تتسع دائرة الاحتجاجات داخل الجامعات الأميركية ضد الحرب في قطاع غزة، محدثة إرباكا كبيرا في حسابات إسرائيل ومؤيديها، وأيضا في حسابات الإدارة الأميركية التي بات يدرك المحتجون من الطلبة أنها متورطة في الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين في غزة.. فهل ينجح الطلبة في إحداث التغيير؟

وبحسب الباحث بمعهد الشرق الأوسط الدكتور حسن منيمنة -في حديثه لبرنامج "غزة.

. ماذا بعد؟"- فإن ما يجري في الجامعات الأميركية تهديد خطير للسردية المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، حيث يدافع الطلاب اليوم عن قيم الوقوف مع الحق ومع المظلوم، ويقفون إلى جانب الفلسطينيين وحقوقهم.

غير أن السلطات الرسمية، وبسبب خشيتها من الحركة الطلابية، تقوم بشيطنة المحتجين، وتجعل مجرد انتقاد إسرائيل أمرا محرما في العديد من الولايات. وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور منيمنة أن رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون اعترض على رفع الأعلام الفلسطينية في الجامعات واعتمد على أكاذيب يروجها الاحتلال الإسرائيلي.

كما أن هناك اتهامات للطلبة المحتجين بأنهم يعادون اليهود ويؤيدون ما يسمونه الإرهاب، بحسب نفس المتحدث.

ويؤيد تشارلز دان، عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق، حق الطلبة في التعبير عن مواقفهم، وفي رفض ما يحدث في غزة وأن يدافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني، قائلا إن حركتهم الاحتجاجية مثيرة للاهتمام ولها أثر على الوعي السياسي والضمير الأميركي.

وقد كان لحملة الاحتجاجات في الجامعات الأميركية عام 1968 ضد حرب فيتنام تأثير كبير على الانتخابات الرئاسية حينها، ولا يستبعد دان أن يتكرر هذا السيناريو حاليا إذا تواصلت الاحتجاجات الطلابية بشأن غزة.

ويشاطر دان الدكتور منيمنة في كون النخبة الأميركية الداعمة لإسرائيل تشعر بالقلق من الحركة الاحتجاجية في أوساط الطلاب وخاصة على مستوى الكونغرس والقطاع الخاص، حيث يريد هؤلاء استمرار الدعم لإسرائيل بالتسليح والتمويل.

هل يمكن إحداث التغيير؟

وبشأن مدى قدرة الحركة الطلابية على إحداث التغيير في مسألة التعاطي مع إسرائيل، تحدث دان عن تغير يحدث في أوساط الشباب والناشطين السياسيين، وأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية الرأي العام الأميركي يرفضون ما ترتكبه إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

أما الرئيس جو بايدن فيجد نفسه في وضع صعب بسبب سياسته الداعمة لإسرائيل والمشاكل التي تقف أمامه اليوم على خلفية الاحتجاجات الطلابية الداعمة لفلسطين، كما أوضح دان الذي رأى أن بايدن لن يستطيع تحقيق التوازن بين الأمرين، وقال "إن كلامه تغير، لكن أفعاله لم تتغير".

ومن جهته، يقول الباحث منيمنة إن بايدن يواجه اليوم مأزقا نصبه لنفسه، وهو يريد الاستمرار في دعم إسرائيل مع بعض الاعتراضات اللفظية على سياستها، وهو "متورط وشريك بالكامل مع إسرائيل في حرب غزة".

غير أن الدكتور منيمنة يعتقد أن عناصر القوة ماتزال بيد الفئة المؤيدة لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وموازين القوة لاتزال لصالح من يسيطر على الإعلام وغيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

مأزق الوحدة العربية الكبرى

في هذا العالم الواسع الذي يعيش فيه قوميات، وأعراق، وطوائف، وديانات، وإثنيات عديدة ومختلفة، تسعى في معظمها إلى التعايش، والتوحد في وجه الأخطار المتعاقبة، وأن تكون جماعات قوية، وفاعلة، يطل العرب في هذا الزمن الغريب، وبكل أسف، وكأنهم خارج الزمن، وخارج المنظومة الاجتماعية المتعارف عليها، يظهرون في صور مختلفة، ومتخلفة، بدءا من التناحر، والاقتتال، والاحتشاد الطائفي والمذهبي، وانتهاء بالمؤامرات الصغيرة، والمشكلات الخفيّة، وكأنهم في غابة لا نظام لها، ولا قانون، فبينما تتجه الدول إلى الاتحادات، وتنسيق المواقف، وتنظيم الصفوف، في مواجهات كبيرة، وخطِرة تكاد تلتهم وجودها، يظل العرب في دوامة الصراعات الضيقة، دون رؤية واضحة، ودون بوصلة محددة، يتجهون إلى مصايرهم دون وعي في أحيان كثيرة.

ورغم أن قواسم الاتفاق، والتوحد أكثر من الاختلافات بين الدول والشعوب العربية، إلا أن العمل الفردي يغلب على معظم السياسات، ولذلك باءت محاولات الوحدة كلها بالفشل، فلم تنتهِ المشاكل الحدودية، وظلت التناحرات الطائفية والمذهبية في بعض الدول قائمةً، وهذا ما يجعل هذه الدول مفتتة، وممزقة، وغير فاعلة، بل أن لدى شعوبها أزمة هويّة واضحة، ولعل حرب «غزة» الحالية أظهرت ذلك المأزق، وكشفته بشكل واضح، فبينما يتغنّى العرب في إعلامهم، وكتبهم الدراسية، وفي وجدانهم القومي بالعروبة، والتاريخ والمصير المشترك، يبدو الواقع السياسي وكأنه بعيد جدا عن هذه الشعارات، بل وقريب من مواقف عدوٍ «كلاسيكي» ومعروف إلى وقت قريب، إلا أن الضبابية بدت واضحة على الموقف العربي الواحد، مما يجعل تلك الشعارات مجرد لافتات بائسة.

إن الوحدة أصبحت ضرورة حتمية لكي يستعيد العرب مكانتهم، ويستثمروا مواطن قوتهم، ويعملوا من أجل المستقبل، فالدول التي تعيش على أكتاف غيرها، يظل مصيرها معلقا بيدي عدوها، ويظل القرار السيادي منقوصا مهما بدا غير ذلك، فالحسابات العربية غالبا ما تُبنى قبل كل شيء على مصالحها مع الدول الكبرى، حتى ولو كان ذلك على حساب جارة شقيقة، يربطهما مصير مشترك، وجغرافيا، ودين، ومصالح أبدية، ولكن الواقع يقول: إن الضعيف لا يمكن أن يعتمد على ضعيف مثله، فهو يحتاج إلى دولة قوية تحميه، ونسي العرب مقولتهم الشهيرة، وشعارهم الكبير «الاتحاد قوة، والتفرق ضعف»، ولم يلتفتوا إليه في واقعهم، ولم يطبقوه في حياتهم السياسية.

إن الدول الكبرى لديها قناعة راسخة بأن الدول العربية يجب أن تظل ضعيفة، وتعتمد عليها في كل شاردة وواردة، وأن أي تقارب عربي يعني خطرا على وجودها الاستراتيجي في المنطقة، لذلك تعمل ليل نهار على إشعال المشكلات بين الدول العربية، وتوليد الخلافات، وخلق العداوات مع الجيران، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، حتى يسهل عليها كسر هذه الدول، وتفتيتها، ليكون لها اليد الطولى في مصيرها، وتضمن وجودها العسكري لأطول مدة ممكنة، ولكن على العرب أن يعرفوا أن كل سرديات التاريخ تثبت أنه ليس للضعيف مكان في عالم القوة، وأن حزمة الحطب لو اجتمعت فلن يسهل كسرها، ولذلك على هذه الدول المتحدة في كل شيء إلا في الواقع، أن ترى المستقبل بعيون أوسع، وبحكمة أكبر، وتعلم أن الوقت حان للملمة الأوراق، والبدء في رحلة العمل الطويل والشاق في سبيل حلم «الوحدة العربية الكبرى».

مقالات مشابهة

  • مأزق الوحدة العربية الكبرى
  • احتجاجات حضرموت تتصاعد والانتقالي يفشل في استعادة المكلا
  • توافد طلاب الثانوية العامة للتسجيل بالمرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025
  • على خلفية زيادة أسعار الوقود.. أربعة قتلى ومئات المعتقلين في احتجاجات في أنغولا تحولت إلى أعمال عنف
  • بدء المرحلة الثانية بتنسيق الجامعات 2025 في هذا الموعد
  • من داخل معامل تنسيق جامعة القاهرة.. أخطاء شائعة عند تسجيل رغبات التنسيق تجنبها
  • إقبال كبير من طلاب الثانوية العامة للتسجيل بالمرحلة الأولى بمعامل تنسيق جامعة القاهرة
  • مراسل سانا: وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي والعدل الدكتور مظهر الويس يوقعان اتفاقية لتعزيز وتطوير التعاون العلمي والأكاديمي المشترك من خلال إتاحة الفرصة لقبول عدد من القضاة وخريجي المعهد العالي للقضاء في الماجستيرات الأكاديمية بكل
  • بدء استقبال طلاب المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025 لتسجيل رغباتهم
  • موعد التقديم في تنسيق الجامعات 2025 المرحلة الأولى.. رابط تسجيل الرغبات