«تقدم» في ذكرى 6 ابريل: لن ننكس رايات الثورة ولن نستسلم لقوى الحرب والشمولية
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
أكدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، أنها لن تنكس رايات ثورة ديسمبر 2018م، ولن تستسلم لقوى الحرب والشمولية، وإنما ستواصل المسير حتى تهزم
الخرطوم: التغيير
أكدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، أنها لن تنكس رايات ثورة ديسمبر 2018م، ولن تستسلم لقوى الحرب والشمولية، وإنما ستواصل المسير حتى تهزم مشاريعهم الظلامية، وأشارت إلى أن ذكرى 6 أبريل هذا العام تجيئ والسودان يمر بإحدى أقسى كوارثه الوطنية.
ومرت يوم السبت 6 ابريل ذكرى انتفاضة (رجب- أبريل) الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري في 6 أبريل 1985م، كما يصادف ذات التاريخ من العام 2019م ذكرى تمكّن آلاف السودانيين من إقامة اعتصام القيادة العامة للجيش بالخرطوم امتداداً للثورة التي انطلقت في ديسمبر 2018م، والذي قاد لإنهاء حقبة الديكتاتور عمر البشير.
وتدور معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 ابريل 2023م، خلفت آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين.
وقالت تنسيقية تقدم في بيان “حول ذكرى 6 أبريل المجيدة”، يوم السبت، إنها ذكرى يوم ذو شأن عظيم في تاريخ النضال الوطني، يومٌ سطر فيه الشعب ملحمتين خالدتين، أسقطتا نظامين شموليين ليقول الشعب بصوت عالٍ، إن الاستبداد زائل وأن حرية البلاد وأهلها هي المبتغى والمسعى مهما طال الطريق.
وأضافت: “تمر ذكرى 6 أبريل هذا العام وبلادنا تمر بأحد أقسى كوارثها الوطنية تمثلت في حرب طاحنة قتلت الآلاف وشردت الملايين ومزقت النسيج الاجتماعي ودمرت البنى التحتية والمقدرات الأمنية والعسكرية”.
وتابعت: “هي حرب في جوهرها ضد كل ما جاءت به ثورة ديسمبر المجيدة، هي حرب الانقضاض على الثورة وقطع الطريق أمام الانتقال الديمقراطي، لذا وجب أن نواجهها بالتمسك بقيم الثورة وغاياتها حتى نستطيع أن نخمدها ونسكت أصوات البنادق ليكون بديلها وطن ترفرف فيه رايات الحرية والسلام والعدالة”.
وأكدت (تقدم): “إننا لن ننكس رايات الثورة، ولن نستسلم لقوى الحرب والشمولية، بل سنواصل المسير حتى نهزم مشاريعهم الظلامية، ونعيد بناء الدولة السودانية على أساس أهدافٍ وغاياتٍ ناضل من أجلها شعبنا ولن يتنازل عن بلوغها مهما واجهته من صعاب”.
//////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان بعد حرب أبريل: من مخاطر التقسيم إلى تفكك الدولة!
الواثق كمير
[email protected]
تورونتو، 9 ديسمبر 2025
المقدمة
منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، واجه السودان منعطفًا تاريخيًا حاسمًا أصبحت فيه بنية الدولة أكثر هشاشة من أي وقت مضى. وفي مطلع عام 2013، وفي ظل توتر سياسي متصاعد وأزمة اقتصادية خانقة وتنامٍ ملحوظ للنزاعات في الأطراف، نشرت ورقة تحليلية تناولت مستقبل الدولة السودانية عبر ثلاثة سيناريوهات رئيسية: 1) إما بقاء الوضع حينئذٍ على ما هو عليه مع إصلاحات شكلية، أو 2) انزلاق البلاد نحو تفكك مُتدرّج للدولة، أو 3) الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تُعيد تأسيس الشرعية وتمنع الانهيار. (الواثق كمير، “الكرة في ملعب الرئيس: تفكك الدولة السودانية ….السيناريو الأكثر ترجيحاً!”، سودانايل، 11 فبراير 2013).
لم تكن الورقة محاولة للتنبؤ بقدر ما كانت قراءة لبُنية الأزمة ولمنطقها الداخلي، حيث أكدت أن تجاهل متطلبات التسوية التاريخية—باعتبارها المدخل الوحيد لمعالجة جذور الصراع—سيجعل من سيناريو التفكك هو الأكثر احتمالاً. ومع اندلاع الحرب في أبريل 2023، وتغير طبيعة النزاع بشكل جذري، تبرز الحاجة لإعادة ربط اللحظة الراهنة بالسيناريوهات التي عُرضت في 2013، ليس للمقارنة التاريخية فحسب، بل لاستخلاص الدروس العملية التي يمكن أن تُسهم في وقف الحرب وصياغة مسار جديد لإعادة تأسيس الدولة.
تفكك الدولة: السيناريو الأكثر ترجيحاً!
حرب أبريل 2023 لم تكن مجرد تصعيد جديد للصراع، بل شكلت منعطفًا نوعيًا في مسار النزاعات السودانية. ظهور لاعب جديد على المسرح، قوات الدعم السريع، وتحالفه العسكري والسياسي مع جهات محلية وإقليمية، وتسيطره على كامل إقليم دارفور وأجزاء من غرب وجنوب وشمال كردفان وجنوب النيل الأزرق، مع إعلان حكومة ودستور لدولة، جعل الواقع السياسي والجغرافي أكثر تعقيدًا. وبينما الانفصال السلمي قد لا يكون ممكنًا—مخالفًا لما حصل في جنوب السودان—يظل سيناريو تفكك الدولة الأكثر ترجيحاً.
ثلاثة عوامل رئيسة تعزز هذا الترجيح:
التدخل الإقليمي وتضارب المصالح: تشاد وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، بدعم من الإمارات، من جهة، ومصر وإرتريا من جهة أخرى، تشارك في الصراع بشكل مباشر وغير مباشر. خاصة بعد سيطرة الدعم السريع على حقول النفط في منطقة هجليج، وخروج الفرقة العسكرية للجيش السوداني، ودخول الجيش الشعبي من جنوب السودان والتنسيق المشترك مع الدعم السريع لحماية المنشآت الحيوية. هذا التعقيد الإقليمي يجعل من إدارة الأزمة الداخلية دون تفكك الدولة أمراً بالغ الصعوبة.
إمكانية انفجار صراعات محلية جديدة:
بافتراض سيطرة الدعم السريع على كل دارفور وأجزاء من كردفان، وحتى في حال توجهه نحو انفصال هذه المناطق، فإن غياب توافق شعبي وسياسي حول تقرير المصير كما حدث في الجنوب يفتح الباب أمام حرب “أهلية” جديدة بين مجموعات دارفور الأخرى ذات الأصول الأفريقية (الزغاوة، الفور، المساليت، البرتي، الداجو، التنجر، التامة، الميدوب، الفلاتة، القرعان، وغيرهم) وبين حواضن الدعم السريع الاجتماعية من ذوي الأصول العربية. ذلك، بجانب أنّ هناك الحركات المسلحة التي تتباين مواقفها السياسية من هذه الحرب ومستقبل دارفور، مما قد يُنبئِ باستمرار النزاع. هذا الصدام الداخلي يزيد احتمالات التفكك ويؤكد هشاشة الدولة.
الشروخ داخل التحالفات العسكرية والسياسية: تبرز احتمالات تصدع داخل التحالف الحكومي بين الجيش السوداني والحركات المُشكلّة ل “القوة المشتركة”، بجانبِ المجموعات المسلحة الأخرى المُقاتلة مع الجيش في شرق ووسط وشمال البلاد، في سياق التنافس على الأنصبة في السلطة والثروة. بينما ليس من المستبعد أنّ هذا التصدع قد يُصيب التحالف العسكري لقوات الدعم السريع مع الجيش الشعبي شمال وحركات دارفور المنشقة النى انضمت إلى تحالف “تأسيس”، ما ينذر بتفكك الدولة على الصعيد العسكري والسياسي، ويعقد جهود السيطرة على كامل التراب الوطني وإعادة الشرعية، حيث تصبح الولاءات متناقضة والمصالح متضاربة، مما يُضعف القدرة على إدارة الدولة بشكلٍ موحد وفعال.
بالنظر إلى هذه العوامل، يبدو أن السودان بعد أبريل ليس على حافة الانقسام فحسب، بل على طريق خطير نحو تفكك الدولة—الذي طرحته في ورقة 2013— الذي ما زال هو السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد حرب أبريل، يعكسه واقعٌ متناميٌ على الأرض.
الخاتمة
ما كشفته الحرب ليس مجرد أزمة عابرة بل تحذير صارخ بأن وحدة الدولة السودانية مهددة على نحوٍ غير مسبوقٍ. فبعد مرور أكثر من عقد على السيناريو الذي رسمته في الورقة التحليلية لعام 2013، حول تفكك الدولة أصبح أقرب من أي وقتٍ مضى، مُعززاً بتدخلات إقليمية مُعقدة، صراعات داخلية حادة بين المكونات المجتمعية والسياسية، وشروخ في التحالفات العسكرية. اليوم لا يمكن معالجة الوضع عبر الإجراءات الشكلية أو الحلول الجزئية. إنّ ترجيح كفة تفكك الدولة يُحتم على القيادات السياسية وصانعي القرار التفكير بجدية في مسارات حل سلمي شامل، يُعيد تأسيس الشرعية، ويضع الأسس لانتقال مستدام يحمي السودان من الانهيار الكامل.
فبدون تبني مسار تسوية سياسية شاملة قادرة على دمج كل الأطراف، واستعادة الدولة من جديد، ستظل المخاطر قائمة، والبدائل محدودة، فيما يعاني الشعب السوداني من آثار النزاع وتشتت السلطة وفقدان المؤسسات. إنّه اختبار حقيقي لقدرة الدولة السودانية على تجاوز أخطر أزماتها منذ الاستقلال.