هل يجمد التقارب المغربي الفرنسي مشروع تعميم الإنجليزية ؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
زنقة 20 | الرباط
توصلت فرنسا والمغرب إلى تحديد محاور استراتيجية جديدة لتعزيز التعاون الجامعي والعلمي.
جاء ذلك خلال الزيارة التي يقوم بها وزير التعليم العالي و البحث العلمي عبد اللطيف ميراوي إلى فرنسا للقاء نظيرته الفرنسية سيلفي ريتالو.
و ركزت المناقشات على زيادة التنقل لدراسة الدكتوراه، وزيادة الشهادات الثنائية، وتنظيم وحدات بحث مشتركة، تغطي مجالات أولوية مثل تعزيز البحث، ونقل التكنولوجيا، والابتكار وحوكمة الجامعات.
و مؤخرا اندلع جدل حول القرض الذي قدمته الوكالة الفرنسية للتنمية إلى المغرب بقيمة 134,7 ملايين يورو، والذي يركز على تعزيز جودة التعلم من خلال تحسين تدريس اللغة الفرنسية والتدريس بها في المدارس الثانوية الإعدادية.
القرض الفرنسي اعتبرته عديد الفعاليات ، محاولة فرنسية لثني المغرب عن السير قدما في تعميم الإنجليزية في قطاع التعليم و الفضاء العام، بعدما أعلن وزراء مغاربة عن عزمهم التخلي عن الفرنسية مقابل تقوية حضور الانجليزية بينهم وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي.
و اشارت إلى أن هذا القرض يدخل في إطار السياسة الخارجية الفرنسية لدعم اللغة الفرنسية ؛ التي ظلت مهيمنة على السياسة التعليمية المغربية.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
مناهج التعليم بين الواقع والتاريخ.. نحن والآخر
فوزي عمار
فجوة الواقع مع اللغة والمناهج التعليمية لدينا تمثل فجوة الإنسان بين تاريخه والزمن الذي يعيش فيه، وفي التعليم العربي يدرس الطالب أمجاد صلاح الدين وبطولات خالد بن الوليد لكنه عندما يخرج في الشارع فإنِّه يرى المسؤول السارق والخانع والمنبطح والكذابين، في تناقض بين التاريخ والواقع!
تتحدث المناهج عن الشورى والديمقراطية فيجد الطالب في الواقع الرئيس الذي لا يتغير! هذا لا يحدث في تعليم الغرب لأنَّ التلميذ يدرس أبطال الموسيقى الجاز والروك والرياضين الذين يجدهم في الشارع أمامه. هذا أيضا ينطبق على بعض دروس اللغة، فالتلميذ الذي يدرس الشعر العربي يحفظ التلميذ (مُكِرٍ مفر مقبل مدبر معًا // كجلمود صخر حطه السيل من علٍ)، لكن التلميذ لا يعرف ولا يجد في الشارع كلمات مثل: مكر، مفر، جلمود!
اللغة مُهمة وجزء من هوية شاملة، لكن طريقة تدريسها بالشكل الحالي أدت إلى فقدانها، فمن منا اليوم يجيد اللغة العربية وهي لغة ديننا الحنيف لغة القرآن الكريم، بسبب تأخر المناهج وصعوبتها.
التلميذ في ألمانيا يدرس تاريخ المرسيدس، والفرنسي تاريخ البيجو، والأمريكي تاريخ الفورد والكاتربيلير، ويجدها أمام بيته ويركبها في الوصول للمدرسة.
بينما التلميذ العربي يقرأ (الخيل والليل والبيداء تعرفني // والسيف والرمح والقرطاس والقلم"، لكنه يجد أمام بيته سيارة تويوتا وأخرى هيونداي ولا يقرأ تاريخها في المدرسة. ويدخل إلى الأسواق يجد أنواعاً عديدة من الجبن والشوكولاتة لا يتعلم صناعتها وأسماءها في المدارس؛ بل يدرس لغة منفصلة عن الواقع، العشرات والمئات من الكلمات التي لم تعد متداولة اليوم والتاريخ الذي لا يجده التلميذ في الحياة حوله.
لذلك الفجوة بين الواقع والتاريخ اليوم هي العمر الذي يفصلنا عن مواكبتنا للعصر خاصة بعد تجدد المناهج في العالم من الذكاء الاصطناعي والروبوت والبيانات الضخمة والتجارة الإلكترونية.. وغيرها من مظاهر حياة يومية لا يجدها التلميذ في المنهج الذي يدرسه اليوم.
وما لم نردم هذه الفجوة بمناهج حديثة سنظل كمن يطيل النظر إلى الماضي ولكنه ينسى المستقبل ويهين الحاضر.
ليس المطلوب إلغاء دراسة صلاح الدين أو عمر بن الخطاب؛ بل تحويل دراستهم من بطولات مجردة تُحفظ إلى دروس في القيادة، وإدارة الدولة، والعدل الاجتماعي، والابتكار العسكري والإداري في زمانهم.
إنَّ سد الفجوة بين مناهج التعليم والواقع ليس ترفًا فكريًا، بل هو شرطٌ أساسيٌّ للبقاء والمنافسة في عالمٍ يتسارع بلا هوادة.
ولذلك وجب اليوم تطوير المناهج وربط التعليم بالواقع وتطبيق مهارات القرن الواحد والعشرين وإصلاح مناهج التاريخ بدل التمجيد إلى الانتماء الفاعل وتقيم المناهج بانتظام لضمان أنها تتوافق مع احتياجات المجتمع.
الأجيال القادمة لا تحتاج أن تعيش في متحفٍ من الماضي المجيد؛ بل تحتاج إلى جذورٍ راسخةٍ في تراثها تُغذيها، وأجنحةً قويةً من المعرفة والمهارات المعاصرة تحلق بها نحو آفاق المستقبل.
آن الأوان لأن نُقدم لتلاميذنا تاريخًا يتنفس في حاضرهم، ولغةً تتحدث عن عالمهم، ومعرفةً تمكنهم من تشكيل غدهم.
رابط مختصر