لجريدة عمان:
2025-07-04@11:27:01 GMT

الإرصاد.. الوقف في مواجهة الحالات الطارئة

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

الإرصاد.. الوقف في مواجهة الحالات الطارئة

يُقَسَّمُ الوقف بحسب آراء بعض المشتغلين ببحوث الوقف ودراساته إلى ثلاثة أنواع: الوقف الحُكْمي: وهو ما يصير وقفا بحكم طبيعته الشرعية، كتحديد أرض لتكون مسجدا، أو مقبرة للمسلمين، أو بعض الأحكام التي كان معمولا بها في عمان مثل حكم إحرام ساحل البحر 40 ذراعا من خط التقاء الماء باليابس، وغير ذلك مما يصير وقفا بالحكم الشرعي، والنوع الثاني: الوقف المُلكِي: وهو ما كان مملوكا لشخص ما، ثم وَقَفَه على جهة بر معينة كأن يوقف أرضا، أو بيتا، أو بستانا أو غير ذلك مما يصح وَقْفه، فيصير وقفا بخروجه من كونه ملكية خاصة إلى ملكية الوقف، أما النوع الثالث فهو الإرصاد: وهو أن يقف الحاكم جزءا من بيت مال المسلمين لمصالح المسلمين العامة.

قامت فلسفة الوقف على المسؤولية الاجتماعية بين الأجيال، فالواقف في هذا العصر يضع في قرارة نفسه أنه يتنازل عن جزء من ماله بإرادته الشخصية، ودون إكراه، ليكون وقفا مستداما يستمر عطاؤه ليخدم جيله، والأجيال التالية في مجتمعه، مقابل استمرار الأجر والثواب من الله (الصدقة الجارية)، فهو حر في ماله، متصرف فيه، ولكن حين يكون الحديث عن الإرصاد فهذا يعني تصرف الحاكم في (بيت مال المسلمين) أو المال العام وفق الأدبيات المستخدمة اليوم، ويحجبه عن الانتفاع به في المصالح العامة، ليكون وقفا لأغراض محددة، والتي قد تكون أحداثا متوقعة، لكن تأريخ حدوثها منوط بعلم الغيب، فقد تحدث في عصر هذا الجيل، أو أجيال تالية، مثل: الكوارث والأزمات الطبيعية، والوبائية وغيرها، لذلك، يجتمع الإرصاد والوقف في موضوع (المسؤولية الاجتماعية بين الأجيال المتتابعة)، إلا أن النقاش يتجه حول أحقية تصرف الحاكم في حجب هذا المال عن التداول العام وتوجيهه لمصلحة محددة.

أجاز الفقهاء للحاكم أن يوقف جزءا من بيت المال أو من المال العام لمصلحة المسلمين، وذلك استدلالا بفعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي وقف الأرض الزراعية المفتوحة في سواد العراق لمصالح المسلمين، ووافقه على ذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم جميع منهم: علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، رغم معارضة بلال بن رباح والزبير بن العوام، كما أخذوا في الاعتبار بأن الحاكم قائد للمسلمين، ووكيلا عنهم في التصرف في المال العام، فيجوز له توجيه المال العام إلى ما يرى فيه مصلحة عامة ينتفع بها الناس في الدولة بطريقة مباشرة سواء بالعطاء المباشر أو غير المباشر من خلال إقامة المنشآت للمنفعة العامة، أو إصلاح المتضرر منها.

في مطلع هذا العام 2024م، وتحديدا في أول يوم منه، أصدر صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - مرسوما سلطانيا ساميا برقم 2 /2024، قضى بأن «يُنشأ في وزارة المالية صندوق مستقل يسمى (الصندوق الوطني للحالات الطارئة)؛ بهدف مواجهة الحالات الطارئة والكوارث الطبيعية كالأنواء المناخية والفيضانات والزلازل وغيرها من المخاطر التي تتعرض لها الدولة، وتلحق ضررا بالمرافق العامة والبنية الأساسية»، وهي خطوة مهمة للبلاد، ورؤية سامية لمواجهة الحالات الطارئة في المستقبل، ترتكز على توفير الحلول المالية المستدامة التي لا تركن إلى موازنة الدولة السنوية حال وقوع الحالات الطارئة، إذ سيكون هناك مصدر مالي مستعد لـ«دعم تحقيق السياسة العامة المتعلقة بالإجراءات اللازمة لإدارة الحالات الطارئة، وتقديم التمويل اللازم وفقا للمتطلبات الفعلية لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها بعد وقوع الحالة الطارئة»، وهي رؤية مستلَّة من عمق التراث الحضاري للأمة وذلك بتفعيل (الإرصاد) في تمويل الصندوق، إذ نص المرسوم على أن تكون من بين موارد هذا الصندوق «الاعتمادات التي تُخصص للصندوق في الميزانية العامة للدولة»، وبالتالي فهي اعتمادات مالية مجتزأة من المال عام، بأمر (الحاكم) حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، لتكون إرصادا لمواجهة الحالات الطارئة التي قد تتعرض لها البلاد، إلى جانب مصادر أخرى حددها المرسوم.

إن الوقف بكافة أنواعه بما فيه (الإرصاد) يُعد ميراثا حضاريا مهما للأمة، يمكنها الرجوع إليه متى شاءت، وتوظيفه، والتجديد فيه بما يتوافق مع الاحتياجات المستجدة في كل عصر، وإن تعددت المسميات تبعا للتوصيف القانوني، أو الأدبيات الاقتصادية المستخدمة اليوم بين (صندوق) أو (محفظة)، أو غيرها.

* العبارات بين علامات التنصيص مقتبسة من نص المرسوم السلطاني

د. خالد بن محمد الرحبي: باحث في التاريخ الحضاري العُماني عمومًا، والوقف على وجه الخصوص.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحالات الطارئة المال العام

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم: 500 جنيه للمحاولة الامتحانية الثانية في البكالوريا المصرية..وإعفاء الحالات غير القادرة

أوضح محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، أن الوضع الحالي لشهادة الثانوية العامة يمثل عبئا على الطلاب وأولياء الأمور ولا مثيل له في العالم، مشيرًا إلى أن امتحان الفرصة الواحدة يحدد مصير الطالب في الحياة وهو ما استجوب أهمية تغيير هذا النظام الذي لم تنجح خطط كثيرة سابقة في تغييره، موضحا أن مشروع شهادة البكالوريا المصرية تم عرضه باستفاضة خلال الفترة السابقة للحوار المجتمعي مع مختلف الأطراف ذات الصلة بالمنظومة التعليمية بما في ذلك المعلمين وأولياء الأمور لتلقى مختلف المقترحات والاستماع لكافة الآراء والأخذ بالمقترحات التي تهدف لتحقيق صالح الطلاب، كما تم إطلاق استبيان لاستطلاع رأي أولياء أمور طلاب الصف الثالث الإعدادي حول اختيارهم بين الثانوية العامة أو شهادة البكالوريا المصرية وجاءت النتيجة بتأييد نسبة ٨٨٪؜ من أولياء الأمور لمقترح شهادة البكالوريا.

وأوضح الوزير محمد عبد اللطيف أن نظام شهادة البكالوريا، في حال إقراره، سيتم تقديمه بشكل اختياري لطلاب الصف الثالث الإعدادي المقبلين على المرحلة الثانوية خلال العام الدراسي المقبل، موضحا أن شهادة البكالوريا المصرية تتضمن العديد من المزايا التي تتضمن مسارات متعددة وفرص متعددة للاختبارات بدلا من فرصة الاختبار الواحد الموجودة في نظام الثانوية العامة الحالي، مضيفا أن الوزارة ستتفاوض مع مؤسسات دولية للاعتراف بشهادة البكالوريا المصرية في حال إقرارها من مجلس النواب وتطبيقها.

وتعليقا على التكلفة المقررة بقيمة 500 جنيه للمحاولة الثانية للامتحان في المادة المقدمة في مشروع شهادة البكالوريا المصرية، أوضح أن الهدف من هذه التكلفة هو ضمان الاستمرارية نظرا للتكلفة الخاصة بعقد الامتحانات من لوجستيات واجراءات وغيرها، حيث أكد الوزير أن المحاولة الأولى للامتحان مجانية وهي حق أصيل للطالب ولا ينطبق أي رسوم سوى على المحاولة الامتحانية الاختيارية الثانية فقط لمن يرغب من الطلاب في تحسين مجموعه مع إعفاء الحالات غير القادرة والمحددة في القانون من أي رسوم، حيث تمتلك وزارة التربية والتعليم قاعدة بيانات متكاملة للحالات المعفاة من الرسوم.

وتعليقا على اعتبار مادة التربية الدينية خارج المجموع في الصف الثالث الثانوي بشهادة البكالوريا المصرية على أن تكون نسبة النجاح بها ٧٠٪؜، أوضح السيد الوزير محمد عبد اللطيف أن هذه الخطوة جاءت نتاجا لمخرجات الحوار المجتمعي الذي تم عقده حول مشروع شهادة البكالوريا المصرية.


واستعرض محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني مختلف جوانب مشروع تعديل قانون التعليم ومشروع شهادة البكالوريا المصرية المقدم كبديل للثانوية العامة أمام لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، برئاسة الدكتور سامي هاشم رئيس اللجنة.

جاء ذلك بحضور، المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتورة ماجدة بكرى وكيل لجنة التعليم والبحث العلمي، والدكتور مصطفى رفعت الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات.

وحضر من الوزارة، الدكتور أحمد ضاهر نائب وزير التربية والتعليم، والدكتور أيمن بهاء الدين نائب وزير التربية والتعليم، والدكتور أحمد المحمدى مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجى والمتابعة والمشرف على الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير،  والمستشار أشرف السيد المستشار القانونى للوزير، والأستاذ وليد ماهر مدير الإدارة العامة للاتصال السياسى والشئون البرلمانية.

مقالات مشابهة

  • جمعية حماية المال العام تدين حملة التضييق على المبلغين عن الفساد على خلفية متابعة الغلوسي 
  • علماء المسلمين: الوقف الفوري لحرب الإبادة ضد الفلسطينيين واجب ديني وإنساني
  • الصحة: إصابات “الروتا” ضمن المعدلات الطبيعية رغم تزايدها بين الأطفال
  • رئيس ديوان المحاسبة يلتقي اعضاء بمجلس النواب لمتابعة خطة العمل الرقابي وتعزيز الشفافية
  • نائب:فساد وفشل الرئاسة البرلمانية وراء دعم سرقة المال العام
  • فاس.. إدانة رئيس مقاطعة بالسجن النافذ في قضية تبديد المال العام
  • الرقابة الإدارية ترفع الحظر عن التوظيف بشروط صارمة لضمان الشفافية
  • “الرقابة الإدارية”: رفع الحظر السابق عن التعيينات والتعاقدات بالوظائف العامة
  • وزير التعليم: 500 جنيه للمحاولة الامتحانية الثانية في البكالوريا المصرية..وإعفاء الحالات غير القادرة
  • أوقاف الفيوم الحفاظ على المال العام مطلب شرعى ووطني ولا مكان لمقصر أو مهمل