بدون كافيين.. بعض غد جميل كان ابن حاضر مزعج
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
هذا الصباح استطاعت فيروز أن تخطفني من أفكار كثيرة كنت أسيطر عليها بهدوء فنجان قهوة سادة لطيف الوطأة. تأتي عادة بداية اليوم بالكثير من الأفكار حول ما ستفعله طوال اليوم. أنت الآن على وشك أن ترتدي ملابسك وتبدأ محاولتك اليومية لتغيير العالم كما تريد. هذا ما يعنيه فنجان قهوة الصباح. حين تقتحم فيروز هذه العلاقة بينك وبينه بصوتها: "فيه أمل.
تبدأ في التفكير في تيمة هذا الإبداع الذي يولد من رحم المعاناة. ليس بمعنى أن كل إنسان عاش حياة صعبة هو بالضرورة مبدع يقدم إبداعه حين تدفعه لذلك مأساة. إنما أعني معنى أن الحياة العادية تقدم لك كل لحظة أملًا من ملل. ترى هل يوجد ذلك بالفعل؟ وهل مشكلة رؤيتنا له تكمن في أننا لا نجيد الرؤية أم حثًا لأنه يجيد الاختفاء؟ أم هو حق غير موجود والأمل هو مجرد إرادة تتكون في أعماقنا تدفعنا لأن نفعل أفعالًا تغير الحياة؟!
إن الحياة في واقعها قابلة للتغير في كل شيء وكل وقت. تتجاوب مع العقل البشري بطريقة فريدة تجعله حين تسكنه الشجاعة يبادلها سجالًا بسجال في سعي كل منهما لتغيير الآخر. الحياة تخضعك لقوانينها، فمن قبلك صاغوا قوانين سارت بها حتى اليوم، وأنت تستطيع أن تضع قوانينك لكنك لا تستطيع أن تجعلها قوانين الحياة حتى تجعلها تساير قوانينك وتحقق بها التغيير الذي يسعى له الآخرون.
رأينا ذلك في لحظات مضيئة من الحياة. احتل رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل منصبه في ظروف صعبة تمر بها بلاده. لم تكن كل قراراته قرارات يتفق عليها العالم، لكنه بلا شك قدم نموذج حكم أفضل من ذلك الذي قدمه نظراؤه في أوقات الرخاء. رغم أنه كتب في مذكراته عن لحظات ضعف كادت توقعه إلا أنه حولها بذكاء للحظات قوة، وظل حتى آخر أيام حياته يتألم بسبب التضحيات بأشخاص اضطر للتضحية بهم بسبب ضرورات القرار السياسي الصحيح. كان يمارس الرسم كي ينظم عقله أولًا قبل الشئون التي يحكمها. وحين وضعت صورته على عملة اختاروا من جمله جملة استغرب لاختيارها الكثيرون، إذ عبرت عن الضعف أكثر مما عبرت عن القوة.. ربما أرادوا تقديم إنسان وصل للقمة، والضعف هو الإنسان. الجملة كانت "ليس لدي ما أقدمه سوى الدم والدموع والعرق". فهل جاء الأمل من الملل لتشرشل؟!
إن الحياة الجميلة التي يركض حولها الجميع أملًا. يجدها الكثيرون حين يفقدون الأمل في البحث عنها. ويترجم ذلك بعض الفلاسفة بأن الرضا هو السعادة. أظن هنا أن الإنسان يملك كل ما يريد لكنه لا يجبد رؤية ما يملك. لذا حين يقرر اختيار الرضا فإنه يفاجأ بما يملك في حركة هادئة. لا تنسى أن القارب يغرق حين يشتد التيار ويسير نحو وجهته حتى لو كانت الأمواج ساكنة إذا استخدمت مجدافًا. أليس هذا هو الرضا؟! عواصف الإحساس المبالغ فيه غير باقية وترفع سقف توقعاتك حين تنتهي. وتصيبك بالإحباط حين لا تعود. فهل يكون هنا الأمل من الملل هو الرضا؟!
كانت أمي ترى دائمًا أن المشاكل ليست مصممة لأحد بعينه، هي موجودة على الدوام لأن وظيفتنا أن نأتي إليها ونقدم الحل. نحن لا نختص بتقديم المشكلة بل بتقديم الحل. كان هذا رأيتها الشخصي وأحسبها من الأشخاص الذين تعاملوا مع الحياة في مستوى أعمق إلى حد كبير. لذا يوجد الأمل في داخلك فلا تعطي الملل حولك أكبر من حجمه في قدرته على القضاء على أمل لا يملك إيجاده أو إفنائه. أنت هذا الذي يتحكم في عجلة القيادة لكن عليك أولًا أن ترى الطريق. وهو ما أحب قوله لطلبتي دائمًا بعبارة: "املأ عقلك الأول وهو هيحرك إيديك ورجليك بعدها ناحية هدفك". الآن سأكمل قهوتي وأسمع فيروز مرة أخرى.
*أستاذة بقسم الإعلام – آداب المنصورة
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فيروز رحم المعاناة
إقرأ أيضاً:
"امرأة هزت عرش التحدي".. احتفالية المركز الأفريقي بصانعات الأمل في اليوم العالمي للإعاقة
على هامش المؤتمر السنوي الحادي عشر للمركز الأفريقي لخدمات صحة المرأة برئاسة الدكتور ميرفت السيد، نظم المركز احتفالية مميزة بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة، بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات والجمعيات الرائدة،و
الصالون البحري بالإسكندرية برئاسة اللواء حسين فؤاد
وشكلت الفعالية دعوة مفتوحة للمجتمع للانخراط في يوم توعوي يسلط الضوء على قضايا ذوي الهمم، ويعزز ثقافة الدمج الاجتماعي، ويؤكد على أهمية دور المؤسسات في تمكينهم وتوفير بيئة حاضنة لتحقيق إمكاناتهم.
افتتحت الاحتفالية الإعلامية نشوى فوزي بكلمات ملهمة عن أهمية دعم ذوي الإعاقة ودور المرأة المصرية في تمكينهم.
وأوضحت الدكتورة ميرفت السيد أن اهتمام الدولة المصرية بذوي الهمم أصبح أحد الملفات البارزة في السنوات الأخيرة، ويتجلى في عدة محاور رئيسية.
أولها التشريعات والحقوق، حيث صدر قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2018، الذي يكفل لهم المساواة في فرص التعليم والعمل والرعاية الصحية، كما تم إدراج حقوق ذوي الهمم في الدستور المصري لضمان عدم التمييز ضدهم.
أما المحور الثاني فهو المبادرات الرئاسية، مثل مبادرة "قادرون باختلاف" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تحولت إلى فعالية سنوية لعرض مواهب وإنجازات ذوي الهمم، إلى جانب مبادرة 100 مليون صحة التي شملت فحوصات طبية مجانية للأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة.
وفي محور التأهيل والتعليم، تم إنشاء فصول ومدارس دامجة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى دعم مراكز التدريب المهني لتمكينهم اقتصاديًا.
كما ركزت الدولة على تهيئة البنية التحتية والخدمات، بما يشمل المباني الحكومية والطرق ووسائل المواصلات لتكون صديقة لذوي الهمم، وتوفير أجهزة تعويضية وأطراف صناعية وكراسي متحركة مجانية أو بأسعار مدعمة.
وأخيرًا، جاء محور الدعم المجتمعي والإعلامي، من خلال تخصيص برامج إعلامية ومساحات على منصات التواصل الاجتماعي لعرض قصص نجاح ذوي الهمم، وإشراكهم في الفعاليات الرياضية والثقافية والفنية لتعزيز دمجهم الكامل في المجتمع.
كما تحدثت الدكتورة ندى ثابت عضو مجلس النواب عن تجربتها الشخصية، مؤكدة أن اكتشاف إصابة ابنها بالإعاقة كان نقطة تحول في حياتها، حيث تحولت روح الأمومة إلى محرك لدعم ذوي الإعاقة من خلال التعليم والتدريب وفتح مراكز الدمج وحل مشاكل التجنيد الخاصة بهم.
ومن جانبها، تحدثت الدكتورة نرمين سويدان مدير إدارة الجمعيات الأهلية بالإسكندرية عن رحلتها مع ابنتها من ذوي الهمم، مؤكدة أن التحديات كانت بداية لاكتشاف قدرات جديدة ونجاحات أكاديمية ومهنية انعكست على تطوير قدرات ابنتها عبر برامج التأهيل والتدريب.
وأشار اللواء حسين فؤاد، رئيس الصالون البحري، إلى أن ذوي الهمم يمثلون نموذجاً للبطولة، وأن دعم المجتمع لهم يعكس الترابط الاجتماعي القوي في مصر.
وأكد رامي يسري، رئيس جمعية خليك إيجابي، أن الجمعية نفذت بين عامي 2017 و2023 نحو 200 فعالية متنوعة لدعم ذوي الهمم، شملت حفلات ورحلات وندوات وبرامج دمج مجتمعي. وأضاف أن الجمعية كفلت 100 أسرة بشكل شهري، وقدمت أكثر من 20 كرسيًا متحركًا وأدوية لتلبية الاحتياجات الأساسية، كما عززت الدمج الاجتماعي عبر إطلاق كارت الخدمات المتكاملة وتوزيع 20 ألف منشور توعوي، ومشاركة الجمعية في افتتاح شاطئ المكفوفين وفعاليات دمج في أكثر من 30 مهرجان واحتفال رسمي.
وشارك في الفعالية عدد من الخبراء والمختصين، منهم الدكتور وليد محروس مدير مستشفى عباس حلمي للصحة النفسية، تحدث عن دور المجتمع المدني في دعم الصحة النفسية لذوي الإعاقة.
الدكتور محمد سعيد أمين عام نقابة العلاج الطبيعي بالإسكندرية، استعرض أهمية العلاج الطبيعي في منع تدهور الأطفال ذوي الإعاقة.
وعزيزة سعدون تحدثت عن دعم المرأة وتمكين أمهات ذوي الإعاقة داخل المجتمع.
. وفاء العروسي أشارت إلى اهتمام نادي روتاري هاربر بدمج ذوي الإعاقة في أنشطتهم.
الدكتور هدى الساعاتي أوضحت دور الإعلام في تسليط الضوء على قضايا ذوي الإعاقة وأهمية اليوم العالمي لهم.
وشمل الاحتفال على هامش الفعالية فقرات فنية قدمتها جمعيات زهور الحياة والقلب الأبيض، وتكريم النماذج المتميزة من الأمهات من ذوي الإعاقة وسيدات المجتمع المدني العاملات في مجال الإغاثة والخدمة المجتمعية.
وفي ختام الاحتفالية، تم توزيع الجوائز على الفائزات من السيدات في مسابقة المرأة الذهبية، كما تم تقديم الألعاب والهدايا للأطفال من ذوي الإعاقة، في لمسة اختتمت اليوم بروح من البهجة والدمج الاجتماعي.