سودانايل:
2025-06-25@16:23:09 GMT

الراهن السياسي ونموذج الغرب الدامي أو الرواندي !

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

عدنان زاهر

( كلما أطلت بصرك امعانا فى الماضى أزدادت بصيرتك خبرة بالمستقبل )
ونستون تشرشل

“ the longer you can look backward, the further you can see forward “
My Early Life, also known in the US as A Roving Commission – 1930

1

لا تمر ساعة من الزمن على أى سودانى فى أى بقعة من هذا العالم المترامى الأطراف دون التفكير فى الحرب الجارية و مآلاتها الآتية أو ما قد تسفر عنه، و للأسف الشديد فان كل القراءات و بناء على ما يحدث فى الواقع السودانى تقود الى بقعة واحدة فى الافق البعيد و هى بقعة المستقبل القاتم الملئ بالمطبات و الاخاديد، ذلك مع اصرار الأطراف على مواصلة الحرب و انزلاقها نحو استخدام العرق.

. الجهة و القبيلة فى الصراع ، ستتحول الساحة السودانية الى حرب أهلية
فى بلد لا زالت قوميته لم تكتمل بعد، بل لا تزال تخطو فى بطء نحوتحقيقها و بشكل متعرج ، و لا تزال هويته مفقودة يحتدم الصراع حولها بين العربى و الافريقى.
لعل ما حدث فى أمريكا فى القرن الثامن عشر أو بما حدث فى رواندا فى أواخر القرن العشرين
يمكن استخدامهما للمقاربة طالما نحن نتحدث عن الناتج عن تلك الحروب، ففى أمريكا أسفرت نهاية الحرب الأهلية عن تفكك المجتمع الأمريكى الجنوبى و ضعفت السلطة فى ذلك الجزء حتى أصبحت العصابات هى التى تدير الحياة فى الواقع ، أما فى رواندا فقد أسفر الصراع بين الهوتو و التوتسى عن إبادة عرقية تجاوز عدد ضحايها 800000 فى أقل من سته أشهر !!

2
لا بد لنا و نحن نتحدث عن المقاربه لنموذجين عملت الحرب على تدميرهما قبل نهضتهما من جديد ،إيراد بعض مجريات و أحداث تلك الحروب.
فقد اندلعت الحرب الأهلية فى أمريكا بين الأعوام 1860 – 1864 بين الولايات المتحدة الأمريكية فى الشمال و ولايات الكنفدرالية فى الجنوب الأمريكى، و قد كانت حربا متعددة الاسباب اختلط فيها السياسى مع الأقتصادى و الأجتماعى. بيد ان الاقتصادى كان هو العامل الأهم و الذى تمثل فى شكل الانتاج الرأسمالى الذى تتبعه الزراعة فى الجنوب، المعتمدة فى الأساس على عمل و جهد العبيد و الذى وقف حجر عثرة أمام التطورالرأسمالى الصناعى الذى يتبعه الشمال الأمريكى ، لذلك و نتيجة لتلك الحرب تم تحرير العبيد قانونا بواسطة القرار الذى اطلقه ابراهام لونكن.
بعد انتهاء الحرب بانتصار الشمال على الجنوب و هزيمة الولايات الكنفدرالية ، تفكك المجتمع الأمريكى و صارت تحكمه عصابات الجنود المهزومه و العائدة من الحرب، و هنا فى هذه الفترة ظهرت أخطر العصابات التى عاثت فسادا فى الجنوب الأمريكى و ظهرت أسماء فى تلك الفترة مثل " جسي جيمس "، " بيلى كيد "....الخ تم تجسيدهم فى كثير من أفلام السينما الأمريكية.
لقد اتسمت تلك الفترة بقدر من الفوضى و حكم الغاب ،أخذ زمنا ليس باليسير حتى استطاعت السلطة المركزية السيطرة على الاوضاع فى الجنوب الأمريكى ، و لا زالت أثاره باقية بما نشاهد الآن فى المشاكل التى تجرى أحداثها فى تكساس.
أما الحرب الرواندية فقد بدأت فى العام 1994 و فى خلال 100 يوم أى خلال ثلاث أشهرقتل الهوتو و اغتصبوا ما يقارب مليون شخص من التوتسى ، و هذا لم يحدث حتى فى أيام الهلوكوست فى المانيا النازية !
من الاسباب الأساسية لتلك الابادة البشرية تعامل التوتسى مع الهوتو و اضطهادهم باعتبار الهوتو أقل درجة منهم من ناحية العرق، و قد شارك فى تلك المذبحة حتى اساتذة الجامعات من الهوتو، ما يعنى ان التعصب العرقى عامل يتطغى بقوته حتى على عامل التعليم و المعرفة الرفيعة. و ذلك يشابه تماما ما قامت به مليشيا الجنجويد فى دارفور قديما مع القبائل ذات الاصول الافريقية و حديثا مع المساليت فى الجنينه و تمت ادانته من قبل المنظمات الدولية لحقوق الأنسان.

3
خلاصة القول أن الواقع السياسى فى السودان يشهد عدة ظواهر أولها الخطاب العنصرى الذى يسود منصات التواصل الاجتماعى و الذى صار الأعلى صوتا، تأججه و تزيد من اشتعاله الثقافة العنصرية التى درج نظام الاسلاميين طيلة ثلاثين عاما على بثها و زرعها بين المواطنين، بل ظل الاسلاميون يحرضون ويشجعون الجنجويد الذين خرجوا من رحمهم على ممارساتهم العنصرية فى دارفور.
الظاهرة الثانية الملفته للنظر و الباعثة للخوف و الانزعاج، الاعتداء بالعنف على بعض المواطنين فى بعض الولايات الشمالية من خلال البعد العرقى باعتبارهم من الأعراق المكونة لمليشيا الجنجويد.
الظاهرة الثالثة هى التوجه الأنفصالى الذى يتم طرحه فى بعض الولايات الشمالية و الشرق.
الظاهرة الرابعة هى الترهل و التفلت الذى أصاب جنود الأطراف المتصارعة ( جز الرؤوس الذى قامت به القوات المسلحة )، و ضعف القيادة لدى الجنجويد، و الذى انعكس فى شكل سلوك جنودهم الذى أصبح يشابه شغل القبضايات مثل الأتاوات التى تفرض على المواطنين، مع السرقة و " الهنبته " و الأعتداء على العزل.
ما قمنا بسرده أعلاه هى بعض من العوامل التاريخية التى سبقت أحداث الغرب الدامى فى أمريكا و مذابح الابادة الجماعية فى روندا.....ما لم يتدارك الطرفان ذلك التدهور و التصعيد المتبادل بوقف الحرب فوراً، سيتحول السودان اذا أردنا أو لم نرد لنسخة أخرى من النموذجين....نموذج الغرب الدامى أو نموذج الإبادة الجماعية فى رواندا أو الأثنين معاً !

عدنان زاهر
14 فبراير 2024

elsadati2008@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فى الجنوب فى أمریکا

إقرأ أيضاً:

إبراهيم عيسى: الصراع الحالي لا ينفصل عن الاستخدام السياسي للدين لإيران وإسرائيل

أكد الإعلامي إبراهيم عيسى، أن اللحظة الراهنة تمثل مرحلة حاسمة قد تكون نهاية الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل وأمريكا، قائلاً: إحنا وسط لحظات مهمّة للغاية، قد تكون هذه الحرب بصدد أن تلملم أوراقها الأخيرة، أو تطلق صواريخها الأخيرة، لنبدأ بعدها محاولة لفهم ما جرى، من خلال قراءة فكرية معمقة".

وأشار ابراهيم عيسى، خلال تقديم برنامج “حديث القاهرة”، المذاع عبر شاشة “القاهرة والناس”، إلى أن الصراع الحالي لا ينفصل عن الاستخدام السياسي للدين، سواء من الجانب الإيراني أو من اليمين الإسرائيلي الحاكم، مضيفا: “القصة كلها تدور حول صراع يلعب فيه بورقة الدين بشكل واسع، حتى من قبل الإسرائيليين، أو على الأقل من قبل اليمين الإسرائيلي المسيطر على الحكومة”.

ما علاقة 7 أكتوبر بحرب إسرائيل على إيران؟برلماني: الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران لم تكن متكافئة من حيث موازين القوىلميس الحديدي: إسرائيل لم تستطع رغم قوتها الجامحة تحقيق كامل النصر ولا توفير الحماية لشعبهاولي العهد السعودي يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران

وتناول ابراهيم عيسى إشكالية الحصول على المعلومة الحقيقية خلال فترة الحرب التي استمرت 12 يومًا، في ظل تضارب الروايات، قائلاً: “الوقائع الخاصة بالحرب، خاصة خلال 12 يومًا من القتال، كانت محاطة بتضارب كبير في المعلومات، وسط انحيازات واضحة في وسائل الإعلام، وتغطية متأثرة بالعاطفة على وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتابع ابراهيم عيسى قائلا : "كيف يمكن للمتابع أن يرصد الحقيقة أو يكوّن رأيا موضوعيا في ظل هذا التدافع المتناقض من المعلومات والآراء؟"

طباعة شارك ابراهيم عيسى ايران اسرائيل

مقالات مشابهة

  • خبراء لـ "الفجر": السودان بين جحيم الحرب وبوادر التحول السياسي
  • رئيس فنلندا يعترف: زمن هيمنة الغرب انتهى
  • النائب مصطفى بكرى يصل الغرفة التجارية بالدقهلية على هامش المشاركة فى احتفالية ذكرى ٣٠ يونيو
  • إبراهيم عيسى: الصراع الحالي لا ينفصل عن الاستخدام السياسي للدين لإيران وإسرائيل
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (2 من 2)
  • تفاصيل | مشاركة محافظة مطروح فى معرض الجيزة للتراث والحرف اليدوية
  • الفيتو الأبدي للغرب على الطاقة النووية العربية والإسلامية
  • أصوات تُسمع في معظم بلدات الجنوب.. هذا مصدرها
  • تجاوزت السبعين ضحية.. حصيلة جديدة لهجوم الكنيسة الدامي في دمشق
  • كريمة أبو العينين تكتب: قصف تل أبيب