الجزيرة:
2025-12-14@08:41:45 GMT

هل ثمة فرصة بين أطلال النظام الدولي؟!

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

هل ثمة فرصة بين أطلال النظام الدولي؟!

المتابع لتسلسل الأحداث العالمية الدراماتيكية خلال العامين الأخيرين يجدها تتصاعد بشكل خطير بحيث يمكن رؤيتها وهي تتكثف في سماء 2024 – 2025 وتكاد تصيب الجميع وتصبّ حُممها فوق الرؤوس بما يجعلنا نتوقّع أننا قد نكون على أبواب كوارث عالميّة جديدة في ظل نظام دولي مضطرب يحوي من عناصر السيولة أكثر بكثير من مكوّنات الاستقرار، مما يجعلنا لا نتوقع للعالم أن يأخذ مسارات آمنة أو يتّجه نحو وجهات منقذة ولا يمكنها بطبيعة الحال أن تكون بغير أوضاع إقليميّة جديدة تقوم على العدالة وحرية الشعوب.

هدم المعبد

هذا، لأنّ النظرة السريعة لغالبية القادة المتحكّمين في القرارات الجوهرية ومراكز القرار الحيوية تكشف أنّهم يفتقدون قدرًا كبيرًا من الرشد، فضلاً عن الإنسانية! وهو ما يرشحهم لسيناريو هدم المعبد على من فيه، وخاصة إذا كنا نرقب خطوات ترامب الحثيثة نحو البيت الأبيض، حيث نجد أنفسنا أمام نظام دولي يتلاشى، ونظام دولي بديل يتباعد أو بالكاد لم يتبلور بعد، وهو ما يجعل العالم مقبلًا على مراحل طويلة من الفوضى وعدم الاستقرار تصبّ حممها بطبيعة الحال على النظم الإقليمية الفرعية بما فيها منطقتنا.

فالإستراتيجية الأميركية الكونية ـ التي عودتنا الوقوف بالعالم عند حافة الهاوية والتي تعتمد دائمًا على نشر الفوضى في مناطق العالم المختلفة في سبيل الإمساك بتلابيب النظام الدولي ـ تخطط اليوم لفوضى إستراتيجية تمكنها من استمرار الهيمنة لقرن آخر.

لكن الملاحظة الدقيقة تؤكد أن مخططها اليوم للفوضى معرض للفشل على خلاف مخططاتها السابقة، ولا سيما في ضوء تقهقر مخططها في أوكرانيا، وإصابته إصابات مباشرة في فلسطين، برغم تواطؤ دول مهمة في الإقليم، في ظل احتمالات كبيرة لفشل عمليات تصعيدها تجاه الصين ولا سيما في تايوان، والحصيلة هي تشتيت إستراتيجي مؤثر على الانفراد الأميركي وإصابة العالم بصدمات ارتجاجية ـ سياسية واقتصاديةـ لأن الانفراد الأميركي يكاد يعتمد نظرية: ما بعدي إلا الطوفان!

رؤية إستراتيجية جديدة

وفي هذا الإطار، يبدو أن التطورات الدراماتيكية المنظورة والمتوقعة للنظام الدولي تكاد تكون فرصة نادرة لعالم المهمشين والمستضعفين من شعوب العالم الثالث، وفي القلب منه عالمنا العربي، وإن جاءت على أطلال النظام الدولي وربما أنقاضه ولا تبدو فرصة غيرها، فقد أصبح من المتيقن أن بنية بلادنا المعاصرة التي خطط الاستعمار حدودها ومواردها وقبائلها ومجال نفوذها ليست قادرة على التطور أو الخروج من ربقة التبعية المحكمة.

كما أصبحت شعوبها تدفع من دمائها وأمنها وحريتها ثمن استمرار النظام الدولي الحالي الذي كلما شَكَا فائض قوة! فإنه لا يجد مكانًا لتفريغها سوى في بلادنا وعلى أراضينا وفوق رؤوس مجتمعاتنا، برغم أنه المستفيد الأول من ثرواتها ومواردها وليس أقلها النفط ومصادر الطاقة الأخرى، وأنها عندما تشكو أو تطلب الإنصاف تتعرض للعقاب.

وفي ضوء ذلك، يجب أن يتأهب المخلصون المبصرون من بني جلدتنا للتصدي لحالة الانسداد السياسي التي يعيشها عالمنا العربي، وذلك من خلال دراسات متعمقة تحاول الوصول للأسباب الحقيقية لهذه الحالة والطرق الجذرية للخروج منها؛ لأن استمرارها أصبح في غاية الخطورة وخاصة أنها باتت تعمل بجهود ذاتية جبارة تدمر كل عوامل الاستقرار في بلادنا، وتجعل مجتمعاتنا غير قابلة للحياة، وتضع الجميع على مشارف الانتحار.. ما أحوجنا إلى رؤية إستراتيجية جديدة وقبلها قادة يمتلكون البصيرة الإستراتيجية!.

وفاق وطني

علمًا بأن أهم شروط الخروج من هذا المأزق التاريخي الحالي أصبحت تتعلق بوفاق وطني وقومي حول أسس وقواعد البناء الوطني، وكينونة المشروع الصهيوني بالمنطقة، وسبل التعامل معه، كما التوافق على وثائق عمل تؤكد ضرورة تنسيق وتكامل القوى الحية داخل مجتمعاتها، في إطار أولوية مكافحة النفوذ الأجنبي وكل مسبباته، ورفض الاستبداد وكل مظاهره، والعمل جنبًا إلى جنب بكافة الطرق السياسية لبناء ديمقراطيات تستوعب الجميع وتحترم الحقوق والحريات.

وإذا كانت أميركا الجنوبية تصدر اليوم تجاربها الملهمة في هذا المجال، فإن الاستفادة منها لا تزال واجبة، وخاصة أننا نرى حكوماتها تتخذ مواقف أهم وأكثر جدية من مواقف حكوماتنا تجاه أهم قضايانا وخاصة في فلسطين، بما يضع منطقتنا كلها في حرج بالغ، ويلزم إعادة النظر لهذا الجزء المهم من العالم، الذي يمكن أن يكون حليفًا إستراتيجيًا لبلادنا وقضايانا، حال إصلاح أحوال منطقتنا وتغير نظرتنا للعالم.

البعض يتصور أن عدم خروج الشعوب العربية في مظاهرات تضامن مع غزة يعني انشغالًا أو عزوفًا عنها، بينما الحقائق على الأرض تؤكد أن تضامنهم اليوم مع القضية الفلسطينية تفوّق على كل مراحل الصراع، وأنها أصبحت في نظرهم هي قضية العرب والمسلمين الأولى أكثر من أي وقت مضى، لكن القمع الأعمى هو الذي يطمس هذه الحقائق، ومن هنا بدأت تتضح بشكل جلي مظاهر التساند والتكامل والتواطؤ بين المرضَين: "النفوذ الأجنبي" "والاستبداد المحلي" ولا ثالث لهما.

فرصة تاريخيّة

لا شك أن القراءة المستفيضة للمخططات الموضوعة لمنطقتنا في ضوء المخطط الصهيوني العام والمرحلة التي بلغها اليوم ترجّح إقدام الإدارة الأميركية ومن خلفها نتنياهو المهزوم على عمليات تدميرية خطيرة لن يكون تهجير الفلسطينيين بعيدًا عنها، علمًا بأن التهجير في الوقت الذي يحقق أهدافًا إستراتيجية وديمغرافية للكيان الصهيوني، فإنه يضيف مسمارًا جديدًا في نعش الأمن القومي العربي الذي يكاد يتلاشى.

في هذا السياق، جاء "طوفان الأقصى" كما "العدوان على غزة" ليضعا المنطقة أمام وضعية جديدة يمكنها أن تصبّ في عملية إصلاح إستراتيجية ضرورية فليس هناك شك في أننا بصدد زلزال كبير هز كل الثوابت الفكرية والسياسية وضرب المرتكزات الإستراتيجية بالعمق، ولم يعد هناك شك في أننا بانتظار توابع وتغيرات كبرى.

لكن المدقّق في أحوال العالم الإسلامي- ولاسيما الجزء العربي منه- يجد أن أهم أسباب الركود العام والتردي السياسي والاجتماعي، إنما يعود لغياب هيكل القيادة الواعي والفاعل، وليس ذلك على مستوى الحكومات فحسب، بل إنه يمتد ليشمل حركات الإصلاح والتجديد السياسي والمجتمعي والثقافي، بينما الشعوب تنتظر من يقودها والظروف المحيطة تنتظر من يستوعبها وينتهزها، فنحن أمام فرصة تاريخيّة جديدة يجب ألا تضيع كما ضاعَ ما قبلها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات النظام الدولی ة جدیدة فی هذا

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء

في لحظة فارقة من تاريخ اليمن، وبينما كان العدوان الغاشم يضغط بكل ثقله لإسقاط الجبهة الداخلية، جاءت فتنة ’’عفاش’’ في الثاني من ديسمبر كخيانة صريحة تستهدف الوطن من الداخل بعد فشله في اختراقه بكل أدوات العدوان العسكرية في المواجهة المباشرة، لكن القبائل اليمنية بخبرتها المتجذرة ووعيها العميق والتفافها حول دعوة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، للثبات أمام المؤامرات،  قرأت تلك الدعوة منذ اللحظة الأولى باعتبارها امتداداً مخططاً لمشروع تفكيك الصف الوطني وإسقاط الانتصارات التي صُنعت بدماء أبنائها.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

ومع إدراكها لطبيعة المخطط، تحركت القبائل بسرعة وحسم، فأغلقت منافذ الفتنة، وحاصرت تحركات عفاش قبل أن تتوسع، وثبّتت الجبهات عبر إبقاء مقاتليها في مواقعهم لإفشال رهانه على انهيار الداخل، وبوعيها الاستراتيجي، وموقفها التاريخي المتماسك، تمكنت القبائل من إسقاط الخيانة خلال ساعات، مثبتة أنها الحصن الأول للوطن، وأن التضحيات التي قدمتها ليست مجالاً للمقامرة السياسية ولا ورقة في يد أي طرف يساوم على أمن اليمن وسيادته.

هذه الوقفة القبلية الصلبة، التي التقت مع رؤية السيد القائد في مواجهة العدوان وإسقاط المؤامرات، لم تنقذ صنعاء فحسب، بل حفظت وحدة البلاد، وأكدت أن اليمن محصّن برجاله ودمائهم، وأن الخيانات تُدفن حيث تولد، وأن الوطن فوق كل الأشخاص وكل الانقلابات وكل التحالفات العابرة.

 

القبيلة اليمنية .. ذاكرة دم لا تقبل العبث

على امتداد سنوات العدوان، كانت القبائل اليمنية، خصوصاً قبائل الطوق،  تمثل الركن الأساس في حماية العاصمة والجبهات. وقدّمت خيرة أبنائها وأثمن الرجال دفاعاً عن دين الله وعن الأرض والكرامة، لذلك لم تتردد لحظة في اعتبار خطاب عفاش خطوة تستهدف تلك التضحيات مباشرة، بل وتحوّلها إلى ورقة لتمرير تحالفاته المشبوهة مع دول العدوان.

ومع الساعات الأولى للأحداث، كان الوعي القبلي أعلى من أن يُستدرج إلى صراع داخلي، وقد ظهرت ملامح ذلك في أحاديث الشيوخ ومجالس القبائل التي رأت في خطاب عفاش تكراراً لأسلوبه القائم على المقامرة السياسية حتى لو كان الثمن سقوط الوطن.

 

التفاف القبائل حول دعوة السيد القائد .. نقطة التحول الحاسمة

قبل اندلاع فتنة ديسمبر، كانت القبائل قد استجابت بقوة لدعوة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي للثبات أمام العدوان وكشف المؤامرات التي تستهدف الداخل، وقد لعب هذا الالتفاف دوراً مركزياً في بناء جبهة صلبة موحّدة جعلت القبائل أكثر قدرة على كشف أي محاولة للاختراق الداخلي.

لقد استوعبت القبائل، عبر هذه الدعوة، أن المعركة ليست فقط في الحدود ولا في الجبهات، بل في وحدة الداخل التي كان العدو يسعى لإسقاطها بالمال والإعلام والتحريض السياسي.
ومن هذا الإدراك، تشكلت لدى القبائل قناعة أن أي دعوة تهدف لشق الصف أو خلق صراع داخلي ليست سوى جزء من استراتيجية العدوان، مهما حاولت أن تظهر بوجه وطني.

ولذلك، عندما خرج عفاش بخطابه، كانت القبائل قد بنَت لنفسها حصانة فكرية وسياسية تجاه المؤامرات، وأصبحت أكثر استعداداً لرفض أي تحرك يستهدف الثبات الداخلي الذي دعت إليه القيادة.

لقد كانت دعوة السيد القائد أحد أهم الأسس التي جعلت القبائل تتعامل مع خطاب صالح باعتباره امتداداً واضحاً لمخطط خارجي لا يمكن السماح له بالعبور.

 

قراءة القبائل للفتنة .. الخيانة بلا تورية 

لم يمض وقت طويل بعد خطاب عفاش حتى اتضحت لدى القبائل العلاقة بين دعوته وتحركات إعلامية متزامنة صادرة عن قنوات دول العدوان كانت تنتظر لحظة انفجار القتال الداخلي.
وفي تلك اللحظة، باتت الصورة واضحة، أن ما يحدث ليس خلافاً سياسياً، بل خيانة صريحة تحاول فتح ثغرة للعدو.

وقد عبّر مشائخ القبائل عن ذلك بوضوح في اجتماعاتهم التي سارعوا إليها، مؤكدين أن خيانة الداخل أخطر من قذائف العدوان الخارجي، وأن أي قبول لمغامرة عفاش وخيانته يعني السماح للعدو بتحقيق ما لم يستطع تحقيقه في سنوات القصف.

 

موقف القبائل على الأرض .. سرعة في الحسم ودقة في التقدير

تحركت القبائل لإغلاق الطرق المؤدية إلى مواقع حساسة، ومنعت تحركات مجاميع عفاش التي حاولت استغلال الفتنة.
وفي الوقت نفسه، حافظت على تماسك الجبهات بإصدار أوامر واضحة لمقاتليها بالثبات، فأسقطت بالضربة الأولى أهم رهانات عفاش الذي اعتمد على انهيار الجبهة لتمكين مشروعه.

ومع تماسك الجبهات، وانتشار القبائل في محيط صنعاء، باتت الفتنة محاصرة من كل الجهات، وأصبح واضحاً أن مشروع الخيانة فقد كل أسباب نجاحه، وكانت النتيجة أن الخيانة تسقط والوطن يثبت .

 

خاتمة

في الثاني من ديسمبر، كشفت القبائل اليمنية أنها الحصن الذي لا يُكسر، وأنها تملك البصيرة التي تميز بين الخلاف السياسي والخيانة، وبالتفافها حول دعوة القيادة للثبات، وبموقفها الحاسم من دعوة عفاش، أكدت القبيلة اليمنية أن الوطن فوق الأشخاص، وأن تضحياتها ليست جسراً يمر عليه أحد لتحقيق طموحات شخصية.

لقد سقطت خيانة ديسمبر لأن قبائل اليمن قررت أن وحدة الصف هي خط الدفاع الأول، وأن المؤامرات تُدفن قبل أن تولد، وأن الوطن لا يُباع ولا يُسلَّم للعدو تحت أي ظرف.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • موجة جديدة من الانقلابات العسكرية بأفريقيا تحت مجهر مؤتمر الجزيرة للدراسات
  • مديرية العمل تؤكد التزامها بتمكين ذوي الهمم من خلال توفير 21 فرصة تشغيل جديدة
  • هيئة دولية: الامطار تفاقم الإبادة الجماعية المستمرة وتكشف انهيار النظام الإنساني الدولي
  • الشرقية توفر 1500 فرصة عمل جديدة في مصانع القطاع الخاص
  • رواتب تتجاوز 15 ألف جنيه.. 360 فرصة عمل جديدة بإحدى شركات الصناعات الغذائية
  • بوتين وأردوغان: محاولات الاستيلاء على الأصول الروسية ستقوض النظام المالي الدولي
  • مسؤولون لـ«الاتحاد»: «أسبوع أبوظبي المالي» منصة عالمية لقادة الأعمال والمستثمرين
  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء
  • رئيسة مجموعة الأزمات: أميركا لم تعد واثقة في النظام الذي بنته وهناك أزمة مبادئ