هل تعمد واشنطن لتفعيل (داعش) في مواجهة اليمن
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
وفي حالة الحرب يشكل الجيش والأمن جبهة واحدة للتصدي لأي عدوان، فحفظ الأمن والاستقرار وتأمين الجبهة الداخلية من أهم المرتكزات التي يتكئ عليها الجيش في خوض المعارك أمام أعداء الخارج والنصر فيها، وبهذا الشأن يقول العميد عبدالخالق العجري ناطق وزارة الداخلية: إن العدو اليوم لا يراهن على البحر فهناك شيء أهم لديه وهو يراهن على أمن هذا الوطن، لأنه إذا اختل الأمن في الداخل فبالإمكان وبكل سهولة أن يكتسح أي بلد، وما دام الأمن مختل في الداخل فالعدو مهما كان ضعيفا فبإمكانه أن يدخل بكل سهولة إلى أي بلد.
ويكشف الإنجاز الأمني في العملية الاستباقية بمحافظة البيضاء وسط البلاد والذي تكلل بتطهير منطقة الخشعة من خلايا داعش التكفيرية، التي كانت على وشك تنفيذ عمليات انتحارية خلال قادم الأيام في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات؛ يكشف هذا الإنجاز أن الأمن يعي مخططات العدو ويرصد تحركات أدواته بمختلف مسمياتها، ويدرك أنه في مواجهة "مباشرة أمام أمريكا وبريطانيا، وإسرائيل".
الأجهزة الأمنية في بيانها بشأن العملية تؤكد أن المخابرات الأمريكية والبريطانية "عمدت إلى تحريك أدواتها من الجماعات التكفيرية المتواجدة في منطقة الخشعة بمحافظة البيضاء لتنفيذ عمليات إجرامية كان أبرزها تنفيذ عمليات اغتيال ضد أبناء منطقة حنكة آل مسعود وما جاورها، وعمليات إجرامية سيتم الكشف عنها في تفاصيل قادمة".
ويوضح البيان أن تحريك واشنطن ولندن للجماعات التكفيرية يأتي في "إطار العدوان الأمريكي والبريطاني على الجمهورية اليمنية المساند لجرائم الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني، وبسبب مواقف اليمن المشرفة وقيامه بمسؤوليته في إسناد الشعب الفلسطيني المحاصر".
وبشأن الحرب الأمنية على اليمن بالتوازي مع العدوان العسكرية لتحالف العدوان السعودي الأمريكي والتي تخوضها الأجهزة الأمنية وحققت فيها صنعاء انتصرا ساحقا، يقول ناطق وزارة الداخلية "لننظر إلى التسع سنوات الماضية التي مثلت أروع صور الأمن في هذا الوطن الكبير في الأراضي الحرة"، وبشأن المعركة الحالية مع العدوان الأمريكي البريطاني يضيف العجري"اليوم نحن بحاجة إلى تأمين الدخل وإلى لملمة الصفوف، أكثر من حاجتنا في السابق، اليوم نحن أمام مواجهة مباشرة أمام الأمريكي والإسرائيلي".
أضف إلى ذلك أن تجربة اليمن الأمنية خلال تسع سنوات ماضية من العدوان والحصار كشفت أن واشنطن تستخدم الجماعات التكفيرية لا تحاربها كما تدعي، فقبل قبل ثورة 21 سبتمبر 2014 عندما كان النظام في اليمن شريك لواشنطن في محاربة ما يسمى "مكافحة الإرهاب" حينها كانت القوات الأمريكية تتقاطر إلى العاصمة صنعاء وإلى المناطق الاستراتيجية في اليمن، ورغم ذلك كان الأمن منفلتا في ظل انتشار جماعات "القاعدة وداعش" على نطاق واسع في البلاد حتى في عاصمة البلاد في الأحياء المجاورة للسفارة الأمريكية.
وفي إحصائية رسمية بلغت الاغتيالات بين عامي 2011، 2014م ما يزيد عن 1100 عملية، كما تم تنفيذ 23 عملية تهريب من السجون لعناصر ما يسمى بالقاعدة والمئات من المجرمين المدانين بأحكام قضائية في حرابة.
يذكر أن التفجيرات الإجرامية كتفجيري مسجدي بدر والحشحوش، وتفعيل الجماعات التكفيرية لضرب الأمن كان أول الخيارات لضرب الثورة الوليدة قبل أن يتحرك الثوار لملاحقة التكفيريين وتطهير البلاد منهم في مختلف المحافظات حتى أن عناصر "القاعدة وداعش" فرت أمام الجيش واللجان الشعبية حينها عبر البحر بالقوارب من عدن، قبل أن تعود تلك الجماعات على متن الدبابات والمدرعات الأمريكية، مع العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي.
وعقب فرار القوات الأمريكية "المارينز" من صنعاء، عُثر على عدة معسكرات للجماعات التكفيرية في محيطة العاصمة، وكذلك أوكار ومعامل وورش لتصنيع المتفجرات والسيارات المفخخة في العاصمة وغيرها من المناطق والتي كان نتاجها تنفيذ مئات العمليات الانتحارية والتفجيرات والهجمات التي راح ضحيتها الآلاف، حتى أن المعسكرات والمنشئات السيادية كوزارة الدفاع لم تسلم من الهجمات.
ذلك الوضع المنفلت أمنيا، قبل ثورة 21 سبتمبر، دفع الكثيرين للتساؤل ماذا كانت أمريكا تفعل في اليمن تحت عنوان مكافحة "الإرهاب"، لكن الإجابة عليه اتضحت خلال سنوات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن عندما اجتمعت القوات الأجنبية الغازية مع المرتزقة مع (القاعدة) و(داعش) تحت راية التحالف في المعركة، وقد صرح زعيم القاعدة أن جماعته تقاتل في "11 جبهة" مع العدوان ضد القوات المسلحة اليمنية.
وفي فضيحة مدوية عثرت الأجهزة الأمنية على مساعدات وأسلحة مقدمة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" لدى جماعات من "القاعدة وداعش" في مناطق بالبيضاء حررها الجيش اليمني خلال سنوات العدوان.
المسيرة
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: مع العدوان
إقرأ أيضاً:
جوّكم خاب وبحركم خاسر.. اليمن ثابت وفلسطين في القلب
في تطور يكشف حجم اليأس والإحباط، أقدم العدو الإسرائيلي على استخدام سلاح البحرية في عدوان مباشر على ميناء الحديدة، بعد أن أثبت سلاح الطيران فشله الذريع في إخضاع اليمن وكسر إرادته.. وهذا التحول ليس تصعيدًا نوعيًا بقدر ما هو اعتراف صريح بالعجز في الجو، ومحاولة أخيرة بائسة للالتفاف على صمود لا يُكسر.. ولكن كما خابت طائراتهم، ستغرق سفنهم في وهم السيطرة، فاليمن اليوم ليس فقط مستعدًا للمواجهة، بل ماضٍ في معركة الوعي والثبات حتى كنس العدوان والانتصار للقضية الفلسطينية التي كانت وستبقى في قلب كل يمني حر.
العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة ليس إلا فصلًا جديدًا من سلسلة الفشل المتواصل لكيان غاصب لم يعد يملك من القوة إلا ضجيج السلاح، ولا من الهيبة إلا ما تصنعه الشاشات. بعد أن انكسر طيران العدوان على صخرة الصمود اليمني، وبعد أن عجزت غارات الأعداء الصهاينة عن إخضاع الإرادة الحرة، لجأوا إلى البحر، ظنًّا منهم أن الموج أضعف من الجبال، وأن الموانئ أسهل من السماء، لكنهم نسوا أو تجاهلوا أن اليمن لا يُؤخذ من الجو، ولا يُركع من البحر، ولا يُساوم على الأرض ولا على المبدأ.
لقد فشل العدوان الإسرائيلي، وسيفشل في كل مرة يظن فيها أن اليمن ساحة مفتوحة لتجريب أدوات القتل، لا البحر ولا الجو سيمنحه نصرًا، ولا كل حلفائه سيمنحونه شرعية، اليمن اليوم أقوى مما يظن، وأكثر وعيًا مما يتخيل، وأشد تصميمًا على كسر كل عدوان، مهما كانت الجهة التي تقف وراءه، والحديدة التي أراد الأعداء أن يجعلوها بوابة لفرض الحصار، ستكون بوابة لسقوط وهمهم العسكري، ونقطة تحول جديدة في ميزان الردع الإقليمي.
اليمن ليس دولة عابرة، أو شعبًا يمكن عزل بوصلته، هذا الشعب، الذي تحمل الحصار والحرب والمؤامرات، لم يتزحزح يومًا عن موقعه الأصيل في خندق فلسطين. لم تبعده الجراح، ولم تشغله المعارك، ولم تثنه الضغوط، اليمن لا يخذل القدس، ولا يتخلى عن غزة، ولا يصافح قتلة الأطفال في نابلس وجنين، فلسطين ليست مجرد قضية في الوجدان اليمني، بل عهد تاريخي وواجب إيماني وثابت لا يُمَسّ، ولو اجتمع العالم على تغييره.
من يراهن على أن العدوان سيجعل اليمن يراجع مواقفه من القضية الفلسطينية فهو واهم، ومن يعتقد أن القصف سيجبره على الصمت، لا يعرف شيئًا عن شعب لا يعرف الركوع، اليمن لا يباع، ولا يُبتز، ولا يُهدد، وميناء الحديدة سيبقى شامخًا، كما بقيت، صنعاء، وحجة، والجوف، والحديدة، وكل مدن اليمن التي لم تنحنِ لقصف ولا حصار.
العدوان الإسرائيلي فشل وسيفشل، لأن ما يواجهه في اليمن اليوم ليس مجرد مقاومة، بل وعي عربي أصيل بدأ يستعيد أنفاسه من أقصى اليمن حتى أقصى فلسطين، اليمن باقٍ، وفلسطين في قلبه، ومن يعتقد أن القنابل تستطيع تغيير الحقائق، فليقرأ تاريخ الشعوب الحرة، بل ليقرأ تاريخ اليمن.