في حين أن الشارع العربي والغربي، على حد سواء، كلاهما أضحى في درجة الغليان القياسي، الذي زادت وتيرته في الآونة الأخيرة بشكل متصاعد وغير مسبوق، على وقع أحداث غزة الدامية، وما ترافق معها من توحش للعدو الإسرائيلي الذي صار يلفظ أنفاسه الأخيرة في وحل المقاومة الأبية، التي أثبتت الأيام أنها عصية على الانكسار، صامدة في وجه الأعاصير، فيما توالت الهزائم والانكسارات على حكومة بايدن، ذلك المسخ الخرف الذي مازال يطمع في ولاية جديدة، ومازالت تراوده أحلام اليقظة والمنام معاً لاستعادة هيبة الإمبراطورية الملحدة، تلك الأحلام والأوهام التي تهاوت على وقع ضربات المقاومة الحيدرية القسامية واليمنية واللبنانية والعراقية على حد سواء، وفوق كل تلك الأزمات التي باتت تحلق حول بايدن وحكومته المتعفنة فهناك جراح ثخينة للأمريكان في الشرق الأوسط والخليج العربي، وهناك ثأر مازال يتجدد كل يوم ليلاحق بايدن وحلفاءه المهزومين، وتحت الرماد كم من نيران كما يقول المثل.
إن الواقع المنفجر في الداخل الأمريكي وفي توقيت حساس كهذا يكشف مدى هشاشة دول الكفر، وإمبراطوريات الإجرام، التي تقتات على دماء الأبرياء، وتتلذذ بأوجاعهم ومعاناتهم، ولطالما رقصت على أشلاء الضحايا المتناثرة في كل مكان، ولكن مهما طغت فراعنة الزمان وتجبرت عتاولة العصر، فسنة الله ماضية في الخلق، “ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَحْوِيلًا» .
وها هو قد بدأ العد التنازلي لزوال الهيمنة الأمريكية، والبطش الصهيوني، وما ولاية تكساس التي باتت تستعد بكل ما أوتيت من قوة للإنقضاض على الفريسة، إلا مثال واضح على مدى الانفجار الداخلي، الذي تعاني منه الإمبراطورية العظمى!! كيف لا وقد سبقتها في ذلك ولاية كاليفورنيا، وهي أكبر ولاية في أمريكا من حيث المساحة، والموارد المالية والبشرية..
إن أزمة الجنوب في تكساس، والتي تعتبر ثاني أكبر ولاية أمريكية من حيث المساحة، وواحدة من أهم الولايات ذات التأثير الزراعي والمالي، والصناعي والتجاري، عطفاً على كونها مصدراً من مصادر النفط الرئيسية للبلاد، تتعاظم يوماً تلو الآخر، اليوم بدأ فيروس الانفصال يسري في عروق كثير من الولايات الأمريكية الكبرى، وبنوع خاص تبدو كاليفورينا، تتجهز منذ وقت غير قريب للمضيّ بمفردها، فهناك شيئ ما ينتظرها، فقد سئمت من بلطجات البيت الأبيض، وملت من وجوه مصاصي الدماء، وهناك تبدو حكومة بايدن تترنح بين الشمال والجنوب، إضافة إلى أن الحرب على غزة، والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني المظلوم قد أفقدتها صوابها،
كون الولايات المتحدة الأمريكية هي راعية الإرهاب في العالم أجمع، والداعم الرئيسي للكيان الغاصب الذي أضحى يرتكب بمعية أمريكا وحمايتها أبشع الجرائم والإبادة الجماعية والمجازر الوحشية بحق شعب حر عزيز مقاوم، هذه الأسباب مجتمعة وغيرها بدأت تقوض الحكومة الأمريكية من أساسها، وتفاقم الغضب الجماهيري عليها، حتى من داخل أمريكا نفسها، ناهيك عن الشعوب الأخرى التي ترى في الهيمنة الأمريكية خطراً على مصالحها، وزعزعةً استقرارها، ومازالت الاحتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات، وهناك المزيد والكثير من المفاجآت التي تنتظر إمبراطورية الشر، ومملكة الإجرام.
علاوة على الأزمة الصينية الأمريكية، وموقف أمريكا من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وبين هذا وذاك تتصاعد مخاوف أمريكا من “وعاء الانصهار “ الذي بات يلاحقها وهو بها جدير، وسط مجتمعات تكن لها كل العداء، ولا ننسى انخراطها في العدوان المباشر على اليمن، لدعم وحماية السفن الإسرائيلية، لتواصل ذبح الشعب الفلسطيني بهدوء وبدون إزعاج..
فالمخاوف الأمريكية من ذلك الوعاء سالف الذكر يجعل من حكومة بايدن وهي أكبر هرم في الولايات المتحدة الأمريكية عرضة للرياح الضاربة، والأمواج العاتية التي تتقاذفها بين المد والجزر، في محاولة لاستعادة هيبتها المخدوشة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن .. ولكن هيهات فقد فاتها القطار، ولا مجال للترميم، وعلى الشيطان الأكبر أن يستعد لسقوطه المدوي، وأن يدفع ثمن دماء الأطفال التي أراقها في كل شبر من المعمورة، وعلى مدار سنوات طوال من العربدة والاستكبار،، ولله عاقبة الأمور..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال؟ فقد حاولت أمي الحج أكثر من مرة ولم يحالفها التوفيق لذلك، وقد حججت أنا عن نفسي، ثم حججت عنها من مالها وهي على قيد الحياة، ولكنها كانت وقتها تبلغ من العمر ثمانية وستين عامًّا ولا تتحكم في البول ويأتيها دوار من ركوب السيارة. فهل حجي عنها صحيح؟.
وأجابت دار الإفتاء، عن السؤال قائلة: عن سليمان بن يَسار أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه رَدِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، حُجِّي عَنْ أَبِيكِ» رواه البخاري وأحمد واللفظ له وكثيرون عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وأوضحت عبر موقعها الرسمى، أن هذا الشخص الذي لا يثبت على الراحلة يسمى في الفقه الإسلامي المعضوب، فالحج -ومثله العمرة- عن الغير يكون إما عن الميت وإما عن المعضوب.
وأكدت أنه إذا كان الحال كما ورد بالسؤال: فحجكَ عن أمكَ والحالة هذه صحيح.
أجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "ما حكم الحج عن مُتَوفًّى والعمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدة؟ فأنا أريد أن أعرف الحكم الشرعي فيمَن سَافر إلى الحَجِّ، ونوى عمرةً عن أُمِّه الـمُتوفَّاة، وحَجَّة لأبيه الـمُتَوفَّى، والعام الثاني يعكس، أي: يحج لأمِّه الـمُتوفَّاة، ويعتمر لأبيه الـمُتَوفَّى. فهل يجوز ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه يجوز لك عَمَل العُمْرة عن أُمِّك المتوفاة، وعَمَل حَجَّة لأبيك الـمُتَوفَّى في سنةٍ واحدة، ثُمَّ في العام الثاني تَحُجُّ لأمِّك المتوفاة، وتعتمر لأبيك الـمُتَوفَّى، فإذا فَعلتَ ذلك في السنتين سُمِّيت مُتمتِّعًا، ويجب عليك حينئذٍ دم التَّمتُّع.
حكم الحج عن مُتَوفًّى والعمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدةالحج والعمرة كلاهما نُسُكٌ مستقلٌّ، لهما أركانهما وشروطهما، ولا يشترط في السَّفْرةِ الواحدةِ أن تقع العمرة والحج عن شخصٍ واحدٍ، فيجوز أن تكون العمرة عن شخصٍ، والحج عن شخصٍ آخر.
ويجوز للمسلم القادر أن يَحجُّ عن أقاربه المتوفَّين أو المرضى العاجزين عن الحج بأنفسهم إذا كان قد حَجَّ عن نفسه، أو يوكِّل غيره في الحج عنهم، وذلك على ما هو المختار للفتوى مِن مشروعية النيابة في أداء الحج عنه؛ لكونه -أي: الحج- مِن العبادات التي تَجري فيها النيابة عند العجز لا مطلقًا، وَفْقًا لما عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَت: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَل يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
وعن ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما أيضًا، أَنَّ امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صَلَّى الله عَليهِ وَآلِه وَسَلَّم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ. فَقَالَ: «فَاقْضُوا اللهَ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ». رواه البخاري في "صحيحه".
وعنه أيضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليهِ وَآلِه وَسَلَّم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟» قَالَ: أَخٌ لِي -أَوْ قَرِيبٌ لِي- قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ». رواه أبو داود، وابن ماجه في "السنن"، والبيهقي في " السنن الكبرى".
هل يجب الدم على من حج عن مُتَوفًّى وعمل عمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدة؟مقتضى ذلك أنه يجوز للسائلِ أن يعتمر أو يحج عن أمِّه أو أبيه المتوفَّيين، وأَجْر الحج والعمرة يصل لهما في قبرهما غير ناقصين، غير أَنَّ الفقهاء قد اختلفوا في توصيف هذا الحج بهذه الكيفية الواردة في السؤال، مِن حيث جواز وصف السائل في هذه الحالة بالتَّمتُّع، فيجب عليه الدَّم أو لَا؟
ومعنى "التَّمَتُّع": أنْ يُحرم الحاجُّ بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو مِن غيره من المواقيت التي يمر بها أو ما يحاذيها، ثم يؤديها وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج.
فهذا هو القَدْر المشترك بين الفقهاء للوصف الفقهي للفظ "التَّمَتُّع"، لكنهم اختلفوا في طريقة وقوعه:
فيرى الحنفية، والشافعية في المذهب، والحنابلة في المعتمد: أنَّه لا يُشْتَرط وقوع النسكين -أي: العمرة والحج- في السَّفْرةِ الواحدةِ عن شخصٍ واحدٍ حتى يُوصف الشخص بـ"الـمُتَمتِّع"، بل يصح أن تقع العمرة عن شخصٍ، والحج عن شخصٍ آخر.
قال العَلَّامة الـمَرْغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 179، ط. دار إحياء التراث العربي) في سياق كلامه عن الحج عن الغير: [(وكذلك إن أَمَره واحدٌ بأن يَحجَّ عنه والآخَر بأن يعتمر عنه وأَذِنَّا له بالقِرَان) فالدَّمُ عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 177، ط. دار الفكر): [هل يُشترط وقوع النُّسُكين عن شخصٍ واحدٍ؟ فيه وجهان مشهوران. قال الخضري: يشترط. وقال الجمهور: لا يشترط، وهو المذهبٍ] اهـ.