موقع النيلين:
2025-07-02@14:17:50 GMT

السفينة.. والأرض الغارقة

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT


السفينة فى قصة نبى الله «نوح» تحمل رمزية خاصة، فهى أداة النجاة من الغرق فى أى عصر وظرف، قد تكون طوقاً أو قارب نجاة أو كلمة يتشبث بها الإنسان فى لحظة محنة. الله تعالى ألقى لكل أنبيائه بطوق نجاة فى لحظات المحن، وحين واجهوا تهديداً وجودياً. على سبيل المثال كانت العصا سفينة النجاة فى قصة نبى الله موسى، حين شق بها البحر فعبر ببنى إسرائيل إلى الشاطئ الآخر، ثم ضربه ثانية فانغلق الماء على فرعون وجنوده، وكانت «المدينة» سفينة نجاة محمد، صلى الله عليه وسلم، حين هاجر إليها، وجعل منها نقطة انطلاق نحو فتح مكة.

. وهكذا. حياة البشر كلهم لا تخلو من أداة نجاة يُلقى بها الخالق العظيم لكل من يعيش محنة، وكأن لكل إنسان سفينته.

مثّلت السفينة التى أمر الله تعالى نوحاً بصناعتها الأداة التى نجا بها من وثنية قومه وكيدهم له، والواضح أنها كانت فى حينها أداة غير مطروقة، وأن النبى أُلهم صناعتها بالاستعانة بألواح الخشب والمسامير التى تشدّها إلى بعضها البعض: «وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ»، ويمكنك أن تجد مؤشراً على غرابة هذه الأداة فى حينها فى سخرية قوم نوح منه. يقول الله تعالى: «وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ». ظل المغفلون يسخرون من نوح وسفينته، وهم لا يعلمون أنها ستكون فى لحظة أداة النجاة الوحيدة على الأرض، وأن كل بائس منهم سوف يعيش لحظة يتمنى فيها لو كان فوق ظهرها، وأنه سيندم حين لا ينفع الندم. وقد كان «نوح» يعالج سخريتهم بالوعيد بأنه ستأتى لحظة سوف يسخر منهم كما يسخرون، وقد جاءت حين عضّوا أصابع الندم.

رمزية السفينة لا تتوقف عند حدود الدلالة على أداة النجاة، بل تتجاوزها إلى دلالة أكثر اتساعاً مثّلتها هذه الألواح فى لحظة عبقرية من عمر الزمن، حين شكلت «سفينة نوح» الكون بما فيه ومن فيه.. ففوق متنها استقر «نوح» ومن معه من المؤمنين، وكذلك ما حشر فيها من مخلوقات الله من كل زوجين اثنين، وبينما كانت السفينة تمخر فى عباب البحر اجتاحت المياه كل شىء على الأرض فأغرقته وأهلكته، وبالتالى لم يعد هناك حياة إلا فوق ظهر السفينة، وصارت وأهلها مركز الكون، حتى انتهى عقاب السماء لأهل الأرض، فهدأت ثورة الماء، وساد السلام على الأرض وهبط «نوح» والناجون إلى الدنيا من جديد.

وختام الحالة الرمزية التى تمثلها سفينة نوح جاءت فى الحمامة التى هبطت من السفينة إلى الأرض، فالتقطت غصن الزيتون، بعد أن هدأ الماء، وطارت به إلى السفينة، ليعلم من استقروا فوق متنها أن عقاب المجرمين اكتمل، وأن الدنيا هدأت على الأرض، وأصبحت صالحة للحياة من جديد، فتحولت هذه الحمامة إلى رمز باقٍ ما بقيت الحياة على الأرض، رمز يردّد أن المجد والقدرة والعظمة لله فى أعالى سمائه، وأن على الأرض السلام، وفى الناس السعادة والمسرة.

د. محمود خليل – الوطن نيوز

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: على الأرض

إقرأ أيضاً:

أداة ابتزاز.. البيت الأبيض يرد على تصريحات ماكرون بشأن الرسوم الجمركية

(CNN)-- رفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرسوم الجمركية بأنها "أداة ابتزاز" محتملة.

وقالت ليفيت خلال إحاطة صحفية عُقدت الاثنين في البيت الأبيض: "الرسوم الجمركية استخدام فعال للسلطة الرئاسية لإعادة الطبقة المتوسطة، ولإنعاش قطاعنا الصناعي الذي كان عصب اقتصادنا الأمريكي، والذي تم تفريغه من قِبَل السياسيين العولميين الذين رضخت دولهم للدول الأجنبية بدلاً من فعل ما هو صواب للعمال الأمريكيين".

وأضافت ليفيت: "قد لا تكون أوروبا وبقية العالم معتادين على ذلك، لكن الرئيس ترامب عاد إلى واشنطن، وسيفعل ما هو صواب لشعبنا وبلدنا".

كان الرئيس الفرنسي أدلى بهذه التصريحات خلال خطابه في المؤتمر الدولي لتمويل التنمية في إشبيلية، إسبانيا. 

مقالات مشابهة

  • جيل اشترِ الآن وادفع لاحقا.. دَين مريح أم مرآة لأزمة اقتصادية أعمق؟
  • كلمات مؤثرة من القاضى لحظة الحكم على المتهمين بقتل مسن فى الإسكندرية.. فيديو
  • الأورومتوسطي .. منع إسرائيل دخول الوقود إلى مستشفيات غزة أداة قتل وتهجير قسري
  • أداة ذكية تتفوق على الأطباء في تشخيص سرطان المعدة
  • كيف تتحوّل الموضة إلى أداة للتعبير عن الذات؟
  • مايكروسوفت .. أداة ذكاء طبي تتفوق على الأطباء بـ4 مرات
  • أداة ابتزاز.. البيت الأبيض يرد على تصريحات ماكرون بشأن الرسوم الجمركية
  • مزادات “المركزي بعدن” تفشل في كبح انهيار الريال اليمني
  • عربات “جدعون” الغارقة في وحل غزة
  • "زهرات".. الحزن