هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف؟
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
تمكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء من إقناع إسرائيل وإيران بضرورة وقف إطلاق النار بين البلدين. ولكن ما الذي حدث حقا؟ وأي طرف خرج أقوى من هذا الصراع؟
في التقرير التالي يسعى الزميل جون بساروبولوس من موقع الجزيرة الإنجليزية من خلال 4 محطات إلى الإجابة على العديد من الأسئلة التي طرحت في أعقاب توقف حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران.
فقد انقلبت الأوضاع بين إسرائيل وإيران من تصعيد الحرب إلى هدنة، ويبدو أن ما أسماه ترامب "حرب الـ12 يومًا" بين إسرائيل وإيران قد انتهت، على الأقل في الوقت الراهن. حيث ادعى كل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة إيران أن وقف القتال جاء وفقا لشروطهم.
إذن، ما الحقيقة؟ ماذا حققت إسرائيل؟ هل تمكنت إيران من الدفاع عن أصولها الإستراتيجية؟ وهل تمثل الهدنة طريقا إلى السلام؟
1/ كيف جرت الأحداث؟في وقت متأخر من ليلة السبت الماضي، وبناء على طلب إسرائيل، دخلت الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية -الإيرانية بشن ضربات على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، "مدمرة إياها بالكامل"، على حد تعبير ترامب.
ويوم الاثنين، ردت إيران بإطلاق صواريخ على قاعدة العديد الجوية في قطر، وبدا أن الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع وأطول.
لكن في غضون ساعات، أعلن ترامب على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به "تروث سوشيال" أنه "تم الاتفاق بشكل كامل بين إسرائيل وإيران على وقف إطلاق النار بشكل كامل وتام".
ووصف ترامب ذلك بأن "حرب الـ12 يومًا… كان من الممكن أن تستمر لسنوات وتدمر الشرق الأوسط".
وبعد 4 ساعات من الموعد المقرر لبدء وقف إطلاق النار، شنت إسرائيل هجومًا على إيران ردا على ما قالت إنه صاروخان باليستيان دخلا مجالها الجوي، أطلقا من إيران، وقد دمرت إسرائيل في هجومها الانتقامي هذا محطة رادار قرب طهران.
غضب ترامب بشدة. وقال للصحفيين "أنا غير راض على الإطلاق عن هجوم إسرائيل هذا الصباح". "لدينا دولتان تتقاتلان بشراسة منذ فترة طويلة لدرجة أنهما لا تعرفان ماذا تفعلان."
إعلانوقد أعلنت إيران أنها لم تطلق تلك الصواريخ، عاد سريان وقف إطلاق النار، وتحدث ترامب إلى نتنياهو.
2/ ماذا حققت إسرائيل؟لطالما زعمت إسرائيل أن إيران هي التهديد الوجودي الأول لها، لكنها لم تضرب من قبل منشآت طهران النووية. وفي 13 يونيو/حزيران الحالي، تجاوزت الخط الأحمر وقصفت المنشآت السطحية لمصنع تخصيب الوقود في نطنز ومجمع أصفهان للتكنولوجيا النووية. وردت إيران بإطلاق طائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل.
وتزعم إسرائيل أن ما قامت به كان دفاعا استباقيا عن النفس، لكن ليس ثمة من يتفق معها أن إيران تطور قنبلة نووية.
وقد تمكنت إسرائيل من إقناع الولايات المتحدة بالانضمام إليها في هجماتها على إيران. ففي الحروب السابقة مثل حربي عام1967 و1973، قدمت الولايات المتحدة دعما ماديا لإسرائيل عندما تعرضت للهجوم، لكنها لم تساعدها من خلال المشاركة العملياتية المباشرة. وقد شكر نتنياهو ترامب على "وقوفه إلى جانبنا".
3/ هل تمكنت إيران من الدفاع عن برنامجها النووي؟تمكنت إسرائيل من إلحاق أضرار جسيمة بأهداف سطحية في إيران، وتزعم الولايات المتحدة أنها دمرت منشآت نووية تحت الأرض. لكن في حين تظهر صور الأقمار الصناعية أن الصواريخ الأميركية أصابت أهدافها، لا يوجد تأكيد مستقل للتحقق مما تم تدميره، وسيتطلب ذلك إجراء عمليات تفتيش ميدانية.
وقال رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة الأمم المتحدة للرقابة النووية، بعد الضربات الأميركية على المنشئات النووية الإيرانية: "في الوقت الحالي، لا أحد -بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية– في وضع يسمح له بتقييم الأضرار تحت الأرض في فوردو بشكل كامل". وأضاف "نظرًا للحمولة المتفجرة المستخدمة، والطبيعة شديدة الحساسية للاهتزازات التي تتميز بها أجهزة الطرد المركزي، من المتوقع أن تكون الأضرار التي لحقت بها كبيرة للغاية".
كما لا يُعرف مكان 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب الذي قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تمتلكها.
وقد أشار رئيس لجنة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي ، إلى أن البرنامج النووي سيخرج سالما من هذه المواجهات. وقال في بيان نشرته وكالة أنباء مهر شبه الرسمية أمس الثلاثاء: "خطة عملنا هي منع أي انقطاع في الإنتاج أو الخدمات".
4/ ما احتمال شن ضربة أخرى على إيران؟ما اتفقت عليه إسرائيل وإيران هو وقف لإطلاق النار. ولم يبرما اتفاقا للسلام. وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، يقول الخبراء إن هناك -بشكل عام- مسارين محتملين في المستقبل.
قد يساعد استئناف عمليات التفتيش التي تجريها الأمم المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية وإبرام معاهدة جديدة مع إيران -ربما على غرار خطة العمل الشاملة المشتركة التي وضعها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في اتفاق عام 2015- في تخفيف الضغط الدولي على إيران بشأن برنامجها النووي، على الرغم من أن ترامب هو الذي انسحب من ذلك الاتفاق وليس إيران.
وهنا يمكن للقوى الأوروبية أن تلعب دورا، وقد اجتمعت ثلاث من هذه القوى، وهي المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في محاولة لتجنب الضربات الأميركية. وقد فشلت هذه المحاولة، لكن على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع بمفرده الضغط على إيران للتوصل إلى حل وسط، فإنه يمكنه أن يكون قوة موازية لقوة أميركا وإسرائيل.
إعلانووفقا لما صرح به يوانيس كوتولاس، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة أثينا، للجزيرة: "فإن إيران ستحاول إشراك الأوروبيين دبلوماسيًا من خلال اقتراح تعزيز الرقابة والالتزامات في برنامجها النووي".
وبحسب كوتولاس: "يمكن للولايات المتحدة أن تقبل برنامجا نوويا سلميا وقد صرح بذلك بالفعل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. ومن المرجح ألا تحاول الولايات المتحدة فرض تغيير النظام"… "أوروبا هي الآن المخرج الوحيد لإيران. روسيا غير موثوقة".
لكن إسرائيل حاولت في السابق إفشال أي اتفاق نووي بين الغرب وإيران، ومن غير المرجح أن تقبل اتفاقا جديدا. وثمة أسئلة من قبيل هل ستكون إيران مستعدة للتنازل، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي السابق مع طهران، ثم غيرت شروطها خلال المحادثات الأخيرة، وانضمت في النهاية إلى إسرائيل في قصف المنشآت النووية الإيرانية بينما كان من المفترض أن تتفاوض على اتفاق؟
يجيب على ذلك علي أنصاري أستاذ التاريخ الإيراني في جامعة سانت أندروز في اتصال مع الجزيرة:
"هذا يعتمد حقا على الديناميكيات داخل البلاد وكيفية صياغة أي تراجع، لكن هناك بالفعل دعوات لوقف تخصيب اليورانيوم من قبل نشطاء داخل البلاد".
حتى الآن، تبدو إيران مصرة على المضي قدما في برنامجها النووي. ففي يوم الاثنين الماضي، وافقت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني على مشروع قانون يدعو إلى تعليق تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل.
في غضون ذلك، أكد ترامب أمس الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنه لن يسمح باستئناف برنامج إيران النووي.وإذا استمر هذا التوتر الأساسي على ما هو عليه، فإن جولة أخرى من الضربات والضربات المضادة بين إسرائيل وإيران والتي يمكن أن تجر الولايات المتحدة إلى الصراع، قد تكون مجرد مسألة وقت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الوکالة الدولیة للطاقة الذریة بین إسرائیل وإیران النوویة الإیرانیة الولایات المتحدة برنامجها النووی وقف إطلاق النار على إیران بشکل کامل حرب الـ12
إقرأ أيضاً:
بين إيران وإسرائيل.. ما خسائر حرب الـ12 يوما؟
بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، يبدو التساؤل الأبرز عما تحقق خلال الحرب فيما يتعلق بميزان الربح والخسارة لكلا الطرفين.
إيران خسرت عددا من القادة العسكريين من الصف الأول خاصة في اليوم الأول للهجمات الإسرائيلية، على رأسهم رئيس الأركان وقائد الحرس الثوري .
وكذلك قتل عدد من كبار العلماء النوويين، الذين كانت تعتمد عليهم طهران في تطوير برنامجها النووي.
وأيضا تضررت المنشآت النووية الإيرانية، وربما تعرضت للتدمير بشكل كامل أو جزئي، حسب الرواية الإسرائيلية، خاصة مع الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة لتلك المنشآت وعلى رأسها المنشآة الأهم في فوردو.
يضاف إلى ذلك، الخسائر الاقتصادية الكبيرة في إيران والدمار في البنية التحتية نتيجة الهجمات الإسرائيلية..
هذا عدا عن مقتل وجرح المئات من الإيرانيين من جنود ومدنيين.
خسائر إسرائيل في الحرب
تساؤلات بشأن قدرة الدفاع الجوي في إسرائيل على توفير الحماية الكاملة الجانب الإسرائيلي، سجل خسائر في جوانب عدة، من أبرزها التساؤلات بشأن قدرة الدفاع الجوي في إسرائيل على توفير حماية كاملة من الهجمات الصاروخية.
وأسفرت الهجمات الإيرانية عن مقتل وجرح العشرات من الإسرائيليين.
يضاف إلى ذلك أيضا أن الداخل الإسرائيلي شهد ضربات صاروخية تعتبر من الأشد في تاريخه.
كما أسفرت الحرب عن دمار في عدد من المدن الإسرائيلية وخسائر اقتصادية.
فرصة ثمينة
يرى محللون أن الاتفاق الذي أعلنه ترامب ربما يمثل أفضل صيغة لجميع الأطراف المنخرطة في الصراع، وأن تلك الأطراف خرجت رابحة بنسب متفاوتة، فالولايات المتحدة برهنت لخصومها على تفوقها العسكري من خلال استعراض القوة الذي تمثل في الضربة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية.
كما أنه يمثل نهاية مريحة لإسرائيل التي يتباهى مسؤولوها بأنهم قضوا على "تهديد وجودي"،حيث يمنحها فرصة لالتقاط الأنفاس، في ظل الصراع متعدد الجبهات الذي تخوضه منذ أكثر من 20 شهرا.
وربما يمثل الاتفاق طوق نجاة للنظام الإيراني الذي تلقى ضربة موجعة، وكان يمكن الإطاحة به في ظل كم الاختراقات التي كشفت عنها جولة الصراع الأخيرة، والضربات التي طالت أهدافا حساسة عدة في مناطق متفرقة من البلاد، التي ترزح تحت طائلة عقوبات اقتصادية خانقة منذ سنوات عديدة.
ولاشك أيضا أن هذا الاتفاق يشكل نبأ سارا للعديد من الأطراف الأخرى سواء في منطقة الشرق الأوسط أو خارجها، حيث كانت المخاوف من توسع الحرب بين إسرائيل وإيران وانعكاسها في صورة ركود اقتصادي كبير بمثابة هاجس للكثيرين، ومن بينهم أوروبا التي حثت عبر وزراء خارجيتها خلال اجتماعهم أمس الاثنين في بروكسل على الاحتكام إلى الدبلوماسية بعد الضربات الأميركية على إيران.