الراهن السياسي ونموذج الغرب الدامي أو الرواندي !
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
عدنان زاهر
( كلما أطلت بصرك امعانا فى الماضى أزدادت بصيرتك خبرة بالمستقبل )
ونستون تشرشل
“ the longer you can look backward, the further you can see forward “
My Early Life, also known in the US as A Roving Commission – 1930
1
لا تمر ساعة من الزمن على أى سودانى فى أى بقعة من هذا العالم المترامى الأطراف دون التفكير فى الحرب الجارية و مآلاتها الآتية أو ما قد تسفر عنه، و للأسف الشديد فان كل القراءات و بناء على ما يحدث فى الواقع السودانى تقود الى بقعة واحدة فى الافق البعيد و هى بقعة المستقبل القاتم الملئ بالمطبات و الاخاديد، ذلك مع اصرار الأطراف على مواصلة الحرب و انزلاقها نحو استخدام العرق.
فى بلد لا زالت قوميته لم تكتمل بعد، بل لا تزال تخطو فى بطء نحوتحقيقها و بشكل متعرج ، و لا تزال هويته مفقودة يحتدم الصراع حولها بين العربى و الافريقى.
لعل ما حدث فى أمريكا فى القرن الثامن عشر أو بما حدث فى رواندا فى أواخر القرن العشرين
يمكن استخدامهما للمقاربة طالما نحن نتحدث عن الناتج عن تلك الحروب، ففى أمريكا أسفرت نهاية الحرب الأهلية عن تفكك المجتمع الأمريكى الجنوبى و ضعفت السلطة فى ذلك الجزء حتى أصبحت العصابات هى التى تدير الحياة فى الواقع ، أما فى رواندا فقد أسفر الصراع بين الهوتو و التوتسى عن إبادة عرقية تجاوز عدد ضحايها 800000 فى أقل من سته أشهر !!
2
لا بد لنا و نحن نتحدث عن المقاربه لنموذجين عملت الحرب على تدميرهما قبل نهضتهما من جديد ،إيراد بعض مجريات و أحداث تلك الحروب.
فقد اندلعت الحرب الأهلية فى أمريكا بين الأعوام 1860 – 1864 بين الولايات المتحدة الأمريكية فى الشمال و ولايات الكنفدرالية فى الجنوب الأمريكى، و قد كانت حربا متعددة الاسباب اختلط فيها السياسى مع الأقتصادى و الأجتماعى. بيد ان الاقتصادى كان هو العامل الأهم و الذى تمثل فى شكل الانتاج الرأسمالى الذى تتبعه الزراعة فى الجنوب، المعتمدة فى الأساس على عمل و جهد العبيد و الذى وقف حجر عثرة أمام التطورالرأسمالى الصناعى الذى يتبعه الشمال الأمريكى ، لذلك و نتيجة لتلك الحرب تم تحرير العبيد قانونا بواسطة القرار الذى اطلقه ابراهام لونكن.
بعد انتهاء الحرب بانتصار الشمال على الجنوب و هزيمة الولايات الكنفدرالية ، تفكك المجتمع الأمريكى و صارت تحكمه عصابات الجنود المهزومه و العائدة من الحرب، و هنا فى هذه الفترة ظهرت أخطر العصابات التى عاثت فسادا فى الجنوب الأمريكى و ظهرت أسماء فى تلك الفترة مثل " جسي جيمس "، " بيلى كيد "....الخ تم تجسيدهم فى كثير من أفلام السينما الأمريكية.
لقد اتسمت تلك الفترة بقدر من الفوضى و حكم الغاب ،أخذ زمنا ليس باليسير حتى استطاعت السلطة المركزية السيطرة على الاوضاع فى الجنوب الأمريكى ، و لا زالت أثاره باقية بما نشاهد الآن فى المشاكل التى تجرى أحداثها فى تكساس.
أما الحرب الرواندية فقد بدأت فى العام 1994 و فى خلال 100 يوم أى خلال ثلاث أشهرقتل الهوتو و اغتصبوا ما يقارب مليون شخص من التوتسى ، و هذا لم يحدث حتى فى أيام الهلوكوست فى المانيا النازية !
من الاسباب الأساسية لتلك الابادة البشرية تعامل التوتسى مع الهوتو و اضطهادهم باعتبار الهوتو أقل درجة منهم من ناحية العرق، و قد شارك فى تلك المذبحة حتى اساتذة الجامعات من الهوتو، ما يعنى ان التعصب العرقى عامل يتطغى بقوته حتى على عامل التعليم و المعرفة الرفيعة. و ذلك يشابه تماما ما قامت به مليشيا الجنجويد فى دارفور قديما مع القبائل ذات الاصول الافريقية و حديثا مع المساليت فى الجنينه و تمت ادانته من قبل المنظمات الدولية لحقوق الأنسان.
3
خلاصة القول أن الواقع السياسى فى السودان يشهد عدة ظواهر أولها الخطاب العنصرى الذى يسود منصات التواصل الاجتماعى و الذى صار الأعلى صوتا، تأججه و تزيد من اشتعاله الثقافة العنصرية التى درج نظام الاسلاميين طيلة ثلاثين عاما على بثها و زرعها بين المواطنين، بل ظل الاسلاميون يحرضون ويشجعون الجنجويد الذين خرجوا من رحمهم على ممارساتهم العنصرية فى دارفور.
الظاهرة الثانية الملفته للنظر و الباعثة للخوف و الانزعاج، الاعتداء بالعنف على بعض المواطنين فى بعض الولايات الشمالية من خلال البعد العرقى باعتبارهم من الأعراق المكونة لمليشيا الجنجويد.
الظاهرة الثالثة هى التوجه الأنفصالى الذى يتم طرحه فى بعض الولايات الشمالية و الشرق.
الظاهرة الرابعة هى الترهل و التفلت الذى أصاب جنود الأطراف المتصارعة ( جز الرؤوس الذى قامت به القوات المسلحة )، و ضعف القيادة لدى الجنجويد، و الذى انعكس فى شكل سلوك جنودهم الذى أصبح يشابه شغل القبضايات مثل الأتاوات التى تفرض على المواطنين، مع السرقة و " الهنبته " و الأعتداء على العزل.
ما قمنا بسرده أعلاه هى بعض من العوامل التاريخية التى سبقت أحداث الغرب الدامى فى أمريكا و مذابح الابادة الجماعية فى روندا.....ما لم يتدارك الطرفان ذلك التدهور و التصعيد المتبادل بوقف الحرب فوراً، سيتحول السودان اذا أردنا أو لم نرد لنسخة أخرى من النموذجين....نموذج الغرب الدامى أو نموذج الإبادة الجماعية فى رواندا أو الأثنين معاً !
عدنان زاهر
14 فبراير 2024
elsadati2008@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فى الجنوب فى أمریکا
إقرأ أيضاً:
ولاد رزق 3 تصدر القائمة .. تركي آل الشيخ يعلن عن الأفلام الأعلى إيرادًا فى مصر
أعلن المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه بالسعودية قائمة أحدث 20 فيلمًا الأعلى إيرادًا فى مصر والتى حققت أقوى ردود فعل على وسائل التواصل الاجتماعي من الجمهور.
ونشر قائمة أبرز الأفلام المتواجده فى دور العرض السينمائية وكتب معلقا: “ايرادات الافلام داخل مصر الفتره الاخيره وسمعت ان سيكو وصل لـ ١٥٩ مليون”.
وتصدر القائمة فيلم “ولاد رزق٣” الذى بلغت ايراداته 260,226,986 ويليه فى القائمة فيلم سيكو سيكو الذى بلغت ايرادته 147,908,480 .
اما فى المركز الثالث والرابع من القائمة كانت من نصيب أفلام بيت الروبي الذى حقق 129, 846, 801 ويليه فيلم الحريفة٢ الذى بلغت ايرادته 127, 235,658.
وتصدرت العديد من الأفلام التى طرحت خلال اعوام ٢٠٢٤ و٢٠٢٣ و٢٠١٩مثل كازابلانكا والممر والبدلة والذى مازالوا يحققوا نسب مشاهدات مرتفعة من قبل الجمهور.
تركي ال الشيخ وفيلم the seven dogsوفى وقت لاحق، روج تركي آل الشيخ لفيلم the seven dogs الذى من المقرر طرحه خلال الفترة المقبلة.
فيلم The Seven Dogs من بطولة كل من الفنان كريم عبد العزيز والفنان أحمد عز بالإضافة الي تارا عماد وسيد رجب وناصر القصبي ، الفيلم قصة المستشار تركي ال شيخ و وسيناريو وحوار محمد الدباح واخراج المخرجين Adel و Belal الذين كان اخر اعمالهما Bad boys 3 ، وقد رصد له ميزانية بلغا 40 مليون دولار.