انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الاثنين، من داخل مجمع الشفاء الطبي في غرب مدينة غزة، كما غادرت المناطق المحيطة به باتجاه مناطق جنوب حي تل الهوى، لتتكشّف الجريمة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في المنطقة، حيث تم العثور على مئات من جثث الشهداء في المجمع وفي محيطه، فضلاً عن دمار واسع خلّفه الاقتحام.

وأكدت مصادر محلية أن قوات الاحتلال أحرقت جميع مباني المستشفى، كما أكدت وزارة الصحة في غزة خروج المستشفى من الخدمة، وأنه بات يصعب عودته إلى العمل بسبب حجم الدمار الهائل الذي لحق بجميع مرافقه.

وأوضحت مصادر طبية من داخل المجمع الطبي أن جيش الاحتلال دمر عدة طوابق من المباني، خصوصاً في مبنى الجراحات التخصصية الذي أحرقه بالكامل، كما أحرق مبنى الاستقبال والطوارئ الرئيسي، ودمر عشرات من غرفه وجميع الأجهزة الطبية فيه، وأحرق أيضاً مباني الكلى والولادة والسرطان والحروق، وكذا ثلاجات دفن الموتى، ودمر مبنى العيادات الخارجية تماماً.

تم العثور على جثامين المئات داخل المجمع وفي الشوارع المحيطة

وقال شهود عيان إنه تم العثور على جثامين عشرات الشهداء داخل مجمع الشفاء، وفي شوارع عمر المختار وعز الدين القسام وأبو حصيرة وبكر وحبوش المحيطة به، وأوضحوا أن جيش الاحتلال دمر المقبرة المؤقتة التي أقامها الفلسطينيون في المجمع، وأخرج جثامين القتلى منها، وألقاها في مناطق متفرقة بالمستشفى.

وقدّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عدد الشهداء الذين خلّفهم اقتحام الاحتلال الإسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي بأكثر من 400 فلسطيني، فضلاً عن تدمير وحرق 1050 منزلاً في محيط المجمع.

نزح أحمد أبو دان (30 سنة) مع العديد من أفراد عائلته إلى محيط مجمع الشفاء، وكانت العائلة محاصرة في أحد المباني القريبة حين اقتحم جيش الاحتلال المنطقة، لكنهم نجوا بأعجوبة، وسارع مع كثيرين بعد الانسحاب إلى مجمع الشفاء لمعرفة مصير الأشخاص الذين كان يشاركهم الإفطار في أيام شهر رمضان الأولى. 

يقول لـ"العربي الجديد": "ليلة الاقتحام، سمعنا أصوات حركة آليات عسكرية كبيرة، وشعرنا بالخوف لأننا نبعد قرابة 500 متر عن المجمع، ثم أصبحنا محاصرين بلا مهرب، وتوسعت الاقتحامات، لكن بعد نحو نصف ساعة هدأت الأصوات، فحاولنا مغادرة المنزل للابتعاد، كان الظلام دامساً، وكنا نصطدم بالأنقاض والجثامين. حين أشرقت الشمس كان المشهد فظيعاً، وشاهدت العديد من الجثث الملقاة لنساء ورجال وأطفال، وكانت مباني المستشفى محروقة، ولا يوجد معالم لساحتها، ورائحة الحريق في كل مكان، وكانت الكلاب والقطط تقترب من الرمال لتشم الروائح، فنعرف حينها أن أسفلها جثامين".

بدوره، حاول سعيد الحصري (36 سنة) العثور على أبناء عمه الذين كانوا بين النازحين إلى المجمع، ولا يزالون مفقودين حتى الآن، ولا يعلم إن كانوا معتقلين أم شهداء، ويواصل البحث بين الجثامين، ويدعو أن يكونوا على قيد الحياة، لكنه عثر على جثامين العديد من الأشخاص الذين يعرفهم من جيرانه.

يقول الحصري لـ"العربي الجديد": "عدد من الجثامين التي طالعتها كانت للطواقم الطبية، وتعرّفت عليهم من الزي الطبي الأبيض، وأخرى لأشخاص كانوا يرتدون اللون الأزرق المتعارف عليه في غزة للعاملين في غرف العمليات، وشاهدت جثامين تعرضت لإطلاق النار، وأخرى داستها مركبات الاحتلال، وكانت المنطقة الخلفية التي كان فيها القبور مدمرة تماماً، وعدد من القبور مفتوحة". ويضيف: "خرج الناس من الحصار للبحث عن ذويهم ومعارفهم بين الجثامين، وكان بعضهم يجمع الأشلاء والأعضاء المقطوعة، لكني لازلت أعتقد أن ابني عمي محمد وحسام حيان، وربما هما معتقلان".

وقبل انسحاب الاحتلال، أعرب مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مساء السبت، عن قلقه بشأن سلامة 100 مريض و50 موظفاً صحياً داخل مجمع الشفاء، مؤكداً أن المنظمة وشركاءها اضطروا إلى تأجيل مهمة إلى المستشفى بسبب تأخر الحصول على الموافقة.

وهذه المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي المستشفى منذ بداية العدوان، إذ اقتحمته في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد حصاره لمدة أسبوع، وتم حينها تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعدات طبية ومولد الكهرباء.

ومجمع الشفاء هو مجمع حكومي تابع لوزارة الصحة الفلسطينية، ويعد أكبر مؤسسة صحية تقدم خدمات طبية في قطاع غزة، وتأسس عام 1946، في عهد الانتداب البريطاني في مدينة غزة، وكان في شكله الأولي أكشاكا صغيرة تقدم خدمات الرعاية الطبية إلى المرضى، وتطور مع الوقت فأصبح أكبر مجمع طبي في القطاع، ويعمل فيه 25 في المائة من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله.

يقع المجمع البالغة مساحته 45 ألف متر مربع عند مفترق طرق في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة، ويطل على شارعي عز الدين القسام والوحدة، ويقع في محيطه مسجد الشفاء، ويضم ثلاثة مستشفيات متخصصة، وهي: مستشفى الجراحة، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى النساء والتوليد، مع قسم حضانة للأطفال الخدج، إضافة إلى قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة والأشعة وبنك الدم والتخطيط، ويحتوي على 500- 700 سرير.

وخلال اقتحام المجمع ومحيطه، أجبر الاحتلال مئات من العائلات على النزوح، ثم لاحق النازحين بالاعتقال على الحواجز المقامة بالقرب من وادي غزة في وسط القطاع، وتلك القريبة من "شارع 749" الذي يقسم قطاع غزة إلى نصفين.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: جیش الاحتلال مجمع الشفاء العثور على فی غزة

إقرأ أيضاً:

البرش: استشهاد أكثر من 225 صحفيا في غزة

أكد المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة الدكتور منير البرش أن أكثر من 225 صحفيا استشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرا إلى أن الاحتلال سعى بكل وسائله إلى طمس الحقيقة وتغيير الصورة ومنع الصحافة الأجنبية من دخول غزة.

وأوضح البرش في مقابلة للجزيرة أن الاحتلال أراد طمس الحقيقة، فخرج له جيل من الصحفيين الفلسطينيين أظهروا الحقيقة باقتدار ونقلوا الأحداث بشجاعة، مؤكدا أن هؤلاء الصحفيين يستحقون أن يقف لهم الجميع إجلالا وإكبارا وإكراما.

وأشار إلى استشهاد صحفيين من "خيرة أبناء الصحافة" في المستشفى المعمداني، وهم سليمان وإسماعيل وسمير.

وأفادت مصادر في مستشفيات ناصر والمعمداني والشفاء في قطاع غزة باستشهاد 38 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على مناطق عدة بالقطاع منذ فجر اليوم الخميس.

وأكد مدير المستشفى المعمداني في غزة الدكتور فضل نعيم للجزيرة أن قوات الاحتلال استهدفت المستشفى مباشرة، مما أدى إلى استشهاد 4 أشخاص وإصابة عدد آخرين.

وأضاف أن استهداف الاحتلال المستشفى هو الثامن منذ بدء الحرب.

وكان مراسل الجزيرة أنس الشريف قال إن مسيّرة إسرائيلية قصفت الصحفيين مباشرة خلال وجودهم في المستشفى لتغطية مستجدات الحرب.

إعلان

معدلات القتل

ولفت المسؤول الفلسطيني إلى أن منع الصحافة الأجنبية من دخول غزة يهدف إلى عدم إظهار الحقيقة الواضحة، لكن الصحفيين الفلسطينيين تمكنوا من كسر هذا الحصار الإعلامي وأخرجوا للاحتلال ولكل الشعوب جيلا من الصحافة والصحفيين المميزين الذين ينقلون الحقيقة.

وكشف البرش عن أرقام صادمة للضحايا، حيث أعلن أن عدد الشهداء وصل إلى 54 ألفا و677 شهيدا وأكثر من 123 ألف جريح منذ بداية العدوان.

وأشار إلى أن معدل القتل اليومي للاحتلال بلغ 89 شخصا، حيث يستشهد يوميا 27 طفلا و15 امرأة، إضافة إلى الشباب وكبار السن.

وأضاف البرش أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منذ بداية الحرب أكثر من 16 ألفا و300 طفل وأكثر من 8880 امرأة وأكثر من 4050 رجلا مسنا، مؤكدا أن هذه الأرقام تعكس طبيعة الاستهداف المنهجي للمدنيين.

المنظومة الصحية

وفيما يتعلق بالمنظومة الصحية، أكد البرش أن الاحتلال الإسرائيلي جعل المنظومة الصحية هدفا رئيسيا، مشيرا إلى أن 17 مستشفى فقط من أصل 38 مستشفى تعمل بشكل جزئي حاليا.

وأشار إلى آخر استهدافات اليوم داخل مستشفى الشفاء، وأمس في مستشفى شهداء الأقصى.

وأوضح البرش أن الاحتلال أخرج منظومة الشمال الصحية بأكملها من العمل، مستشهدا بالمشاهد التي أظهرها الصحفيون حول تدمير مركز نورة الكعبي للكلى كاملا، وبدء تدمير جميع مكونات مستشفى الإندونيسي الخارجية.

وأشار إلى أن الاحتلال أحضر الجرافات، وكان يهدم مولدات الكهرباء وخزانات الوقود ومستودعات الأدوية، في إطار خطة ممنهجة لاستهداف المنظومة الصحية الفلسطينية.

وأكد البرش على صمود غزة، وقال إنها اليوم تشيع شهداءها بتكبيرات العيد وتحتفل بعيدها من تحت الركام بصبر وثبات وكرامة.

مقالات مشابهة

  • تحذيرات أممية من انهيار آخر مشفيين بغزة
  • مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى
  • صحة غزة تحذر من كارثة إنسانية مع استمرار العدو الإسرائيلي استهداف المستشفيات
  • عين الدفلى.. حريق داخل مجمع لمحلات تجارية مغطاة بخميس مليانة
  • مدير مركز سبها الطبي يتفقد الخدمات أول أيام عيد الأضحى   
  • وفاة خمسيني يُشتبه في تعرضه لتسمم غذائي داخل مطعم سمك ببني ملال
  • في أول أيام عيد الأضحى المبارك محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى “الحياة” ببورفؤاد
  • البرش: استشهاد أكثر من 225 صحفيا في غزة
  • استشهاد 3 صحفيين في قصف الاحتلال ساحة المستشفى المعمداني
  • تقنية جديدة تكشف الفيروس المختبئ في الخلايا.. هل أصبح الشفاء من الإيدز قريبًا؟