قال ياسر جاد الله عميد المعهد القومي للملكية الفكرية بجامعة حلوان، إنّ الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية تعد بمثابة خطة خمسية لإعادة النظر مرة أخرى في الملكية الفكرية بمصر وتركز على 4 محاور رئيسية.

رفع الوعي لدى المصريين

وأضاف جاد الله، في مداخلة هاتفية ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أنّ المحور الأول هو رفع الوعي لدى المصريين بالملكية الفكرية وأهميتها بدءً من الطفل لأن معدل الوعي بالملكية الفكرية في مصر محدود للغاية.

وتابع: «العنصر الثاني هو حوكمة الملكية الفكرية، وأن يكون هناك تجميع للكيانات المختلفة المتعلقة بالملكية الفكرية، لأن مصر لديها عدد كبير من كيانات متناثرة بين وزارات كثيرة تسجل الملكية الفكرية».

البيئة التشريعية للملكية الفكرية

وواصل: «العنصر الثالث يخص البيئة التشريعية من حيث إعادة النظر في التشريعات ذات الصلة بحماية حقوق الملكية الفكرية، وعلى رأسها التشريع المصري رقم 280 لسنة 2002».

تابع: «المحور الأخير وهو الأهم الذي تركز عليه القيادة السياسية، وهو المردود الاقتصادي والأثر الاقتصادي للملكية الفكرية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الملكية الفكرية الحوكمة إكسترا نيوز حقوق الملكية الفكرية الملکیة الفکریة للملکیة الفکریة

إقرأ أيضاً:

مشروع الانبعاث الحضاري وصناعة الوعي.. مشاتل التغيير (29)

من الأهمية بمكان أن نشير إلى أن المشاريع الحضارية الكبرى لا بد أن تقترن بالوعي وصناعته؛ إنها من أعظم المهام خاصة إذا ما وصفنا الوعي بالحضاري، إننا أمام مفهوم مركب شديد التعقيد يعبر عن منظومة كلية ونموذج شبكي تتحرك فيه ومنه وبه عمليات صناعة الوعي على مستويات عدة.

الوعي هنا عملية تتشكل من أصل الكدح الحضاري "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحا فَمُلَاقِيهِ" (الانشقاق: 6)؛ الوعي يرتبط بثلاثية وهي الوحي (المرجعية)، والوعي (الشامل) والسعي (الفاعل). الوعي الحضاري يعني "إعادة تشكيل الذهن، وتعميق التصور، وتنمية الفكر نحو الرسالة الحضارية للإسلام بكل شمولها للمجالات العبادية والعمرانية، وعمومها للزمان والمكان والأفراد".

والسبب في البدء بالوعي أولا؛ لأن أي تحضر لأمة من الأمم لا بد أن يُسبق بفكرة تنطبع في أذهان أصحابها إلى درجة الاعتقاد الجازم المفضي إلى البناء المشترك والعمران الحضاري، وفي هذا يقول مالك بن نبي: "إن حضارة ما؛ هي نتاج فكرة جوهرية تُطبع على مجتمع في مرحلة ما قبل التحضر؛ الدفعة التي تدخل به التاريخ". فكما يقول أحدهم في التحليل اللغوي: "الصِّناعة في اللّغة هي فنُّ الاشتغالِ على موادّ معيّنةٍ وإِخْضاعها لِعملياتٍ مُعقدّةٍ، تأخذُ على إثْرِها أشكالا جديدة ومبتكرة ونافِعة". وإذا كانت مادة الصناعة هي الوعي الحضاري الشامل والمتكامل؛ فإنّ "من أهمّ أسباب نُهوض الأمم، سِيادةُ وعي جماعيّ يُوحِّد المُنطلقَ ويرسُم الأهداف ويُحدِّد الواجباتِ ويُبيِّن الخُطواتِ الواجب اتِّخاذُها في طريقِ الرُّقيّ، وذلك ضِمن القِيم والمَبادِئ الأصيلةِ الّتي لا بدّ أن تَسِير في إطارِها مَسِيرة النَّهضة".

الوعي حركة اجتهادية وتجديدية يرتبط بكل مراحل الاجتهاد والذي يعبر عنه بـ"الفقه" لا بالمعنى الاصطلاحي، ولكن بالمعنى الذي يتعلق بالفهم العميق والدقيق والمتواصل
إن مسألة الوعي تتحرك على ما يرى الأستاذ محمد المبارك في مقالته "نحو وعي إسلامي جديد"؛ ضمن منظومة تتعلق بالوعي بالذات، والوعي بالغير عبر الذات وفاعليتها، والوعي بالموقف وما يتبعه من أحكام، وأفعال، وتصرفات، وسياسات. إن منظومات الوعي التي تنداح في دوائر متحاضنة لا متناقضة؛ تبدأ بالوعي للإنسان الفرد وعي بالكينونة ووعي بالدور، وينتهي بوعي الإنسان بالإنسانية ويدور مع الدوائر معرفة وفهما وتدبرا ووعيا للمقتضيات والشروط واللوازم المتعلقة بها؛ إن كان في الأسرة أو في أي تكوينات جمعية صغيرة أو محلية إلى تكوينات أوسع قد ترتقي إلى الدولة والأمة، هذه التكوينات والدوائر تعد ساحات ومساحات للوعي بكل صوره وبكل شروطه وأدواره. ويتكامل مع هذا حينما يتحرك الوعي عبر الوعاء الزمني والتاريخي فيفرض الاهتمام بمستويات الوعي وارتباطاتها الزمنية، فهناك الوعي الآني (بالحال)، وهناك الوعي الممتد (في الزمن المتراكم) وهناك الوعي بالمآل والاستقبال الذي تترابط فيه حلقات الوعي بحلقات الزمان (الماضي والحاضر والمستقبل)، والوعي بالتاريخ والذاكرة، والوعي بحركة الواقع ومعطياته، والوعي بالمستقبل والمآلات.

الوعي حركة اجتهادية وتجديدية يرتبط بكل مراحل الاجتهاد والذي يعبر عنه بـ"الفقه" لا بالمعنى الاصطلاحي، ولكن بالمعنى الذي يتعلق بالفهم العميق والدقيق والمتواصل؛ "فقه الحكم" و"فقه الواقع" و"فقه التنزيل"، فضلا عن المنهج الرابط والناظم والضابط، ومن ثم يعتبر الوعي الحضاري مرتبطا بالفقه الحضاري وأصوله وعمليات الاجتهاد، وهو يرعى كذلك فقه الواجب وفقه الواقع في اتصال فعال. وهو فضلا عن هذا، حالة ذهنية ونفس جماعية مستدامة تفرض حالة التنبه الدائم والاستنفار الكامل للقدرات والإمكانات؛ الوعي على مستوى التفكير، والوعي على مستوى التدبر والتدبير، والوعي على مستوى التغيير، وكذلك الوعي على مستوى الفعالية والتأثير، عمليات بعضها من بعض تحقق التراكم الفعال ما بين وحي المرجعية ووعي العملية وسعي الفاعلية.

الوعي والمنهاجية متلازمان، ولذلك اقترن الوعي بالمنهج عند أستاذتنا المرحومة مني أبو الفضل، فكان هذا النحت المتعلق بالوعي المنهجي؛ الوعي المنهجي ناظم لكل حركة عامة تشكل إدراكا للحظات تمر بها الأمة في محطاتها المختلفة؛ إنها تكتشف تلك اللحظات النماذجية بكل أحوالها وفي كل أطوارها، فهي تقف مع اللحظة الكاشفة فتكشف إمكان الأمة ومكانتها، وهي تحول الكشف والوعي باللحظة الى اللحظة الفارقة والمفارقة، وهي من خلال المراجعة والمحاسبة تتحول الى حالة ناقدة ومقومة، وتحول كل تلك الإدراكات الى عملية فرقانية متكاملة؛ وإلى استشراف حقيقة اللحظة البانية للأمة ضمن مشروع انبعاثها ونهوضها، إنه الوعي المتراكم الناظم بين هذه الحلقات جميعا ضمن إدراك حضاري وإعداد واستعداد وعدّة؛ وإرادة وإدارة ووعي وسعي يستند ويلتزم بترشيد وعي وتسديد سعي.

الوعي التاريخي والسنني أمر في غاية الأهمية في منظومة الوعي الحضاري؛ إذ يولد الوعي التاريخي؛ الوعي بالتاريخ تعريفا وتوظيفا، يعد فهما وتدبّرا للأوضاع التاريخية وآثارها في الحاضر والمستقبل، والوعي بالتحدّيات المزمنة والقدرة على مواجهتها وفق أصول علمية ومنهجية. ويُعدّ سؤال التاريخ ومسألة الوعي التاريخي حقيقة خلدونية، فالتاريخ في مفهوم ابن خلدون له وجهان ظاهر وباطن؛ ظاهره يخبر عن الأيّام والدول والسوابق من القرون الأولى، وتنمو فيه الأقوال والأمثال المضروبة، أمّا باطنه فالنظر، والتدقيق، وتعليل الكائنات، والعلم بكيفيّة الوقائع، وأسباب حدوثها. وبذلك يكون التاريخ عريقا، وعميقا، وجديرا بأن يكون علما يوقفنا على أخبار الأمم الماضية وأخلاقها، وسير الأنبياء، والملوك في سياساتهم ودولهم، وذكر أخبار تعود لعصر وزمن معيّنَين.

كما يخبر التاريخ عن الاجتماع الإنساني، فموضوع التاريخ في نظر ابن خلدون يدور حول الإنسان وأعماله، وما تحمله من أسباب ومبرّرات ونتائج، ولذلك كان واعيا برصد أسباب أخطاء المؤرّخين، ومن أهمها الاعتماد على النقل فقط، وعدم أخذهم طبيعة العمران، وكذا الأسباب المتعلّقة بالمنهج، والابتعاد عن الاستقامة والعدل والوقوع في التحيّزات إلى مذاهب وآراء معيّنة.

من أهم المخاطر والمزالق في الأمم ما تصادفه الأمم من تزييف الوعي الذي يأتي من خلال السيطرة على الوعي الجمعي، من خلال تزييف الإدراك والتصورات التابعة له، ثم التحكم فيه، وبالتالي توجيهه وفق رؤى وأفكار وتوجهات تخدم الفئة المسيطرة على ذلك الوعي
والمقصود بالوعي التاريخي، كما يحدّده توفيق الطيّب، في مقاله المهم "الوعي التاريخي وقضاياه: كيف دخلنا التاريخ وكيف خرجنا منه وكيف نعود إليه"، أنه "الفهم العقلي والذهني والتعايش الوجداني والمعنوي الذي يحوّل الذاكرة التاريخية والحضارية الخاملة إرادة واعية للهُويَّة، فيرسم بذلك الخريطة الحضارية للأمة، تلك الخريطة التي تصون ماضيها وتضيء حاضرها وتحدّد استراتيجيات مستقبلها، وينشأ عن ذلك الوعي الفعل المجذّر تاريخيا، على طريق صناعة المستقبل".

ومن أهم المخاطر والمزالق في الأمم ما تصادفه الأمم من تزييف الوعي الذي يأتي من خلال السيطرة على الوعي الجمعي، من خلال تزييف الإدراك والتصورات التابعة له، ثم التحكم فيه، وبالتالي توجيهه وفق رؤى وأفكار وتوجهات تخدم الفئة المسيطرة على ذلك الوعي، وأغلب الأمور يراد بها باطل. من هنا تأتي أهمية تحرير العقل من سلطان الوهم والخداع؛ ليصبح قادرا على فضح التزييف والتشويه المتعمد بعد عمليات متتابعة ومتراكمة من صناعة الحيرة والتشتيت والتدليس، فتشكله ما استطاعت، وتحركه ما أرادت، وتوجه عناصر تفكيره إلى ما هدفت بالتزوير والتعتيم والتغرير، وهذه واحدة من درجات ما يمكن تسميته بغسيل المخ الجماعي.

إن أخطر ما يهدد بقاء الأمم والشعوب قوية هو غياب الوعي أو تزييفه؛ لا صناعته على أسس علمية وفي سياق يعبر عن الإرادة الجماعية، وكلما كانت الشعوب واعية ومدركة بما يحيط بها كانت قادرة على تجاوز كل التحديات التي تواجهها، وممتلكة القدرة على الذهاب نحو المستقبل والمشاركة في صناعته. يقول الكواكبي: "إن الإنسان الواعي الذي يملك رؤية فكرية ونقدية ويتميز بضمير اجتماعي ينسجم مع الآخر".

هذه المقدمات حول الوعي تضعنا على عتبات ما يمكن الإشارة إليه بـ"الوعي الحضاري" كصناعة ثقيلة في هذا المقام لبلوغ الانبعاث الحضاري، والمشروع الذي يمثله هذا الانبعاث هو في حقيقة أمره معركة النفس الطويل والتي تضعنا في قلب عمليات التغيير والفاعلية والتأثير، وتدفع وتستنفر معا نحو عمق المهمة الحضارية في إقامة دين الله في الأرض استخلافا وعمرانا؛ تغييرا ونهوضا، وهو ما نجعله موضوعا لمقال قادم بحول الله؛ نستعرض فيه أهم مكونات هذا المشروع.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • مشروع الانبعاث الحضاري وصناعة الوعي.. مشاتل التغيير (29)
  • 5 اقتراحات ومشاريع قوانين على جدول اعمال جلسة مجلس النواب التشريعية غدا
  • أبرزها ممارسة النشاط البدني.. نصائح للحفاظ على حدة ذهنك مع تقدم السن
  • أخلاقيات الإبداع: مستقبل العلاقة الجدلية بين الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية
  • إبراهيم عبد الجواد: بيراميدز يدعم صفوفه جيدا للحفاظ على الألقاب
  • نزع العقول ..وعودة الوعي
  • البيئة: مخططات استراتيجية لإدارة الأنواع المختلفة للمخلفات
  • لنشر الوعي الأثري.. ورش نحت للأطفال داخل متحف كفر الشيخ
  • تركيا تطلق منصة جديدة… تفوّقت على «فيسبوك وتلغرام» في يومها الأول!
  • تحاكي العنصر البشري.. ابتكار روبوتات شرطية تنظم المرور في شوارع الصين