أفغانستان: طالبان تمنع الطالبات من ارتياد المدارس للسنة الثالثة على التوالي
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
انطلق الأربعاء، الذي يصادف اليوم الأول من السنة الأفغانية، الموسم الدراسي في المؤسسات الابتدائية والثانوية، ولكن دون فتيات وذلك للعام الثالث على التوالي.
وبعد أقل من سنة على عودة حركة طالبان إلى السلطة، منعت في آذار/مارس 2022 الأفغانيات من متابعة الدراسة في المدارس الثانوية.
وتُعتبر أفغانستان الدولة الوحيدة في العالم التي تُمنع فيها الفتيات من الدراسة بعد المرحلة الابتدائية. وعلى الرغم من إعلان تعليم الفتيات أولوية في ظل الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، فإن 23% فقط من النساء الأفغانيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 و18 سنة ذهبن إلى المدارس، غالبيتهن في المدن، وفق "مجموعة الأزمات الدولية".
وتطبق طالبان الشريعة بشكل صارم، بينما تندد الأمم المتحدة بسياسات طالبان وتعتبر أنها تكرس التمييز و"الفصل القائم على النوع الاجتماعي".
وقالت وزارة التعليم إن "السنة الدراسية (..) ستبدأ في كل الولايات بعد قرع الجرس في مراسم" تقام في مدرسة أماني في العاصمة كابول.
وتطلق رسميا السنة الدراسية في أفغانستان من هذه المدرسة الكبيرة الواقعة في كابول. ووفق وكالة الأنباء الفرنسية، وقف طلاب يرتدون زيا باللونين الأسود والأبيض في صف أمام مدخل المدرسة حاملين أعلاما صغيرة للإمارة الإسلامية بهذين اللونين أيضا، بالتزامن مع وصول مسؤولين محليين. وكانت وزارة التعليم منعت بوضوح الصحافيات من تغطية هذه المراسم.
إجراءات قمعية وتقييد الحرياتمنذ عودتها إلى السلطة في آب/أغسطس 2021، زادت حركة طالبان تدريجيا التدابير المقيدة للحريات، لا سيما في حق النساء. فقد منعت الفتيات من ارتياد المدارس الثانوية والجامعات واستبعدت النساء من غالبية الوظائف العامة أو أعطين أجورا زهيدة لحضهن على البقاء في المنزل.
ولم يعد يحق لهن السفر من دون محرم وينبغي عليهن ارتداء البرقع. وحظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.
وتشكل مسألة معاملة النساء العقبة الرئيسية أمام إقامة المجتمع الدولي علاقات دبلوماسية مع أفغانستان التي لا تعترف أي دولة بحكومتها حاليا.
التعليم عن بعد خيار غير كافوظهرت بدائل عبر الإنترنت إلا أنها تقتصر على الفتيات اللواتي لديهن خدمة الإنترنت كما أن ذلك لا يحول دون تأخرهن في التحصيل الدراسي مقارنة بالفتيان، والتلميذات والمدرسات يعتبرن أنها لا تعوض التدريس وجها لوجه، لأن ليس لدى الجميع جهاز كمبيوتر أو إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
ولجأت زينب إلى الفصول الدراسية عبر الإنترنت، من مؤسسة سبق لها أن رفضت طلبها مرتين، بسبب عدم توفر الأماكن.
لكنها هذا الخيار غير كاف لتدارك تخلفها في التحصيل عن أقرانها الذكور. وكان من المقرر أن تبدأ الفتاة دراستها الثانوية في 2022، لكن حكومة طالبان استبعدت الأفغانيات من المدارس الثانوية والجامعات.
تقول زينب التي رفضت ذكر اسم عائلتها، "قبل أخذ دروس عبر الإنترنت، لم نكن نفعل أي شيء في المنزل. كنا قلقات. وكنا نمضي وقتنا في النوم وكنا مكتئبات".
تضيف الفتاة أن التعلم عن بعد "يبقينا مشغولات"، لكنه "لا يمكن أن يحل محل المدرسة".
وعدد الفتيات المسجلات في هذا النوع من الحصص غير معروف، لكن منصتين على الإنترنت مخصصتين للتعليم العالي تقولان إن لديهما عشرات الآلاف من التسجيلات.
أكاديمية من باريس لكسر الطوقتم إطلاق أكاديمية بيغوم، وهي منصة مقرها باريس توفر الوصول المجاني إلى 8500 مقطع فيديو باللغتين الدارية والباشتو تغطي المواد الأساسية لمناهج المدارس الثانوية، في كانون الأول/ديسمبر وسرعان ما جمعت 3000 مستخدم معظمهم من الشباب والنساء.
وتوضح مديرتها حميدة أمان أن الآباء ممتنون لتقديم هذا التعليم البديل، لكن الفتيات يجدن صعوبة في البقاء متحفزات.
وتقول من مقر إقامتها في فرنسا "من الصعب أن تكون متحفزة عندما يكون كل شيء مغلقا أمامك ولا يوجد أفق مستقبل"، مضيفة "تلك الفتيات لا يمكنهن الحصول على شهادة جامعية، ولا يمكنهن أن يطمحن إلى الالتحاق بالجامعة أو الحصول على وظيفة في وقت لاحق".
تعطي روهيلا (22 عاما) دروسا في اللغة الإنكليزية عبر الإنترنت، بينما تحاول مواصلة دراستها الجامعية عن بعد أيضا. وتقول "الشيء الوحيد الذي يمنحني الطاقة في الوضع الحالي هو تعليم هؤلاء الفتيات".
من جانبها، تقول سلطات طالبان إنها تعمل على تهيئة بيئة مناسبة، تتفق مع تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية، حتى تتمكن من إعادة فتح المدارس للفتيات.
ولكن حتى ذلك الحين، يظل التدريس عبر الإنترنت هو الخيار الوحيد. وبعد عامين، تؤكد روهيلا أن الفتيات يفقدن الحافز والأمل تدريجيا.
وتجد روهيلا نفسها في ذات الوضع ، فسابقا "كنت أرسل واجباتي قبل الموعد النهائي، كنت متحمسة لأنني آمل أنه في يوم من الأيام لن يكون هناك المزيد من الحصص عبر الإنترنت".
وتضيف "لكن عندما تعتاد على فكرة أن الأمر سيظل متاحا عبر الإنترنت إلى الأبد، فإنك تفقد حماسك وتتوقف عن بذل الجهد نفسه".
يتعين على تلميذات المدارس الأفغانيات أيضا التعامل مع بطء الإنترنت الشديد في غالب الأحيان، أو حتى مع تعطله، ومع انقطاع التيار الكهربائي.
وبحسب أرقام الموقع المتخصص "داتا ريبورتال"، فإن خدمة الإنترنت متاحة لأقل من ربع الأفغان البالغ عددهم 42 مليون نسمة.
في بلد يعيش نصف سكانه تحت خط الفقر، يبقى شراء جهاز كمبيوتر أمرا مستحيلا لكثيرين أيضا. ويستخدم نحو 90% من تلاميذ أكاديمية بيغوم هواتفهم في الفصول الدراسية.
فرانس24/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل روسيا الحرب في أوكرانيا ريبورتاج طالبان أفغانستان تعليم الشريعة الأمم المتحدة طلاب وزارة البرقع الإنترنت باريس فرنسا أفغانستان طالبان حظر نساء حقوق المرأة تعليم إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل الولايات المتحدة دبلوماسية السعودية الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا المدارس الثانویة عبر الإنترنت
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف تفاصيل اجتماع علماء دين أفغان وعلاقته بباكستان
كابل- أثار الاجتماع الواسع الذي عقده علماء دين أفغان في العاصمة كابل، أمس الأربعاء، وخرج بقرار يمنع الأفغان من "ممارسة أي نشاط عسكري خارج البلاد"، جدلا واسعا نظرا لتزامنه مع توتر متصاعد مع إسلام آباد، واتهامات متبادلة بشأن نشاط حركة طالبان باكستان في المناطق القبلية الموازية لأفغانستان.
واعتبر مراقبون أن القرارات تبدو موجّهة بشكل مباشر نحو هذه الحركة وحكومتها، في حين تقول الحكومة الأفغانية إنها تهدف إلى "تنظيم الخطاب الديني وحماية أمن البلاد".
وشارك في الاجتماع أكثر من ألف عالم دين من مختلف الولايات، بحضور رئيس الوزراء الملا محمد حسن آخوند ورئيس المحكمة العليا الشيخ عبد الحكيم حقاني، ووزير الأمر بالمعروف محمد خالد حنفي، إضافة إلى كبار مسؤولي الحكومة.
علماء أفغانستان يعلنون:
النظام القائم في البلاد إسلامي وشرعي، والدفاع عنه واجب ديني، ولا نشاط عسكري خارج حدود الدولة بتوجيهات القيادة. pic.twitter.com/8HMPLiqtC3
— عمران الأفغاني (@afghan_37) December 11, 2025
هدف الاجتماعوأفاد مصدر حكومي رفيع المستوى -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت بأن "هدف الاجتماع كان توحيد الموقف الشرعي تجاه النشاط المسلح خارج أفغانستان، وقطع الطريق أمام الأطراف التي تستغل الحدود أو الهوية الأفغانية في صراعات خارجية".
وأضاف أن "الرسالة لم تكن موجّهة إلى طالبان باكستان وحدها، بل إلى إسلام آباد أيضا، بأن كابل تتعامل بجدية مع مسألة استخدام الأراضي الأفغانية، وأنها ملزمة بتنفيذ اتفاق الدوحة كاملا".
ووفق نص القرار الذي اطلعت الجزيرة نت على نسخة منه، أكد العلماء ما يلي:
التزام حركة طالبان بما ورد في اتفاق الدوحة خاصة بند عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد دول أخرى. تحذير أي شخص أو جهة من استخدام الأراضي الأفغانية لاستهداف أي دولة، والتشديد على أن الحكومة مسؤولة عن تنفيذ هذا الالتزام. اعتبار المخالفين لهذا القرار فئة متمردة يحق للحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة ضدها. التأكيد على أن الأمير الشرعي لا يسمح بأي نشاط مسلح خارج الحدود الأفغانية. اعتبار أي نشاط مسلح خارج البلاد عملا غير جائز شرعا، وإعطاء الحكومة حق اتخاذ خطوات تمنعه. إعلانورغم عمومية الصياغة، يرى أغلب المراقبين أن الرسالة واضحة وهي وقف انخراط الأفغان في صفوف حركة طالبان باكستان.
من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات المسلحة عبد الكريم حبيب للجزيرة نت إن القرار بمنزلة إعلان ديني رسمي يفصل بين طالبان الأفغانية والباكستانية، ويجعل أي قتال ضد الدولة الباكستانية خارج مظلة الشرعية في كابل، وإنه يؤكد بشكل ضمني أن الجهاد أصبح مرتبطا بالدفاع عن الداخل لا الهجوم الخارجي، وهو ما يضع طالبان باكستان في زاوية ضيقة، لأنها تعتمد على سردية "الجهاد ضد دولتها.
وأوضح "هذا تطور مهم لأن هذه الحركة لطالما استخدمت الخطاب الديني الأفغاني كمرجعية. الآن، تحاول الحكومة الأفغانية قطع هذا الرابط".
رسالة طمأنةويوافقه الرأي أحد المشاركين في الاجتماع -رفض الكشف عن اسمه- وأوضح للجزيرة نت أن الهدف هو منع الشباب الأفغان من الالتحاق بالجبهات داخل إسلام آباد خصوصا بعد تزايد الضغط الباكستاني، وترسيم الحدود الجهادية والسياسية، ونزع الشرعية الدينية عن من يقوم بنشاط مسلح خارج أفغانستان، و"من يفكر في الهجوم على كابل فيتحمل مسؤوليته وحينئذ يجب الدفاع عنها".
في المقابل، يرى محللون أن القرار يوجّه رسائل "طمأنة" إلى إسلام آباد.
وقال الباحث الباكستاني محمد إسحاق خان للجزيرة نت إن بلاده تنظر إلى الاجتماع باعتباره خطوة تأخرت كثيرا، لكنها موضع ترحيب. والمشكلة ليست في البيانات، بل في التنفيذ على الأرض. وأشار إلى أن إسلام آباد تريد من كابل خطوات عملية تحد من حركة طالبان باكستان داخل أفغانستان، خصوصا في المناطق الجبلية القريبة من الحدود.
وشهدت الأشهر الماضية غارات باكستانية داخل الأراضي الأفغانية، قالت إسلام آباد إنها استهدفت عناصر طالبان باكستان، وقد نفت كابل وجود مقاتلي هذه الحركة على أراضيها، وأثارت الغارات غضب الحكومة الأفغانية التي وصفتها بأنها انتهاك للسيادة.
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par أفغانستان بالعربي (@afghanarabc)
ويرى الخبير الأفغاني نور الدين جلال -في تصريحه للجزيرة نت- أن الاجتماع جاء في سياق محاولة لتفادي التصعيد، وإظهار استعداد كابل لتحمل مسؤولياتها بما لا يجرها إلى صدام مباشر مع طالبان باكستان أو مع إسلام آباد نفسها، وأضاف "طالبان أفغانستان تحاول الموازنة بين علاقتها التاريخية بطالبان باكستان وبين الضغوط الإقليمية والدولية".
يربط محللون توقيت الاجتماع بـ3 عوامل أساسية:
تصاعد الهجمات داخل باكستان: شهدت الأشهر الماضية زيادة في عمليات طالبان باكستان ضد الشرطة والجيش، وهو ما عزز الضغط على كابل. تعثر المفاوضات الثنائية: 4 جولات من الحوار بين كابل وإسلام آباد في الدوحة وإسطنبول والرياض لم تفضِ إلى حلول. الرغبة في ضبط المرجعية الدينية داخل أفغانستان: كابل تخشى من أن يتحول خطاب ديني موازٍ إلى منصة لتجنيد الشباب نحو القتال خارج الحدود. تنفيذ صعبورغم قوة الرسائل، يبقى السؤال الأكثر تداولا، هل تستطيع الحكومة الأفغانية تنفيذ هذه القرارات؟.
يجيب الباحث ضياء الله نوري أن تنفيذ القرار صعب لأن طالبان باكستان تتحرك عبر قبائل حدودية معقدة الروابط، وليست وليدة اليوم، بل تأسست عام 2007، وكابل ليست ملزمة بالسيطرة عليها لأنها نشطة في الأراضي الباكستانية، وضبط الحدود عملية شاقة جدا، و"ضمان عدم دخول مقاتلي هذه الحركة أو تنظيم الدولة الإسلامية للأراضي الأفغانية، يحتاج إلى تنسيق بين البلدين".
إعلانلكنه يعتقد -في حديثه للجزيرة نت- أن الاجتماع يوفر غطاء سياسيا ودينيا لكابل في حال قررت اتخاذ إجراءات محدودة ضد الحركة.
من جهته، أكد الباحث والكاتب الأفغاني محمد شهاب في تصريحه للجزيرة نت أن حركة طالبان أفغانستان تعمل وفق إستراتيجية تهدئة الأجواء مع إسلام آباد دون خسارة عمقها الشعبي داخل باكستان.
يشير اجتماع العلماء في كابل إلى تحول مهم في الخطاب الديني والسياسي للحكومة الأفغانية، ويتزامن مع لحظة شديدة التعقيد على الحدود مع باكستان. وفي حين يشكل القرار رسالة قوية لكل من طالبان باكستان وإسلام آباد، فإن نجاحه يعتمد على قدرة الحكومة على تطبيقه، وعلى استعداد إسلام آباد للتعامل مع هذا التحول بوصفه خطوة نحو التهدئة لا مجرد مناورة شكلية.
وفي منطقة تُعد من أكثر الحدود اضطرابا في جنوب آسيا، يبقى مصير العلاقات بين البلدين مرهونا بترجمة هذه الرسائل من الورق إلى الميدان.