أول زعيم مسلم.. لماذا استقال حمزة يوسف من رئاسة وزراء أسكتلندا؟
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
لندن– بعد عام من دخوله التاريخ كأول رئيس وزراء مسلم في تاريخ أوروبا والغرب عموما، أعلن رئيس وزراء أسكتلندا حمزة يوسف استقالته من منصبه بعد أسابيع عصيبة قضاها في محاولة تجنب إسقاطه بتصويت سحب الثقة.
جاء ذلك بعد أن انفرط عقد التحالف الذي كان يعقده الحزب الوطني الأسكتلندي "إس إن بي" (SNP) مع حزب الخضر الذي أعلن انسحابه من هذا التحالف لتصبح حكومة يوسف أقلية.
وحاول يوسف أن يستمر على رأس حكومته رغم فقدانه الأغلبية، إلا أن الدعوة لتصويت سحب الثقة والذي كان مقررا هذا الأسبوع جعله يتراجع عن قراره ويعلن استقالته من الحكومة وزعامة الحزب الوطني، فما الذي يجعله يخرج من الباب الصغير بعد أن كان قصة نجاح أبهرت الناس بالمملكة المتحدة وخارجها؟
ورث يوسف عن رئيس الوزراء السابقة نيكولا ستورجن تحالف الحزب الوطني مع حزب الخضر، بعد أن عجز الحزب الذي يقود الحكومة في تأمين أغلبية بالبرلمان سنة 2021، وكان هذا التحالف مبنيا على التزامات من أهمها التزام الحكومة بخفض الغازات الملوثة بنسبة 75% بحلول سنة 2030 لتعود لمستوى سنة 1990.
وقد تم إقرار هذا الالتزام رسميا من طرف الحكومة، قبل أن تعلن لجنة التغيرات المناخية، وهي هيئة رقابية مستقلة بالمملكة المتحدة، أن أسكتلندا لا يمكنها تحقيق هذا الهدف بحلول سنة 2030 وهو ما أعلنت الحكومة أنها تتفق معه وتعلن سحب هذا الالتزام، الأمر الذي أغضب "الخضر" الذي قرر الانسحاب من التحالف.
وكان يوسف في حاجة إلى صوت واحد إضافي بالبرلمان ليحافظ على منصبه، وكانت الأعين مسلطة على البرلمانية "آش ريغان" التي كانت عضوة سابقة بالحزب الوطني قبل أن تنتقل إلى حزب "ألبا" (ALBA) المعروف بأنه يضع الانفصال عن المملكة المتحدة على رأس أولوياته، لكن يوسف رفض عرض هذا الحزب.
لماذا يرفض يوسف عرضا من "ألبا" القريب أيديولوجيا من حزبه والذي كان سينقذ منصبه وحكومته؟ كان السؤال الذي طرحته الجزيرة نت على مصدر مقرب من يوسف، وكان الجواب أن الأمر الأول مرتبط بيوسف شخصيا حيث لا يريد أن يدخل في "متاهة" جديدة حيث يخشى أن يصبح تحت ضغط "ألبا" لوضع موضوع الانفصال أولوية قبل أي شيء آخر.
ومن جهة ثانية، رفض عدد من نواب الحزب الوطني التحالف مع "ألبا" بسبب الموقف من زعيم الحزب "أليكس سالمون" والذي كان سابقا زعيما للحزب الوطني وكان متهما بعدد من القضايا الجنسية وتمت تبرئته من جميع القضايا باستثناء واحدة مازالت أمام القضاء.
ويضيف المصدر نفسه أن يوسف يعلم أنه قد لا يعود لمنصبه في زعامة الحزب من جديد، وأن الأمر متروك لنواب الحزب لاختيار الزعيم الجديد أو التشبث بيوسف كزعيم، في ظرف سياسي صعب موسوم بتراجع شعبية الحزب بعد أن حكم البلاد 17 عاما.
وسيكون أمام الحزب الأسكتلندي 28 يوما من أجل اختيار زعيم جديد، وفي حال عجز عن ذلك ستتم الدعوة لانتخابات عامة بالبلاد.
تُرجع السياسية والقيادية بحزب "ألبا" إيفون ريدلي سبب استقالة يوسف، ورفض عرض حزبها إقامة تحالف جديد كان سينقذ الحكومة، للضغوط التي تعرض لها يوسف من نواب حزبه "الذين يرون أن موضوع الاستقلال عن المملكة المتحدة ليس أولوية لهم ويخشون أن التحالف معنا سوف يحرجهم أمام الرأي العام".
وعبرت السياسية والصحفية -في حديثها مع الجزيرة نت- عن أسفها لاستقالة يوسف "لأن وصوله لمنصب رئيس الوزراء أعطى نموذجا ملهما للمسلمين بالمملكة المتحدة وقصص نجاحهم" مضيفة "لقد قدمنا له طوق نجاة ولكنه رفض، وهذا مؤسف لأنه كان سينقذ حكومته ويعزز موقفه في العمل على استقلال أسكتلندا".
وأكدت ريدلي أن "من قدم الاستشارة ليوسف برفض عرض حزب ألبا لم يكن صادقا معه لأن أغلبهم لن يتم التصويت عليهم بالانتخابات المقبلة، وهناك آخرون يفضلون البقاء تحت سلطة لندن".
أما عن سبب رد يوسف للعرض بأنه موقف من زعيم حزب ألبا فقد استغربت نفس المتحدثة من الأمر "لأن العلاقة بين يوسف وأليكس قديمة جدا وإيجابية وكان الأخير أول من منح الأول منصبا بالحكومة" لتتوقع أنه "سيندم على قرار رفض العرض".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الحزب الوطنی الذی کان بعد أن
إقرأ أيضاً:
في ظل الهجوم على أول مرشح مسلم لعمدة نيويورك ما تأثير والديه على أفكاره؟
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرين تناولت في أولهما الهجمات المحمومة من اليمين الأميركي المتطرف ضد "اليساري المسلم" زهران ممداني، الذي فاز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات العامة المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لاختيار عمدة جديد لمدينة نيويورك.
وتطرق التقرير الثاني إلى مدى تأثير والدي ممداني في تشكيل آرائه السياسية، وما إذا كانا يتوقعان أن يأتي يوم يصبح فيه نجلهما عمدة لأكبر مدينة في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: جيش المهندسين الصيني الجديدlist 2 of 2خبراء أميركيون: ما الذي يدفع بعض الدول لامتلاك السلاح النووي؟end of listوذكرت الصحيفة في تقريرها الأول أن زهران ممداني -وهو أول مسلم يترشح لمنصب عمدة نيويورك عن الحزب الديمقراطي- بات هدفا للهجمات العنصرية من اليمين المتطرف، حتى قبل فوزه الأخير.
وأضافت أن تلك الهجمات اشتدت بعد إعلان نتائج التصويت يوم الثلاثاء، إذ اتهمه مسؤولو الحزب الجمهوري المنتخبون والشخصيات الإعلامية اليمينية بالترويج للشريعة الإسلامية ودعم "الإرهاب" وتشكيل تهديد لسلامة سكان نيويورك، خاصة اليهود منهم.
هجوم واسعوأوردت الصحيفة أن ستيفن ميلر، مهندس سياسات الهجرة في إدارة الرئيس دونالد ترامب، وصف فوز ممداني الكاسح بأنه "أوضح تحذير حتى الآن لما يحدث للمجتمع عندما يفشل في السيطرة على الهجرة".
وذهب أندي أوغليز، العضو الجمهوري في مجلس النواب عن ولاية تينيسي، إلى أبعد من ذلك متهما ممداني (33 عاما) بدعم "الإرهابيين"، وطلب من المدعية العامة للولايات المتحدة بام بوندي تجريده من جنسيته وترحيله.
وتضمنت الهجمات على ممداني -الذي سيصبح في حال انتخابه، أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك- عبارات معادية للإسلام والمهاجرين.
ويعتقد البعض أن هذه الاتهامات ترديد لنظرية "الأخ الأكبر" التآمرية التي ظل ترامب يروج لها لسنوات قبل انتخابه رئيسا، عندما ادعى زورا -حسب نيويورك تايمز- أن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مسلم ومولود في كينيا.
إعلانوتقول الصحيفة إن أوباما مسيحي وُلد في هاواي، بينما ممداني مسلم مولود في أوغندا لأبوين هنديين، وترى أن الانتقادات اللاذعة الموجهة إلى ممداني تهدف إلى تصويره كشخصية غامضة وخطيرة لا تشبه المرشح نفسه.
وطبقا للتقرير، فإن ممداني فاز في الأحياء التي تضم عددا أكبر من السكان ذوي الدخل المرتفع والمتوسط، ومثلهم من خريجي الجامعات، ومن السكان البيض والآسيويين وذوي الأصول الإسبانية.
ونقلت الصحيفة عن براندون مانسيلا، المدير الإقليمي لنقابة عمال السيارات المتحدة، القول إنهم في النقابة أيدوا زهران "لأننا كنا نعلم أنه يستطيع التحدث إلى سكان نيويورك العاديين"، واصفا الهجمات ضده بأنها "حقيرة ومخيبة للآمال، لكنها متوقعة في ظل المناخ السياسي السائد في هذا البلد الآن".
ومن جانبه، أعرب عابد أيوب، المدير التنفيذي الوطني للجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز، عن اعتقاده بأن "الذعر العنصري" إزاء نجاح ممداني يشير إلى التهديد الذي يشكّله على المؤسسة من كلا الجانبين.
وفي تحليلها للبيانات التي جمعتها، خلصت نيويورك تايمز إلى أن العوامل التي ساعدت ممداني على استمالة الناخبين المتنوعين جغرافيا وديموغرافيا إلى جانبه، تمثلت في سياساته اليسارية وأسلوبه المتفائل، بالإضافة إلى توق الناخبين إلى التغيير بعد أن سئموا من منافسه الرئيسي أندرو كومو حاكم نيويورك السابق.
وفي تقرير ثانٍ، قالت الصحيفة إن ترشح زهران ممداني لخوض الانتخابات التمهيدية كان مفاجئا لوالديه مثلما باغت المؤسسة السياسية في البلاد.
وأضافت أن والديه اللذين اعتادا على الأضواء -حيث تعمل أمه مخرجة سينمائية مرشحة لنيل جائزة الأوسكار، وأبوه استاذا في جامعة كولومبيا– لم يكن أي منهما يتوقع أن يكون قريبا لهذه الدرجة من أروقة السلطة.
وحسب الصحيفة، ينسب زهران الفضل لوالديه في توفير "تربية متميزة" له تضمنت نقاشات مستمرة حول السياسة والشؤون العالمية. لكن في هذه اللحظة التي تشهد خلافات سياسية حادة حول الصراع في الشرق الأوسط، فإن آراء والديه الناقدة لإسرائيل وعمل والده الأكاديمي المختص بالاستعمار الاستيطاني وحقوق الإنسان قد يجعلهما هدفا لهجمات اليمين.
ونقلت عن محمود ممداني (79 عاما)، والد زهران وأستاذ الشؤون الدولية والأنثروبولوجيا الشهير، وصفه للإسرائيليين في بعض كتاباته، بالصهاينة الظالمين، وألقى العام الماضي محاضرات في مخيمات الاعتصام التي نصبها الطلاب في حرم جامعة كولومبيا احتجاجا على الحرب على غزة، منتقدا تعامل الجامعة مع التظاهرات.
وانتقد ابنه أيضا إسرائيل ومعاملتها للفلسطينيين، وهو ما أثار اتهامات بمعاداة السامية التي يرفضها بشدة.
ورغم ذلك، ينفى الوالدان أي تأثير لهما على أفكار ابنهما السياسية، فقد أكدا أن زهران -وهو اشتراكي ديمقراطي- أن زهران لم يلجأ إليهما طلبا للمشورة السياسية. لكن الصحيفة تتوقع أن يجد الوالدان نفسيهما منجذبين الآن إلى حملته الانتخابية.
إعلانوفي مقابلة أُجريت معه، اختلف محمود ممداني والسيدة ناير حول مدى تأثير عملهما على رؤية ابنهما للعالم. فقد وصف الوالد ابنه بأنه "شخص مستقل بذاته، وأن ما نفعله تجاهه الآن كوالدين هو جزء من البيئة التي نشأ فيها، ولا يسعه إلا أن يتفاعل معها. وهذا لا يعني أن أي شيء يعود إلينا".
لكن والدته ميرا ناير (67 عاما) لا تتفق مع زوجها في رأيه إذ تقول "بالطبع، إن العالم الذي نعيش فيه وما نكتبه ونصوره ونفكر فيه هو العالم الذي استوعبه زهران كثيرا".
تجدر الإشارة إلى أن ممداني سيواجه في الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري عددا من المرشحين، أبرزهم الجمهوري كورتيس سليوا، والمستقل جيم والدن، إضافة إلى العمدة الحالي إيريك آدامز، في حين لا يستبعد بعضهم عودة أندرو كومو مستقلا، وهو ما قد يؤدي إلى انقسام أصوات الديمقراطيين وتقليص فرص ممداني، حسب مراسل الجزيرة نت في واشنطن محمد المنشاوي.