ما الحسنات المكفرة للسيئات؟.. على جمعة يوضح
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إنه ليس عيبًا أن يخطئ المرء، ولكن العيب أن يستمرئ الخطأ ويستبيح المعصية. فإذا أبصر المرء عيبه وتاب إلى الله منه، قبل الله توبته ومحا خطيئته، كما قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82].
وتابع: ولهذه الأهمية القصوى للتوبة، وتأكيدًا على فضل الله الواسع في قبول التائبين ، أوردت لنا سنة النبي ﷺ بعض القصص المؤثرة في هذا الباب، منها قصة الكِفل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ أُرْعِدَتْ وَبَكَتْ.
فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ أَأَكْرَهْتُكِ؟
قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ، وَمَا حَمَلَنِى عَلَيْهِ إِلاَّ الْحَاجَةُ.
فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا، وَمَا فَعَلْتِهِ، اذْهَبِى، فَهِىَ لَكِ.
وَقَالَ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَعْصِى اللَّهَ بَعْدَهَا أَبَدًا. فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ ». [رواه الترمذي]
وذكر ان هذا رجل أسرف على نفسه في الخطايا، ولم يكن يتورع عن ذنبٍ عمله، ثم أدركته رحمة الله وهو في سبيل ارتكاب فاحشةٍ عظيمة، وهي الزنا. فلما تاب، تاب الله عليه، ومنّ عليه بالفضل، وأكرمه بكرامةٍ ظاهرةٍ تشهد على صدق توبته، حيث مات من ليلته، فأصبح مكتوبًا على بابه: إن الله قد غفر للكِفل.
ما الواجب على المسلم فعله إذا وقع فى الذنب
وأشار الى أن هذه القصة تعلّمنا أن الواجب على المسلم إن وقع في ذنبٍ أن يبادر إلى التوبة والندم، وأن يشتغل بالتكفير عنها بحسنةٍ تمحو أثرها.
فأما التوبة، فهي ندمٌ يورث عزيمةً وقصدًا ورجوعًا إلى الله، وطمعًا في رحمته.
وكلما كان الندم أشد، كان أرجى في تكفير الذنوب.
وعلامة صحة الندم: رقة القلب، والشفقة على الخلق، والتماس الأعذار للناس، وخاصةً الضعفاء وأصحاب الحاجة.
وبهذا الندم، يصدق العزم في التوجّه إلى ترك هذا الذنب. فإن لم تساعده نفسه على ترك الذنب لغلبة الشهوة، فقد عجز عن أحد الواجبين المترتبين على الندم، فلا ينبغي له أن يترك الواجب الثاني، وهو أن يُدرأ السيئة بالحسنة فيمحوها.
الحسنات المكفرة للسيئات
والحسنات المكفِّرة للسيئات تكون إما بالقلب، وإما باللسان، وإما بالجوارح:
فأما بالقلب: فبالتضرع إلى الله تعالي، وسؤال المغفرة والعفو،
وأما باللسان: فبالاعتراف بظلم النفس مع الاستغفار، كأن يقول: " ربِّ ظلمتُ نفسي وعملتُ سوءًا فاغفر لي ذنوبي"، ويُكثر من صيغ الاستغفار.
وأما بالجوارح: فبالطاعات، والصدقات، وأنواع العبادات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التوبة
إقرأ أيضاً:
رزقك وأجلك بيد الله فلم الخوف؟ علي جمعة يجيب
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الأرزاق والآجال لا تتغير، وقد جعل الله ذلك حتى لا تخشى الناس؛ فرزقك يصلك على ما قدّره الله لك، فأجمِلوا في الطلب.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن أجلك لا يتقدّم ساعةً ولا يتأخّر، لا أدنى من ذلك ولا أكثر، وعلى ذلك: فممّن تخاف؟ الرب واحد، والعمر واحد.
وأشار إلى أن هذه الحقيقة يراها الإنسان دون أن ينتبه؛ يرى الموت يصيب الجميع: من ذكر وأنثى، من صغير وكبير، من طفل وشاب وشيخ.
فيموت المريض ويبقى الطبيب، ويموت الطبيب ويبقى المريض، وتموت العائلة كلها في حادثة واحدة، وتموت الزوجة ويبقى الزوج، ويموت الزوج وتبقى الزوجة.
والآجال مضبوطة، لا تتقدّم ولا تتأخّر، مشهد مرئي مكرّر في كل الأرض، مع جميع الأجناس، لا يختلف ولا يتخلّف.
ينبّهنا الله عز وجل إلى هذه الحقيقة لكي نبني عليها عملاً؛ هذا العمل هو أن تكون الدنيا في أيدينا، لا في قلوبنا. هو ألا نخشى إلا الله، ولا نطلب إلا من الله، وأن نُخلِص النيّة له، ونتوجّه إليه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
وقال ربنا عز وجل قال فى كتابه الكريم {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} فالرزق بيد الله بسطه لبعض الخلق وقدره على بعضهم، والله سبحانه وتعالى يبسط الرزق ويقدر بحكمة ؛لأن المال عند بعضهم إذا فقده فسد، وعند بعضهم إذا أُعطاه فسد، فتراه يبسط الرزق حتى يعالج هذا، ويُضيق الرزق حتى يعالج هذا.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن المال اختبار وامتحان، والدنيا اختبارٌ وامتحان، ولذلك فإن الله يستعمل المال للاختبار والامتحان فيبسط لهذا ليرى ما إذا نفَّذ ما أمره الله فيه فأعان به المحتاج، وأخرج الزكاة للفقير، وأصلح الدنيا وعمرها بذلك المال، أو أنه سيفعل عكس ذلك من إفسادٍ وفساد، ويُضيق على هذا للاختبار من أجل أن يرى هل يصبر ويؤدي واجب الفقر من حسن الصبر {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} والصبر الجميل الذي لا يكون معه شكوى، ولا يكون معه تبرم، ولا يكون معه إفساد، ولا يكون معه انحراف، ونجد من يسرق ويرتشي ويبرر هذا بإنه يجب أن يفعب هذا لأنه لا يجد ، وعندما نبحث عن أنه لا يجد نجده أنه لا يحتاج لذلك ولكنه تعود على الرشوة والسرقة والمعصية فلا يستطيع أن يخرج من غناه الموهوم.
إذن ربنا سبحانه وتعالى كريم {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} من أجل الحكمة، ومن أجل الامتحان، وهذا يجعلنا نعلم حقيقة مهمة في حياة الإنسان أن "الرزق كالأجل بيد الله" وما دام الرزق والأجل بيد الله فلا تخاف من أحد، ما دام الرزق والأجل بيد الله لا تُذل نفسك لأحد، ما دام الرزق والأجل بيد الله توكل حق التوكل على الله، ما دام الرزق والأجل بيد الله فسلم وأرضى واتركها على الله.
فانظر إلى حقيقة {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} حقيقة عجيبة غريبة تُخرج الإنسان من ذله، وترفع رأسه، ويستقيم بذلك فكره، وتحسن بذلك معاملته مع ربه، ويأتي في هذا النطاق وعلى هذه الحقائق «وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ».