نفذت الولايات المتحدة، السبت، أول عملية إسقاط مساعدات إنسانية جوا على غزة، بينما حذرت وكالات إغاثة من كارثة إنسانية متنامية في القطاع المحاصر مع استمرار إسرائيل في هجومها العسكري، منتقدة التوجه نحو عمليات الإنزال الجوي عوض العمل على توسيع حجم المساعدات التي تدخل برا.

وبعد ظهر السبت، أصبحت الولايات المتحدة، خامس دولة تنزل مساعداتها عبر الجو لسكان غزة، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية، إن طائرات من طراز سي-130 تابعة للقوات الجوية، تعمل مع سلاح الجو الملكي الأردني، أسقطت حزم إغاثة تضم 38 ألف وجبة طعام على الجيب المحاصر. 

وقالت القيادة المركزية، إن الحزم المجهزة بالمظلات أُسقطت فوق ساحل البحر الأبيض المتوسط في القطاع للسماح للمدنيين بالوصول إلى المساعدات الحيوية.

وأوضح البيت الأبيض، أن عمليات الإنزال الجوي ستستمر، مضيفا أن إسرائيل تدعم العملية، فيما يشير منتقدين إلى أن عمليات إسقاط المساعدات جوا أقل كفاءة بكثير مقارنة بإرسال المساعدات بالشاحنات.

وأكد عاملون في مجال الإغاثة أن هذه العملية تبقى أيضا طريقة مكلفة وغير فعالة لإيصال المساعدات إلى السكان، وأن الشحنات التي يتم نقلها الآن غير كافية لتلبية احتياجات أكثر من مليوني شخص محاصرين داخل غزة.

بعد خمسة أشهر من الحرب، انخفضت كمية المساعدات الإنسانية التي تصل بالشاحنات بشكل كبير فيما يواجه سكان القطاع المحاصر نقصا خطيرا في الغذاء والماء والدواء.

ومنذ الأحد الماضي، قامت الأردن ومصر والإمارات وفرنسا بإسقاط أطنان من الوجبات الجاهزة والحفاضات وغيرها من الإمدادات الأساسية.

وبعد ما يقرب من خمسة أشهر من الحرب، يلجأ سكان في غزة إلى تناول الحبوب التي تستخدم عادة لإطعام الماشية أو النباتات التي يقتاتونها.  وحذر مسؤولون في الأمم المتحدة، الاثنين، من أن المجاعة "تكاد تكون حتمية" في غزة إذا لم يتم التعجيل بإدخال كميات كافية من المساعدات. 

وأفادت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، بأن 24 مستشفى من أصل 36 مستشفى في القطاع دمرت جراء القصف الإسرائيلي، فيما أن تلك المتبقية تواصل تقديم خدماتها بشكل جزئي فقط. 

جهود إيصال المساعدات

وكانت الأردن أول من نفذت عمليات إنزال المساعدات جوا. وفي 6 نوفمبر الماضي، قامت القوات الأردنية بتسليم إمدادات طبية وإمدادات طارئة إلى مستشفى ميداني أردني، وهي الأولى من بين عدة مهام من هذا القبيل.

وخلال الأسبوع الماضي، انضمت مصر والإمارات وفرنسا إلى جهود عمان في لإسقاط المساعدات مباشرة للمدنيين. 

وفي أحدث مؤشر على الإحباط المتزايد لدى إدارة بايدن إزاء الخسائر المدنية الناجمة عن الحملة العسكرية الإسرائيلية، أعلن الرئيس الأميركي، الجمعة، عن السماح بتوصيل المساعدات جوا إلى غزة.

وكشف بايدن، الجمعة، عن خطط الإسقاط الجوي الأمريكي للمساعدات بعد يوم من مقتل عشرات الفلسطينيين الذين كانوا يصطفون للحصول على مساعدات.

وقالت السلطات الصحية في غزة، إن 118 فلسطينيا قتلوا في هذه الواقعة برصاص القوات الإسرائيلية، ووصفتها بأنها مذبحة.

وشككت إسرائيل في عدد القتلى وقالت إن معظمهم سقطوا بسبب التدافع أو الدهس تحت عجلات الشاحنات مع تدفق الحشود عليها للحصول على المساعدات. وقال مسؤول إسرائيلي أيضا إن القوات أطلقت النار في وقت لاحق على حشود شعرت أنها تشكل تهديدا قائلا "كان ردا محدودا".

كيف تتم عمليات الإنزال الجوي؟

قامت القوات الأردنية، الخميس، بتحميل صناديق ملفوفة بإحكام تحتوي على وجبات جاهزة وأدوية وحفاضات ومنتجات نظافة نسائية على طائرات شحن من طراز "C-130 Hercules" في قاعدة الملك عبد الله الثاني الجوية خارج عمان.

وأقلعت الطائرات، التي كان على متنها صحفيون من صحيفة واشنطن بوست، وحلقت غربا فوق تل أبيب إلى البحر الأبيض المتوسط ثم دارت جنوباً باتجاه غزة.

وينسق الأردن عمليات الإنزال الجوي مع إسرائيل التي توفر للطائرات نافذة خلالها نقل البعثات بأمان، وتقوم بفحص الأشخاص على متن الطائرات، بما في ذلك الزوار، قبل منح الإذن، وفقا لواشنطن بوست.

ويتم تنسيق عمليات الإنزال الخاصة بالمساعدات الموجهة للمستشفيات مع جهات الاتصال الموجودة على الأرض، والتي تكون بانتظار وصول الطرود الكبيرة الموجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). 

وتحتوي هذه الطرود على المعدات الطبية والأدوية والمواد الغذائية. يمكن لطائرة "C-130" أن تحمل أربع حزم من هذا النوع.

أما عمليات الإنزال الجوي الخاصة بلمدنيين، فتتم بشكل غير معلن ومفاجئ. ويتم تعبئة الصناديق بشكل أصغر للوصول إلى عدد أكبر من المدنيين؛ ويمكن لطائرة C-130 أن تحمل 16 طردا. 

وفي المهمة الأردنية هذا الأسبوع، تم إسقاطها من ارتفاع 10000 قدم بمعدل طرد واحد كل 30-60 ثانية. 

ويتم إنزالها على طول الساحل، حيث تكون في مرمى نظر السكان. وبعدها تقوم زوارق بالذهاب لجمعها.

ما عيوب الإنزال الجوي؟

تبقى عمليات الإنزال الجوي مكلفة للغاية، وفقا لواشنطن بوست، التي أشارت إلى رفض الجيش الأردني تقديم تفاصيل عن التكلفة، لكن فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وصفها بأنها "الملاذ الأخير، وطريقة مكلفة للغاية لتقديم المساعدة".

وصرح جيريمي كونينديك، رئيس منظمة "ريفيوجيز إنترناشونال" لشبكة "بي بي سي"، الجمعة، أن طائرة يمكنها إسقاط ما يعادل حمولة شاحنتين، لكن بكلفة أكثر بعشرة أضعاف.

وأضاف "بدلا من إسقاط المواد الغذائية من الجو، يجب ممارسة ضغوط قوية على الحكومة الإسرائيلية للسماح بتسليم المساعدات عبر قنوات تقليدية تسمح بتسليم المساعدات على نطاق أوسع".

وتشدد منظمات إنسانية ومسؤولين آخرين، على أن أفضل طريقة لتوصيل المساعدات هي أن تفتح إسرائيل المعابر الحدودية وتسمح لقوافل الشاحنات بالدخول وإتمام عمليات التوصيل بشكل آمن.

وقال ناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لصحفيين، إن قرابة ألف شاحنة تنتظر على الحدود المصرية.

وأضاف ستيفان دوجاريك "عمليات إنزال المساعدات جوا تشكل تحديا. لكن كل الخيارات تبقى مطروحة".

وفيما يمكن أن تكون عمليات الإنزال الجوي منطقية لوجستيا في بعض الحالات - لتلبية الاحتياجات العاجلة للمستشفيات، على سبيل المثال - يقول مسؤولو الإغاثة، إنه لا ينبغي أن تكون الوسيلة الرئيسية لإطعام سكان غزة الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة.

وقال لازاريني: "لا أعتقد أن إسقاط المواد الغذائية جواً على قطاع غزة يجب أن يكون الحل اليوم". وأضاف: "الجواب الحقيقي هو: افتحوا المعابر وأدخلوا القوافل والمساعدات الطبية إلى قطاع غزة".

من جهتها، وصفت جانتي سويريبتو، رئيسة منظمة إنقاذ الطفولة، عمليات الإنزال الجوي في غزة بأنها "مسرحية"، وحذرت من أنها تغذي الفوضى على الأرض.

وقالت لصحيفة "واشنطن بوست"، "لا يمكنك حقا ضمان من يحصل عليها ومن لا يحصل عليها، ولاضمان أين سينتهي الأمر. قد تعرض الناس للخطر"، مشيرة إلى أنه تم العثور على بعض المورفين المخصص للمستشفيات في أماكن أخرى.

وشددت على أن الاستجابة الأفضل للوضع الإنساني بالقطاع، تبقى فتح المزيد من المعابر، والسماح للشاحنات بالدخول، والقيام بذلك بطريقة منظمة، والسماح للأمم المتحدة والوكالات الأخرى بالقيام بالتوزيع". "هذه هي الطريقة الأكثر أمانًا والأكثر فعالية للقيام بذلك."

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: عملیات الإنزال الجوی المساعدات جوا فی غزة

إقرأ أيضاً:

القفز الخاطئ بالمظلة . . !

#القفز_الخاطئ_بالمظلة . . !
#موسى_العدوان

في أوائل عقد الثمانينات الماضي، كنت أتولى منصب قائد القوات الخاصة برتبة عميد. وكان قرار القائد العام للقوات المسلحة آنذاك الشريف زيد بن شاكر – عليه رحمة الله – أن يتم تدريب جنود وضباط لواء الحرس الملكي بدورة مظليين، وتمرينهم على القفز بالمظلات. وفي أحد تمارين القفز للمتدربين، وهم شباب تقل أعمارهم عن العشرين عاما، رغبت أن أقفز قبلهم لأشجعهم على القفز.

ففي الصباح الباكر لأحد أيام تموز عام 1981، كان الطقس حارا والهواء ساكنا، لا تثور به أية نسمة هواء حتى وإن كانت خفيفة، والتي تساعد القافز على توجيه وتحريك المظلة ( T – 10 ) لبضع خطوات.

صعدت إلى طائرة ال ( C130 ) التي كانت تحمل الجنود في مطار ماركا، مرتديا مهمات القفز، والتي تتكون من مظلة رئيسية تحمل على الظهر، مربوط بها حبل مع شنكل لتعليقه في حبل الطائرة من الداخل قبل القفز.

مقالات ذات صلة اسرائيل في حرب بقاء لأول مرة.. وسورية مرشحة لفوضى تحريرية 2025/12/10

كما أن هناك مظلة أخرى احتياطية أصغر حجما معلقة على الصدر، لاستعمالها إذا فشلت المظلة الرئيسية في الفتح، إضافة لخوذة حماية للرأس عند الارتطام بالأرض.

وهناك المشرف على التدريب ويطلق عليه إسم المقفز ( Jump Master )، الذي يقف عند باب الطائرة، ويأمر الركاب المتدربين بالوقوف وتعليق حبل المظلة في حبل الطائرة الداخلي، استعدادا للقفز، ثم يقوم بالتأكد من صحة تعليق الحبال بصورة جيدة.

مهمة هذا المقفز أن يعطي الإشارة للمتدرب بالقفز من باب الطائرة في المكان والوقت المناسبين للهبوط في منطقة الإنزال المحددة، بعد أن يتلقى الإشارة من الطيار بواسطة الضوء الأخضر على بجانب باب الطائرة.

أقلعت بنا الطائرة من مطار ماركا، متجهة نحو منطقة الإنزال قرب قرية الطنيب جنوب العاصمة عمان، والتي لاتستغرق اكثر من 20 دقيقة طيران.
ومنطقة الإنزال تكون عادة مؤشرة بعلامات واضحة للطيار، وفيها مجموعة إنزال صغيرة، مزودة بجهاز إتصال لاسلكي مع الطائرة.

كان القفز من الطائرة يتم على ارتفاع 1000 – 1200 قدما من سطح الأرض. واعتدت ان أقف دائما على باب الطائرة كأول قافز منها. وبينما الطائرة تحلق وتدور فوق المنطقة، لتأخذ الاتجاه الصحيح، كنت أشاهد الآليات وبعض البشر والدواب، يتحركون على الأرض كادمى الصغيرة.

فأقول في نفسي كما يقول أي إنسان في مثل هذا الموقف : هل يمكن أن أهبط سليما على الأرض، وأسير عليها كما يسير هؤلاء ؟ أم ستفشل مظلتي لسبب ما في الاستجابة، والفتح على اتساعهما وأواجه حتفي ؟ ولكنني أصر على على مواصلة مهمتي.

وصلنا في تلك الرحلة فوق قرية الطنيب، وراحت الطائرة تحوم فوق المنطقة لتأخذ الاتجاه والارتفاع الصحيحين، وأنا واقف على باب الطائرة ومثبتا كلتا يدي على حافتي الباب، ولا أعرف هل أخطأ الطيار في أعطاء الضوء الأخضر أم أن المقفز استعجل وأعطاني إشارة القفز.

قفزت من باب الطائرة، وعندما نظرت تحتي وجدت أنني قفزت في المكان الخطأ، إذ كانت تظهر من تحتي بنايات القرية بأعمدة التلفزيون وأسلاك الكهرباء والآليات، ولم يكن خلفي أي قافز.

حاولت أن أسحب حبال المظلة من ناحية معينة لمواجهة الهواء لعلها تبعدني عن الخطر الذي ينتظرني على الأرض. ولكن لعدم وجود أية نسمة هواء في صباح ذلك اليوم، أخذت المظلة تنطوي على بعضها وتزيد من سرعة هبوطي نحو الأرض، مما يشكل خطر الارتطام العنيف على أحد المنازل أو على أعمدة وأسلاك الكهرباء.

حاولت بكل جهد أن أحرك ساقي، محاولا الابتعاد عن مواقع الخطر، فأستطعت ان ابتعد عنها مسافة قصيرة، ولكنني سقطت على ظهري فوق كومة كبيرة من الحجارة يزيد ارتفاعها عن المتر.

هرع إلي بعض الضباط والجنود المتواجدين في المنطقة لإنقاذي، ولكنني نهضت سريعا معلنا انني لم أصب بأذى، رغم أنني في الحقيقة كنت أعاني من آلام شديدة. راجعت المستشفى بعد ذلك، ولكن لم يظهر أي كسر في العمود الفقري أو غيرة، وأعطيت بعض العلاجات حيث امضيت أكثر من شهرين، وأنا لا استطيع الجلوس على الكرسي أو في السيارة إلاّ بصعوبة، بسبب الألم الذي أصابني من تلك القفزة. وكانت النتيجة أن تسبب لي هذا الحادث في وقت لاحق، بعملية ديسك ناجحة، فشكرت الله تعالى على ما قدر ولطف.

التاريخ : 11 / 12 / 2025

مقالات مشابهة

  • 14 شهيدا إثر نتيجة البرد القارس بغزة
  • الأمم المتحدة تعتمد قرارًا يلزم “إسرائيل”بإدخال المساعدات وعدم تهجير الفلسطينيين بغزة
  • وفاة 7 فلسطينيين بغزة بسبب المنخفض الجوي
  • الدفاع المدني بغزة : وفيات جراء المنخفض الجوي
  • تفاقم معاناة النازحين في غزة جراء اشتداد المنخفض الجوي
  • ميزة أندرويد الجديدة تثير الجدل.. التقنية التي ستنقذك في لحظات الطوارئ
  • الثوابتة: 10% فقط من المساعدات تصل غزة والمنخفض الجوي يهدد حياة آلاف العائلات
  • القفز الخاطئ بالمظلة . . !
  • 300 ألف أسرة متضررة.. منخفض جوي يفاقم الكارثة الإنسانية بغزة
  • غرق خيام النازحين بغزة تحت المنخفض الجوي تثير صدمة المنصات