استقبل المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس اليوم وفدا من الكنيسة الأرثوذكسية القبرصية وقد رحب بهم  المطران مستقبلا إياهم في رحاب كنيسة القيامة، مهنئا إياهم بمناسبة بدء الصوم الكبير وطالبا منهم بأن يضعوا فلسطين في صلواتهم وادعيتهم وخاصة غزة المنكوبة ومن أجل أن تتوقف الحرب فيها والتي أدت إلى كم هائل من المآسي الإنسانية.

وقال “حنا”  في كلمته إن الموقف المسيحي يجب أن يكون موقفا معبرًا عن القيم المسيحية، وذلك من خلال الانحياز لكل إنسان مظلوم ومتألم ومعذب وقد تلقينا اليوم الرسالة الفصحية التي نشرها مجلس الكنائس العالمي ومقره في جنيف وللأسف الشديد لم يذكروا فيها شيئا عن غزة وعن فلسطين وحتى من باب الصلاة والدعاء من أجل السلام وأعتقد بأن هذا موقف غير مسيحي ولا يعبر عن الموقف المسيحي المبدئي بل هو تجسيد لأجندات سياسية ويبدو أن هذه البيانات التي تصدر هي خاضعة لجهات معينة لا تريد أن يكون هنالك مواقف مسيحية عالمية واضحة تجاه ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني.

وأضاف “حنا” خلال ما نشره عبر صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك، بأننا نقول لمجلس الكنائس العالمي بأنكم ارتكبتم خطأ جسيما من خلال بيانكم هذا لا سيما أنكم تتحدثون عن القيامة وتتجاهلون بأن أرض القيامة تنزف دما وهي بحاجة للسلام المبنى على العدالة وإعطاء الحقوق المشروعة لأصحابها وتحرير الأرض والإنسان من الاحتلال ووقف الحرب في غزة.

وتابع “حنا”: لا يمكننا أن نكون صامتين أمام مظاهر الضعف والخلل في الموقف المسيحي العالمي وبالطبع هنالك كنائس عبرت عن مواقف رائعة ونحن نحيي هذه الكنائس ونشكرها ونتمنى أن تتواصل الجهود المطالبة بوقف الحرب.

أما مجلس الكنائس العالمي فنحن نطالبه من خلالكم وكنيستكم هي عضو في هذا المجلس بضرورة أن يتم تعديل بيانها ورسالتها بمناسبة عيد الفصح وأن يطالبوا بوقف الحرب ووقف حد لهذه المأساة المروعة التي يعاني منها أهلنا في غزة.

ووضع المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس الوفد في صورة أوضاع المسيحيين في غزة والأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة كلها وضرورة انطلاق مبادرات إغاثية في سائر أرجاء العالم ولكن المطلب الأساسي في هذه الأيام يبقى هو وقف الحرب حقنا للدماء ووقفا للدمار.

وتحدث مع الوفد عن أوضاع مدينة القدس وما تتعرض له مجيبا على بعض الأسئلة والاستفسارات.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الارثوذكسية التواصل الاجتماعي الصلاة كنيسة القيامة مجلس الكنائس العالمي وقف الحرب في غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء

بقلم : سمير السعد ..

في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:

“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”

ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:

“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”

هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.

تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:

“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”

هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:

“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”

فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:

“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”

في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.

ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:

“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”

فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:

“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”

بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:

“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”

لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:

“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”

وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:

“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”

ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.

غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.

شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.

في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • سياسيان: الموقف العالمي من غزة أصبح شبيها بما حدث في حرب فيتنام
  • اليوم العالمي للنحل..أعظم الملقحات التي تطعم العالم
  • محللون: احتلال غزة لن يكون سهلا وواشنطن محبطة وتريد وقف الحرب
  • محمد الحوثي: الموقف المساند لغزة في البحر الأحمر يخدم الأمن القومي العربي
  • الكائنات الغريبة التي لم نعهدها
  • «العلوم الصحية»: كلمة الرئيس السيسي بالقمة يعكس الموقف المصري الثابت تجاه القضية الفلسطينية
  • “العلوم الصحية”: كلمة "السيسي" في القمة العربية تجسد الموقف المصري الثابت تجاه للقضية الفلسطينية
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • اللحظة التي غيّرت ترامب تجاه سوريا
  • كاتب صحفي: بيان القمة العربية في بغداد يؤكد ثبات الموقف العربي تجاه عدوان إسرائيل