سبعة أشهر من المشاغلة بين حزب الله وكيان الاحتلال - تقرير
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
تأرجح مصيري بين مناوشات محسوبة وحرب مفتوحة على كل الاحتمالات المواجهة الأطول منذ 1982 مئات الشهداء والجرحى والمتضررين ومناطق منكوبة
منذ الثامن من تشرين أول /أكتوبر الماضي، يخوض حزب الله حرب استنزاف على جبهة الجنوب اللبناني شمالي فلسطين المحتلة، مواجهات هي الأطول وضعت لبنان على صفيح ساخن مفتوح على كل الاحتمالات مع تصاعد العمليات العسكرية ورفع سقف التهديدات وسط خسائر قدرت بعشرة مليارات لبنان تكبدها لبنان جراء الحرب.
اقرأ أيضاً : انعطافة في التوتر جنوبي لبنان وعودة حماس على خط المواجهة | تقرير
لم تعد حرب المشاغَلة بين حزب الله والاحتلال على جبهة الجنوب مجرّد مِرجل نار وفق قواعد اشتباك مطاطة حرقت الأخضر واليابس على طول الحدود الجنوبية على امتداد مئتي يوم.
فخط التماس اللبناني مع فلسطين المحتلة تحول جبهة متفجرة في حرب هي الأطول التي يخوضها بلد الأرز مع الاحتلال منذ 1982، حين اجتاح الاحتلال لبنان وانسحب بعد شهرين، على وقع المقاومة المتصاعدة مبقية على قواتها عند نقطة الليطاني في الجنوب.
مئتا يوم من المواجهات التي تدرجت تصاعدياً من مواجهاتُ بدأت مدروسةً وفي نطاقٍ جغرافي ضيق قبل أن تتحول حرباً شرسة مع تمدُّد قواعد الاشتباك في الجغرافيا، والارتقاء بالأسلحة كماً ونوعاً.
وليس أدل على ذلك من القرى المهدّمة والأرض المحروقة والمناطق المنكوبة وحجم الخسائر في الأرواح والممتلكات.
وفي لغة الأرقام سقط جراء ضربات الاحتلال و استهدافات مباشرة وغير مباشرة حوالى 280 مقاتلا من بينهم مئتان وستون نعاهم حزب الله، و14 مقاتلاً نعتهم حركة أمل، و 3 نعتهم «الجماعة الإسلامية»، ومقاتل للحزب السوري القومي الاجتماعي.
وطالت الاشتباكات أيضا عسكرياً لبنانياً و70 مدنياً على الأقل بين نساء وأطفال وثلاثة صحفيين ومسعفين. كما جُرحَ نحو ألف شخص ونزح أكثر 100 ألف من منازلهم وأراضيهم التي تحولت مناطق فارغة ومنكوبة.
75 مدرسة أغلقت بشكل نهائي وتسبب القصف بالقنابل الفوسفورية بتضرر 800 هكتار من الأراضي الزراعية بشكل كامل وفقد 75 في المائة من المزارعين مصدر دخلهم.
عض أصابع متبادل وفتلُ عضلات على قاعدة "توازن الرعب"
بحسب الأرقام الرسمية عشرة مليارات دولار هي حجم خسائر الحرب في الجنوب، التي بدأت تسلك مسارا جديدا مع كشف حزب الله عن قدراته العسكرية واستخدامه أسلحة جديدة كالصواريخ الموجهة والمسيرات الانقضاضية والعبوات الناسفة مقابل سياسة الأرض المحروقة التي يعتمدها الاحتلال في استهدافِه مناطق الجنوب اللبناني.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: لبنان الحدود اللبنانية حزب الله المقاومة حزب الله
إقرأ أيضاً:
الجنوب المحتل.. مسرح لتصادم الأطماع الخارجية وضريبة “مصادرة القرار”
لم يعد خافياً على أي مراقب منصف أن ما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ليس “فشلاً إدارياً” عابراً، بل هو نتيجة حتمية وممنهجة لمصادرة القرار السيادي، وارتهان “أدوات الداخل” لأجندات “كفلاء الخارج”. المشهد في عدن وحضرموت وشبوة اليوم يقدم الدليل القاطع على أن الأرض التي يدوسها المحتل لا تنبت إلا الفوضى، وأن الأمن والرخاء لا يتحققان إلا بامتلاك القرار الحر، تماماً كما هو الحال في المحافظات الحرة (الشمالية).
فيما يلي تفكيك لهذا المشهد المأساوي من منظور وطني يكشف خفايا الصراع:
1. صراع الوكلاء: عندما يتقاتل “الكفلاء” بدماء اليمنيين
الحقيقة التي يحاول إعلام العدوان طمسها هي أن الاقتتال الدائر في الجنوب ليس صراعاً يمنياً-يمنياً، بل هو انعكاس مباشر لتضارب المصالح بين قوى الاحتلال (السعودية والإمارات).
* أدوات مسلوبة الإرادة: المكونات السياسية والعسكرية في الجنوب (سواء ما يسمى بالانتقالي أو الفصائل المحسوبة على حزب الإصلاح وبقية المرتزقة) لا تملك من أمرها شيئاً. هي مجرد “بيادق” يتم تحريكها أو تجميدها بريموت كونترول من الرياض وأبو ظبي.
* النتيجة: عندما تختلف قوى الاحتلال على تقاسم النفوذ أو الموارد، تندلع الاشتباكات في عدن أو شبوة. وعندما يتفقون، يسود هدوء حذر ومفخخ. المواطن الجنوبي هو الضحية في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقودها أبناؤه، وغايتها تمكين الأجنبي.
2. التباين الصارخ: “نموذج السيادة” مقابل “نموذج الوصاية”
المقارنة المنصفة بين الوضع في صنعاء (عاصمة السيادة) وعدن (عاصمة الوصاية) تكشف جوهر الأزمة:
* في المحافظات الحرة: بفضل الله وحكمة القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله)، امتلكت صنعاء قرارها. طردت الوصاية الأجنبية، فتحقق الأمن والاستقرار، وتوحدت الجبهة الداخلية رغم قسوة الحصار والعدوان. لا يوجد “سفير” يملي الأوامر، ولا ضابط أجنبي يتحكم في المعسكرات.
* في المحافظات المحتلة: السيادة منتهكة بالكامل. القواعد العسكرية الأجنبية تنتشر من مطار الريان في حضرموت إلى جزيرة ميون وسقطرى التي تعبث فيها الإمارات وتفتح الباب للكيان الصهيوني. الفوضى الأمنية، الاغتيالات، والاشتباكات اليومية هي “المنتج الحصري” للاحتلال الذي يرى في استقرار اليمن خطراً على مصالحه.
3. الحرب الاقتصادية.. التجويع سلاح المحتل
ما يعانيه المواطن في الجنوب من انهيار للعملة وغلاء فاحش ليس قدراً محتوماً، بل سياسة “تركيع” متعمدة.
* نهب الثروات: لسنوات، كان النفط والغاز اليمني يُنهب وتورد عائداته إلى البنك الأهلي السعودي، بينما يموت اليمني جوعاً.
* معادلة الردع: عندما تدخل أنصار الله وفرضوا “معادلة حماية الثروة” ومنعوا سفن ناهبي النفط من الاقتراب من الموانئ الجنوبية، كان الهدف حماية ثروة الشعب اليمني (في الجنوب والشمال) من السرقة. هذه الخطوة السيادية أثبتت أن صنعاء هي الحارس الأمين لمقدرات اليمن، بينما أدوات الاحتلال كانت تشرعن النهب مقابل فتات من المال المدنس.
4. سقطرى والمهرة.. الأطماع تتكشف
لم يأتِ تحالف العدوان لإعادة “شرعية” مزعومة، بل جاء لأطماع جيوسياسية واضحة كشفتها تقارير قناة المسيرة والواقع الميداني:
* السيطرة على الجزر والموانئ والممرات المائية.
* محاولة مد أنابيب النفط عبر المهرة لتجاوز مضيق هرمز.
هذه المشاريع الاستعمارية تواجه اليوم رفضاً شعبياً متصاعداً من أحرار المهرة وسقطرى، الذين أدركوا أن “التحالف” ما هو إلا احتلال جديد بثوب آخر.
الخلاصة: الحل في “التحرر”
إن حالة الفوضى العارمة، وغياب الخدمات، وتعدد الميليشيات في الجنوب، هي رسالة واضحة لكل ذي عقل: لا دولة بلا سيادة، ولا كرامة في ظل الاحتلال.
النموذج الذي يقدمه أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى في صنعاء يثبت أن امتلاك القرار المستقل، ورفض التبعية، هو الطريق الوحيد لبناء الدولة وحفظ الأمن. وما يحدث في الجنوب هو تأكيد صحة الموقف الوطني منذ اليوم الأول للعدوان: الرهان على الخارج خاسر، والأجنبي لا يبني وطناً، بل يبني سجوناً وقواعد عسكرية. الحل يبدأ من حيث انتهى الشمال: طرد المحتل، واستعادة القرار، وتطهير الأرض من الغزاة وأدواتهم.