لم يحسم "حزب الله" ردّه على مبادرة كتلة "الاعتدال"، بل طلب وقتًا للتفكير والدراسة، ولو أنّ البعض سارع إلى الاستنتاج بأنّ الحزب "أطاح" بالمبادرة ومفاعيلها، منذ ما قبل اللقاء الذي جمع أصحاب المبادرة بعدد من نواب كتلة "الوفاء للمقاومة"، حين صوّب على فكرة "الجلسة المفتوحة"، كما منطق "التعهّد المطلوب" بحضورها، وأكّد تمسّكه بمرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، حتى إشعارٍ آخر.


 
على عكس هذا الانطباع، لم يُعطِ "حزب الله" موقفًا سلبيًا مُطلَقًا من المبادرة، وأصرّ على لسان المسؤولين والقياديّين فيه على أنّه "يدرسها ويحضّر الجواب"، علمًا أنّ نواب "الاعتدال" أنفسهم بدوا "متفائلين" بعد اللقاء مع كتلة "الوفاء للمقاومة"، وقالوا إنّه اتسم بالصراحة والشفافية، وسط تسريبات عن أنّهم "يستعدّون" لجولة ثانية من المشاورات من القوى السياسية، تتناول هذه المرّة التفاصيل والآليات التي يُخشى أن يكون الشيطان كامنًا فيها.
 
في المقابل، لم تتأخّر المعارضة في نعي المبادرة، بناء على موقف "حزب الله"، كما فعل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي اعتبر أنّ كتلة "الوفاء للمقاومة" بقّت البحصة مرّة لكل المرّات، بتأكيدها على أنّ "مرشحها الأول والأخير والنهائي هو رئيس تيار المردة، ولا مجال لأيّ بحث آخر"، فهل يمكن التسليم بمثل هذا الاستنتاج؟ وما الذي يُنتظَر أصلاً من ردّ "حزب الله"؟ هل يمكن أن يتخلّى عن ترشيح فرنجية؟!
 
المبادرة "في خبر كان"
 
صحيح أنّ قوى المعارضة انقسمت في ما بينها حول مبادرة "الاعتدال"، بين شريحة أبدت "حماسة مفرطة" لها، وربما لأهداف سياسيّة، كما فعل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وشريحة أخرى اعتبرتها "غير مفهومة"، واستغربت موافقة البعض عليها من دون الحصول على أيّ ضمانات، كما فعل رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، إلا أنّها بالمجمل تتفق على تحميل "حزب الله" مسؤولية إفشال وتعطيل كل المبادرات.
 
تقول أوساط هذه القوى إنّ ردّ "حزب الله" على المبادرة جاء سلبيًا، ولو طلب وفد كتلة "الوفاء للمقاومة" وقتًا لتحديده، وقد برزت مؤشّراته في مواقف بعض القياديين والمسؤولين في الحزب، الذين أبدوا تمسّكًا بترشيح فرنجية، كما فعل نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي قال في حديثه التلفزيوني الأخير، إنّ الحزب "ليس لديه اسم للرئاسة غير سليمان فرنجية"، معتبرًا أنّ الأخير "لديه قابلية بأن ينفتح على العالم".
 
وإذا كان موقف الشيخ قاسم كافيًا برأي أوساط المعارضة لإجهاض مبادرة "الاعتدال" حتى بشقّها الأول، الحواري أو التشاوري، طالما أنّ الحزب سيأتي "باسم واحد ليس لديه غيره"، فإنّها تشير إلى أنّ تسريبات بعض وسائل الإعلام القريبة من الحزب كرّست هذا المُعطى، بحديثها عن إصرار "حزب الله" على مرشح "لا يطعن المقاومة"، وهي مقولة قد لا تنطبق برأيها سوى على فرنجية، في ظلّ التباينات حتى مع "التيار الوطني الحر".
 
موقف "حزب الله"
 
بعيدًا عن استنتاجات فريق المعارضة، التي قد تبدو لكثيرين واقعيّة ومشروعة، يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله" إنّ موقفه واضح لا لبس فيه منذ اليوم الأول لفتح "البازار الرئاسي" رغم كلّ محاولات التشويه التي يتعرّض لها، والتي يندرج في سياقها كلّ ما يُحكى في الأيام الأخيرة، علمًا أنّ توجيه الاتهامات للحزب بدأ حتى قبل اللقاء مع وفد كتلة "الاعتدال"، وفي ظلّ التزام الحزب الصمت التام، وتفرّغه للوقائع الميدانية على الجبهة الجنوبية.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ "حزب الله" لم يكن يومًا ضدّ الحوار، وهو أبدى منذ اليوم الأول انفتاحًا على المشاركة فيه، لكنّ الطرف الآخر هو الذي كان يعطّل، ويرفض مبدأ الجلوس مع الحزب على طاولة واحدة، علمًا أنّ أول شروط الحوار هو أن يكون "بلا شروط مسبقة"، وبالتالي فمطالبة الحزب بالتخلي عن فرنجية قبل الذهاب إلى الحوار "خبيثة" برأي هؤلاء، علمًا أنّ فرنجية نفسه أبدى استعداده للانسحاب إذا ما حصل "توافق وطني" حقيقي على غيره.
 
بهذا المعنى، يقول العارفون بأدبيّات الحزب إنّ شيئًا لم يتغيّر في مقاربته، فهو جاهز للحوار من دون شروط مسبقة، على أن "يُبنى على الشيء مقتضاه" بنتيجته، لكنّه يعتبر أنّ الفريق الآخر هو "الخائف"، وما الهجوم على "حزب الله" وادّعاء تأييد مبادرة "الاعتدال" التي تقوم أصلاً على الحوار، ليس سوى محاولة لرمي كرة "التعطيل" في ملعب الفريق الآخر، في وقت بات واضحًا للجميع أنّ "خريطة الطريق" لا يمكن أن تبدأ إلا بالحوار والتفاهم.
 
هكذا، تستمرّ حفلة "تقاذف المسؤوليات" بين هذا الفريق وذاك، ليبقى الاستحقاق الرئاسي "رهينة" بانتظار موافقة هذا الطرف على الجلوس مع ذاك، وتخلّي هذا الطرف عن تعنّته، أو انفتاح ذاك على خيار "وسطي". وبهذا المعنى، فسواء كانت مبادرة "الاعتدال" قد انتهت عمليًا أم لا، فإنّ الثابت أنّها لن تنجح في تحقيق ما عجز عنه غيرها، ما لم تتوافر الإرادة الحقيقية لدى مختلف الأطراف بالتفاهم، وهو ما يبدو مُستبعَدًا حتى إشعار آخر.
ويبقى الترقب لما سيحمله لقاء نواب"الاعتدال" مع رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم لتبيان مسار الامور فعليا.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الوفاء للمقاومة حزب الله علم ا أن کما فعل

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يشهد توقيع بروتوكولات 9 تحالفات تأهلت ضمن مبادرة تحالف وتنمية

 شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مراسم توقيع البروتوكولات التنفيذية للتحالفات التسعة المتأهلة للمرحلة النهائية من المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"، وذلك خلال مشاركته ـ نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية ـ بفعاليات الجمعيـة العامة للشراكة بين الأكاديميات (IAP) والمعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث (IRC EXPO 2025)، بالعاصمة الجديدة، المقامة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.

 وحضر التوقيع الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

 يأتي توقيع اليوم تتويجاً لمراحل من العمل منذ أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدعوة التنافسية للمبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" في 17 فبراير 2025 ، وذلك في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي 2030 والسياسة الوطنية للابتكار المستدام؛ حيث تستهدف المبادرة تعظيم القدرات لمنظومة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدولة المصرية من خلال إنشاء وتفعيل تحالفات إقليمية تخصصية تضم مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، والصناعة، ورواد الأعمال والمستثمرين، والجهات الحكومية في أقاليم الدولة المصرية؛ لتحفيز الابتكار وريادة الأعمال في قطاع عمل محدد واعد وذي نمو اقتصادي مرتفع، مما يعظم الفائدة ويضاعف الأثر ليصبح كل تحالف محرك للتنمية الاقتصادية ومهد للابتكار والشركات الناجحة ورائد في خلق فرص العمل.

  وبلغ عدد التحالفات المتقدمة 104 تحالفات، قدمت رؤى تطبيقية واعدة في العديد من المجالات، حيث تم تقييم التحالفات المتقدمة على ثلاث مراحل؛ من خلال لجنة فنية متخصصة مع الاستعانة بالمجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بالاستعانة بخبراء دوليين، واجتازت تسعة تحالفات مراحل التقييم الثلاث المشار إليها ليتم قبولها مبدئيًا وتصل إلى المرحلة النهائية للتقييم.

وتمثل المرحلة النهائية للتقييم خطوة حاسمة في تحويل هذه الرؤى إلى خطط تنفيذية دقيقة؛ حيث تتضمن هذه المرحلة توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة والتحالف؛ بهدف وضع التصور النهائي لقطاع عمل التحالف وهيكل العضوية والموازنة وخطة التنفيذ التفصيلية لأول 6 أشهر ومؤشرات الأداء والإنجاز، وفي حال اجتياز التحالفات لمهام البروتوكول المطلوبة بنجاح سيتم قبولها النهائي وتوقيع عقد اتفاق مع الوزارة لبدء تنفيذ أنشطة التحالفات المتفق عليها على مدار ثلاث سنوات.

   وأكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" تمثل نموذجًا متقدمًا للتطبيق العملي للسياسة الوطنية للابتكار المستدام 2030، مشيرًا إلى أن التحالفات المتأهلة للمرحلة النهائية تعكس قدرة منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والمؤسسات الحكومية على خلق شراكات قوية قادرة على قيادة التنمية الإقليمية.

وأضاف الوزير أن هذه المبادرة تستهدف بناء بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال في مختلف الأقاليم، وتحويل كل تحالف إلى محرك للتنمية الاقتصادية قائم على المعرفة، ومساهم رئيسي في خلق فرص العمل، وتأسيس شركات ناجحة تعتمد على مخرجات البحث العلمي والتكنولوجيا.
      تجدر الإشارة إلى أن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" هي إحدى مبادرات السياسة الوطنية للابتكار المستدام 2030 والتي أعلنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بداية عام 2025؛ بهدف تحويل مصر إلى مجتمع معرفي مبتكر مستدام من خلال توظيف الابتكار استنادًا إلى مخرجات البحث العلمي لخلق القيمة وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، بما يعزز جودة الحياة والنمو الشمولي وتنافسية الدولة إقليميًا وعالميًا.

طباعة شارك رئيس مجلس الوزراء مجلس الوزراء الوزراء مصطفى مدبولي

مقالات مشابهة

  • حزب بارزاني:منصب رئيس الجمهورية من حصتنا لحصولنا على أكثر من مليون صوت في الانتخابات
  • وزيرة التضامن تستعرض مع رئيس الطائفة الإنجيلية خطط تنفيذ المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع»
  • ر بو عاصي: لا توازن قوى مع إسرائيل والتفاوض ضرورة لحماية لبنان
  • حزب الله من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان
  • التعصب ليس مرتبطا بالدين وحده.. موضوع خطبة الجمعة اليوم
  • بينحزب الله وحاكم مصرف لبنان: هواجس متبادلة قيد البحث
  • بيان صادر عن كتلة نوّاب حزب مبادرة
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع بروتوكولات المرحلة النهائية من مبادرة تحالف وتنمية
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع بروتوكولات 9 تحالفات تأهلت ضمن مبادرة تحالف وتنمية