عربي21:
2025-07-13@06:08:36 GMT

اليمن ومخاطر ما بعد العدوان على غزة

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

لم يكن الأمل بتأسيس مرحلة جديدة من السلام والاستقرار في اليمن ضعيفا كما هو اليوم، ونحن نشاهد جماعة الحوثي؛ الطرف الأبرز في الصراع على الساحة اليمنية، تختط مسارَ صراعٍ موازيا؛ بأجندة جديدة وأعداء جدد من العيار الثقيل، أبرزهم الولايات المتحدة وبريطانيا ومعظم الدول الغربية.

يبدو الجانب الأهم في العملية السياسية؛ المتمثل في السلطة الشرعية، محطما على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ومرتهنا بشكل لا يصدق لإرادة دولتي التحالف المنحل، على نحو ما كشفت عنه عملية تعيين رئيس جديد للحكومة، هو الدكتور أحمد عوض بن مبارك.



فقد لعبت السعودية وحدها الدور الأبرز في ترجيح كفة بن مبارك، مع الإبقاء على بقية الوزراء بقرارات تعيينهم السابقة، خشية الذهاب إلى فشل مستدام يُبقي الشرعية بدون حكومة متفق عليها، بعد أن أظهر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، نيته في الاستئثار بحكومة يستخدمها في تعطيل الدولة وتكريس مشروع الانفصال.

بقدر ما يمثل عدم تعافي السلطة الشرعية ومعسكرها مؤشرا على تضاؤل فرص الذهاب إلى سلام في اليمن، فإن الانعكاسات الأسوأ على عملية السلام المتعثرة؛ التي ترعاها الأمم المتحدة، تأتي من النشاط العسكري للحوثيين في البحر الأحمر، لا لكونه عملا أخلاقيا يتصل بأقدس قضايا أمتنا، ولكن لمخاوف من ارتدادات هذا النشاط على الداخل اليمني
وبقدر ما يمثل عدم تعافي السلطة الشرعية ومعسكرها مؤشرا على تضاؤل فرص الذهاب إلى سلام في اليمن، فإن الانعكاسات الأسوأ على عملية السلام المتعثرة؛ التي ترعاها الأمم المتحدة، تأتي من النشاط العسكري للحوثيين في البحر الأحمر، لا لكونه عملا أخلاقيا يتصل بأقدس قضايا أمتنا، ولكن لمخاوف من ارتدادات هذا النشاط على الداخل اليمني.

فالحوثيون-كما يرى أغلبُ اليمنيين المهتمين بالشأن العام- يخفون هدفا واضحا من وراء نشاطهم العسكري في البحر الأحمر. إذ يتجهون نحو تأسيس حقائق جديدة على الأرض، مبنية على نفوذهم الراهن المستمد من المواجهة العسكرية الغامضة التفاصيل؛ مع الولايات المتحدة وبريطانيا، مما ينذر بأن تصبح الأطراف اليمنية، بفعل تلك المواجهة، مجرد فواعل هامشية، تماما كالحالة اللبنانية، وهذه وصفة لوضع أكثر من 30 مليون إنسان في دوامة لا تنتهي من الصراع والدماء.

المتحدث باسم جماعة الحوثي، ورئيس فريقها التفاوضي، محمد عبد السلام فليتة، في أحدث تصريحات أدلى بها لجريدة الشرق الأوسط السعودية، أكد أن نشاط جماعته العسكري في البحر الأحمر منفصل تماما عن التطورات المرتبطة بالتسوية في اليمن، في رسالة طمأنة من الجماعة للجانب السعودي الذي نأى بنفسه عن الضربات الأمريكية غير المؤثرة لصواريخ الحوثيين. وعزز ادعاءاته بما اعتبره تقدما في التفاهمات مع السعودية والتي جرت قبل ثلاثة أشهر.

لكن فليته تجنب الإقرار برغبة جماعته في الذهاب إلى بحث الاستحقاقات السياسية لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، وتمسك بأولوية الملف الإنساني، الذي يراه قضية تخص جانبين؛ أحدهما جماعته، والآخر هو السعودية.

هذه القناعة المعبرة عن رغبة الحوثيين في التملص من جوهر العملية السياسية؛ ترافقت مع بقاء الموقف الحوثي على حاله من الدور السعودي في هذه العملية، أي رؤيته للرياض بأنها طرفٌ مقابل في الحوار، كما هي في الحرب، وليست راعية له؛ على الرغم من محاولة الصحيفة تمرير هذا الأمر عبر مداخلة لخبير سعودي في ذات التقرير الذي نشرته الجريدة.

النفاق في هذه المرحلة هو العقيدة الجيوسياسية المهيمنة على المقاربات الأمريكية والبريطانية والإقليمية في اليمن، التي منحت الحوثيين دورا كبيرا على الساحة اليمنية، بما يدفع إلى الاعتقاد بأن الضربات الأمريكية البريطانية الحالية ضد الحوثيين إنما هدفها ترويض ذلك الدور، وليس إنهاءه.

فلم تبرهن تلك الضربات، في ظل الحياد السعودي، على أن الحوثيين قد تحولوا إلى عدو يتعرض لتهديد وجودي؛ كالذي طال في 2014 الفاعلين السياسيين الوطنيين، المؤمنين بالعقد الاجتماعي الجديد الذي نتج عن حوار استغرق العالم 2013.

ترغب السعودية بالتأكيد على عدم التماهي مع الموقف العسكري الأمريكي في البحر الأحمر، حتى لا تعطي انطباعا بأنها لا تبدي الحساسية المفترضة تجاه العدوان الإسرائيلي الغاشم، وعملية الإبادة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية
فقد مزّق الحوثيون مسودة الدستور الديمقراطي، وفرضوا خيار الحرب تحت حماية الطائرات الأمريكية بدون طيار، مستفيدين أيضا من أموال الثورة العربية المضادة للربيع العربي، ومن الإمدادات الهائلة من الأسلحة الإيرانية التي حصلوا عليها؛ تحت أنظار البحرية الأمريكية والغربية، بل خرجوا من الحرب المخادعة للتحالف المنحل بمكاسب وامتيازات كبيرة؛ حوّلت اليمن إلى إحدى منصات المناورة الإقليمية التي تستخدمها إيران لتعزيز نفوذها العالمي، بأيسر الكُلف.

ترغب السعودية بالتأكيد على عدم التماهي مع الموقف العسكري الأمريكي في البحر الأحمر، حتى لا تعطي انطباعا بأنها لا تبدي الحساسية المفترضة تجاه العدوان الإسرائيلي الغاشم، وعملية الإبادة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.

لكن هذا الأمر إن لم يقابله تحركٌ حقيقي من جانب الرياض للتعاطي مع سيناريو مع بعد الحرب على غزة، والذي يسرق الحوثيون والجماعات المسلحة الشيعية التابعة لإيران جزءا مهما من عائدها الأخلاقي؛ فإن إيران ستحقق أهدافها كاملة في المنطقة، وستُدخل اليمن مرحلة سيئة من الصراع الذي لن يتوقف عند حدودها بالتأكيد.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن السعودية الحوثيين الإيرانية غزة إيران السعودية غزة اليمن الحوثيين مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر الأحمر الذهاب إلى فی الیمن

إقرأ أيضاً:

باحث سياسي أمريكي: حزب الإصلاح مثل الحوثيين وتصنيفه سيساعد في استقرار اليمن

يرى باحث سياسي أمريكي أن حزب الإصلاح اليمني جماعة إرهابية تمامًا مثل حماس والحوثيين؛ وقد حان الوقت لمعاملته على هذا الأساس، وإعلام جميع اليمنيين بأن المجتمع الدولي سيقف إلى جانبهم ضد جميع المتطرفين، بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو الطائفية.

الدكتور مايكل روبين، زميل أول في معهد "أمريكان إنتربرايز" ومدير تحليل السياسات في "منتدى الشرق الأوسط"، قال في تقرير نشره عبر موقع ناشونال سيكيوريتي جورنال: "تصنيف حزب الإصلاح سيساعد في استقرار اليمن"، مشيرًا إلى أن حزب الإصلاح، في كل فرصة، يحتضن قادته القاعدة وحماس بدلاً من النأي بأنفسهم عنهما.

وأوضح روبين أن "فرع الإخوان المسلمين في اليمن يحتضن الإرهاب، وإذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن السلام في اليمن، فمن الضروري أيضًا تسمية التجمع اليمني للإصلاح، والذي تعترف به جماعة الإخوان المسلمين كفرعها الرسمي في اليمن".

روبين انتقد في تقريره تعامل الولايات المتحدة مع الأوضاع في اليمن، موضحًا أنه بينما تستهدف الولايات المتحدة الحوثيين بسبب إرهابهم، حيث تطلق الجماعة صواريخها وطائراتها المسيّرة تضامنًا مع حماس، فإنها تتعاون مع الإصلاح اليمني باعترافها بهم كجزء من الحكومة اليمنية.

وأكد أنه يحق لحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين التشكيك في جدية واشنطن، في تمكينها حليفًا للقاعدة، لافتًا إلى أن المعهد الديمقراطي الوطني عمل على توسيع حضور الإصلاح في جنوب اليمن، الجزء المستقر الوحيد في البلاد.

كما انتقد الباحث الأمريكي منح جائزة نوبل لعام 2011 للناشطة توكل كرمان، واعتبرها محاولة من لجنة نوبل النرويجية لتبييض صورة جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.

وتناول روبين تبرير ثوربيورن ياغلاند، رئيس اللجنة، بشأن الأسباب السياسية وراء اختيار كرمان، على الرغم من ارتباطها بحركة إسلامية هي جماعة الإخوان المسلمين، التي يُنظر إليها في الغرب على أنها تهديد للديمقراطية.

وقال: "بدلاً من الاعتدال، ضاعف حزب الإصلاح اليمني من هجماته الإرهابية بعد جائزة كرمان"، موضحًا أنه في العام نفسه الذي منحها فيه النرويجيون الجائزة، احتمى أنور العولقي، داعية تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، في منازل كبار مسؤولي الإصلاح.

وأضاف: "تعاونت الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية، التابعة لحزب الإصلاح، بنشاط مع المجلس الأهلي الحضرمي، الذي يديره تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، خلال فترة سيطرة الجماعة الإرهابية على مدينة المكلا الساحلية بين عامي 2015 و2016. كما دعا قادة الإصلاح إلى إشراك القاعدة في إدارة شؤون اليمن".

وأشار روبين إلى مرور عقد من الروابط بين الإصلاح اليمني وتنظيم القاعدة، حيث يدعم كبار قادته كلاً من حماس والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، مستعرضًا أسماء قيادات الحزب التي أدرجتها واشنطن في القائمة السوداء، أبرزهم:

الشيخ عبد المجيد الزنداني، باعتباره شريكًا مقربًا من مؤسس القاعدة أسامة بن لادن.

رئيس فرع الحزب في الجوف، الحسن أبكر، بتهمة دعم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

خالد علي العرادة، عضو مجلس قيادة حزب الإصلاح، لكونه عضوًا في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

رجل الأعمال والقيادي في حزب الإصلاح، حميد الأحمر، كونه داعمًا دوليًا بارزًا لحماس.

ولفت روبين إلى أن الدبلوماسيين قد يخشون من أن تصنيف حزب الإصلاح اليمني كمنظمة إرهابية قد يزعزع استقرار اليمن، مستدركًا بالتأكيد أن "هذا هراء".

وقال: "إن تمكين جبهة القاعدة لن يحقق الاستقرار أو السلام في اليمن، بل سيضمن استمرار فشلها".

يشار إلى أن مايكل روبين هو مسؤول سابق في البنتاغون، عاش في إيران ما بعد الثورة، واليمن، والعراق ما قبل الحرب وما بعدها، كما أمضى بعض الوقت مع حركة طالبان قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لأكثر من عقد.

كما أن الدكتور روبين هو مؤلف، ومؤلف مشارك، ومحرر مشارك للعديد من الكتب التي تتناول الدبلوماسية، والتاريخ الإيراني، والثقافة العربية، والدراسات الكردية، والسياسة الشيعية.

مقالات مشابهة

  • هل انتهت هدنة البحر الأحمر؟ ما تداعيات هجمات الحوثيين على الولايات المتحدة واستقرار المنطقة؟
  • هجمات قاتلة ومفقودون.. الأمم المتحدة تحذر من كارثة في البحر الأحمر بسبب الحوثيين
  • من البحر الأحمر.. اليمن يُسقط الصهاينة
  • غوتيريش يدين هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر
  • إسرائيل تطالب الولايات المتحدة بتجديد ضرباتها على الحوثيين
  • أخبار العالم| ترامب يقرر فرض رسوم جمركية بنسبة 35% على الواردات الكندية.. نتنياهو يعلن اقتراب اتفاق غزة.. والأمم المتحدة تحذر من تداعيات بيئية جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • الأمم المتحدة تحذر من تداعيات بيئية جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • إسرائيل تطالب أمريكا باستئناف الهجمات ضد الحوثيين في اليمن
  • باحث سياسي أمريكي: حزب الإصلاح مثل الحوثيين وتصنيفه سيساعد في استقرار اليمن
  • مبعوث صيني يطالب الحوثيين بوقف استهداف السفن في البحر الأحمر