حكم الذكر والصلاة على النبي قبل إقامة الصلاة وبين ركعات التراويح
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم الصلاة على النبي والذكر قبل إقامة صلاة العشاء وبين ركعات التراويح؟ فقد اعتاد الناس في بعض المساجد في شهر رمضان المُعظَّم قبل صلاة العشاء أن يُصَلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصيغة الشافعية: اللهم صل أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد.
. إلى آخرها، ثم يقيموا صلاة العشاء، وبعد صلاة سنة العشاء يقوم أحدهم مناديًا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، صلاةَ القيام أثابكم الله، ثم يصلون ثماني ركعات، بين كل ركعتين يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة واحدة، فاعترض أحد المصلين على ذلك بحجة أنها بدعة يجب تركها. فما حكم الشرع في ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن أمر الله تعالى بالصلاة والسلام على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، ومن المقرر شرعًا أن أمر الذكر والدعاء على السعة؛ لأنَّ الأمر المطلق يستلزم عموم الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة؛ فإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية أدائه أكثر من وجه، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل، وإلا كان ذلك بابًا من الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
فأيما جماعة رأت أن تسبق الإقامة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصيغة المروية عن الإمام الشافعي أو غيرها فلا مانع في الشرع من ذلك، بل عموم الأدلة الشرعية يدل على ذلك.
وكذلك الحال في الذكر قبل صلاة التراويح وأثناءها وبعدها؛ فإنه مشروع بالأدلة الشرعية العامة، فقد ورد الأمر الرباني بالذكر عقب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمطلق يُؤخَذ على إطلاقه حتى يأتي ما يقيّده في الشرع، وقد ورد في السنة ما يدل على الجهر بالذكر عقب الصلاة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ" متفق عليه.
هذا بالإضافة إلى أنَّ التسبيح بخصوصه مستحب شرعًا عقب الفراغ من الصلاة وعقب قيام الليل؛ فقد أمر الله تعالى به في قوله: ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ﴾ [طه: 130]، وفي قوله سبحانه: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: 49]، وفي قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ [ق: 40]، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعله عقب الوتر ويرفع به صوته الشريف، فقد روى النسائي في "سننه" بإسناد صحيح من حديث أُبَيِّ بن كعب وعبد الرحمن بن أَبْزَى رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الوتر بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ و﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، فإذا سلّم قال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثلاثَ مرات»، زاد عبد الرحمن في حديثه: يرفع بها صوته، وفي رواية: يرفع صوته بالثالثة.
فمَن جهر بالتسبيح والدعاء فقد أصاب السُّنَّة، ومن أسَرَّ أيضًا فقد أصاب السُّنَّة؛ فالكل فَعَله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا ينبغي أن نتحجر واسعًا، بل الصواب ترك الناس على سجاياهم، فأيّما جماعة في مسجد رأت أن تجهر فلها ذلك، وأيما جماعة أخرى تعودت على الإسرار فلها ذلك، والعبرة في ذلك حيث يجدُ المسلم قلبه، وليس لأحد أن ينكر على أخيه في ذلك ما دام الأمر واسعًا.
ويجب على المسلمين أن لا يجعلوا ذلك مثار فرقة وخلاف بينهم، فإنه لا إنكار في مسائل الخلاف.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفتح للعبادة باب القبول، وفيها سعادة الدارين، وهي من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وقد نص العلماء على أنها مقبولة أبدًا؛ لأنها متعلقة بالجناب الأجل صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا تعود المصلون على الجهر بها بين كل ركعتين، كان ذلك أقرب إلى قبول العبادة وأكثر ثوابًا وقربًا من الله عز وجل، ولا يجوز إنكار ذلك ولا تبديعه، بل مَن زعم أن ذلك بدعة فهو المبتدع؛ لأنه تحجَّر واسعًا وخالف هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضيَّق ما وسعه الشرع الشريف مِن أمر الذكر والدعاء، وجعل المعروف المشروع منكرًا؛ حيث أنكر ما حثَّ عليه الشرع من كثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكر بين ركعات التراويح على النبی صلى الله علیه وآله وسلم الصلاة على النبی فی قوله
إقرأ أيضاً:
هل يجوز للعائد من الحج ترك صلاة الجماعة عدة أيام للراحة
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال مفاده ما الحكم الشرعي في طلب الدعاء من الحجاج بعد عودتهم من أداء فريضة الحج، وتركهم لصلاة الجماعة في المسجد لعدة أيام؟ حيث ذكر السائل أن بعض أبناء قريته سافروا لأداء مناسك الحج، وبعد رجوعهم لم يظهر عدد منهم في صلاة الجماعة بالمسجد لمدة تجاوزت الأسبوع، مما دفعه هو وأحد أصدقائه إلى زيارتهم في منازلهم للسؤال عن أحوالهم.
وأضاف السائل أنهم وجدوهم بصحة جيدة، ولما استفسروا عن سبب عدم حضورهم للمسجد، أجابوا بأن من عادات عائلاتهم أن الحجاج بعد عودتهم من الأماكن المقدسة يلازمون منازلهم لأسبوع كامل دون خروج، بسبب إقبال الناس عليهم لطلب الدعاء.
وكان سؤال السائل: هل هذا الفعل جائز شرعًا؟
وجاء رد دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي بأن زيارة العائدين من الحج وطلب الدعاء منهم والتبرك بهم هو أمر مستحب شرعًا، شريطة ألا يشغلهم استقبال الزوار والضيوف عن أداء ما كُلِّفوا به من عبادات وواجبات، وعلى وجه الخصوص صلاة الجماعة في المسجد كما ورد في السؤال.
وأكدت دار الإفتاء أن الواجب على العائد من الحج أن يحرص على أداء الصلاة جماعة في المسجد، وإن صلّى في بيته جماعة مع من حضر معه، نال أيضًا فضل صلاة الجماعة.
هل الحج يسقط الصلاة الفائتة
أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي عن سؤال ورد حول ما إذا كان أداء فريضة الحج يُسقِط الصلوات الفائتة، وجاء الرد واضحًا بأن الحج لا يُغني عن أداء الصلاة بأي حال من الأحوال.
السؤال كان حول رجل يؤدي الحج سنويًا، لكنه لا يُصلي إلا صلاة الجمعة فقط، ويبرر موقفه بأنه سيدخل الجنة قبل المصلين لأن الله يغفر الذنوب جميعًا، مستدلًا بحديث النبي ﷺ: "من حج ولم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه". كما جاء في السؤال أن بعض الشباب يتركون الصلاة ويتعمدون تأجيلها إلى ما بعد الشباب، ظنًا منهم أن الحج في الكِبر سيكفّر عن تقصيرهم السابق.
وردًا على ذلك، أكدت الإفتاء أن الصلاة فريضة أساسية لا تسقط عن المسلم في أي حال، واستدلت بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وبقوله سبحانه: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
كما ورد في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال: "خمس صلوات كتبهن الله على عباده، فمن جاء بهن ولم يُضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنة".
وأكدت الإفتاء أن ترك الصلاة خطر عظيم، بدليل الحديث: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فضّل فقدان بصره على ترك الصلاة ولو ليوم واحد حينما قيل له نداويه بشرط أن يترك الصلاة مؤقتًا.