عن موقف الرياض من حرب واشنطن في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
لم يحدث حتى الآن ما يشير إلى أن الولايات المتحدة عازمة على إيذاء جماعة الحوثي أو تحييدها عسكريا وسياسيا، حتى وهي تدفع بالرياض إلى المشاركة في حملتها العسكرية لتأديب الحوثيين، لأن ذلك يأتي في توقيت حرج أوشكت فيه على ضم الحوثيين إلى جملة الأطراف التي تمارس عليها نفوذا بعد حرب دامت لسنوات على الأرض اليمنية، لم تكن فيه واشنطن شريكا مخلصا للرياض.
عندما كانت السعودية تنتظر إسنادا عسكريا أمريكيا ضد الهجمات الإيرانية على مواقع نفطية حيوية في شرق البلاد، في أيلول/ سبتمبر 2019، والتي نُفذت باسم الحوثيين، كانت واشنطن تنشغل بشكل مبالغ فيه في مسألة إنهاء الحرب السعودية في اليمن بأي ثمن، وكانت هذه الحرب سببا في افتعال أزمات عميقة بين البيت الأبيض الجمهوري والكونجرس الديمقراطي، الأمر الذي عرَّضَ السعودية لانكشاف استراتيجي لا سابق له، دفعها فيما بعد إلى إنهاء الحرب والتعامل مع حليف إيران في اليمن كشريك سياسي محوري في تقرير مصير اليمن.
المهمة الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، رغم أنها تجعل أمريكا على قدم المساواة مع السعودية في الاستهداف العسكري للحوثيين، إلا أنها وضعت السعودية مجددا تحت القدر نفسه من الضغط، المهدد لمصالحها المباشرة، لأنها عطلت جهود إنفاذ خارطة الطريق التي كادت أن تتحول بفضلها الرياض إلى وسيط إقليمي لصيق بالجغرافيا اليمنية، يمكنه أن يتحلل من تبعات الحرب، ويدير علاقة متشابكة مع الأطراف اليمنية
المهمة الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، رغم أنها تجعل أمريكا على قدم المساواة مع السعودية في الاستهداف العسكري للحوثيين، إلا أنها وضعت السعودية مجددا تحت القدر نفسه من الضغط، المهدد لمصالحها المباشرة، لأنها عطلت جهود إنفاذ خارطة الطريق التي كادت أن تتحول بفضلها الرياض إلى وسيط إقليمي لصيق بالجغرافيا اليمنية، يمكنه أن يتحلل من تبعات الحرب، ويدير علاقة متشابكة مع الأطراف اليمنية، حتى في غياب أفق واضح للحرب والسلام في هذا البلد.
أقول ذلك لأن المواجهات العسكرية الناشئة في جنوب البحر الأحمر، وفَّرت خلاصا للحوثيين لم يكونوا يحلمون به. يُعزى ذلك إلى أن هذه المواجهات المتسمة بالانضباط وعدم الفعالية على إمكانياتهم العسكرية، سوف تساعدهم حتما في التملص من التزاماتهم تجاه خارطة الطريق، والتعالي على مطالب اليمنيين باستعادة السلام، وسط شعور بالزهو بأنهم تمكنوا من تسخير جزء من فائض قوتهم لدعم معركة الأقصى، وتحطيم سمعة القوة الأمريكية الساحقة، وهو إنجاز تقاعست عنه السعودية وحلفاؤها في الطرف الآخر من الصراع.
هذه النتيجة ليست جيدة لا للسعودية ولا للسلطة الشرعية، خصوصا أن الموقف الأمريكي من جماعة الحوثي لا يبدو حاسما حتى اللحظة، بمعنى أن أمريكا لم تقرر بعد التصعيد المؤلم تجاه جماعة الحوثي والتأثير على قدراتهم العسكرية ومكاسبهم السياسية.
ومن شأن ذلك أن يُعقد المهمة السعودية في اليمن إلى درجة كبيرة جدا، وسيرهن الموقف السعودي مجددا إلى تقلبات المناخ السياسي في واشنطن، إذا لم تنتج الضربات الأمريكية وضعية جيوسياسية جديدة، يتحول معها الحوثيون من شريك مثالي لواشنطن في مواجهة الإرهاب إلى طرف منبوذ، بكل ما يعني ذلك من تجريد للحوثيين من المزايا التي ارتقت بمكانتهم الجيوسياسية؛ من جماعة ما دون دولة إلى جماعة تدير دولة على أرض الواقع.
الضربات الأمريكية البريطانية ضد أهداف للحوثيين، لا تؤشر إلى تطور جيوسياسي يمكن أن يصب في صالح الشرعية والسعودية التي تدعمها، لكنها أيضا لا تخلو من فرصة، من حيث أنها ربما تراكم مواقف سلبية تجاه الحوثيين من جانب الدولتين اللتين لعبتا دورا أساسيا في تصميم الدور المعيق للحوثيين
لا يستطيع المراقب أن يتجاهل الزيارة التي قام بها مؤخرا عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق محمد عبد الله صالح إلى لندن، والتي لم يكشف عن نتائجها حتى الآن، وسط توقعات بأن بريطانيا تفكر في إصلاح الخطأ الذي تشاركته مع الولايات المتحدة، وأدى إلى إنقاذ الحوثيين من هزيمة محققة في الحديدة كانت ستنهي تواجدهم بالكامل من ساحل البحر الأحمر في 2018.
من السابق لأوانه التكهن بشأن الأثر الفوري أو طويل الأمد لتلك الزيارة، وعما إذا كانت قد تمت بالتنسيق مع السعودية؛ الراعي الرئيس لمجلس القيادة الرئاسي، على أن ما يمكن التأكد منه هو أن السعودية كغيرها من الدول المركزية التي وضعتها الحرب على غزة في مكانة هامشية، لا تتوفر لديها الفرصة ولا الإرادة لإبداء موقف واضح مما يجري في البحر الأحمر، بالقدر الذي تشعر معه بالعجز عن التحكم أو التأثير في حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وأخلص هنا إلى نتيجة مفادها أن الضربات الأمريكية البريطانية ضد أهداف للحوثيين، لا تؤشر إلى تطور جيوسياسي يمكن أن يصب في صالح الشرعية والسعودية التي تدعمها، لكنها أيضا لا تخلو من فرصة، من حيث أنها ربما تراكم مواقف سلبية تجاه الحوثيين من جانب الدولتين اللتين لعبتا دورا أساسيا في تصميم الدور المعيق للحوثيين، وحولتا انقلابه على أنجح عملية تحول ديمقراطي؛ من جريمة سياسية إلى فعل تولدت بفضله مكاسب سياسية وعسكرية فورية لجماعة ترتبط بشكل وثيق بالمشروع العدائي لإيران.
twitter.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحوثيين اليمنية السعودية امريكا السعودية اليمن الحوثيين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر الأحمر السعودیة فی
إقرأ أيضاً:
دارشييف: جولة جديدة من المحادثات الروسية الأمريكية ستُعقد قريبا في موسكو
صرح السفير الروسي في واشنطن ألكسندر دارشييف بأن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا مبدئيا على نقل محادثاتهما من إسطنبول إلى عاصمتي البلدين مؤكدًا أن الجولة المقبلة ستعقد في موسكو قريبًا.
جاء ذلك في مقابلة أجراها دارشييف مع وكالة "تاس"، وهي الأولى له منذ مباشرته مهامه الدبلوماسية في واشنطن في 26 مارس الماضي.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي تدعم تصريحاتها بخطوات عملية في مجال تحسين العلاقات مع روسيا، ومتى وأين ستُعقد الجولة القادمة بشأن تطبيع عمل البعثات الدبلوماسية، قال دارشييف: "سبق أن قلت إن الطريق لا يزال طويلا أمام تعافي العلاقات الروسية-الأمريكية، وإن العملية تسير بصعوبة، ويعيقها ليس فقط خصوم البيت الأبيض في ما يُعرف بـ'الدولة العميقة'، بل أيضا 'الصقور' داخل الكونغرس، حيث يتجذّر لوبي معاد لروسيا".
وأضاف: "ورغم ذلك، من المهم الإشارة إلى أن هناك تحركا إلى الأمام، وإن كان قابلا للتراجع، إلا أنه يظل ملموسا، كما يتجلى في القرار الأولي الذي اتُخذ خلال الجولة الأخيرة من المحادثات في إسطنبول بتاريخ 10 أبريل، والقاضي بنقلها إلى العاصمتين".
واختتم بالقول: "يمكنني أن أؤكد أن الجولة التالية من المحادثات بين وفدي البلدين ستُعقد قريبا جدا في موسكو".
وفي تصريحات سابقة أدلى بها في 10 مايو خلال حفل رسمي بالسفارة الروسية في واشنطن بمناسبة الذكرى الـ80 للانتصار في الحرب الوطنية العظمى، شدد دارشييف على أن "الواقع الدولي الراهن يفرض استعادة العلاقات الطبيعية بين روسيا والولايات المتحدة، وتحمل مسؤولية مشتركة في صون الأمن والاستقرار العالمي".
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قد أكد أنه تم التخطيط لجولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وواشنطن، حيث سيقرر موعدها بالشكل الأمثل في المستقبل بناء على سير تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع الجانب الأمريكي.
يذكر أنه خلال أول 100 يوم من ولايته الثانية، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محادثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما التقى مسؤولون روس وأمريكيون في السعودية وتركيا.
كما تشكل زيارات المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف إلى روسيا، وزيارات رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي والممثل الخاص للرئيس الروسي للتعاون الاستثماري والاقتصادي مع الدول الأجنبية كيريل دميترييف إلى الولايات المتحدة، جزءا مهما من جهود استعادة الاتصالات الدبلوماسية.
ويعمل الطرفان بنشاط على استئناف العمل الطبيعي لسفارتيهما، واتخاذ إجراءات إضافية لتسهيل تنقل الدبلوماسيين وإجراءات منح التأشيرات كما يناقشان مسألة استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا.