“السواك” .. سنة نبوية ويزداد الطلب عليه في رمضان المبارك
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
المناطق_واس
يتجدد في كل عام ومع حلول شهر رمضان المبارك الإقبال على اقتناء عود السواك الذي يزداد الطلب عليه خلال هذا الشهر الفضيل اقتداءً بسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي رغّب فيه في حديثه عليه أفضل الصلاة والسلام الذي قال فيه ” السواك مطهرة للفم مرضاة للرب”.
أخبار قد تهمك “الشؤون الإسلامية” تدشن برامج هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور وتفطير الصائمين في مالي 20 مارس 2024 - 1:57 مساءً “الهلال الأحمر” بالقصيم .
. جهود إنسانية وخدمات متواصلة طوال أيام الشهر الكريم 20 مارس 2024 - 12:11 صباحًا
وتعد منطقة جازان من أكثر المناطق التي توجد فيها أشجار ” الآراك ” و ” البشام ” المنتجة للسواك، وأصبحت هاتان الشجرتان في الوقت الحاضر من الأشجار التي تعمل الدول على تكثيرها، نظراً لقيمتها الطبية والاقتصادية، ولما تتمتع به من مكونات عديدة وخصائص فاعلة أجمع عليها الكثير من العاملين في مجال الصناعات الطبية والدوائية.
وشجرة الآراك تُسمى علمياً باسم “سالفادورا بيرسيكا” أو شجرة الأسنان وتتميز بأنها معمرة و دائمة الخضرة ومقاومة للملوحة وتتحمل جميع الظروف الجوية، و يستخرج من جذورها “السواك” الذي هو عبارة عن ألياف كثيفة وناعمة تشبه الفرشاة يتم استخدامها عن طريق قطع رأس المسواك وإزالة القشرة الخارجيّة للجزء المراد استخدامه منه باستخدام المقصّ أو السّكّين وترطيبه قليلاً لاستخدامه في تنظيف الفم والأسنان.
فيما تتميز شجرة البشام أو ما يسمى بـ”البلسان” أو” البيلسان”، برائحتها الفواحة العطرة عند فرك أوراقها أو أخذ غصن منها, وينتشر شجر البشام في المناطق الجبلية ويصل ارتفاعها إلى أربعة أمتار ، ثنائية المسكن ، لها أوراق مركبة متبادلة ريشية الشكل ما بين 3 – 5 وريقات، وأزهارها حمراء اللون، ويفرز الساق والأغصان عند قطعها سائلاً راتنجياً ذا رائحة منعشة.
وتستخدم أغصان البشام كمسواك ويعد من أفضل المساويك بعد الآراك بل أن البعض يفضلها على الآراك لرائحتها العطرية، كما أن القشور المأخوذة من لحاء الشجيرة تحتوي على مادة عطرية راتنجية تستخدم كعصارة مطهرة للجروح ومبيدة للبكتيريا.
وفي شهر رمضان، تشهد أسعار المساويك ازدياداً ملحوظاً وإقبالاً متزايداً من تجار هذه السلعة؛ استعداداً لتوفير الكميات الكافية منها في جميع مناطق المملكة، وترتفع ربطة السواك في شهر رمضان من ١٠٠ ريال في الأوقات العادية من العام إلى ٣٠٠ ريال للأنواع الممتازة منها، والتي تُسهم في إعطاء فم الصائم أنفاساً منعشةً، وتُساعد في شد أنسجة اللثة المرتخية وعلاج التقرحات الفموية وتقرحات اللثة، كما تتميز بأنها ألياف ناعمة ولينة وعطرة الرائحة ولا تُسبب أي خدوش أو أذى للثة مثلما تفعل ألياف فرشاة الأسنان الصناعية.
وأوضح عدد من باعة المساويك بمنطقة جازان، أن السواك يؤخذ غالباً من جذور الأراك التي تتراوح أعمارها بين سنتين وثلاث ويكون سعر السواك المستخرج من شجرة الأراك عاليًا إذا كان لينًا، وإذا أصبح جافاً ينخفض سعره، أما مسواك البشام فهو عبارة عن غصن من شجرة البشام الطرية التي تنمو في المناطق الجبلية، مشيرين إلى أن بيع المساويك هو على مدار العام، وتكثر المنافسة على بيعها في شهر رمضان.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: السواك رمضان شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
بقلم : سمير السعد ..
في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:
“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”
ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:
“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”
هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.
تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:
“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”
هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:
“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”
فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:
“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”
في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.
ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:
“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”
فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:
“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”
بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:
“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”
لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:
“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”
وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:
“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”
ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.
غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.
شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.
في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.