ارتبط اسم سيدنا يوسف، عليه السلام، بمصر سواء فى فترة سجنه أو حينما جعله الله على خزائن الأرض، فعلى أرض مصر وقبل مئات السنين من ميلاد المسيح عيسى، عليه السلام، وداخل زنزانة فى إحدى المدن قضى النبى يوسف «الصديق»، ابن يعقوب، عليه السلام، سبع سنوات فى غياهب السجون، كان يلتمس خلالها الحرية، حيث لم يشفع له تفسير المنام لواحد من المسجونين وعده بالتوسط للإفراج عنه بعد خروجه، ورغم أنه سرعان ما كسب ثقتهما بحسن خلقه وعلمه فى تفسير الأحلام ودعوته لهما للإيمان بالله الواحد الأحد، وبعد انتهائه من ذلك بدأ بتأويل الرؤى، وكان تأويل إحداها أنّ صاحب الرؤيا سيصبح ساقى الخمر الخاص بالملك، والآخر سيُصلب، فتحقّقت الرؤيا، وطلب يوسف، عليه السلام، من الأول أن يذكر قصته للملك، ولكنّه نسى ذلك، لتشاء قدرة الله بخروجه بعد بضع سنين وتنصيبه وزيراً على خزائن مصر، لتتحقق بذلك رؤياه التى شاهدها فى المنام فى طفولته التى قضاها فى الأرض المقدسة بفلسطين.

ورغم مرور آلاف السنين على أحداث القصة التى ذكرها القرآن الكريم فى سورة حملت اسم النبى يوسف تكريماً له بعدما ألقاه إخوته فى البئر للتخلص منه، قبل أن يلتقطه ملك مصر ويحمله إلى بلاده مستبشراً بالغلام، وصولاً إلى دخوله السجن، إلاّ أنّ المكان الذى سُجن فيه لا يزال محط خلاف؛ فهناك من يقول إن مدينة البدرشين، التابعة لمحافظة الجيزة، هى المكان الذى قرر عزيز مصر معاقبة سيدنا يوسف بالحبس فيه، بينما يذهب آخرون إلى تبنى رواية أنّ الزنزانة كانت فى قرية أبوصير، التابعة للمدينة ذاتها، بينما ابتعد شق آخر عن المحافظة بأكملها لينقلوا رواية أنّ النبى يوسف قضى فترة سجنه فى الفيوم، وتحديداً فى مركز سنورس، قبل أن يخرج ويلتقى أباه وإخوته.

ذكر مصر فى القرآن الكريم كان بمثابة التكريم لها، حيث ارتبطت بالعديد من الأنبياء منهم موسى ويوسف والمسيح عيسى وأمه البتول مريم، عليهم السلام، وقال الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامى وخبير المخطوطات، إنّ مصر هى البلد الوحيد الذى ذُكر صراحة فى القرآن الكريم فى 5 مواضع، منها ما هو متعلق بقصة سيدنا يوسف التى وقعت أحداثها وتحديداً فيما يتعلق بالسجن فى مصر، مروراً بخروجه ومن ثم تنصيبه أميناً على خزائن الأرض.

ولفت «فؤاد» إلى أنّه رغم كون مصر فى البداية سبباً فى تقييد حرية نبى الله يوسف، فإنها كانت هى مفتاح الفرج فى النهاية، وتابع: «سيدنا يوسف، عليه السلام، هو ابن مصر التى كانت مأوى لهذا النبى الكريم، حيث وصفه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قائلاً: «أتدرون من الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؟»، قالوا مَن يا رسول الله؟ قال: «هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم»، مشيراً إلى أنّ سيدنا يوسف له سورة باسمه تحكى قصته مرة واحدة فى القرآن الكريم ولا مرة أخرى لها، وهى أساس لجميع العلوم الاجتماعية والإنسانية من الاقتصاد إلى السياسة والحكم والقضاء والتربية والعفو عند المقدرة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيدنا يوسف مصر القرآن الکریم علیه السلام سیدنا یوسف

إقرأ أيضاً:

المفتي العام للمملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج لله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم

أوصى سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، حجاج بيت الله الحرام بإخلاص الحج لله تعالى، واتباع سنة نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعظموا حرمات الله وشعائره في آدائهم النسك.

جاء ذلك في كلمة توجيهية لسماحته بمناسبة دخول عشر ذي الحجة قال فيها: إنّ الله -سبحانه وتعالى- فضّل بعضَ الشهور والأيام، وجعلها مواسم للخيرات، وفضّل بعض البقاع والبلدان، فاشكروا الله تعالى أنْ بلّغكم هذه الأيام الفاضلة، أيام العشر، والأيام المعلومات، في هذه الأماكن المباركة.

وقد اختص الله -جل وعز- هذه الأيام بعبادات عظيمة؛ منها: الحج إلى بيت الله الحرام، والطواف، والسعي، وأداء المناسك، وسائر الأعمال الصالحة، كالإكثار من ذكر الله تعالى.

حجاج بيت الله الحرام: إنكم تؤدون في هذه الأيام المباركة مناسك الحج، وكلٌّ له أجره بإذن الله تعالى، متى ما أخلص العبدُ المسلمُ العبادةَ لله تعالى، وحده لا شريك له، اقتداءً بخليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- الذي نادى بالحج كما قال تعالى: “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ”، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، أمَا وقد وصلتم إلى هذه البقاع المباركة؛ فإنّ من الواجب على كل حاجٍ أن يلتزم بأداء العبادة على وجهها الصحيح، وأنْ يخلص العمل لله جل وعلا مستشعرًا عِظم هذه الأماكن، والأدب فيها، مستذكرًا قوله تعالى: “فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ”، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ”، فإذا أحرمتم بالحج وجب عليكم تعظيم هذا النسك، والبعد عن كل ما يفسده من الرفث والفسوق والجدال.

إخواني حجاج بيت الله الحرام: إن أمامكم أيامًا مباركة يأتي فيها الحاج مقتديًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتذكر معها ما ورد في حجة الوداع التي أبان فيها -صلى الله عليه وسلم- من قوله وفعله النسك الصحيح على ما يريده الله جل جلاله، والذي كان يوصي صحابته فيها بقوله: “خذوا عني مناسككم”.

أخي الحاج المبارك: اليوم الثامن من ذي الحجة هو يوم التروية، قف فيه بمنى كما وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح يوم التاسع من ذي الحجة، كان يؤدي الصلاة فيه في أوقاتها يقصر الرباعية، ومع إشراقة يوم عرفة تتجهون بعون الله إلى عرفة للوقوف فيها، حتى غروب شمس هذا اليوم، متذللين خاشعين مُلبّين، تسألون الله تعالى، وترجون غفرانه، وقبول حجكم وأعمالكم، وعودتكم مغفورًا ذنبكم، ثم تتجهون بعد الغروب إلى المزدلفة -المشعر الحرام-، وتقضون ليلتكم فيها، تؤدون صلاة المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا للعشاء عند وصولكم إليها، وعليكم السكينة والوقار، وتلتقطون الجمار، حيث يبدأ الحجاج مع يوم النحر وهو اليوم العاشر من ذي الحجة برمي جمرة العقبة والتوجه إلى المسجد الحرام للطواف فيه طواف الإفاضة، وتعودون إلى منى لقضاء أيام التشريق ورمي الجمرات الثلاث، وعليكم بالاقتداء بالنبي -صلى عليه وسلم-.

وأعمال يوم النحر: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والذبح، والطواف، ومن قدّم بعضها على بعضٍ فلا شيء عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “افعل ولا حرج”، أسأل الله أن يكتب أجركم، وأن يتقبل منكم طاعتكم وأعمالكم.

اقرأ أيضاًالمملكةالمملكة تُدشن مبادرة “طريق مكة” في المالديف

إخواني الحجاج: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل- والإخلاص لله في العبادة بعيدًا عن البدع والشركيات التي قد يقع فيها بعض العوام، هدانا الله وإياهم، وقد هيأت حكومة خادم الحرمين الشريفين -بقيادتها المسددة والموفقة- العلماء والمرشدين والموجهين والدعاة لبيان المنهج الصحيح وأداء هذا الركن العظيم وفق منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، التي أبان فيها كل أمر يحتاجه المسلم حينما قال لهم: “خذوا عني مناسككم”، والعلماء قد استعدوا لبيان ما يشكل على المسلم في أداء هذا النسك، ومراكز الإرشاد والتوجيه موجودة، وبلغات متعددة، وكتب ميسرة.

أخلصوا عملكم لله في كل ما تأتون من هذه المناسك، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ}، فالإخلاص الإخلاص، وسؤال العلماء فيما يشكل عليكم.

إخواني تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجزي ولاة الأمر على هذا التيسير للحج، وتهيئة جميع الإمكانات؛ ليؤدي الحجاج حجهم بالراحة والطمأنينة.

وفّق الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، وأجهزة الأمن، ومؤسسات الدولة، على ما يقدمون من جهود مباركة، على كل الأصعدة، وما يقومون به من خدمة حجاج بيت الله الحرام، وما يشهده الحرمان الشريفان من تنظيم وترتيب لتسهيل وصول الحجاج، وقضاء مناسكهم بيسر وسهولة، كتب الله أجرهم وأعانهم ووفقهم لكل ما فيه خير للإسلام والمسلمين.

مقالات مشابهة

  • موقوف فرّ من المستشفى... والأمن يُلقي القبض عليه خلال ساعات (صورة)
  • السيد القائد الحوثي: القرآن الكريم النعمة الكبرى بكتاب الهداية الذي فيه البركة الواسعة في كل مجالات الحياة
  • عاجل.. السجن والمشدد ومراقبة الشرطة للمتهمين بأحداث شغب السلام
  • أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. داوم عليه من مغرب اليوم
  • المفتي العام للمملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج لله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
  • الملك تشارلز ردا على تهديدات ترامب: من حق كندا تقرير مصيرها
  • أكاديمية الشرطة ومركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان يستقبلان مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة
  • السجن 15 سنة لمتهمين باستعراض القوة وإحراز سلاح نارى فى سوهاج
  • أمير القصيم يرعى حفل تكريم 50 متميزًا في برنامج براعم القرآن الكريم
  • دعاء الصباح لمن عليه امتحان.. بـ10 صيغ تحل أصعب الأسئلة بسهولة