في الساعات الأولى لفجر الـ 26 من مارس العام 2015، بدأ تحالف العدوان الأمريكي السعودي الاماراتي، المدعوم بريطانيا وغربياً، بشن حرب شعواء على اليمن.

جاءت الحملة تحت عناوين متعددة، أبرزها “إعادة اليمن إلى الحضن العربي”، و”الحفاظ على الأمن القومي العربي، ولكن بعد مرور 9 أعوام، أثبتت الأحداث أن تلك العناوين كانت معاكسة تماماً لما تم الإعداد له، وهو إدخال اليمن إلى جانب سلسلة الدول العربية المعتدية، في الحضن “العبري” وإخضاع الشعب مع تلك الشعوب للهيمنة والقبضة الصهيونية الغربية “العبرية”.

وانطوى العام التاسع من الصمود، وقد حمل في طياته الكثير من البراهين والحجج التي تؤكد أن “الحضن العربي” الذي كان يقصده التحالف المكون من 17 دولة، هو “الحضن العبري”، نعم الحضن العبري الصهيوني، وليس العربي، وقد أدرك الجميع هذا بما شهده من ترامي الدول المنخرطة في هذا “التحالف” في الحضن الصهيوني، دولة تلو الأخرى عبر اتفاقات التطبيع مع العدو “الإسرائيلي”، لتكتمل البراهين والحجج بما أخرجه “طوفان الأقصى” من خبايا أظهرت هذه الحقيقة، وكشفت أن تلك الدول مدعية الحرص على العرب والعروبة هي أحرص الناس على جلب الأمة العربية والإسلامية إلى الوحل الصهيوني العبري، ومع الطوفان أيضاً أثبت اليمن أنه كعادته التاريخية هو حاضنة العرب وحامي العروبة من خلال مواقفه المشرفة في نصرة الشعب الفلسطيني ضد العدو العبري الصهيوني.

“الحضن” يظهر بحقيقته

الصمود اليمني الذي استند على قاعدة صلبة من الهوية الايمانية العربية الإسلامية، أجبر “التحالف” المصبوع عربياً، على إظهار حقيقة مساعي رمي اليمن إلى جانبه في الحضن الصهيوني، فبعد أن كانت مصر أول المطبعين مع العدو الإسرائيلي في العام 1979 والأردن ثانيهم في العام 1994، شهد العام السادس من الصمود، وتحديداً عند العام 2020، ترامياً متسارعاً لباقي دول “التحالف” في الحضن الصهيوني العبري، عبر اتفاقات سموها “أبراهام”، بدءً من الإمارات التي ارتمت لذلك الحضن النتن في الـ13 من أغسطس 2020م، وبعد أقل من شهر ارتمت البحرين في ذلك الوحل وتحديداً في الـ11 من سبتمبر من ذات العام، ثم السودان في الـ23 من أكتوبر للعام ذاته، وقبل انتهاء العام 2020انخرطت المغرب بتطبيع وقح في الـ10 من ديسمبر، لتكتمل السلسلة المكونة من دول العدوان على اليمن وتظهر للجميع معدنها العبري الذي طغى على الصبغة العربية.

أما السعودية التي تمثل رأس الحربة في العدوان على اليمن، وصاحبة عنوان “الحضن العربي” كانت قد سقطت في وحل التطبيع مع العدو الصهيوني بالأفعال المساندة له، منها رعاية وهندسة عملية سوق الدول الحليفة لها إلى الحضن العبري، وإعلانها خطوات متسارعة ومتصاعدة تؤكد حقيقة العلاقة بينها وبين العدو الإسرائيلي، كان آخرها تصريحات محمد بن سلمان في مقابلة معه على محطة فوكس نيوز الأمريكية، والتي أكد فيها رداً على سؤال المحطة عن إمكانية إعلان التطبيع مع العدو الإسرائيلي، بقوله نصاً “كل يوم نقترب”، وكررها “نحن أقرب لذلك من أي وقت”، وبما أن تلك المقابلة كانت قبل أسبوعين من عملية “طوفان الأقصى”، فقد تم تأجيل هذه الحفلة المسمومة، مع الإبقاء على العلاقات مع العدو عبر تفويج الحاخامات واليهود إلى بيوت الله الحرام، وتوسيع التطبيع الجوي والتجاري وغيره.

نيران “الطوفان” تظهر أصول المعادن:

وفي ظل الأحداث المتسارعة في ما بعد الـ7 من أكتوبر الماضي، أخرجت عملية “طوفان الأقصى” كل الخبايا وأحرقت ما تبقى من خفايا، وأجبرت تلك الأنظمة المكتسية باللباس الصهيوني، على العُري والظهور بالجسد العبري، وذلك عبر مواقف مساندة للعدو الاسرائيلي أبرزها خلق جسر بري لإمداد الكيان الصهيوني وكسر الحصار اليمني مع تجاهل التجويع لسكان غزة، وأيضاً التواطؤ السياسي والإنساني والعسكري ضد الشعب الفلسطيني، وفي المقابل برز اليمن العظيم في صورته الجلية، التي لا غبار عليها، ولا باستطاعة أحد ذر الرماد للتعتيم على رؤية ناظِرِيها، ويزيد من قيمته التاريخية العربية والايمانية بمواقف عملية في مساندة غزة وجلد الكيان الصهيوني ورعاته.

وبهذه المعطيات، تعود للواجهة المزيد من الحقائق، فمثلما تم شن عدوان مدعوم أمريكيا وغربيا وصهيونياً قبل 9 أعوام كمحاولة لعبرنة اليمن وسعياً لردع مواقفه المساندة لفلسطين، والتي برزت أكثر بشكل عملي وزخم منقطع النظير في ما بعد “الطوفان”، خرجت أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” من خلف الستار، لتشن عدواناً مباشراً على اليمن، غير أن المدة القصيرة في الثلاثة الأشهر الماضية أثبتت فشل هذا التحالف الجديد، ورسخت هشاشته أمام إعصار اليمن وأنصار الإيمان، ليظل المتصدر دائماً هو اليمن العربي المؤمن، الحاضن للعرب والعروبة في كل وقت وحين.

القائد يرسّخ الجذور العربية التاريخية

ومع تدشين العام العاشر من الصمود في وجه العدوان السابق واللاحق، رسخ قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي- يحفظه الله- جذور العروبة اليمنية، مؤكداً استحالة تغيير الموقف، أو إزاحة اليمن من موقعها التاريخي كأصل للعرب، حيث أكد أن “اليمن هو سند لكل الأُمَّــة، لكل المسلمين، ما في اليمن على المستوى العقائدي، والفكري، والثقافي، والتوجّـه، هو كله في هذا السياق: شعبٌ يهتم بأمته بكلها، أن تكون أُمَّـة عزيزةً، قوية، متآخية، متعاونة، وعدونا واضح”، مضيفاً “نحن منذ البداية نقول: عدونا هو عدو الأُمَّــة بكلها: العدوّ الإسرائيلي، الذي يشكل خطورةً حقيقية على كُـلّ المسلمين، وفي مقدِّمتهم العرب”.

كما زاد القائد من ترسيخ موقع اليمن العروبي، بدعوته كل الدول العربية والإسلامية لـ “أن تراجع هي حساباتها الخاطئة، وسياساتها العدوانية تجاه بلدنا.. شعبنا العزيز هو في مقدِّمة الشعوب حرصاً واهتماماً بالأمن القومي العربي، بأمن أمتنا الإسلامية كافة، بأن يسود في داخل العرب بشكلٍ عام، والبلدان العربية والإسلامية بكلها، الأمن، والاستقرار، والأخوَّة، والعلاقات التي تكون علاقات إيجابية، قائمة على هذا الأَسَاس: أننا أُمَّـة واحدة، دينها واحد، مصالحها واحدة، المخاطر والتحديات عليها واحدة، فليس هناك أي بلد عربي له مبرّر أن يتوجّـه بسياسات عدائية ضد شعبنا العزيز؛ باعتبار وَهْمّ أَو تخيل أنَّ هناك خطراً عليه من اليمن، من جهة الشعب اليمني”، مكرراً الدعوة بتأكيده أن “على كُـلّ شعوب العرب، على كُـلّ البلدان العربية والعالم الإسلامي، أن ينظر إلى الشعب اليمني كشعبٍ يجسِّد الأخوّة الحقيقية”، فيما جدد القائد التأكيد على استمرار مواجهة “العدوان على بلدنا الذي أتى في إطار خطةٍ شاملة، للتحَرّك في المنطقة لإعادة ترتيب وضعها تحت قيادة العدوّ الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية، والتخلص من أية جهاتٍ مساندةٍ للقضية الفلسطينية”، مضيفاً “وقد افتضحت البعض من العناوين، التي رفعها التحالف في بداية عدوانه، مثل: عنوان الحضن العربي، والذي اتضح أنه لا أَسَاس له أبداً؛ وإنما هناك سعي لإدخَال المنطقة بكلها، والعالم العربي بأجمعه، في الحضن العبري وليس العربي، وكذلك بقية العناوين: عنوان الأمن القومي العربي، والعناوين الأُخرى، كلها افتضحت مع فضيحة التطبيع، ووُصُـولاً إلى العدوان القائم حَـاليًّا على غزة”.

ونوه السيد القائد إلى أنه “بعد كُـلّ هذه المرحلة: تسع سنوات قد مضت من العدوان على بلدنا، وتجلَّت حقائق كثيرة خلال هذه السنوات، نوضِّح للجميع أننا حريصون جِـدًّا على التفاهم والسَّلام مع كُـلّ الدول العربية والإسلامية، وعلى الأخوَّة، وعلى العلاقات الإيجابية، وليس لدينا توجّـه عدائي تجاه أي بلدٍ عربي، ولا أية دولةٍ عربيةٍ ولا إسلامية، وموقفنا فيما نحن عليه في هذه المرحلة: نحن الآن في مواجهة واضحة ومباشرة بيننا وبين ثلاثي الشر: (أمريكا، و”إسرائيل”، وبريطانيا)”، لافتاً إلى أن اليمن يقف “الموقف المشرِّف، الموقف المفترض من كُـلّ أبناء الأُمَّــة، إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومناصرته بشكلٍ كامل، على المستوى العسكري: عملياتنا العسكرية مُستمرّة، وكذلك على مختلف المستويات، التحَرّك الشعبي الواسع، والأنشطة الواسعة في كُـلّ المجالات، إعلامنا موجَّه بكل طاقته، بكل إمْكَاناته، لمناصرة الشعب الفلسطيني… وهكذا على كُـلّ المستويات، هذا هو توجّـهنا، هذا هو توجّـهنا، وهذه قضيتنا، ونحن منذ البداية كنا نحمل هذا التوجّـه: الاهتمام بقضايا أمتنا الكبرى، وفي مقدِّمتها: القضية الفلسطينية، التي يتخاذل الكثير من العرب عنها”.

وقد اختتم السيد القائد خطابه، بإعلان قدوم اليمن العظيم، بتطور عسكري كبير لمساندة قضية فلسطين، التي هي قضية كل الأمة الإسلامية، وكل العرب بالدرجة الأولى، بالتزامن مع استمرار عمليات عسكرية نوعية تواصلت على مدى ثلاثة أيام، وأعلن عنها العميد يحيى سريع عصر الثلاثاء، وأظهرت قدرة اليمن الكبير الخارج من تسع سنوات حرب وحصار، على إذلال قوى الشر والاستكبار “أمريكا وبريطانيا وإسرائيل”، وهنا يتأكد للجميع أن اليمن كان وما يزال وسيظل ويكون الحلقة العربية الأقوى، وقبلة الحرية لكل العرب، وما عملياته الماضية إلا بدايات لمفاجآت وصدمات وضربات أكد القائد أنها ستكون أقوى وأشد إيلاماً على الأعداء، وستكون كفيلة بإحراق كل اليافطات لتظهر المعادن على أصولها بدون رتوش ولا ستار، وبما أن اليمن قادم فإن للقصة بقية، وبرواية عربية خالصة خالية من السرديات الأمريكية العبرية.. انتهى.

– المسيرة نت: نوح جلّاس

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة الشعب الفلسطینی العدوان على على الیمن فی الحضن مع العدو على ک ـل

إقرأ أيضاً:

اليمن نموذج ناصع في مواجهة أطماع التوسع الاستعماري

عمير:الجبهة اليمنية وصراع الصمود ضد الهيمنة الضبيبي:صنعاء والضاحية.. وفاءٌ مؤصل وعهدٌ أبدي لا يسقطه التقادم التبعي:اليمن وصمود الأُمَّــة في مواجهة العدوان

 

اليمن نموذج ناصع نكس كل رايات المستكبرين على امتداد الأرض اليمنية وسيظل يمن الإيمان والحكمة والجهاد سندا للأشقاء في فلسطين ولبنان.. اليمن نموج حي نكس كل رايات المستكبرين على أمتداد الأرض اليمنية حتى تحرير الأرض العربية من التواجد العسكري الاستعماري وتطهير مسرى الرسول الكريم ..

الثورة  / أمين رزق

البداية مع الأخ / رهيب التبعي الذي تحدث قائلا: في قلب الجزيرة العربية، يقف اليمن اليوم نموذجًا حيًّا للصمود والتحدي، حَيثُ تواجه الجبهة الوطنية مشروعًا توسعيًّا يفرضه تحالف واسع يضم السعوديّة والإمارات، مدعومًا من أمريكا وكَيان الاحتلال، مع المنافقين الذين عملوا على نشر الفرقة وتقويض الإرادَة الوطنية ومع كُـلّ هذه الضغوط، ظل الشعب اليمني ثابتًا، يثبت يومًا بعد يوم أن القوة الحقيقية لا تُقاس بالسلاح أَو المال، بل بالإيمان العميق بالقضية، وبالتمسك بالحق الوطني والديني في مواجهة كُـلّ محاولات الهيمنة.

لقد أثبت اليمنيون أن الصمود يمكن أن يكون استراتيجية ناجحة عندما يتحد الناس حول مشروع واضح وهدف سامٍ وفي قلب هذا الصمود، يقف السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله، الذي أسّس قيادة مبنية على رؤية واضحة ودروس مستمدة من القرآن الكريم، تربط بين الصمود والإيمان، وتحوِّل المعاناة إلى طاقة دافعة للعمل والوعي فقد أكّـد منذ البداية أن مواجهة العدوان ليست معركة على السلطة أَو النفوذ، بل هي صراع للحفاظ على سيادة اليمن وحماية كرامة شعبه، وأن أي نصر حقيقي يبدأ بالوعي الجماعي وبالثقة في النفس قبل أية حسابات ميدانية.

وقد أثبتت السنوات أن هذه الرؤية كانت حجر الأَسَاس في بناء جبهة وطنية متماسكة، قادرة على مواجهة أصعب التحديات ومع تزامن احتفال الشعب اليمني بعيد الجلاء الذي شهد طرد آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، يواصل الشعب اليمني اليوم نضاله المُستمرّ ضد الاحتلال السعوديّ والإماراتي والأمريكي، ولن يهدأ حتى استكمال تحرير الجمهورية اليمنية من هذا الاحتلال، وتحقيق أهداف الثورة اليمنية التي انطلقت في 21 سبتمبر 2014 ضد الوصاية الأمريكية والسعوديّة والإماراتية والصهيونية وأدواتهم العميلة في اليمن وفي هذا السياق، يحتفل الشعب اليمني اليوم أَيْـضًا بذكرى ثورة 30 نوفمبر، ليجسد رابطًا بين الماضي الوطني العريق والحاضر المقاوم، مؤكّـدًا أن إرادَة الشعب اليمني لم تنكسر وأن الكرامة الوطنية أسمى من كُـلّ محاولات الهيمنة لم يكن العدوان على اليمن مُجَـرّد حرب تقليدية، بل حملة شاملة استهدفت تفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية، ومحاولة إخضاع الإرادَة الوطنية، وتمويل صراعات داخلية عبر أدوات محلية وخارجية ولكن قدرة القيادة اليمنية على قراءة المشهد بوعي، وتحويل الضغوط إلى أدوات تعزيز للوحدة الداخلية، أكسبت الجبهة صلابة غير متوقعة، وجعلت أي محاولة لكسر إرادتها أشبه بمحاولة هدم جبل صخر وهنا يظهر بوضوح الفرق بين قوة الموارد المادية وقوة الإرادَة الحقيقية، حَيثُ أثبت اليمنيون أن الإيمان بالقضية والالتزام بالحق يكسبان الأُمَّــة عزيمة لا يمكن لأي حصار أَو تهديد أن يضعفها.

كما أن اليمنيين لم ينسوا دورهم في دعم الشعوب المظلومة، فقد كانت مواقفهم تجاه فلسطين نموذجًا للتلاحم بين الواجب الإنساني والقيم الوطنية، فقد وقفت الجبهة اليمنية إلى جانب المظلومين في غزة ولبنان وغيرها، مردّدة صوت الحق في وجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، مؤكّـدين أن التضحية ليست خيارًا، بل مسؤولية أخلاقية ووطنية تتجاوز الحدود.

وهكذا أصبح اليمن رمزًا للمقاومة الحرة، وأضحى نموذجًا في المنطقة على أن الشعوب لا تُهزم عندما تكون على حق، مهما عظمت القوى التي تحاول استلاب إرادتها وما يميز التجربة اليمنية اليوم هو أن القيادة لم تكتفِ بمواجهة الخارج، بل نجحت في تعزيز الوعي الداخلي، وتوحيد المجتمع حول مشروع مشترك يحمي الوطن ويصون القيم، ويحوِّل الصراع من معركة عسكرية إلى مشروع ثقافي وسياسي شامل فالجبهة اليمنية، بقيادة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله، استطاعت أن تبني استراتيجية متكاملة تجمع بين القوة، الوعي، والإيمان، وتثبت أن الأُمَّــة التي تؤمن بقضيتها لا يمكن أن تنكسر مهما اجتمع عليها الأعداء وفي خضم هذا الصراع الطويل، يظل الدرس اليمني حاضرًا لكل الشعوب الحرة:

إن الانتصار الحقيقي يبدأ بإيمان الناس بحقهم، وبقيادة صادقة تعرف طبيعة المعركة، وتربط بين الأرض والسماء، والميدان بالقيم ولذلك فَــإنَّ اليمن اليوم ليس مُجَـرّد صمود، بل رسالة واضحة للعالم بأن الجبهة التي تؤمن بقيمتها وبإرادَة شعبها، وتتمسك بالحق، قادرة على مواجهة أي تحالف من القوى الظالمة، وأن الاستسلام ليس خيارًا أبدًا للشعب الذي يعرف قدره ويثق بقيادته

وفي نفس السياق يقول الأخ / أحمد الضبيبي إن في لحظة تاريخية فارقة، حَيثُ تتهاوى أبنيةُ التبعية تحت وطأة الخِذلان المريع، وتتعالى صيحاتُ الاستكبار الكوني لتحيل خارطة الأُمَّــة إلى حطام، تبرز ظاهرة قدسية تكسر حاجز الصمت والتخاذل إنها فكرة، وعقيدة، وخط دفاع أخير يُعرَف بـ”محور المقاومة” لم يعد الأمر مُجَـرّد تجمع عسكري أَو تكتل سياسي عابر؛ بل هو اندماج قدري، بين إرادات صلبة، تتجلى فيه أواصر لا ترهبها طائرات العدوّ الأمريكي والصهيوني ولا تذيبها رمال النسيان.

إن ما يربط صنعاء العصية بضاحية بيروت المقاومة ليس مُجَـرّد تنسيق جغرافي، بل هو قسم علوي مهيب، محفور بأبجدية الدم المنجز لقد كانت المقاومة الإسلامية، سيف الأُمَّــة وغمد عزتها، أول من أدركت ببصيرتها الثاقبة أن العدوان على اليمن والمأساة اليمنية لم تكن حدثًا منعزلًا، بل هي محور استئصال واختبار مصير يستهدف قلب المحور الاستراتيجي وكسر العمود الفقري للمقاومة، مدركة أن العدوان لم يكن على الجغرافيا اليمنية وحسب، بل على شريان العقيدة الواحدة منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على اليمن، انبثق صوت سيد شهداء الأُمَّــة والإنسانية، السيد الأسمى حسن نصر الله -رضوان الله عليه-، مدويًا كالجلجلة، لا يخطئه صمت المتخاذلين ولم تكن خطاباته مُجَـرّد بيان سياسي، بل كانت مظلة سيادة وصيحة حق نافذة، نسفت أوهام شرعية العدوان المزعومة وكشفت عري المشروع التآمري وفضحت زيف ادِّعاءاته، مصنفة إياه نكسة أخلاقية وتاريخية بامتيَاز، هذا الموقف شكّل درعًا إعلاميًّا ومعنويًّا حمى الصمودَ اليمني من الانهيار في عصف التضليل الدولي.

إن ارتقاءَ الترسانة اليمانية الباسلة، من الصواريخ الباليستية وفوق الصوتية إلى المسيرات الكاسرة للهيمنة، التي باتت تخرق عمق دول العدوان وتخنقُ كَيان الاحتلال الصهيوني في البحر الأحمر والعربي، هو ثمرة جهادية مشتركة تعلن ميلاد مفهوم جديد للأمن الإقليمي تحت سلطة الإرادَة الجماعية للمقاومة، إن الموقف اليمني اليوم تجاه حزب الله في لبنان، في غمرة المعركة الوجودية، ليس وليد استجابة ظرفية، بل هو وفاء مؤصل لأهل الوفاء، وفرض عين قدري ووفاء سرمدي لفضل لا يُمحى، ودين كرامة مستحق ومؤبد لا يسقطه التقادم لأهل العزة الذين لم يتزلزلوا حين ارتعشت الأقدام، واعتراف بفضل سابق حفرته المقاومة بأظافرها الفولاذية في جسد المعركة اليمنية القدسية الموقف اليمني اليوم، بإعلانه الصارم واللا متناهى، بأن أي عدوان على لبنان وحزب الله سيجد اليمن بكامل قوته في قلب المعركة، هو تأكيد لدين الكرامة والوفاء المنقوش في ذاكرة الأحرار وعهد الشرف الذي لا يسقط بالتقادم، وأن اليمن لا ينصر أخاه وحسب، بل يشاركه المصير والفتح، فبينَ صمود اليمن الشامخ ووعي لبنان الثابت، تُعاد صياغة المعايير ليشرق فجرُ السيادة الحقيقية كطود أشم لا تبلغه سهام التخاذل هذا الميثاق هو إعلان بليغ يعيد تشكيل وجه التاريخ بمطرقة الحق، ويرسم خطًا أحمر جديدًا للعزة لا يمكن تجاوزه، مؤكّـدًا أن تجزئة المصير هي استحالة عقائدية في قاموس الأحرار هذه الملحمة اليمنية بصمودها الأُسطوري هي دليل دامغ على أن عقيدة المقاومة لا تعرف الجغرافيا، بل تتحد في وجه الاستكبار الكوني وهذا التلاحم يرسل برقية مشفرة إلى كُـلّ من يراهن على تجزئة المحور وعزله، لن يُفرد أي جزء من محورنا بالاستئصال، فالعدوان على طرف هو عدوان على الكل إن النصرَ الحقيقي لليمن وهزيمة المعتدين فيه، هو الذي يعيد للأُمَّـة مجدها وعنوانها الأقدس، وهو الطريق الذي يمر حتمًا بفك قيد المسجد الأقصى وقد علمنا موقف حزب الله أن المبادئ تُصان بالتضحية لا بالمساومة، وأن الأخوة الإيمانية تتجلى في أصعب الظروف وأخطر الثغور.

أما الأخ /شاهر أحمد عمير فيقول :إنَّ جبهةً معها الله لا تنكسر ولو كان ضدَّها الوجود كلُّه، وهذه الحقيقة تتجلى اليوم في المشهد اليمني بكل وضوح، حَيثُ يقف الشعب اليمني في جبهة متماسكة تقودها إرادَة الإيمان والوعي، ويقودها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله بثباتٍ ورؤيةٍ استراتيجية جعلت من هذه الجبهة رقمًا صعبًا في معادلات المنطقة فالمعركة التي يخوضها اليمن ليست معركة حدود أَو نفوذ فحسب، بل معركة وجو في مواجهة مشروع واسع تتشارك فيه أمريكا وكَيان الاحتلال والسعوديّة والإمارات، ومعهم المنافقون الذين باعوا مواقفهم وتحولوا إلى أدوات في آلة الهيمنة الخارجية.. لقد حاولت هذه القوى أن تكسر إرادَة اليمنيين عبر الحرب الاقتصادية والعسكرية والإعلامية، لكنَّ كُـلّ تلك المحاولات اصطدمت بجدار الوعي الشعبي الذي أدرك أنَّ الهجمة ليست على طرفٍ سياسي أَو جغرافي، بل على هُوية اليمن واستقلال قراره وهنا يبرز دور القيادة التي نجحت في تحويل الحصار إلى فرصة للاعتماد على الذات، وتحويل الاستهداف إلى سببٍ إضافي لتعزيز وحدة الجبهة الوطنية في مواجهة العدوان ويمكن القول إنَّ الجبهة اليمنية اليوم تشكِّل حالة نادرة في المنطقة من حَيثُ قدرتها على الجمع بين الصمود الشعبي والقيادة الواعية والرؤية الواضحة لطبيعة الصراع، فالسعوديّة والإمارات، رغم ثرواتهما الضخمة ودعم واشنطن وتل أبيب لهما، لم تستطيعا تحقيق أهدافهما، بل تحوَّلتا إلى طرف مأزوم يسعى إلى الخروج من الحرب بأقل الخسائر الممكنة أما أمريكا وكَيان الاحتلال فقد وجدا في اليمن قوَّة ترفض الخضوع، وتستطيع أن تغيِّر موازين الصراع في البحر الأحمر والممرات الدولية رغم كُـلّ الضغوط.

إن ما يميز الجبهة اليمنية هو أنها لا تقاتل بالوكالة عن أحد، ولا تنفِّذ مشاريع خارجية، بل تدافع عن سيادتها وكرامة شعبها ولهذا استطاعت أن تفضح مشروع التطبيع الإقليمي، وأن تكشف حقيقة المتواطئين الذين يبرّرون العدوان ويهاجمون المقاومة اليمنية إعلاميًّا وسياسيًّا خدمةً للمحتلّ الصهيوني والأمريكي وفي الوقت نفسه، فَــإنَّ هذه الجبهة أثبتت أنَّ القوة ليست في حجم الترسانة العسكرية، بل في روح الصمود والإيمان بعدالة القضية ويأتي ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي هنا؛ باعتبَاره حجر الزاوية في هذا الصمود، فقد استطاع بخطابه الواعي وقراءته العميقة للمشهد أن يحافظ على اتّجاه البوصلة نحو العدوّ الحقيقي، وأن يجنِّب اليمن الانزلاق إلى الصراعات الداخلية التي حاولت أطراف العدوان إشعالها منذ اليوم الأول، كما نجح في تعزيز مفهوم الجبهة الجامعة التي تضم كُـلّ من يؤمن بأن اليمن لا يجب أن يكون تابعًا ولا ساحة نفوذ للمحتلّإن صمود الجبهة اليمنية اليوم ليس إنجازا عسكريًّا فحسب، بل هو إنجاز سياسي وأخلاقي يعيد الاعتبار لفكرة التحرّر الوطني في زمنٍ حاولت فيه القوى الكبرى أن تفرض منطق الاستسلام على الشعوب ومع استمرار اليمن في الدفاع عن قضيته، ومع تزايد الوعي الشعبي في مواجهة التضليل الإعلامي، بات واضحًا أنَّ مشروع الهيمنة يواجه مأزقًا حقيقيًّا، وأن الجبهة اليمنية أصبحت نموذجًا يُدرَّس في الإرادَة والقدرة على تحويل المعاناة إلى قوة وهكذا، فَــإنَّ الجبهة اليمنية في صراعها الواسع ضد السعوديّة والإمارات وأمريكا وكَيان الاحتلال ومن دار في فلكهم من المنافقين، تقدم اليوم درسًا في أن الشعوب الحرة، مهما كانت الظروف، تستطيع أن تصنع مستقبلها عندما تمتلك القيادة الواعية والإرادَة الصلبة والوعي الجمعي بأن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع.

مقالات مشابهة

  • سلطات العدو الصهيوني تعتزم بناء مركز شرطة في بلدة جبل المكبر بالقدس
  • استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة آخرين بقصف العدو الصهيوني مركبة غرب غزة
  • قبائل بني بحر تؤكد جاهزيتها لإفشال مؤامرات العدو الصهيوني
  • “ذا تايمز” تكشف عن لقاءات سرية بين الانتقالي وكيان العدو الصهيوني
  • العدو الصهيوني يصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة
  • اليمن نموذج ناصع في مواجهة أطماع التوسع الاستعماري
  • “الأورومتوسطي”: فصل جسد طفل إلى جزأين يبرز نمط القتل الصهيوني المتعمد في غزة
  • العدو الصهيوني يفجٍر منزلا في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان
  • مركز عين الإنسانية يكشف عن إحصائية جرائم العدوان السعودي الصهيوني الأمريكي على اليمن خلال 3900 يوم
  • ندوة ثقافية وفكرية في الحديدة حول طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني