لجريدة عمان:
2024-06-11@20:20:38 GMT

قادة الناتو بحاجة إلى تأكيد سياسات ترامب الآن

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

إذا ما تم انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية فستحدث صدمة كبيرة أخرى للسياسات الدولية، فالعالم الآن مليء بالأزمات، ومن ذلك الأزمة الأوكرانية والأزمة في غزة، فدونالد ترامب يلقي بظلاله المزعزعة لمحاولة الاستقرار في كل تلك القضايا.

فكيف لنا التعامل مع كل تلك الأزمات عندما لا تتوفر لدينا أية معلومات عمن سيكون رئيس الولايات المتحدة القادم، تلك الدولة المؤثرة على مجريات كل تلك الأزمات الحالية، وربما يمكن التنبؤ بافتعال أزمات أخرى، وفعلا الكثير من الزعماء اغلقوا الكثير من ملفات المشاركة في الأزمات انتظارًا لما سيحدث في الخامس من نوفمبر.

ولكن، لا يعني ذلك اتخاذ موقف الصمت، فهذه الخطوة خاطئة في التعامل مع ترامب، بل ويتعين على قادة الدول أن يكونوا سباقين في التحرك من الآن لتعزيز مقاومتهم الخارجية لسياسات ترامب، ومن هؤلاء القادةِ قادةُ دول الناتو.

فدونالد ترامب شخص لا يمكن التنبؤ به، مع أن ذلك هو الأمر الطبيعي الذي يجب أن يكون عليه الرئيس، ولكنه ليس فوضويا فقط، بل هو يؤمن أن السياسات المفاجئة ترجح كفته وتمنحه الأفضلية.

كذلك هو شخص يفتقر للخبرة الدولية وخاصة فيما يتعلق بالشؤون والعلاقات الديبلوماسية بين الدول، ويحاول تغليب مصالحه ومنافعه الشخصية، بعيدًا عما قد يسببه من عواقب سياسية، وفي اعتقاده أن كل تلك الملاحظات تجعله اللاعب الأقوى.

إن عدم قدرة الدول على التنبؤ بما سيقوم به دونالد ترامب إذا فاز أمر سيئ للغاية بالنسبة للنظام الدولي، خاصة الدول التي تعتمد على الولايات المتحدة في تحديد سياساتها الخارجية، لذلك لا يجب علينا الاستغراب من حالة الجمود التي يعيشها حكام الدول الغربية حاليا، فهم ليسوا متأكدين مما سيحدث في المستقبل القريب، ولكن اتخاذ موقف الجمود بحدث ذاته يعتبر سياسة خطيرة، إذ يُقيِّد قوة الدول، وهذا ما يصب في صالح استراتيجية ترامب، فالسماح له بالتحكم بصمت الدول وتحركاتها من الآن يقوي موقفه ويجعله شخصًا مؤثرًا، ويجعل الجميع يعمل وفق خططه.

وبدلا من الجمود على قادة الدول أن يكثفوا من جهودهم من أجل حماية سياساتهم الخارجية، وعليهم كذلك توضيح موقفهم وما يريدون بشكل كامل، ويحاولوا الحصول على مبتغاهم، أو الحصول على أكبر قدر ممكن منه، بعيدًا عن تأثيرات ترامب.

ما أتحدث عنه تُعنى بها بشكل كبير دول الناتو، فعلى جميع قادة دولها -الذين يستعدون في الرابع من أبريل للاحتفال بتأسيس الناتو- أن تكون لهم استجابة لما يحدث في العالم، وأن يستعدوا ليس فقط للتهديدات التي يشكلها ترامب في حال فوزه، بل مع التعامل مع شخص لا يحترمهم من ناحية المعايير العالمية والإدارة الدولية.

إن دول الناتو تساهم بـ 2 % من إجمالي الناتج المحلي لتعزيز شؤون الدفاع، ولكن هذا المستوى من الاستثمار في قطاع الدفاع ضعيف ولا يمكنه بناء منظمة قوية بشكل كافٍ لمواجهة «ففلاديمير بوتين»، فموقف دول الناتو في مواجهة «بوتين» لم يكن ليحصل لولا دعم الولايات المتحدة الأمريكية.

وهذا في اعتراف من تلك الدول، لذلك اقترحت بولندا أن تساهم كل دولة بنسبة 3% إذ ترى أن هذه النسبة واقعية أكثر، ولكن هذا الأمر لم يكن تطبيقه سهلا، إذ يتلقى معارضة شعبية إلى جانب الانكماش الاقتصادي، ولكن هذه المساهمة المقترحة تمنح دول الناتو حماية أكبر لها ضد حماقات ترامب، كما أن ذلك يسهم في تحسين قوات الناتو، فأوروبا تعاني من فجوات كبيرة في القدرات، فهي تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في تعزيز قواتها العسكرية، ومثال ذلك في مجال الدفاع الصاروخي، وقد قال رئيس لاتيفا «إدجارس رينكيفيكس» في تصريح لصحيفة فاينانشيال تايمز: «إن الدول الأوروبية تحتاج إلى الرجوع إلى مستويات الأنفاق في عصر الحرب الباردة، ويجب عليها أن تفكر في عودة الخدمة العسكرية الإلزامية».

إن بناء قوة أمنية تعاونية بعيدًا عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية هو السبيل نحو التقدم إلى الامام، وخير مثال على ذلك «درع السماء الأوروبية»، صحيح أن هذه المبادرة تشوبها بعض المشكلات، ولكنها مثال قوي على قيام أوروبا على قدميها.

لذلك يجب على الناتو وأوروبا تطوير سياسات عسكرية جديدة، كـ«درع السماء الأوروبية»، وذلك بمثابة البناء العضلي في الجسد استعدادا لمواجهة القوى المفاجئة التي لم يخبرك أحد عنها، وكما صرحت رئيسة مجموعة تجديد أوروبا في البرلمان الأوروبي «فاليري هاير»، التي قالت: «لقد آن الأوان لتعمل أوروبا على تحسين قدرات الدرع لديها، وتولي أمنها بين يديها».

وفعلا أعضاء حلف الشمال الأطلسي هم أيضا بحاجة إلى توحيد وتعزيز تحالفاتهم التنظيمية في سبيل الحد من الاعتماد على الولايات المتحدة، لذلك زيادة الأعضاء في الحلف إلى ما هو أبعد من السويد الجديدة هو خيار محتمل، وإن بدى صعبًا، حيث قد يثير غضب بوتين مجددًا.

العديد من القضايا التي تحيط بحلف الشمال الأطلسي تلعب دورًا في الكثير من الأزمات الدولية، ومثال ذلك الأزمة الأوكرانية، والتي أثر ترامب في قرارات الحلف، وهو لا يزال بعيدًا عن الحكم، فقد أوقف ترامب مجموعة المساعدات العسكرية والتي تقدر قيمتها بـ 60 مليون دولار لأوكرانيا، وحدث ذلك من خلال الاعتماد على الجمهوريين للتصويت بما يخالف مشاريع القوانين وتأييد منهج عدم التدخل.

وهذا دليل على أن الحلف بحاجة إلى الاعتماد على ذاته من غير الاعتماد على ترامب، إذا كان الدعم الدولي لأوكرانيا سوف يستمر.

لذلك طالب زعماء الاتحاد الأوروبي برفع إمدادات الأسلحة لأوكرانيا، وهذا يعني أن تحمل مسؤوليات الاتحاد لن يؤدي إلى تحقيق الأهداف السياسية الخارجية فحسب، بل كذلك من شأنه أن يُفعِّل موضوع التخلي عن الاعتماد على الولايات المتحدة.

وهذا التغير مرجو في اعتماد الاتحاد الأوروبي على نفسه، لا بد وأن يصحبه وضع اعتبارات مع العلاقات مع الصين، وقد وضعت الولايات المتحدة ضوابط كثيرة في الماضي فيما يتعلق بالصين، وقد أشار ترامب إلى استبعاد أن تقف الولايات المتحدة مع تايوان، وهذا بدوره سيشجع الصين في المنطقة، وعليه فإن اعتماد الناتو على تعزيز قوته العسكرية سيؤدي كذلك إلى مواجهة التحديات التي تفرضها الصين.

وكذلك لا يتوقف الأمر عند المخاوف من الولايات المتحدة ولا الصين، بل أيضا مع ما يحدث في غزة، إن القادة الوطنيين سيحتاجون إلى المشاركة بشكل أكثر فاعلية مع المنظمات، بما فيها منظمات من الولايات المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، لوضع موازين مستقبلية ضد ترامب.

بلا شك فإن الولايات المتحدة لا تتمتع بالسمعة الأفضل في تعاملها مع الصراعات الدولية، ولكن ذلك لا يعني عدم الاستفادة من المنظمات الموجودة فيها، بل على الدول التعامل مع تلك المنظمات بشكل فعال.

إن التفاؤل المتبادل للإصلاح في الأمم المتحدة قد تجاوز حدوده المناسبة، حيث لا تزال هناك فرص غير مستغلة، مثل استخدام المنظمة كمنبر لتعبير الزعماء عن آرائهم بشكل أكثر وضوحًا.

يمكن أن يؤدي التراجع المؤقت في قضايا مثل أوكرانيا وغزة إلى استمرار تفاقم هذه الأزمات. كل يوم يُعتبر حاسمًا في مثل هذه الأزمات الخطيرة، وإذا استمر العالم في الجلوس على الهامش لفترة قدرها ستة أشهر، فلن يكون الوقت والفرصة هما الشيء الوحيد الذين سيتم فقدهما، بل سيجعل من الصعب على ترامب، في حال فوزه بالانتخابات، تحقيق التقدم اللازم.

إذا استمروا الزعماء الوطنيون في مواكبة سياسات ترامب حاليًا، فقد يصبح من الصعب عليهم تغيير مواقفهم في وقت لاحق.

ميشيل بنتلي باحثة في العلاقات الدولية من جامعة رويال هولواي في لندن

عن آسيا تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على الولایات المتحدة الاعتماد على دول الناتو التعامل مع بعید ا کل تلک

إقرأ أيضاً:

لماذا لا تريد دول جنوب العالم الاحتفاظ باحتياطيات الذهب في لندن وواشنطن؟

نشرت صحيفة " إزفيستيا " مقالا للكاتب فلاديمير دوبريينين حول قرار الحكومة الهندية سحب 100 طن من الذهب من المخازن البريطانية. ووفقًا للمعلومات الرسمية المنتشرة في وسائل الإعلام، فإن هذا القرار جاء "بهدف تنويع أماكن التخزين وكذلك لأسباب لوجستية وتجارية".

وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن تقليد تخزين الاحتياطيات الذهبية خارج البلاد له تاريخ طويل. عشية الحرب العالمية الثانية، قررت الحكومة الفرنسية، بدافع القلق من احتمال غزو القوات الألمانية، وضع الذهب في خزائن أجنبية آمنة. ونظرًا لقرب سويسرا من مصدر الخطر، تم نقل الجزء الأكبر من احتياطيات فرنسا من الذهب عبر المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة.

بعد انتهاء الحرب، طلبت باريس من واشنطن إعادة الذهب الفرنسي. لكن الردّ الأمريكي كان غير متوقع بالرفض، حيث بررت واشنطن أن الذهب أُرسِل إلى الولايات المتحدة من قبل أفراد خاصين، وأن التدخل الفرنسي في هذه الصفقة غير قانوني. وقد حاولت باريس التوضيح بأن الأفراد الخاصين كانوا مفوضين من الحكومة الفرنسية لنقل الذهب، لكن واشنطن لم تقتنع.


مع مرور الوقت، تمكّن الرئيس الفرنسي شارل ديغول من التفوق على النظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان الدولار الأمريكي مرتبطًا بالذهب ويجب تبادله بسعر محدد بـ 35 دولارًا للأونصة الترويسية. جمع ديغول جميع الدولارات الأمريكية الموجودة في فرنسا وأرسلها على متن سفينة حربية إلى الولايات المتحدة، وطالب بتبادلها بالذهب. وهكذا، عادت 4400 طن من الذهب إلى فرنسا في آب/ أغسطس 1965.

وأضاف الكاتب أن خطة ديغول نجحت مرة واحدة فقط، وقد حاولت ألمانيا الغربية تكرارها بعد بضع سنوات لكنها فشلت، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية أن وجود الذهب الألماني في الولايات المتحدة يعد ضمانًا لوجود القوات الأمريكية في ألمانيا لحمايتها من الاتحاد السوفيتي. وبعد سنوات قليلة، تخلت الولايات المتحدة عن نظام الذهب، مما جعل تبادل الذهب بالدولار أمرًا ممكنًا من الناحية النظرية فقط، ولكن غير ممكن من الناحية العملية.

وأوضح الكاتب أن الدول التي خزنت ذهبها في الولايات المتحدة لم تحاول استعادته لفترة طويلة، حتى اندلاع الأزمة المالية العالمية في سنة 2008. وقد تلاشت الثقة في العملات النقدية بسرعة، وقررت حكومات العديد من الدول زيادة مكونات الذهب في احتياطياتها النقدية. وشهدت بورصة لندن للمعادن حركة نشطة في صفقات الذهب، وارتفعت أسعاره بشكل كبير.

وتحدث الكاتب عن فضيحة سنة 2009، عندما اشترت الصين 70 طنًا من الذهب من بورصة لندن، وعندما تم تسليم الذهب إلى الصين، خضعت الشحنة لفحص دقيق اكتُشف أن الذهب مغطى بطبقة ذهبية بينما كان جوهره مصنوعًا من التنجستن. اعترضت الصين بشدة، وردت بورصة لندن بأن الصين قد زورت السبائك. وأشارت الصين إلى أن الذهب يحمل ختم النظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ورقم تسجيلي يدل على تخزينه في فورت نوكس لفترة طويلة.

وأضاف الكاتب أن اكتشاف الاحتيال دفع فنزويلا التي كانت تخزن ذهبها في بنك إنجلترا، للمطالبة بإعادة 211 طنًا من الذهب. رد البريطانيون بأن جزءًا من الذهب تم توزيعه على بنوك أخرى، وبعد مطالبات مستمرة، تمكنت فنزويلا من استعادة 150 طنًا فقط.


بالتوازي مع النزاع الفنزويلي البريطاني، كان هناك نزاع آخر يتعلق ببيع صندوق النقد الدولي لجزء من احتياطياته الذهبية. في سنة 2011، طلب مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس-كان من النظام الاحتياطي الفيدرالي إعادة 191 طنًا من الذهب التابع للصندوق، لكن الطلب رُفض. ولاحقًا، تعرض ستروس-كان لفضيحة اتُهم فيها بمحاولة اغتصاب خادمة فندق، مما أدى إلى تدمير مسيرته.

وأكد الكاتب أن محاولة ألمانيا في سنة 2013 لاستعادة ذهبها من الولايات المتحدة نجحت بعد مفاوضات طويلة، وتمكنت من نقل 674 طنًا من الذهب بحلول نهاية سنة 2017. وفي سنة 2015، استرجعت هولندا 120 طنًا من الذهب من الولايات المتحدة. وفي سنة 2016، أعلنت تركيا أنها تعتبر تخزين احتياطياتها في الولايات المتحدة "أمرًا خطيرًا"، واستعادت 29 طنًا من الذهب من الولايات المتحدة وقرابة 200 طن من بنك إنجلترا.

لم تكن عملية سحب الذهب من الولايات المتحدة وبريطانيا واسعة النطاق، حيث بقيت العديد من الدول تثق في مصداقية وموثوقية لندن وواشنطن. ووفقًا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، كان فورت نوكس يحتوي على 216 مليون أونصة ترويسية من الذهب في سنة 2019، وتقدر قيمتها بـ 657 مليار دولار، منها 429 مليار دولار تعود للولايات المتحدة.

وأشار الكاتب إلى أن تجميد الدول الغربية 300 مليار دولار من الأصول الروسية بعد بدء العملية العسكرية الخاصة أثار قلقًا دوليًا. وتشمل الدول الثماني من الجنوب العالمي التي أعلنت عن رغبتها سحب ذهبها من المخازن الغربية نيجيريا، وجنوب أفريقيا، وغانا، والسنغال، والكاميرون، والجزائر، ومصر، والسعودية. وأصبحت الهند الدولة التاسعة التي تعلن عن سحب ذهبها، علما بأن حجم الكمية المراد سحبها أكبر من البقية.

مقالات مشابهة

  • ستولتنبرج يدعو حلف الناتو إلى الحفاظ على مستوى دعم عسكري ثابت لأوكرانيا
  • مؤرخ يحذر من مغبة الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة.. أنصار ترامب جاهزون
  • توافد قادة الدول إلى مركز الملك حسين للمشاركة في مؤتمر الاستجابة الإنسانية لغزة
  • أبو الغيط يرحب باعتماد مجلس الأمن قرارا يدعم وقف إطلاق النار في غزة
  • ماذا لو فاز؟.. ترامب يضع أهدافا مستقبلية أهمها “ملاحقة بايدن”
  • هل يدمر بايدن نفسه؟
  • استطلاع: 60% من الأمريكيين يؤيدون ترحيل المهاجرين غير الشرعيين
  • حيث غاب ترامب.. بايدن يكرم قتلى الحرب الأميركيين بزيارة مقبرة
  • لماذا لا تريد دول جنوب العالم الاحتفاظ باحتياطيات الذهب في لندن وواشنطن؟
  • كيف يمكن لمحاكمة ترامب أن تغير مصير الولايات المتحدة؟