عدنان العديني
عاش عبد المجيد الزنداني مختلفًا في كل شيء، عالمًا ، مفكرًا ، مجددًا، ورجل سياسة أيضًا. محاورًا لبقًا يجوب الأرض ويعيد ضبط التصورات الكبرى للوجود. كان أيضًا رمزية إجتماعية تشيع روح المحبة والسلام بين أفراد المجتمع. عاش رجل معرفة وحكمة تحفّه المهابة وتُشدّ إليه الرحال من كل مكان. كان شعلة من الهدى وحاملًا لبصيرة عابرة للزمان.
ترجّل الزنداني بعد قرن كامل من الزمان، عاش عمره كلّه قطرة قطرة، لم يعش الرجل لذاته، عاش منذورًا لحقيقة عليا، كان مملوكًا لفكرة تتجاوز الزمان والمكان. علمًا من أعلام الأمة ورمزية عابرة للتاريخ. إن كان هناك معنى للخلود البشري ففي شخصية الرجل تجسيد لهذا الخلود. لقد أنجز الرجل وعده لأمته، بذل كل حياته من أجلها ورحل محفوفًا بالمهابة والمجد.
رحل الزنداني: رجل التوحيد، بالمعنيين الديني والسياسي وأحد مؤسسي الجمهورية الكبار، رفيق الزبيري والنعمان. الثائر الحق، وحامل مشعل الحقيقة اينما حل .
عُرف الزنداني، بشجاعته النادرة، بكونه شخصية ملهمة من الطراز الرفيع. أحد الذين خبروا أسرار الحياة، ولامست أرواحهم معانيها العميقة. امتلأ كيانه بالحق والحقيقة؛ فطار يُبشِّر العالمين بها، لا شيء يصدّه عن الجهر بالحق، ولا يمكن لقوى العالم أن تحدّ من إرادة الشيخ وبسالته في الذود عن حياض الدنيا والدين معًا.
عاش الزنداني حياة مزدهرة، كان مُفجّر لطاقات الشباب وملهب لصدور الرجال أينما حلّ ورحل. لقد صهرت روحه كل المتناقضات، وبدت كيانًا توحيديًا، روح عليا لليمن الكبير. كان الرجل يملك رؤية واضحة للحياة، وقولًا فصلًا يطوي الحكمة بين جناحيه، ويهب الناس يقينًا موثوقًا يؤسسون به حياتهم. يصح وصفه بأنّه أحد مؤسسي المجتمع اليمني الحديث وعقله البارز طوال قرن كامل.
حين يكون الحدث رحيل الزنداني، فالمقام قصير، والقول كثير. لقد كان زنداني نموذجًا للشخصية الكونية؛ تلك التي لا تعترف بالفصل بين شؤون الحياة وتراها قطعة واحدة، يؤوب أمرها للخالق الحكيم. ولعل ذلك هو درب العارفين بالله. والزنداني أحد هؤلاء البشر المتفردين في الحياة. فجوار كل ما سبق، كان الرجل حامل لطباع المتصوفين الكبار، وهو ما لا تُخطئه عين المراقبين لمسيرة العالم النجم وصانع التحولات العظيمة في مسار شعبه وأمته.
أخيرًا: لعل من طبائع الزمان، أن الرموز الفارقة في مسيرة الحياة؛ تظل سيرتهم الشخصية مثار للجدل. وليس في ذلك ما يخصم من مجدهم؛ بل هو تؤكيد لفاعليتهم القصوى في حياة الأجيال. هناك في مسيرة الرجل ما يمكن استلهامه لخصومه قبل أنصاره. إنّه مثال أعلى للإنجاز، نموذج لطاقة فياضة ولعطاء لا يعرف النضوب. ليس الزنداني فردًا مملوكًا لأحد، ليس شخصية صالحة للتأطير. إنه ثروة عامة، مدونة تاريخية، متروكة للزمان؛ كي يقول كلمته النهائية عنها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفWhat’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...
الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...
الله يصلح الاحوال...
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
الشيخ نعيم قاسم: صمود اليمن نموذج يحتذى والمقاومة خيار لا رجعة عنه في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي
يمانيون../
أكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن المقاومة في لبنان والمنطقة لم تزدها سنوات العدوان والإبادة إلا صلابة وثباتًا، مشيداً بما وصفه بـ”النموذج اليمني الاستثنائي” في الصمود والمواجهة للعدوان الأمريكي الصهيوني.
وفي كلمة له خلال احتفال عيد المقاومة والتحرير، شدد الشيخ قاسم على أن العدوان الإسرائيلي لا يُضعف محور المقاومة، بل يعزّز قناعاته ويزيده عزيمة وإصرارًا على المضي في خيار المواجهة حتى النصر، مؤكدًا تمسّك حزب الله بثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” كركيزة لصناعة المستقبل وتحرير الأرض.
وتطرق إلى الملاحم التي سطرها الشعب اليمني في مواجهة تحالف العدوان بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أن هذا الصمود مثّل صفعة تاريخية لكل المشاريع الاستعمارية، وألهم شعوب المنطقة بمفاهيم التضحية والثبات والكرامة.
وأوضح الشيخ قاسم أن المقاومة ليست خيارًا عاطفيًا بل ضرورة وجودية وواجب دفاعي، خصوصًا في ظل عجز الأنظمة عن مواجهة الاحتلال وحماية السيادة. وقال: “المقاومة هي التي نقلت لبنان من موقع الضعف إلى موقع القوة، وأثبتت أنها السبيل الوحيد للتحرير وكسر العدوان”.
واستعرض مسيرة المقاومة في لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى الانتصار التاريخي عام 2000، الذي وصفه بأنه “تحول استراتيجي”، أخرج الاحتلال من جنوب لبنان دون قيد أو شرط، مكذبًا المزاعم الصهيونية التي توقعت حدوث فتنة أو انهيار داخلي بعد الانسحاب.
كما حمّل الشيخ نعيم قاسم الولايات المتحدة مسؤولية مباشرة عن استمرار العدوان في فلسطين ولبنان واليمن، محذراً من أن الضغوط الأمريكية على الدولة اللبنانية لتحقيق أهداف صهيونية لن تمر، وقال إن “الفشل الرسمي في ردع الاعتداءات قد يدفع المقاومة إلى خيارات حاسمة”.
وفي معرض حديثه عن الوضع الراهن، شدد الشيخ قاسم على أن حزب الله ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار، رغم تسجيل أكثر من 3300 خرق صهيوني منذ توقيعه، معتبرًا أن هذه الانتهاكات تمثل عدواناً متواصلاً.
ودعا الحكومة اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها، وتسريع إطلاق صندوق إعادة الإعمار باعتباره أحد أعمدة الاستقرار الوطني، مؤكدًا أن حزب الله وحركة أمل يشكلان صمام أمان حقيقي للتوازن الاجتماعي والسياسي في لبنان.
وختم الشيخ قاسم كلمته بالتأكيد على أن المقاومة ستظل حاضرة بكل قوتها، وستواصل المعركة إلى جانب الشعوب الحرة، من غزة إلى صنعاء، قائلًا: “لا خيار أمامنا إلا النصر أو الشهادة.. ولن نسمح للعدو أن يقرر مصيرنا”.