◄ أمير عوض لـ"الرؤية": الموسيقى العُمانية والعربية تشهد تطورات كبيرة.. و"تقصير كبير" في إبراز الآلات التقليدية

◄ الموسيقى العُمانية تتميز بطابع خاص يُضفي تفرُّدًا في الأداء

◄ مؤسسات الدولة حريصة على الحفاظ على الموروث الفني العُماني

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

 

مَرَّتْ الفنونُ الموسيقية العُمانية بمراحل تطور، شهدت فترات ازدهار حينًا، وفترت ركود حينًا آخر، لكن السمة التي غلبت على هذه المراحل تمثلت في ديناميكية المسار الفني، أي إنه لم يتوقف يومًا مهما تبدلت الظروف والأحوال.

. وعلى مدى عقود النهضة العُمانية الحديثة، أخذت الفنون الموسيقية منحنى تصاعديًا في مسيرة التطوير والتحديث، تزامنت مع رعاية كبيرة من السلطان الراحل قابوس بن سعيد، والتي تجسدت في تأسيس أول فرقة أوركسترا عُمانية فلهارمونية، ثم توالت المُنجزات الموسيقية منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.

وبالتوازي مع جهود تطوير الفنون الموسيقية، تكشَّفَت العديد من المواهب العُمانية في مجالات التأليف والتلحين والغناء، وتعمق الأداء الموسيقي في عُمان، ليُخرج لنا الكثير من الأعمال الموسيقية المميزة، التي أنتجتها كفاءات فنية عُمانية.

وقد أحرز الفنان العُماني أمير بن عوض بن بشير بيت مبروك جائزة المسابقة الدولية في التأليف الموسيقي العربي لعام 2023؛ إذ أعلن المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية عن فوز "اشتياق" للفنان العُماني أمير بن عوض بالمسابقة الدولية التي نظمها المجمع.

وتحدث أمير عوض إلى "الرؤية"، عن فوزه بهذه الجائزة؛ حيث أكد أنها نتاج جهد فني على مدار سنوات، استطاع خلالها أن يُصقل موهبته الفنية، وأن يُنافس على أرفع الجوائز في الوطن العربي. كما عبّر عن سعادته بفوزه بهذه الجائزة، وعزمه مواصلة تقديم أعمال متميزة ترفع من اسم عُمان خفّاقًا في المحافل الإقليمية والدولية.

البدايات والانطلاقة

وفي حديث مع "الرؤية"، يتذكر أمير عوض بداياته الموسيقية منذ الصغر؛ حيث بدأت موهبته في الظهور وهو في الخامسة من عمره، خاصة وأنه نشأ في بيئة فنية، إذ إن والده عوض بن بشير بيت مبروك شاعر ومطرب. ويضيف أمير عوض أنه بدأ مشواره الموسيقي أولًا بالعزف على آلة الأورج، وقد تعلمها بنفسه دون مساعدة، وما عزز من هذه الموهبة مشاركته مع العديد من الفرق الشعبية في محافظة ظفار كعازف أورج، في مطلع الألفينات. وعن تلك الفترة يقول أمير عوض: "واجهتُ العديد من التحديات والصعوبات لكنها كانت بمثابة دافع كبير لأن اشتغل على ذاتي وأطور من مهاراتي أكثر فأكثر في العزف، ففي عام 2008 انتهيتُ من دراسة الثانوية العامة وقُبِلتُ في تخصص هندسة الموانئ البحرية في كلية عُمان البحرية كخيار أول بنظام القبول الموحد، ثم الخيار الثاني قسم الموسيقى والعلوم الموسيقية بجامعة السلطان قابوس". وقد عاش أمير عوض في تلك الفترة صراعًا يقول عنه: "الكل كان رافضًا لفكرة دراسة الموسيقى والتخلّي عن تخصص الهندسة، وبالرغم من هذه التحديات التي واجهتها من الأهل وغير الأهل في ترك تخصص الموسيقى، وجعل الموسيقى كهواية وليس تخصص إلّا أنني تمسكتُ بقراري في اختيار قسم الموسيقى، والتحقتُ بأول دفعة في هذا القسم وقتذاك؛ لأني كنت مؤمنًا بموهبتي الموسيقية، وبقدرتي على التميز في هذا التخصص".

تحديات وآمال

ويمضي أمير عوض متحدثًا عن فترة دراسته الجامعية للموسيقى، فيقول: "في عام 2009 التحقتُ بقسم الموسيقى، وواجهت مشكلة أخرى وهو في اختيار آلة القانون، وأن يتم اختيار آلة التشيلو أو الكمان بدلًا عن آلة القانون، إذ إنني لم أكن أهوى هذه الآلات، لذلك نجحت في إقناع أساتذتي بالجامعة بأن آلة القانون هي الأقرب إلى موهبتي، وكانت بدايتي الفعلية في العزف على آلة القانون عام 2010، وتعلمت العزف على يد الأستاذة مايا يوسف والأستاذة ياقوت، وكنت أقضي وقتًا كبيرًا جدًا على الآلة كي أرفع من مستوى مهارات العزف لديّ". وبعد التخرج في جامعة السلطان قابوس، عِمل أمير عوض أخصائي آلة القانون في مركز عُمان للموسيقى التقليدية، التابع لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني، والذي أتاح له الفرصة لمواصلة دراسة الماجستير في عام 2022 في قسم تاريخ الموسيقى العربية بكلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية.

تطور ملحوظ

الفنان الموسيقي أمير عوض تحدث كذلك عن الموسيقى على المستويين المحلي والعربي؛ حيث يرى أنها شهدت تطورًا كبيرًا، من حيث جودة الأعمال المُقدّمة على الساحة الفنية، غير أنه انتقد "التقصير الكبير" في إبراز الآلات التقليدية في الأعمال الحديثة؛ حيث "كادت تندثر"- حسب قوله- نظرًا لقلة المُمارسين وعدم توفر هذه الآلات. وفي هذا الجانب يقول أمير عوض: "ينبغي على المؤلفين والموزعين الموسيقيين التركيز على هذه الآلات وإظهارها في صورة حديثة بكافة الأعمال الموسيقية، خصوصا وأن المدارس الموسيقية في عُمان غير كافية؛ لأن الموهوبين موجودين في كل محافظات السلطنة، لذلك أرى من الضروري إيلاء اهتمام كبير بقطاع الموسيقى وتوفير البيئة المناسبة للمواهب الشابة وصقل مهاراتهم". ويؤكد أمير عوض أن اللحن القوي يعزز من وقع كلمات الأغنية، حتى لو كانت الكلمات ضعيفة، مشيرًا إلى أن هناك أغانٍ لاقت انتشارًا كبيرًا بفضل قوة اللحن وأسلوب الأداء، وليس فقط كلمات الأغنية.

الموسيقى العُمانية

ويؤكد أمير عوض أن الموسيقى العُمانية الأصيلة ذات طابع خاص، من حيث أسلوب الأداء، وقد شهدت تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، مع اشتغال حقيقي من قبل الموزعين والمؤلفين العُمانيين لكي تخرج في أبهى حُلة. ويعتبر أمير عوض ذلك بمثابة "دليل على الحراك الثقافي في عُمان، واهتمام مؤسسات الدولة بالحفاظ على الموروث العُماني، لا سيما وأن النجاح ثمرة الاجتهاد، ولا ينبت النجاح في تربة الكسل، ولا يُقطف من شجرة التمني، إنما هو ثمرة جهد وعمل دؤوب، وصبر ومثابرة لا تنقطع، ولا تعرقله العقبات، لأن طريق النجاح مليء بالتحديات، لكن العزيمة القوية تُذلل كل الصعاب".

ويتطرق أمير عوض للحديث عن مشاركاته الخارجية؛ حيث شارك في عرض مع فرقة البلد الموسيقية بمتحف الفنون الجميلة في مدينة ليون بالجمهورية الفرنسية، كما شارك بعرض موسيقي خاص "ريسيتال" لمؤلفاته في جامعة حلوان بمصر، وكذلك في احتفال العيد الوطني المجيد الذي أقيم في معرض "إكسبو دبي  2020"، بجانب المشاركة في حفلات فرقة مركز عُمان للموسيقى التقليدية كقائد للفرقة، والمشاركة في دار الأوبرا السلطانية مع عازف العود العراقي نصير شمه، والمشاركة في معرض أيام قرطاج الموسيقية بجمهورية تونس، والمشاركة في الأسبوع الثقافي بجمهورية إيران الإسلامية، والمشاركة في افتتاح خطوط الطيران العُماني إلى كل من: (الفلبين، سنغافورة، أندونيسيا)، والمشاركة في حفل العيد الوطني المجيد بسفارة سلطنة عُمان بجمهورية البرازيل، والمشاركة في رحلة الطلبة المتفوقين والمتميزين بجامعة السلطان قابوس إلى أستراليا، والمشاركة في المهرجان الموسيقي الرابع في جامعة السلطان قابوس، والمشاركة في احتفال جريدة عُمان بمرور 40 عامًا على تأسيسها، والمشاركة في المؤتمر الدولي في المملكة العربية السعودية في منطقة الدمام، والمشاركة في المؤتمر الدولي الثاني لكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، والمشاركة في معرض الفنون التشكيلية التابع لديوان البلاط السلطاني.

مُشاركات متعددة

ويضيف أمير عوض أنه شارك في احتفال توزيع جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي، وفي حفل البعثات الدبلوماسية الخارجية في جامعة السلطان قابوس، وفي فعالية الاحتفال بالعيد الوطني الحادي والأربعين المجيد "قصة وطن" في جامعة السلطان قابوس، زفي الأمسية الموسيقية في جامعة السلطان قابوس، والمشاركة في حفل يوم الجامعة، وفي فعاليات اليوم العلمي والثقافي لكلية الآداب، وفي حفل اليوم المفتوح في كلية مزون، وفي المهرجان الثقافي الأول بجامعة الإمارات، والمشاركة في احتفالية الجمعية العُمانية للمسرح باليوم العالمي للمسرح، والمشاركة في احتفالات جامعة كامبريدج بمناسبة مرور 800 عام على تأسيسها في المملكة المتحدة، وغيرها من المشاركات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إعادة تأهيل مراكز الإبداع.. رؤية صندوق التنمية الثقافية لإحياء التراث وتمكين الأجيال الجديدة

في إطار حرصه على تفعيل التراث المعماري كمكوّن حي ومتجدد في الحياة الثقافية المصرية، نظم قطاع صندوق التنمية الثقافية، حلقة نقاشية موسّعة بمركز الإبداع الفني بقصر الأمير طاز، بهدف التعريف ومناقشة تفاصيل مسابقة "إعادة تأهيل وتوظيف الفراغات الداخلية" لكل من بيت المعمار المصري وقصر الأمير طاز، والتي ينظمها الصندوق بالتعاون مع شعبة العمارة بنقابة المهندسين.

السطوحي: “نحن لا نُعيد تأهيل المباني فقط.. بل نُعيد تأهيل علاقتنا بها”

في مستهل اللقاء، أكد المعماري حمدي السطوحي، مساعد وزير الثقافة للمشروعات الثقافية ورئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، أن هذه المسابقة تُعد إحدى أدوات الرؤية الجديدة للقطاع، التي تستهدف إعادة إحياء المواقع التراثية التي تضم مراكز إبداع، وتحويلها إلى فضاءات نشطة للإبداع المجتمعي والتفاعل الثقافي.

وأوضح أن الحفاظ على التراث لا يقتصر على الترميم المادي، بل يشمل أيضًا إعادة توظيفه لخدمة المجتمع والأنشطة الثقافية، مضيفًا: "هدفنا ليس مجرد التصميم، بل خلق حالة من الحراك الفكري والمعرفي، تُفضي إلى وعي أعمق بقيمة ما نملكه من عمارة وهوية".

وتابع: "المسابقة لا تستهدف تجميلًا سطحيًا، بل تطويرًا وظيفيًا يتسق مع الطابع المعماري والتاريخي لكل مبنى، ويعزز استدامته الثقافية".

جمال مصطفى: خطوة جادة لتطوير استخدام التراث

رحّب د. جمال مصطفى، مدير قصر الأمير طاز، بالحضور، واصفًا المسابقة بأنها خطوة جادة نحو تطوير الاستخدام الثقافي للمباني التراثية، ومؤكدًا أهمية هذا التوجه في تعميق العلاقة بين الجمهور والمكان.

لجنة التحكيم: تفاعل فكري ورؤى متنوعة

شهد اللقاء حضور عدد من أعضاء لجنة التحكيم، وهم: أ.د. علي جبر (عميد كلية الهندسة، جامعة نيو جيزا)، د. هالة بركات (عميد كلية الفنون والتصميم، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا)، وأ.د. ياسر السيد (رئيس قسم العمارة، كلية الفنون الجميلة)، والمعماري معاذ أبو زيد (مهندس حر).

ياسر السيد: “المسابقة محاولة لفهم المكان وتحقيق تواصل حي”

أكد ياسر السيد أن المسابقة تفتح أفقًا جديدًا لفهم العلاقة بين المعمار والنشاط الثقافي والمجتمع المحلي، موضحًا: "المشاركة ليست مجرد تمرين تصميمي، بل دعوة لفهم عمق المكان وتاريخه، وبناء جسور تواصل حيّة بين الفراغ والجمهور".

وأشار إلى أن اختيار قصر الأمير طاز وبيت المعمار المصري جاء نظرًا لطبيعتهما الخاصة من حيث التكوين والعلاقة بالأنشطة، مؤكدًا أن إحياء ثقافة المسابقات المعمارية ضرورة لإعادة إشعال روح التجريب والتفكير الجماعي في مصر.

ولفت إلى أن عدد استمارات المشاركة حتى الآن بلغ 485 استمارة، تتوزع بين مشاركات فردية وجماعية، ما يعكس الحماس الكبير لدى شباب المعماريين تجاه إعادة إحياء التراث وتطوير استخداماته الثقافية.

علي جبر: “الطريق الحقيقي للحفاظ على الأثر هو استخدامه”

ركّز علي جبر على أهمية الفهم المعماري لطبيعة المبنى المراد تأهيله، قائلًا: "الحفاظ الحقيقي على الأثر لا يتحقق إلا باستخدامه... يجب التفريق بين المباني الأثرية والتراثية، لأن لكل منها طبيعة ومعايير مختلفة في التعامل المعماري".

وأضاف أن إعادة التوظيف يجب أن تكون مرنة ومتعددة الاستخدامات، مع احترام القيم التاريخية والمعمارية، وأن تصميم المساحات ينبغي أن يسمح بالتكيف مع الأنشطة الثقافية دون الإضرار بهوية المبنى.

هالة بركات: “النجاح في التصميم ينبع من فهم روح المكان”

شددت هالة بركات على أهمية أن تنبع الأفكار التصميمية من فهم عميق لروح المكان ومحيطه الاجتماعي والثقافي: "النجاح لا يُقاس فقط بجمال التصور، بل بمدى قدرة المعماري على التماهي مع خصوصية المكان، والعودة إليه مرارًا لالتقاط إيقاعه وتاريخه".

معاذ أبو زيد: "لكل فراغ طاقة مُلهمة.. هذا هو الإلهام المكاني"

أكد المعماري معاذ أبو زيد أن التعامل مع الفراغات التاريخية يجب أن ينطلق من إدراك الطاقات الكامنة في كل فراغ، متابعًا: "بمجرد دخول المكان، تبدأ الأفكار في التشكل.. التعامل مع فراغ أثري ليس مجرد هندسة، بل هو حوار مع التاريخ والإنسان".

أسئلة الحضور.. بين القوانين والمعايير الدولية

شهد اللقاء تفاعلًا لافتًا من الحضور، خصوصًا من شباب المعماريين وطلاب كليات الفنون والهندسة، حيث طُرحت استفسارات حول معايير التحكيم، وآليات التقييم، وحدود التعامل مع العناصر التاريخية. 

وأكدت اللجنة ضرورة الالتزام بالقوانين المنظمة، وعلى رأسها قانون حماية الآثار والمباني ذات القيمة، فضلًا عن مراعاة المعايير الدولية لتأهيل المباني التاريخية.

نحو مراكز تراثية حية.. رؤية الصندوق للمستقبل

تأتي هذه المسابقة في سياق توجه صندوق التنمية الثقافية لإعادة توظيف المباني التراثية كمراكز ديناميكية للإبداع والفن، من خلال تمكين الشباب، وإحياء التراث، وتحويل الفراغات التاريخية إلى منصات معاصرة للحوار الثقافي والفني.

طباعة شارك التراث المعماري الحياة الثقافية المصرية صندوق التنمية الثقافية مركز الإبداع الفني قصر الأمير طاز

مقالات مشابهة

  • "أكاديمية المرأة العُمانية" تشارك في المخيم الكشفي الـ24 للمرشدات والمتقدمات
  • إعادة تأهيل مراكز الإبداع.. رؤية صندوق التنمية الثقافية لإحياء التراث وتمكين الأجيال الجديدة
  • هيئة الأزياء تُنظّم جلسة افتراضية عن” تناغم الحِرف المحلية مع الأسواق العالمية”
  • الصحة تنظم ورشة عمل لتعزيز التواصل أثناء المخاطر والمشاركة المجتمعية
  • بمشاعر الوفاء.. تناغم الفن تكرم التشكيليين
  • 99 % نسبة إصلاح البنية الأساسية بطريق السُّلطان قابوس
  • 99 % نسبة إصلاح البنية الأساسية بطريق السلطان قابوس
  • معرض المدينة المنورة للكتاب” يقدّم ورشةً تفاعلية حول الكتابة بالذكاء الصناعي
  • نقابة المهن الموسيقية تنعى الفنان لطفي لبيب
  • إقبال كثيف في انتخابات التجديد النصفي لـ عضوية نقابة المهن الموسيقية