ملتقى الأزهر: الإسلام كرّم المرأة أفضل تكريم ومنحها حقوقها المسلوبة في الجاهلية
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر، عقب صلاة تراويح اليوم الجمعة، «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، تحت عنوان «وقفات حول حقوق المرأة في الإسلام»، بمشاركة الدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة بكلية الدراسات العليا، جامعة الأزهر الشريف، والدكتور أحمد الشرقاوي، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون ووكيل قطاع المعاهد الأزهرية، وأدار الملتقى الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على أروقة الجامع الأزهر.
في بداية اللقاء، استنكر الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على أروقة الجامع الأزهر، اتهام البعض للإسلام، من حين لآخر، بأنه هضم حقوق المرأة، مؤكدا أن الإسلام هو الذي كرّم المرأة، أمًا وأختًا وزوجة وعمة وخالة، أفضل تكريم، ومنحها حقوقها التي كانت مسلوبة منها قبله، وأكثر منها أيضا، لدرجة أن الله تعالى جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، كما خص سورة كاملة في القرآن الكريم باسم «النساء»، وسورة أخرى باسم «مريم» عليها السلام.
وأوضح الدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة بكلية الدراسات العليا، جامعة الأزهر الشريف، أن قضية حقوق المرأة في الإسلام قضية تحتاج إلى نظرة متأنية، من خلال عرض آيات القرآن الكريم، ومن خلال المواقف التطبيقية الواردة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، وتاريخ الأمة الإسلامية، مؤكدا أنه ما من بيت فيه أما رحيمة، وزوجة حكيمة، وأختا كريمة، وبنتا حليمة، إلا وكان مدار الخير في كل مكان، فالمرأة تمثل نصف المجتمع وتعد وتربي النصف الآخر، قائلا «إذا كانت المرأة بهذه المكانة أيغفل الإسلام عن حقها!!».
الإسلام كرم المرأة بإعطائها حقوقها التي كانت غائبة عنهاوأضاف عبد الغفار، أن الإسلام أسس، من خلال ما شرع في كتاب الله وسنة رسوله، ما يدل على إكرام المرأة بإعطائها حقوقها التي كانت غائبة عنها، مستدلا بقوله تعالى «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى»، وقوله«فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ»، حيث أن استجابة الله تعالى لهما فيها دلالة على المساواة، وأيضا حديث «النساء شقائق الرجال»، فيه توازن عجيب في رفع مكانة المرأة صفا واحد مع الرجل، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في وصيته الأخيرة «استوصوا بالنساء خيرا».
من جانبه، توقف الدكتور أحمد الشرقاوي، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، عند أحد حقوق المرأة في الإسلام، وهي «المودة» والتي بيّنها قوله تعالى «وجعل بينكم مودة»، موضحا أن المودة التي جاءت في القرآن الكريم لا تتوقف عند المودة الزوجية أو الأسرية أو المجتمعية، بل تشمل المودة الإنسانية، لافتا إلى أن هناك فرق دقيق بين «خلق» في قوله تعالى «خلقكم من نفس واحدة» و«جعل» في قوله تعالى «وجعل بينكم مودة ورحمة»، موضحا أن الخلق فيه مساواة، لكن الجعل دل على أن المودة التي تجري بين الناس متغيرة، تزيد وتنقص، ولهذا تبعها بالرحمة لتكملها عندما تنقص.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجامع الأزهر صلاة تراويح ملتقى الأزهر قضايا إسلامية حقوق المرأة مجدي عبد الغفار كلية الدراسات العليا الجامع الأزهر حقوق المرأة م المرأة
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 6 من سورة القارعة: ” فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ”.
مما استوقفني في هذه الآية ثلاث مسائل، الأولى: لماذا جاء ثقل الموازين دلالة على زيادة الأعمال الصحيحة، مع أن الميزان واقعيا يوازن بين شيئين، فهو إما أن تضع الشيء في كفة وفي الكفة الأخرى ما يعادله من أثقال مقدرة، فتحسب قيمة الثقل الموازن لتعرف وزن الشيء الموزون، وإما أن تضع الشيئين فتنقص أو تزيد من أحدهما لكي يتعادلا فيصبحا بالوزن ذاته.
في الحالتين يلزم الميزان التوازن، فإن رجحت كفة فلا يعلم مقدار زيادة وزنها إن كان قليلا أو كثيرا إلا بالترجيح وهو إضافة أثقال معلومة وحساب قيمتها.
فإن كانت الحسنات في كفة والسيئات في الأخرى، فلماذ اعتبر الله تعالى ثقل الميزان لصالح الصالح، وأنّ خِفّتَها تعني رجحان السيئات؟، مع أن كفة السيئات من الممكن أن تكون الراجحة، فلم يقل من ثقلت (أي رجحت) كفة أعماله الصالحة، بالمقابل من ثقلت كفة أعماله السيئة؟.
معنى ذلك أنه تعالى لم يقم وزنا للأعمال السيئة!، أليس في ذلك بشارة وطمأنة للبشر؟
إذاً فالعمل الصالح هو المعتبر عنده تعالى، وهو الذي له قيمةٌ وحساب، وتقدير قيمته عائد لعدل الله وكرمه، وتقدير قيمة السيء من العمل عائد لرحمة الله وعفوه.
التساؤل الثاني يتعلق بدلالات استعمال الميزان في التقييم، وهو عنوان العدالة، إذاً فالأمر ليس تقديريا، بل يُحسب بدقة، فكل شيء فعله في الدنيا أحصاه الله، و”لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى” [طه:52]، و”وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا” [الإسراء:13]، لذا فلا يستصغر المرء أعماله التي قصد بها رضا الله تعالى مهما ضؤلت، لأنه لا يهمل الله أمرا كان بقصد نيل رضاه جل وعلا مهما قل، ولا أمرا أغضب الله فيه مهما صغر” فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” [الزلزلة:7-8]، وإنه “لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً” [الحجرات:14].
من هنا يتعلم المرء حسن الأخلاق، فليس عمل الخير مقصورا على من يملك المال، بل الكلمة الطيبة والإبتسامة والود في التعامل وحتى في رفع الأذى عن الطريق، كل ذلك رصيد له يوم لا يتمنى المرء غير إثقال الميزان.
كما جاءت لفظة الموازين بصيغة الجمع لأن الصالحات كثيرة التنوع ومتفاوتة في الأثر، فلا تقاس بميزان واحد، فذكر الله يقاس بمقدار ما حققه من تقوى وبعد عن المعاصي وليس بعدد الأذكار، والصدقات بمقدار النفع المتحقق وليس القيمة، ونوافل العبادات بالإخلاص في أدائها وليس بعددها، والجهاد بمقدار صدق النية في التضحية وليس بعدد المعارك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمقدار الأثر المتحقق،..الخ.
وأما الثالثة فهي في دلالة استعمال (راضية) والتي هي إسم فاعل، ولم ترِدْ (مرضي عنها)، أي في مقام إسم المفعول، فالمفترض أنّ العبدَ هو الذي يرضى عن العيشة.
إن استعمال اسم الفاعل في مقام اسم المفعول أحد الإعجازات القرآنية الباهرة ، ومثلها قوله تعالى:”جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا” [الإسراء:45]، فالحجاب يكون ساترا أي إسم فاعل فكيف جاء مستورا(اسم مفعول)؟، قال العلماء في تفسير ذلك أنه يكون حجابا مضاعفا بطبقات عديدة تستر بعضها بعضا، وإذاً فتفسير العيشة الراضية أنها ليست مُرضِيةً فحسب، بل هي متعددة الإرضاء، وكأنها هي الراضية بذاتها عن العبد، لأنها محققة لجميع ضروب السعادة والكفاية.
كم من الكنوز النفيسة في قرآننا العظيم، والتي مهما نقب الإنسان سيجد منها الجديد في كل عصر، وبما وسعته مدارك كل زمان، لذلك حض الله على دوام التفكر في كتابه، ولم يقل بالاقتصار في فهمه على ما جاء به الأولون، وذلك لأجل استنباط فهم جديد ينفعهم في حل مشكلات استحدثت بفعل التطور والتغيير على مر الأزمنة.
فالحمد لله على هذه النعمة الدائمة الباقية أبد الدهر، قد تزول أية نعمة لكنها لا تزول.