الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
تتخوف قوات الولايات المتحدة من مواجهة هجمات الطائرات دون طيار التي تحلق على علو منخفض. فماذا يجب على الولايات المتحدة أن تفعل؟ جاك ريد و روجر ويكر – واشنطن بوست
تشكل أنظمة الطائرات غير المأهولة هذه تحديات متعددة؛ حيث تداخلت مع مسارات الطيران التجارية وعبرت حدودنا الجنوبية دون منازع. وقد تم التعرف على معظمها وهي تحلق فوق القواعد العسكرية والمنشآت النووية، مثل قاعدة لانجلي الجوية في فرجينيا، وقاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، ونطاقات اختبارنا في غرب الولايات المتحدة.
ويواجه أفراد الخدمة المنتشرين في الخارج تهديدات متزايدة من هذه الأنظمة أيضًا. وقد فقد الجنود الأمريكيون الثلاثة الذين تم استهدافهم في هجوم بالأردن في شهر يناير الماضي حياتهم بسبب طائرة إيرانية صغيرة دون طيار. لقد أصبحت هذه الأنظمة مشكلة أمنية كبيرة، ولا يملك الجيش الأمريكي سوى الحد الأدنى من التدابير المضادة لها. ولم يؤد الهجوم الإيراني على إسرائيل هذا الشهر إلا إلى تسليط الضوء على هذا التهديد.
وفي جلسات إحاطة سرية وإعدادات مفتوحة، قامت لجنتنا بدراسة التهديد الذي تشكله الطائرات بدون طيار التي تحلق على ارتفاعات عالية والطائرات دون طيار على ارتفاعات منخفضة، وقد اكتشفنا سلسلة من القضايا الأساسية التي تعقد الاستجابة الفعالة لها.
وتكمن المشكلة في أن أمتنا تفتقر إلى القدرة الكافية على اكتشاف الطائرات دون طيار. وما زلنا نعتمد على رادارات الإنذار المبكر التي خدمتنا بشكل جيد خلال الحرب الباردة. ولكنهم اليوم غير قادرين على اكتشاف وتحديد وتتبع الطائرات الصغيرة على ارتفاعات عالية ومنخفضة. داخل الولايات المتحدة، بالكاد يمكننا تتبع أي شيء آخر غير الطائرات التجارية. ولا تمتلك أي من قواعدنا العسكرية المحلية أجهزة استشعار للتعرف على الطائرات الصغيرة دون طيار.
أما المشكلة الثانية فهي تغلغل البيروقراطية في أوساط الوكالات الأمريكية، مما يربك عملية الاستجابة للأزمات. ويقضي المسؤولون الحكوميون أياما في مناقشة من يمكنه اتخاذ الإجراء عندما يتم تحديد الطائرة دون طيار بدلا من التعامل مع الخطر.
يجب على الولايات المتحدة أن تطلق عملية إصلاح واسعة النطاق لقدراتها على الكشف وتبسيط قدرتها على الاستجابة بمجرد تحديد التهديد. وتتمثل الخطوة الثالثة في تعزيز قدراتنا الدفاعية بشكل كبير ضد الطائرات بدون طيار في قواعدنا العسكرية في الخارج، والتي تفتقر جميعها تقريبًا إلى القدرات المضادة للطائرات دون طيار.
ونعمل مع المسؤولين العسكريين في الكونغرس لتزويد أعضاء الخدمة بأساليب الكشف والسلطات القانونية وأدوات مكافحة الطائرات دون طيار التي يحتاجون إليها للتعامل مع الحجم الفريد وحجم الطائرات الصغيرة دون طيار.
ورغم أن الإصدارات الأخيرة من قانون تفويض الدفاع الوطني تضمنت مراجعات للبروتوكولات وإصلاحات مختلفة وشراء أدوات جديدة لمكافحة الطائرات دون طيار، ولكن لم تنجح أي استراتيجيات حتى الآن في حل هذه المشكلة بطريقة شاملة ومستدامة.
نحن بحاجة إلى خطة رئيسية تشمل جميع الوكالات. وكما أثبت الهجوم الإيراني على إسرائيل، يرى خصومنا أن الطائرات دون طيار هي حل مميت وغير مكلف لاختراق الدفاعات الجوية الأكثر تطوراً. ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن التحدي يقتصر على سماء العراق وإسرائيل؛ إذ يمكن أن يهدد الولايات المتحدة، وبسرعة. وهذا يعني أن صناع القرار في الولايات المتحدة ليس لديهم الوقت الكافي لوضع مخطط أفضل للدفاعات ضد الطائرات دون طيار.
وفي هذه الأثناء يقوم أعداؤنا بتحديث طائراتهم دون طيار، في حين تظل معداتنا المضادة للطائرات دون طيار غير فعالة. وقد يكون لهذا قريبًا آثار مميتة في ساحة المعركة، أو حين يكون الخطر أقرب إلى الوطن.
المصدر: واشنطن بوست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الجيش الأمريكي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا القواعد العسكرية الأمريكية الكونغرس الأمريكي طائرة بدون طيار طوفان الأقصى الطائرات دون طیار الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة
قبل 600 سنة تقريبا عندما فتح العثمانيون القسطنطينية تعلَّموا خطرَ الإفراط في التمدد الإمبراطوري.
ففي محاولة لمعاقبة التجار الأوروبيين الذين كانوا يكرهونهم فرض العثمانيون رسوما وعقوبات على سلوكهم طريق الحرير المشهور. رد البرتغاليون بتطوير طرق بحرية إلى آسيا. وقاد الصراع الذي نتج عن ذلك إلى تدهور طويل الأمد لطريق الحرير. لقد أتى الإفراط في ممارسة النفوذ بنتيجة عكسية.
هل يحدث هذا الآن مرة أخرى؟ يجدر بنا أن ننظر في ذلك.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفرض تعريفات جمركية شديدة التقلب فقط ولكنه يطبق عقوبات أيضا. بالمناسبة كلمة تاريف (تعريف) الإنجليزية والتي تعني الرسم الجمركي مُقترضة من اللغة العربية.
في الأسبوع الماضي فقط وأثناء جولته الشرق أوسطية أعلن ترامب عن عقوبات على الشركات الآسيوية التي تنقل النفط الإيراني إلى الصين. كما يدرس أيضا فرض عقوبات جديدة ضد روسيا في أعقاب تحرُّك من أوروبا.
يقينا، ترامب ليس أول رئيس أمريكي يفعل هذا. فأسلافه من الرؤساء الأمريكيين تبنوا باطراد فكرة العقوبات منذ عام2001. لكن البيت الأبيض يبدو متلهفا وبشدة لاستخدام هذه الأسلحة الآن ليس فقط في مجال النفط ولكن أيضا في التقنية الحساسة كالرقائق الإلكترونية وفي المال (بإقصاء البلدان عن نظام سويفت للمدفوعات). أو كما كتب إدوارد فيشمان في كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان نقاط الاختناق: النفوذ الأمريكي في عصر الحرب التجارية «القوى العظمى قديما نهضت وعاشت بالسيطرة على نقاط الاختناق الجغرافية كمضيق البسفور. النفوذ الأمريكي في الاقتصاد المعولم يعتمد على نقاط اختناق من نوع مختلف».
على أية حال هنالك مفارقة معيَّنة هنا. فكما رد البرتغاليون على قيود العثمانيين بتطوير طرق تجارية بديلة قوضت نفوذهم، تهدد أهداف ترامب اليوم بفعل نفس الشيء (إيجاد بدائل تقوِّض نفوذ أمريكا- المترجم) وبأسرع من ذلك.
لننظر في أمر النفط. في عام 2022 بعد غزو أوكرانيا فرضت أمريكا وأوروبا عقوبات على صادرات النفط الروسية بأمل ضرب اقتصادها. تماما كما فعلت العقوبات قبل ذلك مع إيران. لكن الحلفاء الغربيين خشوا أيضا من أن يرفع فرضُ حظرٍ كامل أسعارَ النفط. لذلك حاولوا أنصاف الحلول. فقد سمحوا لروسيا بالبيع للبلدان غير الغربية لكن عند أسعار أدنى من السوق أو أقل من 60 دولارا مع فرض العقوبات على المخالفين.
ألْحَقَ ذلك الإجراءُ بعضَ الضرر بروسيا. ويشير بحث اقتصادي صدر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي بولاية دالاس أن روسيا عندما حولت وجهة صادراتها النفطية إلى الهند لزمها «قبول خصم حوالي 32 دولارا في مارس 2023 من سعر نفط «أورالز» في يناير 2022 بسبب ارتفاع تكاليف الشحن البحري وقوة المساومة الجديدة التي حصلت عليها الهند.
لكن هذا الضرر خفَّ مع شروع روسيا في استخدام «أساطيل الظل» لنقل النفط. وهي الناقلات التي تتجنب الرصد بإغلاق أجهزة الإرسال والاستقبال.
وفي حين كانت مثل هذه الأساطيل صغيرة في السابق إلا أنها تكاثرت الآن وأوجدت «نظاما دائما وموازيا لتجارة النفط لا يخضع للسياسات والضوابط المعترف بها دوليا»، حسب تقرير للمعهد الملكي للخدمات (الدفاعية) المتحدة.
في الواقع، يشير تحليل اقتصادي حديث استخدم نماذج تعلُّم الآلة إلى أن السفن المظلمة (سفن التهريب التي تتخفَّى عن التتبُّع) نقلت ما يُقدَّر بحوالي 9.3 مليون طن متري من النفط شهريا في الفترة بين 2017 و2023 أو ما يقارب نصف صادرات النفط العالمية عن طريق البحر. وتشكل واردات الصين 15% من هذه التجارة.
يحاول المسؤولون الأمريكيون الحيلولة دون ذلك. ولهذا الغرض صدرت العقوبات الأخيرة ضد الشركات التي تتخذ مقرها في هونج كونج. لكن وكما ذكرت أغات ديماري الباحثة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في كتابها «رد الفعل العكسي» توحي التجارب السابقة بأن العقوبات تنجح حقا عندما تُطبَّق بسرعة وتكون أهدافها واضحة ومدعومة بواسطة الحلفاء (وهذا الشرط الأخير حاسم في أهميته).
ليس واضحا ما إذا كان في مقدور ترامب تحقيق ذلك. فسياسة الرسوم الجمركية التي يتّبعها قضت على ثقة الحلفاء. ومساعي الإدارات الأمريكية السابقة للحد من صادرات التقنية إلى الصين ترتبت عنها جزئيا نتائج عكسية. فبكين تطوّر تقنياتها الخاصة بها وتستخدم أطرافا ثالثة لتهريب الرقائق الإلكترونية.
نفس الشيء حدث مع التمويل. فعندما أقصت أمريكا روسيا من نظام «سويفت» للمدفوعات «قللت بقدر مهم من حجم التجارة الروسية مع الشركات في الغرب». لكنها كانت غير فعالة في خفض التجارة الروسية مع البلدان غير الغربية، حسب ورقة غير منشورة أعدها اقتصاديون ببنك التسويات الدولية. السبب في ذلك «ازدياد استخدام عملات الشركاء في تجارة روسيا مع البلدان النامية». فقد ساعد على التخفيف من آثار عقوبات نظام «سويفت».
كالعادة، لجأ ترامب إلى التشدد. فقد هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البلدان التي تطور أنظمة مدفوعات غير دولارية. ربما سينجح في ذلك على ضوء الهيمنة الحالية للدولار. لكن وكما أشارت أغات ديماري في حين توضح التجارب السابقة إلى أن العقوبات قد تكون فعالة أحيانا إلا أن ذلك يستلزم استخدامها على نحو حاسم ومع الحلفاء. حتى مع ذلك يمكن أن تترتب عنها عواقب غير مقصودة.
لذلك كل الأبصار مصوَّبة نحو النفط الإيراني. ربما يسحب ترامب تهديداته. فأسعار النفط هبطت يوم الأربعاء الماضي عندما قال إنه يحرز تقدما في محادثاته مع طهران. لكن إذا لم يحدث ذلك سيشكل نشاط سفن التهريب اختبارا حاسما للتحقق مما إذا كانت لدى فريق ترامب حقا القدرة على تقييد صادرات النفط الإيرانية كما يعتقد. لقد حان الوقت لأخذ العبرة مما حدث لطريق الحرير.
جيليان تيت كاتبة رأي ورئيسة هيئة التحرير بصحيفة الفاينانشال تايمز
عن الفاينانشال تايمز