الإخلاص من القيم والأخلاق المهمة التي يؤدي افتقادها إلى بطلان العمل أو قلة بركته وضياع ثوابه، وفي خِضَمِّ مشاغل الحياة والرغبة في تأمين المعايش وموارد الرزق ينسى كثيرٌ من الناس صدق التوجه إلى الله، الخالق الرزاق القادر على كل شيء، فيعمل بعض الناس العمل من أجل إرضاء شخص له جاهٌ ويُنتظر منه جزاءً على العمل له، أو يلتزمون بشيء خوفًا من عقوبة تطالهم من سلطة أعلى منهم، لا خوفًا من الله ولا إخلاصًا في التوجه له وقصده بالعمل، وهذا شعور دقيق يتعلَّق بالنية، ويخفى على كثير من الناس، لا أنهم يتجاهلونه عن عمدٍ وقصدٍ منهم، فربما ظنَّ الإنسان أنه يُحسن صنعًا، في الوقت الذي يكون فيه عمله مردودًا عليه لا أجر له ولا ثواب، إن لم يكن قد نال على توجهه لغير الله سبحانه وتعالى بالعمل إثمًا يثقل كاهله يوم القيامة.


إن الإخلاص كلمة تتضمن معنى الصفاء والتنقية من الشوائب، وهكذا ينبغي أن يكون العمل الذي يقوم به المؤمن، خاليًا من قصد غير الله سبحانه وتعالى، وبهذا ورد الأمر الإلهي لأهل الكتب السابقة في قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5]، وكذلك أمرَ نبيَّه عليه الصلاة والسلام: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: 11]، ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ.

حكم التعويض عن القتل الخطأ في حوادث السيارات والقطارات حكم الشرع في الطهارة لسجود الشكر حكم قيام الليل وبيان فضله وثوابه حكم الشرع في إمامة الفاسق للصلاة

فالإخلاص سبب النجاة؛ كما أخبر تعالى عن الناجين من مصير المنافقين: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لله فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 146].

إن الله سبحانه وتعالى هو الخالق فلا خالق غيره، والرازق فلا رازق سواه، بيده وحده الأمر والنهي، المستحقُّ وحده للعبودية، ومن هنا يلزم الإخلاص له وحده سبحانه وتعالى، فلا يعمل المسلم عملًا من أجل حظوظ نفسه، بل يفعل كل أفعاله من أجل الله؛ استجابة لأمره أو رغبة في رضاه، لا لمصلحة مادِّيَّة أو نفسيَّة؛ فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» رواه مسلم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النجاة الخالق سبحانه وتعالى

إقرأ أيضاً:

الشورى يدعو في جنيف إلى تفعيل دور البرلمانات في صون القيم الإنسانية

شارك مجلس الشورى برئاسة سعادة خالد بن هلال المعولي، رئيس المجلس، في أعمال المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات، الذي نظمه الاتحاد البرلماني الدولي بمدينة جنيف السويسرية خلال الفترة من 29 إلى 31 يوليو 2025م، بعنوان: "التعاون البرلماني وتعددية الأطراف من أجل السلام والعدالة والازدهار للجميع".

وخلال أعمال المؤتمر، ألقى رئيس المجلس كلمة، أكد فيها أن العالم يمر بمرحلة دقيقة تتسم بتصاعد النزاعات المسلحة، وتزايد أعداد اللاجئين والنازحين، إلى جانب الأزمات المرتبطة بالغذاء والطاقة وتفاقم التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب تكثيف التعاون بين البرلمانات وتضافر الجهود لمواجهة هذه التحديات والعمل المشترك من أجل تحقيق السلام والتنمية المستدامة.

وأوضح سعادته أن التعاون البرلماني لم يعد مجرد إطار لتبادل الخبرات، بل أصبح ضرورة استراتيجية ملحّة لبناء موقف عالمي مشترك يعزز قيم السلم والتعايش، ويحفظ كرامة الإنسان ويصون حقوقه، ويُسهم في تحقيق العدالة والمساواة بين الشعوب.

وأشار سعادته في معرض كلمته، إلى أن سلطنة عُمان لطالما مثّلت حلقة وصل حضارية بين الأمم والثقافات، بما تحمله من إرث تاريخي ونهج راسخ قائم على الحوار والانفتاح وبناء جسور التواصل، مؤكدًا أن العمل البرلماني يجب أن يكون منصة فاعلة لتعزيز التفاهم حتى في ظل تباين المواقف واختلاف الرؤى.

وتطرّق سعادته في كلمته إلى تطورات القضية الفلسطينية، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني يمتلك حقوقًا مشروعة كفلتها القوانين الدولية والمواثيق الأممية، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه، وأعرب عن بالغ القلق تجاه الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، مؤكدًا أن ما يجري من تجويع ممنهج وانهيار للبنية الحياتية يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، داعيًا البرلمانات الوطنية والدولية إلى اتخاذ مواقف واضحة وحازمة لوقف هذه الانتهاكات، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن، والعمل من أجل سلام دائم يستند إلى حل الدولتين.

كما أكد سعادة رئيس المجلس ضرورة تفعيل دور البرلمانات في صون القيم الإنسانية، وتعزيز مبادئ التعاون الدولي وتعددية الأطراف، داعيًا إلى توحيد الجهود البرلمانية واتخاذ خطوات فاعلة تُسهم في تعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق تنمية عادلة ومستدامة تُلبي تطلعات الشعوب نحو الأمن والاستقرار.

وفي ختام كلمته، عبّر سعادته عن أمله في أن يُفضي هذا المؤتمر إلى بلورة رؤى برلمانية موحدة تسهم في إعادة التوازن للنظام الدولي، وتدعم جهود إحلال السلام العالمي، وتدفع نحو بناء منظومة تعاون قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وشهد المؤتمر مشاركة واسعة من رؤساء وأعضاء البرلمانات والمجالس التشريعية من مختلف دول العالم، حيث ناقشوا خلال أعمالهم عددًا من القضايا العالمية ذات الأولوية، من بينها التغير المناخي، والأمن الغذائي، والتنمية المستدامة، إضافة إلى سبل توطيد التعاون البرلماني الدولي بما يُسهم في بناء مستقبل أكثر أمنًا وازدهارًا.

وقد شارك وفد مجلس الشورى في الحلقات النقاشية، من بينها حلقة بعنوان "الابتكار من أجل المستقبل"، بحضور كل من سعادة طارق بن محمد الخروصي وسعادة محمد بن عامر المشايخي، عضوي المجلس، حيث ناقشت الحلقة التحديات الراهنة، من بينها النزاعات المسلحة وأزمة المناخ، إلى جانب مناقشة دور البرلمانيين في تعزيز الأمن من خلال بناء الثقة وتعزيز الشمولية، وقد خلصت الحلقة إلى التأكيد على أهمية التعاون الدولي وتسخير التكنولوجيا بشكل مسؤول لدعم السلام العالمي.

كما شارك سعادة محمد بن عامر المشايخي، عضو المجلس، في حلقة نقاشية حول "تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030"، حيث سلّط الضوء على جهود سلطنة عمان في هذا المجال، وقد أكد المشاركون دور البرلمانات في تعزيز التنمية المستدامة من خلال التشريعات التي تدعم الأمن الغذائي والصحة والطاقة الخضراء.

وعلى هامش أعمال المشاركة، التقى سعادة خالد المعولي، رئيس الوفد المشارك، بعدد من رؤساء المجالس التشريعية العربية والإقليمية والدولية، وبحث معهم أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان وبلدانهم، كما تم خلال اللقاءات التباحث حول عدد من الملفات والقضايا الراهنة، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع في غزة.

مقالات مشابهة

  • حين يغـضب المنـتــقم
  • فتاة تلاحق زوجها بدعوى بطلان زواج بعد عقد القران.. أعرف التفاصيل
  • الشورى يدعو في جنيف إلى تفعيل دور البرلمانات في صون القيم الإنسانية
  • السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة
  • الرئيس عون: لنتخذ قراراً تاريخياً بتفويض الجيش وحده في حمل السلاح وحماية الحدود
  • عبدالله آل حامد: نموذج إعلامي جديد يُعلي القيم الإنسانية
  • أسامة قابيل: لطفي لبيب عُرف عنه الاحترام والرقي والقيم الإنسانية النبيلة
  • ‎الأمير تركي الفيصل: قادة حماس لم يسمعوا توجيهات الله سبحانه وتعالى فهل سيسمعوا كلامي.. فيديو
  • المهمة أُنجِزت: فلسطين تولد من جديد!
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم