موقع عبري: عدد قتلى العدوان على غزة قد يقترب من 100 ألف
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
قال موقع "سيحا ميكوميت" العبري إن العدد الحقيقي لمن قضوا في غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي قد يقترب من 100 ألف أي نحو 3 أضعاف ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع، إذا أُخذ بعين الاعتبار من صنفوا في خانة المفقودين ومن ماتوا لأسباب ثانوية أخرى لها علاقة بالعدوان، مثل الجوع والمرض.
وفي تقرير بعنوان "عدد القتلى في غزة ربما يكون أعلى 3 مرات من الأرقام الرسمية"، كتب مارتن فاين أن العدد الرسمي الذي أعلنته حكومة غزة -الذي يناهز 30 ألفا- يبدو معقولا وذا مصداقية بشهادة مجلة لانسيت الطبية الشهيرة، لكنه لا يتناول إلا من قتل مباشرة بالقصف لا فائض الوفيات.
وأضاف فاين أن فائض الوفيات أعلى بكثير من 30 ألفا، ويشمل من قضى لأسباب ثانوية لها علاقة بالمأساة، وذكّر بإعلان وزارة الصحة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عجزها عن ملاحقة أعداد القتلى بسبب انهيار منظومة الاتصال والتعقيدات اللوجيستية.
وحسب الكاتب، فإن تقليل أعداد الضحايا يخدم المصالح الإسرائيلية والغربية، لأنه يحجّم المأساة الإنسانية والجرائم المرتكبة، ورغم ذلك فإن هذه "الأرقام المتدنية للغاية" كانت محل طعن الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الأسابيع الأولى من الحرب على القطاع.
فجوة الأرقام
وفي باب الإشارة إلى الفجوة في الأرقام، يضرب الكاتب مثلا بأفراد المقاومة الذين دخلوا غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قائلا إن عددهم ربما لا يُعرف أبدا، وإن أشارت التقديرات إلى أن بضعة آلاف بينهم أفراد النخبة ومقاتلون آخرون وحتى مواطنون عاديون.
ويقول فاين إن كثيرا من هؤلاء، وعلى الأرجح أغلبهم، إما قُتل أو اعتُقل، وذكّر بخفض إسرائيل تعداد قتلاها الرسمي من 1400 إلى 1140، بعدما تبين لها -كما زعمت- أن عشرات الجثث ممن اعتُقد أنها لإسرائيليين إنما هي لمقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومع ذلك فإن هؤلاء المقاتلين ممن قُتل أو "اختفى" داخل إسرائيل ليسوا في تعداد قتلى وزارة الصحة في القطاع.
وهناك أيضا المفقودون، وهم شريحة غير مدرجة على قائمة قتلى الوزارة، لكنهم حسب المرصد اليورومتوسطي لحقوق الإنسان ليسوا من فقدت عائلاتهم الاتصال بهم فحسب، بل من بينهم ضحايا القصف الذين دُفنوا عميقا تحت الأنقاض، ولا شك أنهم قضوا بعد مرور أيام وفي أحيان كثيرة أسابيع طويلة، بشهادة الصرخات التي لم تعد تنبعث من الركام ورائحة الجثث التي تملأ المكان.
أما الفجوة الثالثة في الأرقام وهي الأهم -حسب الكاتب- فتأتي من طريقة عد الجرحى والسكان ممن قضوا جوعا، لكنهم ليسوا في تعداد القتلى.
ويقول فاين إن مجرد جرح سطحي قد يسبب الوفاة في غياب المستلزمات الطبية الأساسية كالمعقمات والمضادات الحيوية، فضلا عن أن كثيرين ممن ماتوا "موتا طبيعيا" بسبب سوء التغذية والصدمة النفسية مثلا هم في الحقيقة ضحايا مباشرون للهجوم الإسرائيلي، خاصة كبار السن والرضع، وهؤلاء لا يعرف إن قُيدت أسماؤهم قبل مواراتهم الثرى، فمراسم الدفن كثيرا ما تتم على عجل وتحت القصف.
موت جماعي
ويذهب الكاتب إلى توقع موت جماعي في غزة بعد نهاية الحرب بسبب تفشي الأمراض وحالات الانتحار وسوء التغذية وانهيار المنظومة الصحية وتدني نوعية الحياة عموما، وينقل تقديرات باحثة كبيرة في جامعة أدنبره لا تستبعد وفاة ربع سكان القطاع خلال سنة.
ويستشهد الكاتب الإسرائيلي أيضا بتقرير لكلية لندن للصحة والطب الاستوائي ومركز جونز هوبكنز للطب الإنساني توقع فائضا في أعداد الموتى يقدر ببضعة عشرات الآلاف خلال الأشهر الستة القادمة إذا استمر الوضع على حاله أو حدث تصعيد.
واختتم مارتن فاين بأن كورونا تقدم نموذجا جيدا على الفرق بين الوفيات المعلنة وغير المعلنة، إذ ذكرت منظمة الصحة العالمية أن التعداد الحقيقي لمن قضوا بالوباء في عموم العالم يفوق 3 أضعاف ما أعلنته الحكومات، (و10 أضعاف في حالة الهند)، قائلا إنه بتطبيق القاعدة نفسها، لن يقل عدد من قضى في الهجوم الإسرائيلي على غزة عن 90 ألفا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
حين تتحدث الأرقام… مؤشرات الأداء كمرآة للمؤسسة
حين تتحدث #الأرقام… #مؤشرات_الأداء كمرآة للمؤسسة
الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم
ليست الأرقام مجرد نتائج في جداول، بل قصة مكتوبة بلغة الصدق. فالمؤسسة التي لا تراقب أرقامها تشبه من يسير في طريقٍ طويل بلا بوصلة، قد يظن أنه يتقدم بينما هو يدور في المكان نفسه. الأرقام لا تكذب، لكنها تحتاج إلى من يفهمها، ويقرأ ما وراءها. إنها مرآة الأداء، ومفتاح التوازن بين الطموح والواقع.
في بيئة الأعمال الأردنية، يمكن تمييز المؤسسات القادرة على النمو من خلال علاقتها بمؤشرات الأداء. فشركة البوتاس العربية مثلًا، لم تبنِ مكانتها العالمية على الحظ، بل على نظام متابعة دقيق لمؤشرات الإنتاج والتصدير والتكلفة، مما مكّنها من اتخاذ قراراتٍ سريعة في فترات الاضطراب الاقتصادي. وفي المقابل، كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة ما تزال تتعامل مع الأرقام كمجرد تقاريرٍ سنوية تُعد لأغراض التقييم الشكلي لا للتحسين الحقيقي.
مقالات ذات صلة الباشا موسى العدوان… حين يتكلم ضمير الوطن ويسكت تجّار الأوطان 2025/12/12القائد الواعي يدرك أن مؤشرات الأداء (KPIs) ليست مجرد أدوات رقابة، بل وسيلة لإدارة المستقبل. حين يقيس الإنتاجية أو رضا العملاء أو زمن الاستجابة، فهو لا يبحث عن رقمٍ للعرض، بل عن إشارةٍ تدله على ما يجب أن يتغير. في جامعةٍ أردنية مثل اليرموك أو الأردنية، يصبح تتبّع مؤشرات البحث العلمي والرضا الأكاديمي ومعدلات التشغيل بعد التخرج دليلًا على جودة القرارات لا على حجم النشاط فقط. فالإدارة الحديثة لا تحكم بالانطباع، بل بالبيان.
في المقابل، من يسيء فهم الأرقام يحولها إلى عبءٍ على الموظفين. تُجمع البيانات بلا هدف، وتُراقب المؤشرات الخطأ، فتتحول الأرقام من وسيلةٍ للتطوير إلى أداةٍ للرقابة العمياء. فكم من مؤسسةٍ تقيس “عدد الاجتماعات” بدل جودة القرارات، أو “عدد الزوار” بدل رضا العملاء، أو “عدد المشاريع” بدل أثرها الحقيقي؟ تلك المفارقات تجعل الأرقام صامتة، لأنها تُستخدم بلا عقلٍ ناقد.
الشركات العالمية الناجحة أدركت هذه الحقيقة مبكرًا. فشركة Toyota تستخدم مؤشرات الأداء اليومية كجزءٍ من ثقافة العمل، لا كإجراءٍ إداري. كل عامل يعرف الأرقام التي تعنيه، ويفهم كيف تسهم في تحقيق الهدف العام. وفي Google، تُدار فرق العمل وفق نظام OKRs (الأهداف والنتائج الرئيسية)، حيث تُقاس النتائج ليس بالكمّ فقط، بل بمدى تأثيرها على الرؤية الكبرى. هناك يصبح الرقم لغة مشتركة بين القائد والفريق، لا مجرد تقريرٍ للمدير المالي.
في الأردن، نحن بحاجةٍ إلى هذا التحول في التفكير الإداري، حيث تُصبح مؤشرات الأداء وسيلة للتعلّم لا للمحاسبة فقط. أن نسأل: ماذا تقول لنا هذه الأرقام؟ ماذا تكشف عن ثقافة المؤسسة؟ وهل تحكي قصة نجاحٍ مستدام أم مجرد نشاطٍ عابر؟
الأرقام لا تزيّف الحقيقة، لكنها قد تُغفلها إن لم نُحسن قراءتها. والمؤسسة التي تتعلّم الإصغاء إلى بياناتها، تتعلم كيف تتغيّر قبل أن يُجبرها السوق على ذلك. فحين تتحدث الأرقام، على القائد أن يسمع جيّدًا… لأن الصمت في هذه الحالة ليس تواضعًا، بل خطرٌ وجودي.