاستفادة من المتاحف في تعزيز نمو القطاع السياحي، ولذلك تضمنت توصيات المؤتمر التأكيد على أهمية "تعزيز الإدارة المتكاملة للتراث الثقافي عبر التوثيق الرقمي، والرواية الشفهية، والشراكات المؤسسية، لتكريس المتحف بوصفه ذاكرة حية ومحركًا للتنمية السياحية والثقافية المُستدامة". والحقيقة أن قضية الاستدامة باتت الشغل الشاغل للمختصين في العديد من المجالات، والسياحة واحدة من المجالات ذات الصلة بمسألة الاستدامة، سواء على المستوى الاقتصادي من خلال ضمان تدفق السياح على مدار العام وتعزيز إسهاماتهم في زيادة الإنفاق وإنعاش الأسواق، أو على المستوى البيئي وارتباطه بحماية البيئة وصونها.
التوصيات التي طرحها المؤتمر تؤكد ضرورة العناية بهذا القطاع، لما له من أدوار مُهمة في نمو الاقتصاد؛ حيث دعا المشاركون في المؤتمر إلى "ترسيخ دور المتاحف في التخطيط الحضري والسياحي، بوصفها مراكز إبداعية تفاعلية، قادرة على تحفيز الاقتصاد المحلي، وخلق مسارات سياحية تعليمية وتجريبية، وتوظيف ريادة الأعمال الثقافية والتحول الرقمي لتطوير نماذج متاحف ذكية تولد دخلًا مُستدامًا، وتدعم التنويع الاقتصادي في إطار الاقتصاد الثقافي، إلى جانب تعزيز نماذج الحوكمة التشاركية، والشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع، لرفع كفاءة الاستثمار المتحفي، وتوسيع تأثيره السياحي والاجتماعي ضمن أجندة التنمية المستدامة".
وهذه كلها نقاط محورية يجب الانتباه إليها في ضوء ما نشهده من تطور في القطاع السياحي، وما يرتبط به من خدمات، توفر الكثير من فرص العمل، وتستنهض همم الشباب، وتُحفِّزهم على الانخراط في مجالات عمل تُدر عليهم دخلًا جيدًا ومُستدامًا، لا سيما وأن وطننا الحبيب ينعم بالاستقرار والهدوء، ويتميز بالتنوع البيئي والطبيعة الخلابة، وهي من بين عوامل عديدة تساهم في نمو القطاع السياحي.
ومن جانب آخر، نأمل أن يشهد القطاع السياحي، وخاصة السياحة الثقافية، مزيدًا من عمليات الرقمنة، وأتمتة الخدمات، وبالتحديد التركيز على الذكاء الاصطناعي وتوظيف التقنيات الحديثة في "تعميق تجارب الزوار وتعظيم الأثر الثقافي والسياحي للمحتوى المتحفي"، وهي توصية بالغة الأهمية أطلقها المشاركون في المؤتمر.
ولعل من أبرز ما شهده هذا المؤتمر، إقامة حفلين موسيقيين مَلحمييْن، من خلال تقديم العمل الرائع والمميز "سيمفونية أحمد بن ماجد.. أسطورة البحر"، من تأليف الدكتور ناصر بن حمد الطائي، والذي استطاع أن يُطوِّع الموسيقى والإبداع لخدمة الأهداف الوطنية، من خلال هذه السيمفونية، التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ عُمان، وتحتفي بالإرث البحري الخالد الذي تركه البحّار العُماني الكبير أحمد بن ماجد السعدي. لقد نجح الدكتور ناصر الطائي في أن يمزج اللحن مع الشعور، والنغمات مع الأحاسيس، في سيمفونية مُذهلة، أدتها بنجاح منقطع النظير الأوركسترا السلطانية العُمانية، وحازت على إعجاب الجمهور الذين تجشموا عناء التوجه إلى ولاية منح بمحافظة الداخلية، من أجل حضور هذا الحفل الرائع، ليتأكد للجميع أنَّ الفن والموسيقى والإبداع، عناصر أساسية في صناعة السياحة، وضمان تطورها ونموها.
رابط مختصر