المعادن الاستراتيجية في صدارة اهتمام أنشطة التعدين في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
اندماج وتكامل بين التعدين وخطط التنويع:
دعم مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين بمكونات محلية
اجتذاب التقنيات والاستثمارات الأجنبية الكبرى
الدخول لصناعات المستقبل مثل الإلكترونيات والسيارات الكهربائية
دعم الصناعة من خلال تعظيم القيمة المضافة لأنشطة التعدين عبر تصنيع الخامات
يشهد قطاع التعدين عديدا من التحولات الاستراتيجية التي تفتح باب التكامل بين مختلف القطاعات ومستهدفات النمو والتنويع في "رؤية عمان" المستقبلية، وضمن التوجهات المهمة التي يشهدها قطاع التعدين، تستهدف أنشطة الاستكشافات وعمليات التنقيب معادن استراتيجية من أهمها النحاس والكروم، والسيليكا والدولوميت والبوتاس والنيكل والكربوناتيت، وتعد هذه المعادن استراتيجية لقيمتها الاقتصادية المرتفعة وارتباطها جميعا بمستهدفات مهمة في توجهات التنويع في سلطنة عمان، مثل الخطط الطموحة للتوسع في صناعات الهيدروجين الأخضر وتعزيز آفاق النمو المستقبلي للاقتصاد بصناعات تقنية تواكب ما يشهده العالم من تطور خاصة في صناعات الإلكترونيات والسيارات الكهربائية، مع مساهمة ملموسة أيضا لأنشطة التعدين في احتواء مخاطر التغيرات المناخية.
من ضمن هذه المعادن الاستراتيجية التي تستحوذ على اهتمام قطاع التعدين في سلطنة عمان، يعد النحاس من بين أكثر المعادن التي يتزايد الطلب عليها لاستخداماته الواسعة في الكابلات والموصلات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة والسيارات الكهربائية، أما الكربوناتيت فيستخدم في تصنيع مكونات توربينات مشروعات إنتاج الطاقة بالرياح، والبطاريات، وألواح الطاقة الشمسية، كما يدخل البوتاس في تقنيات الطاقة النظيفة وتخزين الطاقة وتصنيع الإلكترونيات، والنيكل في بطاريات السيارات الكهربائية وإنتاج الهيدروجين، أما السيليكا فهو يستخدم في الخلايا الشمسية والألواح الشمسية وتخزين الطاقة والإلكترونيات، وهو ما يجعل كافة هذه المعادن مرتبطة بتوجهات التنويع الاستراتيجية والتي تستهدف توسعا مستمرا في مشروعات الطاقة المتجددة بما يواكب تحولات الطاقة العالمية ويعزز طموحات سلطنة عمان نحو مكانة إقليمية وعالمية كبيرة في صناعات الهيدروجين الأخضر، وقد اجتذبت بالفعل استثمارات أجنبية كبرى لهذه المشروعات، كما توجد حاليا في سلطنة عمان مشروعات مهمة لإنتاج الطاقة بالرياح وعبر الطاقة الشمسية وهناك مشروعات أخرى قيد العمل وقد أعلنت مؤخرا مجموعة "نماء" عن فرص جديدة لإقامة مشروعات للطاقة المتجددة.
وتمتد طموحات التنويع أيضا لقطاع السيارات الكهربائية الذي تستهدف سلطنة عمان تعزيز تواجدها فيه خلال السنوات المقبلة نظرا لأنه إحدى صناعات المستقبل التي تجمع ما بين مواكبة التطورات التقنية ومساهمة فعّالة في خفض الانبعاثات الكربونية، وفي قطاع الصناعة، وضمن توجهها نحو حسن استغلال الموارد والخامات الطبيعية، تسعى سلطنة عمان نحو تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين، وتربط بعض اتفاقيات الامتياز بين استخراج وتصنيع المعادن، وقد شهدت الفترة الماضية طرح العديد من فرص الاستثمار من قبل جهاز الاستثمار العماني في قطاع التعدين.
وفي إطار ما تتبناه سلطنة عمان من تخطيط استراتيجي مدروس لمسار التنمية، تبدو الرؤية لمستقبل قطاع التعدين واعدة مع استفادة سلطنة عمان من تجاربها التنموية الناجحة في تعزيز النمو في مختلف القطاعات، حيث تقوم صناعة النفط والغاز بشكل أساسي على عمليات الاستكشاف والتنقيب التي تحدد جدوى الإنتاج وحجم الاحتياطيات في حقول النفط والغاز، وكدولة منتجة ومصدرة للنفط والغاز، اكتسبت سلطنة عمان -على مدى عقود- خبرة متقدمة في هذا المجال، وتنتقل هذه الخبرات بشكل متزايد إلى قطاع التعدين من خلال استكشاف دقيق للموارد واجتذاب الاستثمارات الكبرى لنمو القطاع،
وفي هذا الإطار جاءت التوجهات الأساسية لتنمية قطاع التعدين لتركز على تعزيز نمو القطاع وجاذبيته الاستثمارية من خلال طرح مناطق الامتياز التعدينية على غرار ما يتم طرحه من مناطق الامتياز في أنشطة النفط والغاز، كما يتواصل مسح المعادن الفلزية والمعادن الصناعيـة الذي انطلق خلال العام الماضي ويشمل مناطق جديدة وأخرى قائمة ضمن مناطق الامتياز التابعة لشركة تنمية معادن عمان.
ويعزز هذه التوجهات الاستراتيجية، ما يشهده العمل من تقدم فعلي في المشروعات الحالية في قطاع التعدين، حيث تم خلال العام الجاري وضع حجر الأساس لمشروع إعادة تطوير منجمي الأسيل والبيضاء للنحاس الواقعين ضمن المربع 4 بولايتي صحار بعد أن توصلت برامج الاستكشاف والتنقيب إلى وجود احتياطيات تجارية جيدة من خام النحاس، ومن المتوقع البدء بإنتاج خام النحاس من منجم الأسيل خلال العام الجاري على أن يبدأ الإنتاج من منجم البيضاء خلال عام 2026، ووفق التقرير السنوي الأخير لشركة تنمية معادن عمان والذي تم نشره امس الأول تتضمن مشروعات التعدين الواعدة "مزون للنحاس" في ولاية ينقل بمحافظة الظاهرة، والذي تضمنت تطوراته تعيين شركة كندية لبدء أعمال التصميم الهندسي والمشتريات والإشراف الفني وباشرت أعمالها بنهاية العام والانتهاء من دراسة السوق واعتماد خطة تعدين المشروع، ويمثل هذا التعاون أهمية كبيرة نظرا للخبرة الواسعة للشركات الكندية في أنشطة التعدين، كما أشار التقرير إلى تطورات مهمة للعمل في مشروعات منها صحار للتيتانيوم ومشروع إنتاج سبائك الفيروسيليكون.
وفي عام 2020، وتمهيدا لبدء انطلاقة تنفيذ "رؤية عمان 2040"، شهدت سلطنة عمان إعادة هيكلة واسعة للجهاز الإداري للدولة، وكان من ضمنها المرسوم السلطاني رقم (96/2020) بتعديل مسمى وزارة النفط والغاز إلى وزارة الطاقة والمعادن وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، وقضى المرسوم السامي بأن تؤول كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة بالهيئة العامة للتعدين لوزارة الطاقة والمعادن، وأعقب ذلك تأسيس جهاز الاستثمار العماني كمظلة للاستثمارات الحكومية، وانضمام شركة تنمية معادن عمان كإحدى شركات جهاز الاستثمار العماني والذراع الاستثماري الحكومي في قطاع التعدين.
وتبدو النتائج إيجابية وواسعة النطاق لما حققه هذا الدمج والتكامل بين قطاعي الطاقة والتعدين، حيث يجمع بينهما عامل مشترك أساسي كونهما من الموارد الطبيعية التي تحظى بها سلطنة عمان وتستهدف تحقيق الاستغلال الأمثل بما يعزز دور هذه الموارد في توجهات التنويع ويرفع من قيمتها المضافة للاقتصاد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أنشطة التعدین فی سلطنة عمان النفط والغاز قطاع التعدین فی قطاع
إقرأ أيضاً:
مبادرة أميركية مع حلفائها لمواجهة هيمنة الصين على المعادن النادرة
في خطوة تُظهر تصعيدا إستراتيجيا ضد سيطرة الصين على سلاسل التوريد الحيوية، أعلنت دول التحالف الرباعي -الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا- عن إطلاق مبادرة جديدة لضمان استقرار وتأمين إمدادات المعادن النادرة، وذلك خلال اجتماع وزراء خارجيتها في واشنطن أمس الثلاثاء.
وفي البيان المشترك الصادر عقب الاجتماع، كشف الوزراء عن "مبادرة المعادن الرباعية الحرجة"، التي تهدف إلى "تعزيز الأمن الاقتصادي والمرونة الجماعية، من خلال التعاون في تأمين وتنويع سلاسل توريد المعادن الحرجة".
ورغم أن البيان لم يأتِ على ذكر الصين بالاسم، فإن القلق من هيمنة بكين على هذه الموارد كان حاضرا في خلفية الخطاب، حيث أشار الوزراء إلى مخاوفهم من "القيود المفاجئة على سلاسل الإمداد"، و"الممارسات غير السوقية في معالجة وتكرير المعادن".
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو صرّح خلال اللقاء بأن "الرباعية يجب أن تكون منصة تنفيذ، لا مجرّد بيانات نوايا"، مؤكدا أن التجارة والتعاون الصناعي يمثلان حجر الزاوية لمستقبل الرباعية واستمرار تأثيرها الإقليمي.
البيان شدد على أن الاعتماد على دولة واحدة لمعالجة وتكرير المعادن الأساسية "يُعرّض الصناعات لابتزاز اقتصادي، وتقلبات الأسعار، واضطرابات في سلاسل الإمداد".
كما عبّر الوزراء عن "قلقهم الشديد" من الأنشطة الاستفزازية في بحري الصين الجنوبي والشرقي، مؤكدين رفضهم "لأي إجراءات أحادية الجانب تهدف إلى تغيير الوضع القائم بالقوة أو الإكراه".
وأشار البيان إلى تدخلات صينية متزايدة، من بينها استخدام خراطيم المياه، والمناورات الخطيرة، واعتراض السفن والطائرات، ما يُقوّض حرية الملاحة البحرية والجوية، لا سيما في بحر الصين الجنوبي.
وفي سياق آخر، وجّه وزراء الرباعية انتقادات حادة لكوريا الشمالية، بسبب تجاربها الباليستية وتوسيع برنامجها النووي، فضلا عن أنشطتها "الإلكترونية الخبيثة"، كما وصفها.
إعلانوأعرب البيان عن "قلق عميق من تنامي التعاون العسكري بين كوريا الشمالية ودول أخرى"، في إشارة ضمنية إلى دعم بيونغ يانغ لروسيا في حربها بأوكرانيا.
الصين ترفض.. وترامب يوازن
ورغم الانتقادات المبطنة، فإن الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب ما زالت تحافظ على نبرة مزدوجة تجاه الصين.
فبينما أعلن ترامب سابقا عزمه على "اتخاذ موقف حازم" تجاه بكين، عاد في يونيو/حزيران الماضي ووصف العلاقات الثنائية بأنها "ممتازة"، بعد التوصّل إلى اتفاق تجاري مبدئي بين الجانبين.
ومن المنتظر أن يشارك ترامب في قمة قادة الرباعية بالهند لاحقا هذا العام، في محاولة لتعزيز المحور المناهض لنفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
يُذكر أن الرباعية تأسست في الأصل كمحور أمني لمواجهة صعود الصين الإقليمي، وقد تعززت مكانتها مع عودة التوترات الجيوسياسية، خاصة في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، ما دفع واشنطن إلى إعادة تركيز سياستها الخارجية على آسيا.
وعلى الرغم من المعارضة الصينية المتكررة لهذا التحالف، فإن الرباعية ماضية في توسعة أجندتها لتشمل الملفات الاقتصادية الحيوية، وفي مقدمتها المعادن النادرة، التي تُعد العمود الفقري لصناعات التكنولوجيا المتقدمة من بطاريات السيارات الكهربائية إلى الأجهزة العسكرية الدقيقة.