تايمز: حماس تخدع إسرائيل كما فعل محمد علي كلاي مع فورمان
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
قالت صحيفة "تايمز" البريطانية إن إسرائيل لا يمكن أن تخرج من حربها على غزة إلا ضعيفة بعد وقوعها في نفس الخدعة التي أغرت الغرب بالذهاب إلى حرب العراق، ليجعل نفسه أكثر إرهاقا وأكثر تعرضا للخطر، في وقت أهدر فيه سلطته الأخلاقية.
وانطلقت الصحيفة -في مقال بقلم ماثيو سيد- من إستراتيجية الملاكم محمد علي كلاي التي استخدمها ضد منافسه جورج فورمان في مواجهتهما التاريخية عام 1974، والتي تقوم على استفزاز الخصم، وإغضابه بالتهكم لإثارة رد فعل مبالغ فيه لإرهاقه، حيث يتذكر فورمان أن محمد علي قال له "هل هذا كل ما لديك يا جورج؟" حتى لكم نفسه في حالة من الإرهاق، ليفوز عليه علي بالضربة القاضية في الجولة الثامنة.
وأسقط الكاتب هذه الإستراتيجية على ما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما اعتقد القادة الأميركيون والبريطانيون أن الغزو الشامل لأفغانستان والعراق من شأنه أن يجعلهم أكثر أمانا، وقد كانوا مخطئين بشكل رهيب، حين ضربوا بقوة، وقتلوا مئات الآلاف من المدنيين، وعادوا أكثر إرهاقا وأكثر تعرضا للخطر بعد أن أهدروا سلطتهم الأخلاقية، كما أراد خصمهم تنظيم القاعدة.
إسرائيل تقع في الفخووقعت إسرائيل في نفس الفخ -كما يرى الكاتب- لتردد أن "حركة المقاومة الإسلامية (حماس) طائفة من القتلة المتعصبين"، لكن (حماس) اتبعت إستراتيجية متطورة، عندما بالغت بإغضاب إسرائيل في هجوم السابع من أكتوبر، في إشارة إلى طوفان الأقصى، فيما اعتبره الكاتب جزءا من خطة مصممة بدقة لحث تل أبيب على رد فعل مبالغ فيه من شأنه أن يجعل حماس أقوى وإسرائيل أضعف.
وبذلك نجحت حماس -كما يقول الكاتب- لأن قصف إسرائيل لغزة بالكامل، وتبريرها لكل تفجير بالإشارة إلى الفظائع التي تحملتها جراء طوفان الأقصى، خدم مباشرة أعداءها التواقين إلى دعاية صور سفك الدماء التي تنقل إلى العالم الذي يراقب الحرب، في حين تصبح إسرائيل أكثر عزلة في الأمم المتحدة، ويبدأ حلفاؤها بالتفكير في فرض الحظر، ويميل الرأي العام العالمي ضدها بشكل متزايد.
وعبر الكاتب عن ذهوله من مستوى الغضب الإسرائيلي من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حتى توقف الإسرائيليون عن التأمل في التناقض الذي يكتنف هدفهم المعلن من الحرب، الذي هو القضاء على (حماس)، متناسين أن (حماس) أيديولوجية لا يمكن القضاء عليها بقوة السلاح وحدها، وأن تدمير غزة أثبت أنه عامل تجنيد أكثر فعالية من ألف مدرسة.
غير مقبول إستراتيجياولعل المأساة الأعظم -حسب ماثيو سيد- هي أن كل هذا كان متوقعا، منذ أن وعد وزير الدفاع يوآف غالانت، بفرض "حصار كامل" على غزة "بدون كهرباء ولا طعام ولا وقود"، وفي اليوم التالي قال للقوات الإسرائيلية إنه "حرر كل القيود"، ثم كتب جيورا إيلاند، وهو جنرال إسرائيلي سابق "لكي نجعل الحصار فعالا علينا أن نمنع الآخرين من تقديم المساعدة لغزة"، لتشكل مثل هذه التصريحات خلفية لكل ما حدث.
وربما كانت هذه التصريحات مفهومة من الناحية النفسية، ولكنها غير قابلة للتسامح على المستوى الإستراتيجي، لأنها تبرر مهاجمة قافلة مساعدات لأنها "ربما" تحتوي على مقاتل مسلح، ناهيك عن المذبحة التي ارتكبت بحق العاملين في المجال الإنساني والصحفيين، والمبرر هو أن الأخطاء تحدث في ضباب الحرب، ولكنها تحدث في كثير من الأحيان عندما تدار الحرب في ضباب الانتقام، كما يقول الكاتب.
وخلص الكاتب إلى أن التخلص من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يصب استمرار الحرب الدموية في خدمة مصالحه، سيكون بداية مفيدة ولكنه لن يكون كافيا في حد ذاته، وعلى الإسرائيليين أن يروا كيف يتم التلاعب بهم من قبل خصومهم، وخداعهم في مأساة ذات أبعاد تاريخية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
باحث أمني إسرائيلي: نزع سلاح حماس غير ممكن والحرب في أزمة شرعية
#سواليف
كتب الباحث والمستشار في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، عازر غات، في تحليل مطوّل نُشر مؤخرًا أن “إسرائيل” تواجه اليوم مفترق طرق سياسيًا وعسكريًا، في ظل غياب يقين سياسي أو جدوى عسكرية واضحة لاستمرار الحرب في قطاع #غزة. ويشير إلى أن أي تقييم جاد للوضع يستلزم الابتعاد عن الوهم، ورفض خداع الذات بالافتراضات التي تروّج لها بعض #الأوساط_السياسية لدى الاحتلال بشأن صفقات #إنهاء_الحرب.
يرى غات أن الانقسامات الداخلية حول #الحرب وشروط إنهائها تتقاطع إلى حد كبير مع الانتماءات السياسية، معتبرًا أن الخطاب المتطرف الذي بدأ في هامش الحكومة الحالية وانتقل إلى مركزها، ألحق ضررًا جسيمًا بمكانة “إسرائيل” في أوروبا، وفاقم أزمة الشرعية الدولية، في ظل تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتغير المزاج السياسي الأميركي منذ ولاية ترامب. ويضيف أن تسييس قضية الحرب و #الأسرى وتغليب الاعتبارات الأيديولوجية والفردية على الاعتبارات الاستراتيجية، يدفع بالنقاش العام في “إسرائيل” نحو الانغلاق والتحزب على حساب الواقعية.
وفي ما يتعلق بما يسمى بـ”الخطة المصرية” لإنهاء الحرب، يشير غات إلى أن التفاؤل بشأن نزع سلاح حماس غير واقعي، بل إن الدول العربية التي دعمت هذه الخطة كانت على دراية كاملة بحدود الممكن. ووفقًا لرأيه، فإن دخول قوات عربية إلى غزة لم يعد مطروحًا، كما أن لا السلطة الفلسطينية ولا الفصائل الموالية لها قادرة على حكم القطاع أو مواجهة حماس عسكريًا. ورغم دعمه المبدئي لإعادة السلطة إلى غزة بعد الحرب، يرى أن ذلك لن يتحقق إلا إذا أضعفت حماس بشكل جوهري.
مقالات ذات صلة لازاريني: لا يمكن لألعاب الجوع المرعبة أن تصير واقعاً في غزة 2025/06/12ويُفنّد غات ادعاءات المتفائلين بإمكانية منع تكرار هجوم مشابه لـ7 أكتوبر حتى لو أعادت #حماس بناء قوتها، مؤكدًا أن التهديد الصاروخي بحد ذاته كافٍ ليُعيد شبح فقدان الردع، ويحذر من أن انسحاب “إسرائيل” في ظل هذه المعطيات سيُعدّ إخفاقًا مدويًا في نظر الجمهور الإسرائيلي. كما يرفض فرضية أن الهدف العسكري يتمثل بالقضاء على “آخر عنصر في حماس”، معتبرًا أن الأهداف الواقعية تتعلق بإضعاف القيادة، وتفكيك البنى التنظيمية، وكسر السيطرة الفعلية لحماس على الإمدادات والمعابر.
ويشدد غات على أن “أحد مطالب حماس الصريحة في أي #صفقة_تبادل هو عودة الإمدادات إلى ما كانت عليه”، وهو ما يعكس سعي الحركة لاستعادة نفوذها الميداني. ويضيف أن “حماس ربما تقبل بالتخلي عن الإدارة المدنية، لكنها لا تتنازل عن السيطرة العسكرية الفعلية”.
ويحذر من مقولة “يمكننا استئناف الحرب لاحقًا”، إذ يعتبرها وهمًا خطيرًا، لأن حماس في حال إعادة ترميم قدراتها، ستتحصن في شبكة الأنفاق، ولن تكون الغارات الجوية أو العمليات المحدودة قادرة على كسر قوتها. كما يشير إلى أن المجتمع الدولي، بما فيه إدارة ترامب، لن يمنح “إسرائيل” هامش المناورة الذي حظيت به خلال هذه الحرب، خصوصًا مع اشتداد الانتقادات الأوروبية.
ويخلص غات إلى أن الجمع بين تصريحات متطرفة مثل “سنُبيد كل غزة من أجل إسقاط حماس” التي يرددها الوزير بتسلئيل سموتريتش، وبين تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن “تحقيق رؤية ترامب في غزة”، ينذر بكارثة سياسية واستراتيجية على المستويين الدولي والداخلي. ويعرب عن اعتقاده أن نتنياهو يدرك استحالة تنفيذ ترحيل جماعي أو إقامة مستوطنات جديدة في القطاع، لكنه يستمر بلعب الورقة الخطابية من أجل إرضاء شركائه المتطرفين، ما يمنع الحكومة من تبني هدف واقعي.