السفينة فى قصة نبى الله «نوح» تحمل رمزية خاصة، فهى أداة النجاة من الغرق فى أى عصر وظرف، قد تكون طوقاً أو قارب نجاة أو كلمة يتشبث بها الإنسان فى لحظة محنة. الله تعالى ألقى لكل أنبيائه بطوق نجاة فى لحظات المحن، وحين واجهوا تهديداً وجودياً. على سبيل المثال كانت العصا سفينة النجاة فى قصة نبى الله موسى، حين شق بها البحر فعبر ببنى إسرائيل إلى الشاطئ الآخر، ثم ضربه ثانية فانغلق الماء على فرعون وجنوده، وكانت «المدينة» سفينة نجاة محمد، صلى الله عليه وسلم، حين هاجر إليها، وجعل منها نقطة انطلاق نحو فتح مكة.
مثّلت السفينة التى أمر الله تعالى نوحاً بصناعتها الأداة التى نجا بها من وثنية قومه وكيدهم له، والواضح أنها كانت فى حينها أداة غير مطروقة، وأن النبى أُلهم صناعتها بالاستعانة بألواح الخشب والمسامير التى تشدّها إلى بعضها البعض: «وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ»، ويمكنك أن تجد مؤشراً على غرابة هذه الأداة فى حينها فى سخرية قوم نوح منه. يقول الله تعالى: «وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ». ظل المغفلون يسخرون من نوح وسفينته، وهم لا يعلمون أنها ستكون فى لحظة أداة النجاة الوحيدة على الأرض، وأن كل بائس منهم سوف يعيش لحظة يتمنى فيها لو كان فوق ظهرها، وأنه سيندم حين لا ينفع الندم. وقد كان «نوح» يعالج سخريتهم بالوعيد بأنه ستأتى لحظة سوف يسخر منهم كما يسخرون، وقد جاءت حين عضّوا أصابع الندم.
رمزية السفينة لا تتوقف عند حدود الدلالة على أداة النجاة، بل تتجاوزها إلى دلالة أكثر اتساعاً مثّلتها هذه الألواح فى لحظة عبقرية من عمر الزمن، حين شكلت «سفينة نوح» الكون بما فيه ومن فيه.. ففوق متنها استقر «نوح» ومن معه من المؤمنين، وكذلك ما حشر فيها من مخلوقات الله من كل زوجين اثنين، وبينما كانت السفينة تمخر فى عباب البحر اجتاحت المياه كل شىء على الأرض فأغرقته وأهلكته، وبالتالى لم يعد هناك حياة إلا فوق ظهر السفينة، وصارت وأهلها مركز الكون، حتى انتهى عقاب السماء لأهل الأرض، فهدأت ثورة الماء، وساد السلام على الأرض وهبط «نوح» والناجون إلى الدنيا من جديد.
وختام الحالة الرمزية التى تمثلها سفينة نوح جاءت فى الحمامة التى هبطت من السفينة إلى الأرض، فالتقطت غصن الزيتون، بعد أن هدأ الماء، وطارت به إلى السفينة، ليعلم من استقروا فوق متنها أن عقاب المجرمين اكتمل، وأن الدنيا هدأت على الأرض، وأصبحت صالحة للحياة من جديد، فتحولت هذه الحمامة إلى رمز باقٍ ما بقيت الحياة على الأرض، رمز يردّد أن المجد والقدرة والعظمة لله فى أعالى سمائه، وأن على الأرض السلام، وفى الناس السعادة والمسرة.
د. محمود خليل – الوطن نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: على الأرض
إقرأ أيضاً:
أحمد المنشاوى فى حوار لـ«الوفد»: أخوض الانتخابات البرلمانية لخدمة الناس لا للمناصب
أسعى لسن قوانين تتناسب مع حياة المواطن
فى إطار اللقاءات التى تُجريها جريدة «الوفد» مع المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025، كان لنا هذا الحوار مع أحمد المنشاوى، المرشح لانتخابات مجلس النواب فردى، وأحد الوجوه السياسية المعروفة فى دوائر «إمبابة والمنيرة الغربية»، وعضو حزب الوفد العريق، حيث تحدث عن رحلته السياسية وطموحاته ورؤيته للعمل البرلمانى القادم.
- والله أنا إنسان بسيط جدًا من رحم هذا الشعب، ولدت فى محافظة سوهاج بقرية كنب مركز المنشأة، ونشأت وترعرعت فى إمبابة والمنيرة الغربية.
منذ بداياتى السياسية كنت مؤمنًا بأن العمل العام رسالة لخدمة الناس، فبدأت بخطوات جادة فى الملفات المعنية بحياة المواطنين، من منطلق الإحساس بالمسئولية تجاه الوطن، كل المناصب التى توليتها، سواء السياسية أو التنظيمية، كانت هدفها الأول خدمة الناس ومساعدتهم بكل طاقة ممكنة.
- أنا متفرغ تفرغًا كاملًا للعمل النيابى والسياسى والتنفيذى، وافتتحت عدة مقرات لخدمة المواطنين منذ سنوات بشكل دائم، وأؤمن أن رسالتنا الحقيقية هى عبادة الله وعمارة الأرض، وهذا لا يتحقق إلا بتقديم خدمة حقيقية للناس، خاصة فى هذا الوقت الصعب الذى يحتاج فيه المواطن لمن يحنو عليه ويسانده.
أسعى لتفعيل الدورين الرقابى والتشريعى، وسأعمل على تشريع قوانين تتناسب مع حياة المواطن البسيط الذى يريد علاجًا جيدًا، وتعليمًا محترمًا، وخدمة حكومية تُقدَّم له بكرامة واحترام، وأخوض الانتخابات البرلمانية لخدمة الناس لا للمناصب.
- أنتم أهلى وناسى، وأقول لكم: أحسنوا الاختيار، ونريد برلمانًا يشرف مصر، ويقف فى ظهر القيادة السياسية التى أثبتت قدرتها على قيادة البلاد فى أصعب الظروف، واختاروا من يشعر بكم، من يتفرغ لخدمتكم، لا من يشترى أصواتكم أو يزيّف إرادتكم.
المقياس الحقيقى هو من لديه رسالة وقدرة على العطاء، من يعمل لوجه الله والوطن، لا لمصلحة شخصية، وبلدنا تتغير، وهناك قيادة تبذل جهدًا جبارًا، وعلينا أن نقف إلى جوارها باختيار ممثلين يليقون بثقة الشعب.
- المنافسة قوية جدًا، فبحكم الموقع الجغرافى كان من المفترض أن يكون لإمبابة والمنيرة نصيب أكبر من المقاعد الفردية، ولكننا اليوم نتنافس على مقعدين فقط، وهناك مرشحون سابقون، ونواب حاليون يخوضون التجربة من جديد، وكلها منافسة شريفة فى النهاية.
ونحن مؤمنون أنه «لن يحكم أحد فى ملك الله إلا بإرادة الله»، ونتمنى أن تكون المعركة الانتخابية نزيهة تسودها روح التعاون، وأن يعمل الجميع فى النهاية لصالح إمبابة والمنيرة، سواء فازوا أو لم يحالفهم الحظ.
- حزب الوفد هو الحزب الذى خرج من رحم الشعب، وهو صاحب المدرسة السياسية العريقة التى صنعت تاريخ مصر الحديث، ونتمنى أن يستعيد الحزب مكانته الطبيعية فى الحياة السياسية، وأن يضطلع بدوره الوطنى الحقيقى.
نحن كأبناء الوفد نطمح أن نترك أثرًا يليق بتاريخ هذا الحزب العظيم، الذى قاده زعماء كبار وتركوا إرثًا سياسيًا مشرفًا، واجبنا اليوم أن نقتدى بهم، ونبدع فى العمل العام لنترك أثرًا طيبًا فى خدمة الوطن والمواطن.
- الحقيقة أن الدولة المصرية تسابق الزمن لدفع عجلة الاقتصاد للأمام، وما نراه اليوم من مشروعات بنية تحتية، ومدن جديدة، وتوسعات فى قطاعى الصناعة والزراعة، هو نتاج رؤية شاملة وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى للنهوض بالاقتصاد الوطنى.
الدولة واجهت تحديات ضخمة، سواء كانت عالمية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، أو داخلية نتيجة عقود من الإهمال، لكنها استطاعت الحفاظ على استقرار الاقتصاد، وتوفير فرص عمل، وتحقيق معدلات نمو فى ظل ظروف صعبة يشهد بها العالم كله.
- البرلمان القادم يجب أن يكون شريكًا حقيقيًا فى مسيرة الإصلاح الاقتصادى، لدينا أولويات واضحة، منها دعم الصناعة الوطنية وتشجيع الإنتاج المحلى، وتذليل العقبات أمام المستثمرين، خاصة الشباب وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كذلك، يجب أن نهتم بتشريعات تحفز التصدير، وتدعم المنتج المصرى، وتقلل الاعتماد على الواردات، وهذه الخطوات هى التى تخلق فرص عمل وتزيد من قوة الجنيه وتحقق الاكتفاء الذاتى.
- المواطن بدأ بالفعل يلمس ثمار الإصلاح، من خلال تحسين البنية التحتية، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية مثل «تكافل وكرامة»، لكننا نحتاج إلى مزيد من التواصل بين الأجهزة التنفيذية والمواطنين حتى يشعر الجميع بثمار ما يُنفذ من مشروعات، لأن التنمية الحقيقية ليست فى الأرقام فقط، بل فى حياة الناس اليومية.
- لدينا قيادة سياسية تمتلك رؤية واضحة وإرادة قوية. الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يسعَ لحلول مؤقتة، بل سعى لإصلاح جذرى وهيكلى للاقتصاد المصرى، والاستثمار فى البنية التحتية، وإنشاء شبكة طرق وموانئ جديدة، وتوسيع الرقعة الزراعية والصناعية، كلها خطوات وضعت مصر على خريطة الدول الصاعدة اقتصاديًا.
ونحن كنواب قادمين إن شاء الله، علينا مسئولية متابعة تلك الجهود وتقديم تشريعات تساندها وتضمن استدامتها.