بعد مرور سبعة أشهر على وفاة يفجيني بريجوزين، رجل الأعمال الجريء الذي قاد جيشه الخاص المعروف باسم مجموعة فاجنر تمرداً ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدأت الدولة الروسية في فرض سيطرتها على المرتزقة الخاصين ودفعهم إلى العمل لتحقيق أجندة الكرملين، وبحسب تقرير خاص نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فقد انقسم الآلاف من قوات فاجنر السابقة إلى أربع مجموعات على الأقل، وفقًا لمسؤولين أمريكيين منحوا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة مسائل استخباراتية حساسة.

 

ومن خلال خلط المقاتلين مع مرتزقة آخرين موالين لبوتين، تأمل الحكومة الروسية في منع تكرار أحداث العام الماضي، عندما انقلبت مجموعة فاجنر الموحدة على بوتين ووزارة دفاعه، وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "جزء من هدف إعادة الهيكلة هو التأكد من وجود المزيد من السيطرة على العمليات بشكل عام"، وقال المسؤولون إن الجيوش الخاصة الجديدة منتشرة بالفعل في جميع أنحاء العالم في مهام خاصة، بما في ذلك في أوكرانيا وإفريقيا، حيث من المتوقع أن تلعب دورًا مزعزعًا للاستقرار على المسرح العالمي مماثلًا لما كانت عليه عندما كانت تحت قيادة بريجوزين.

 

 

بوتين يحتوى الـ4 مجموعات بنجاح

 

 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد أجبرت الجماعات شبه العسكرية المعاد تشكيلها بالفعل إدارة بايدن على سحب قواتها من النيجر وتشاد – في انتكاسات كبيرة لمكافحة الإرهاب – بينما تتحدى السياسات الأمريكية في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو وليبيا ودول أفريقية أخرى، وترتبط إحدى المجموعات الأربع بالحرس الوطني الروسي، وقد انتقلت بالفعل إلى أوكرانيا وفقدت عددًا كبيرًا من المقاتلين. 

وتعمل مجموعتان أخريان تحت سيطرة وزارة الدفاع وأجهزة استخبارات موسكو، وقال المسؤولون إن المجموعة الرابعة – المعروفة باسم الفيلق الأفريقي والمتحالفة مع مجموعة موجودة تعرف باسم ريدوت – لا تزال تعمل على السيطرة على قوات فاجنر السابقة في بعض العواصم الأفريقية، لا يُعرف سوى القليل عن انهيار الفصائل الجديدة، بما في ذلك عدد الأعضاء الذين ينتمون إلى فاجنر بقيادة بريغوجين مقابل المنظمات شبه العسكرية الأخرى الموجودة.

 

 

نجل بريجوزين ونهاية أكبر خطر بحق بوتين 

 

 

ومن غير الواضح أيضًا إلى أي مدى لا يزال نجل بريغوجين، الذي سيطر في البداية على الآلاف من مرتزقة فاغنر بعد وفاة والده، منخرطًا في قيادة مجموعة أصغر من المقاتلين الذين ما زالوا موالين لذكرى والده، وقال المسؤولون إن بريجوزين الأصغر من المرجح أن يتولى مسؤولية بعض القوات في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، وقد توفي بريجوجين في أغسطس الماضي عندما انفجرت طائرته في الجو، واعتبر الحادث على نطاق واسع بمثابة اغتيال برعاية الدولة بأمر من بوتين.

وكان ذلك بمثابة نهاية أخطر تحدٍ لزعامة بوتين خلال 25 عاماً قضاها في السلطة، فقد ارتقى بريغوجين إلى ثروة باعتباره طاهيا شخصيا لبوتين ومطعما رسميا للكرملين قبل إنشاء مجموعة فاغنر في عام 2017، وكان السماح لحليف مقرب من الكرملين ببناء جيش خاص غير رسمي مفيدا لروسيا في القيام بمهام سرية في جميع أنحاء العالم، ومع توسيع مجموعة فاجنر لانتشارها العالمي، أصبحت مستقلة بشكل متزايد عن السيطرة الروسية، وتسامح بوتين مع هذه التغييرات حيث لعب مقاتلو فاجنر دورًا مهمًا في حربه مع أوكرانيا، ولكن في يونيو من العام الماضي، انقلب بريجوزين ومرتزقته على بوتين بسبب سوء إدارة وزارة دفاعه للحرب.

وأدى ذلك إلى سلسلة من المناوشات مع القوات الروسية بينما كان رجال بريجوزين يسيرون نحو موسكو في محاولة انقلاب واضحة، و تنحى بريجوزين في النهاية بموجب اتفاق تفاوض عليه حلفاء روسيا في بيلاروسيا، ولكن في غضون شهرين، مات بريجوزين مع تسعة آخرين، عندما تحطمت طائرته وسقطت على الأرض أثناء طيرانها من سانت بطرسبرغ إلى موسكو، وترك موت بريجوزين مصير امبراطوريته في طي النسيان.

 

 

إفريقيا توحد فاجنر مع بوتين

 

 

ويبدو أن إفريقيا كان لهها دورا كبيرا لعودة فاجنر إلى أحضان بوتين، فقد كانت مجموعة فاجنر بصدد إقامة علاقات وثيقة مع قادة الدول الأفريقية المارقة وقت مقتل زعيمها، وتوفير الأمن للديكتاتوريين أثناء الانخراط في عمليات التعدين المربحة، ففي جمهورية أفريقيا الوسطى، على سبيل المثال، سيطر فاجنر على منجم للذهب، وفي أعقاب وفاة بريجوزين، قام مرؤوسوه السابقون بتوسيع المنجم بشكل كبير، حسبما قال مسؤولون أمريكيون، لكنهم لم يجدوا بعد طريقة لتسويق وشحن المعادن بكفاءة، وسوف يجنون مئات الملايين من الدولارات من الأرباح في السوق العالمية، كما أشرف بريجوجين على عملية تضليل كاسحة نظمت احتجاجات في أفريقيا، وساعدت في نشر قصص إخبارية مزيفة في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، وأدارت مزارع ضخمة لزعزعة استقرار الانتخابات في أوروبا الغربية والولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن أسلحة التضليل من المحتمل الآن أن تكون تحت سيطرة جهاز المخابرات الخارجية الروسي، وربما تم وضع موظفي بريجوزين الاقتصاديين تحت مكاتب استخبارات أخرى، بما في ذلك مديرية المخابرات العسكرية، فسيطرة موسكو الجديدة على هؤلاء المرتزقة من القطاع الخاص لها آثار واسعة النطاق على الجغرافيا السياسية، ففي أفريقيا، على وجه الخصوص، يمكن أن يقوض جهود إدارة بايدن لمحاربة الإرهاب وتعزيز الديمقراطية وإقامة علاقات دبلوماسية مع الأنظمة المشكلة حديثًا.

 

 

عنصر التوقيت هو المفتاح

 

 

"عنصر التوقيت هو المفتاح هنا" هذا ما قاله أحد المسؤولين الأمريكيين، وأضاف : "يمكن لروسيا أن تمنح هذه الدول ما لا تستطيع الولايات المتحدة تقديمه على الفور"، وفي إشارة إلى قدرة موسكو على استخدام المقاتلين الخاصين لتوفير الأسلحة والذخيرة تحت الطاولة للحكومات العسكرية المشكلة حديثًا في إفريقيا، فالكثير من قادة تلك البلدان سئموا من إلقاء الولايات المتحدة عليهم المحاضرات حول الديمقراطية".

 

وبموجب القانون، لا تستطيع الولايات المتحدة تقديم المساعدة للحكومات التي تستولي على السلطة من خلال الانقلابات العسكرية، الأمر الذي يضعها فعلياً على بعد خطوة واحدة من روسيا في مثل هذه المواقف، ويقول المسؤولون إن سيطرة موسكو المباشرة على الجماعات شبه العسكرية يمكن أن تقنع أيضًا بعض الدول الأفريقية التي ابتعدت سابقًا عن مجموعة فاجنر - التي كانت تخضع لعقوبات عالمية باعتبارها منظمة إجرامية - بإعادة النظر في مقاومتها.

 

 

النيجر وتشاد ودول إفريقية أخرى.. إعلان لهزيمة واشنطن 

 

 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن استخدام موسكو للمقاتلين شبه العسكريين لنشر نفوذها في أفريقيا واضح بالفعل في النيجر، وهي واحدة من أهم المواقع الأمامية في الحرب ضد الإرهاب، واستولى القادة العسكريون في النيجر على السلطة من الرئيس المنتخب محمد بازوم في يوليو الماضي، ودفع الانقلاب واشنطن إلى تعليق مساعداتها الاقتصادية والعسكرية للبلاد، بينما دفعت إدارة بايدن القادة العسكريين إلى العودة إلى ديمقراطية يقودها المدنيون، ومع ذلك، في وقت سابق من هذا الشهر، وصل مئات من المرتزقة الروس إلى العاصمة نيامي، زاعمين أنهم كانوا هناك للمساعدة في تدريب جيش النيجر والدخول في شراكة رسمية مع المجلس العسكري الحاكم.

 

وجاء وصولهم قبل أيام فقط من إعلان إدارة بايدن أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها البالغ عددها 1000 جندي من البلاد بعد ما يقرب من 10 سنوات، مما خلق مظهر القوات الروسية التي تحل محل القوات الأمريكية في بلد نظمت فيه الجماعات الإرهابية وتآمرت لهجمات عالمية، وفي الوقت نفسه، في تشاد، وهي دولة أخرى ذات وجود كبير لمقاتلي فاجنر السابقين، أعلنت إدارة بايدن هذا الأسبوع أنها ستسحب حوالي 75 من قوات العمليات الخاصة التي كانت تؤدي أدوارًا في مكافحة الإرهاب، بناءً على طلب الحكومة المحلية، واعتبرت هذه الخطوة على نطاق واسع مثالا آخر على حلول روسيا محل النفوذ الأمريكي.

ولا يزال مقاتلو فاجنر السابقون نشطين أيضًا في مالي وليبيا والسودان، حيث لديهم عقود لتوفير الأمن للأنظمة غير المستقرة، وحاولت الولايات المتحدة مواجهة وجود فاجنر في تلك الدول وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، وحثت المسؤولين على الابتعاد عن روسيا، وفي بلد آخر، بوركينا فاسو، كما هو الحال في النيجر وتشاد، أصبحت قوات فاجنر السابقة الآن تحت السيطرة الصارمة للفيلق الأفريقي. 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة وقال المسؤولون مجموعة فاجنر المسؤولون إن إدارة بایدن فی جمهوریة

إقرأ أيضاً:

شحنات الموت.. القصة الكاملة لتورط شركة ميرسك في حرب الإبادة على غزة

خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، أقرت إدارة شركة ميرسك العالمية المتخصصة في الشحن البحري -في تصريحات لشبكة الجزيرة- بأنها تشحن قطع مقاتلات "إف-35" إلى إسرائيل، لكنها بررت ذلك بأن قطع "إف-35" المنقولة عبر سفنها تتوجه إلى أطراف أخرى في إسرائيل، وليس إلى وزارة الدفاع.

وأضافت الشركة للجزيرة أن برنامج صناعة طائرات "إف-35" باعتباره سلسلة إنتاج معقدة تنخرط فيه مجموعة من الدول، بما في ذلك إسرائيل التي تصنع أجنحة هذه الطائرات.

لكن هذا التقرير الذي أعدته حركة الشباب الفلسطيني المؤيدة للفلسطينيين وخصت به الجزيرة نت يكشف حقيقة الدور الذي تلعبه شركة ميرسك في سلسلة توريد الأسلحة العالمية، التي تدعم حرب الإبادة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والتي أسفرت حتى الآن عن سقوط عشرات آلاف الضحايا من المدنيين بين شهيد وجريح ومفقود، معظمهم من النساء والأطفال.

يكشف تقرير حركة الشباب الفلسطيني تورط شركة ميرسك المباشر في برنامج الطائرات المقاتلة "إف-35" التي تعتبر السلاح الأهم في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.

التقرير يكشف حقيقة الدور الذي تلعبه شركة ميرسك في سلسلة توريد الأسلحة العالمية (غيتي) تورط عميق

ويعتبر تقرير حركة الشباب الفلسطيني أن ميرسك ليست مجرّد شركة شحن، بل تلعب دورا مركزيا في إنتاج ونقل الإمدادات العسكرية التي تُبقي آلة الحرب الإسرائيلية فعالة، كما تقول إن لديها أدلة دامغة تثبت التورط العميق لشركة الشحن العملاقة في إنتاج وتجميع المعدات العسكرية، وتسهيل شحنات تضمن بقاء القدرة القتالية الإسرائيلية في أوجها.

إعلان

وبالاقتران مع تقارير سابقة، تُظهر هذه النتائج أن تورّط ميرسك يشمل مراحل سلسلة التوريد كافة، من تصنيع المكونات، إلى تجميع الأسلحة، إلى تسليمها لاستخدامها في العدوان العسكري الإسرائيلي.

وقالت الحركة -في تقريرها- إن ما لديها من أدلة تعزز الحاجة الملحّة إلى مساءلة الشركات عن دورها في دعم الاحتلال والحروب، وضرورة التحرك الجماعي.

وأضافت أن مسؤولية مواجهة هذه السلسلة تقع على عاتق الحكومات والناشطين والمجتمع المدني، للمطالبة بإنهاء تواطؤ الشركات في العدوان العسكري الإسرائيلي وانتهاكات حقوق الإنسان، لا سيّما في ظل حملة الإبادة الإسرائيلية الجارية في غزة.

"إف-35 أدير" صممت خصيصا لإسرائيل واستخدمت لقتل المدنيين في غزة (الجزيرة) أجنحة الطائرة

ووفق التقرير، فقد تولّت ميرسك شحن جميع أجنحة هذا النوع من الطائرات التي تسلمتها إسرائيل منذ مارس/آذار 2022، بما في ذلك 5 طائرات إضافية من المقرر تسليمها بحلول عام 2028.

وتولت الشركة تقريبا جميع عمليات الشحن البحري لمكونات "إف-35" إلى منشأتي الإنتاج الرئيسيتين للطائرة: شركة لوكهيد مارتن (فورت وورث، تكساس) وشركة نورثروب غرومان (بالمديل، كاليفورنيا).

وقد ربطت هذه الشحنات بين موردين في الولايات المتحدة وإسرائيل وإيطاليا وهولندا والنرويج وتركيا وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة، وأحيانا في انتهاك لقوانين التصدير الخاصة بتلك الدول.

كما تسهّل ميرسك شحنات لصالح كل من الصناعات الجوية الإسرائيلية (آي إيه آي) وشركة ليوناردو، وهما من كبار المتعاقدين العسكريين في مجال التصنيع العسكري وتشمل تصنيع أجنحة "إف-35" وأنظمة الحرب الإلكترونية.

وتولّت ميرسك شحن ما لا يقل عن 310 مجموعات من أجنحة "إف-35" بين عامي 2019 و2024، وهو عدد كافٍ لتجهيز نصف إجمالي الطائرات التي تم تسليمها عالميا في تلك الفترة ويبلغ عددها 611، من بينها 18 طائرة من طراز "إف-35 آي" تم تسليمها لإسرائيل.

خط تجميع جسم الطائرة الأمامية لطائرة (إف-35) في مصنع شركة لوكهيد مارتن في فورت وورث بولاية تكساس (رويترز) شحنات دون حصر

وتظهر البيانات أن ميرسك ساهمت بين 30 ديسمبر/كانون الأول 2019 و28 يناير/كانون الثاني 2025، فيما لا يقل عن 1009 شحنات بلغ مجموع وزنها أكثر من 15.1 مليون رطل من المعدات العسكرية المرتبطة بسلاسل التوريد العالمية لطائرات "إف-35″، وتشمل هذه الشحنات، دون حصر:

إعلان 404 شحنات من أجنحة الطائرات ومكوناتها وأرسلت إلى شركة لوكهيد مارتن لأغراض التصنيع والإصلاح، بما في ذلك شحنات بطاريات تم تسليمها من قاعدة نفاتيم الجوية في إسرائيل. 459 شحنة من هياكل الطائرات المركزية ومكونات الطيران والإلكترونيات إلى شركة نورثروب غرومان لإنتاج الطائرات. 157 شحنة من حاويات شحن الأجنحة، والأجنحة، وهياكل الطائرات المركزية، وقطع الغيار إلى الشركات المصنعة للأجنحة في إيطاليا وإسرائيل من شركة لوكهيد مارتن. شحنتان من عربات تحميل الذخائر التي تُستخدم لتسليح هذه الطائرات، وتم تسليمهما مباشرة إلى شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية. شحنات من أجهزة تحليل السطوح اللازمة لصيانة الطائرات، بما في ذلك عمليات تسليم مباشرة إلى القواعد الجوية الإسرائيلية.

ومن دون هذه الشحنات، لن تتمكن طائرة "إف-35" بالقيام بمهامها التنفيذية سواء تخزين الوقود، أو تشغيل أنظمة التحكم بالطيران، أو التزود بالوقود جوا، أو فتح باب المدفع وتحميل القنابل وإسقاطها، مما يسلط الضوء على الدور الحيوي الذي تؤديه هذه الشحنات في سلسلة توريد الأسلحة التي تدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي.

حرب الإبادة مجرد تجربة لهذه الطائرة

يعد هذا النوع من الطائرات الحربية "إف-35" العنصر الأساسي في تنفيذ حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، فقد نفذ سلاح الجو الإسرائيلي عددا غير مسبوق من الضربات الجوية على القطاع، معتمدا بشكل كبير على طائرات "إف-35″، مما أسفر عن تدمير مدارس ومستشفيات ودور عبادة، واستشهاد عشرات الآلاف من النساء والأطفال.

وكان المدير التنفيذي لبرنامج "إف-35" مايكل شميت أعلن -خلال جلسة استماع للجنة فرعية في مجلس النواب الأميركي في ديسمبر/كانون الأول 2023- أنه منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه قدّم البرنامج دعما معززا لإسرائيل.

وقال إن "المستخدمين الإسرائيليين يحققون معدلات أداء ميداني استثنائية، وإن الطائرة تُثبت قدرتها على الصمود، نحن نتعلم كثيرا من هذه التجربة، وسنُطبّق الدروس المستفادة لتعزيز جاهزية الأسطول في جميع أنحاء العالم".

إعلان

وتتميّز طائرة "إف-35" بقدرتها على حمل مجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك عديد من الذخائر التي تُستخدم بشكل متكرر في العدوان الإسرائيلي على غزة.

وتشمل حمولة الطائرة جميع أنواع قنابل سلسلة "إم كيه 80" الموجهة وغير الموجهة، وتشكل هذه القنابل غالبية الذخائر التي أُسقطت على قطاع غزة.

وحسب بحث أجرته منظمة دان ووتش الدانماركية غير الحكومية، فقد استُخدمت هذه القنابل لاستهداف خيام النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة.

مقاتلة إسرائيلية من طراز (إف-35) خلال طلعة جوية (رويترز) 1500 مورد

يعتمد برنامج تصنيع "إف-35" المتعدد الجنسيات في إنتاجه على شبكة إمداد عالمية تضم أكثر من 1400 مورّد داخل الولايات المتحدة، وأكثر من 100 مورّد في دول أخرى حول العالم.

وتسهم هذه الشبكة العالمية بنسبة 70% من التكلفة الإجمالية لطائرة "إف-35" المقاتلة، مما يبرز حجم العمليات اللوجستية الهائلة التي يتطلبها استمرار هذا البرنامج.

وتصل المكونات القادمة من المورّدين الدوليين عبر الجو، كما هي الحال مع قطع الطائرات التي تُشحن من بريطانيا، أو عبر البحر، ويُسلّط هذا الضوء على الدور المحوري الذي تؤديه شركة ميرسك في تسهيل هذه العمليات اللوجستية.

تصميم خاص – انفوغراف الشبح الإسرائيلية (الجزيرة) نسخة إسرائيلية معدلة

تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة ضمن البرنامج التي تمتلك نسخة خاصة بها من الطائرة، تُعرف باسم "إف-35 أدير"، كما تملك عقدًا نشطًا لا تزال بموجبه تنتظر تسلّم 5 طائرات من أصل 50 طائرة تم التعاقد عليها في الأصل.

كما وقّعت إسرائيل اتفاقًا في يونيو/حزيران 2024 لشراء 25 طائرة إضافية، على أن تبدأ أولى عمليات التسليم عام 2028.

وبهذا، فإن عمليات تسليم هذا النوع من الطائرات لإسرائيل مستمرة، وآخرها جرت في أبريل/نيسان 2025، وتصل الطائرات المكتملة عبر الجو على شكل دفعات تضم طائرتين أو 3 طائرات، بدعم من قيادة النقل الجوي التابعة لسلاح الجو الأميركي.

وتُموَّل مشتريات إسرائيل من طائرات "إف-35" وغيرها من المعدات العسكرية من خلال برنامج التمويل العسكري الخارجي للولايات المتحدة، الذي أُسس بموجب مذكرة التفاهم بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ويتم تجديده كل 10 سنوات، وتمنح الصيغة الحالية من المذكرة إسرائيل 3.3 مليارات دولار سنويا من التمويل العسكري الخارجي، مما يجعلها أكبر مستفيد من هذا البرنامج على مستوى العالم.

إعلان

وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت هناك 599 صفقة مبيعات عسكرية أجنبية مفتوحة مع إسرائيل، وفي أغسطس/آب 2024، وافقت الولايات المتحدة على صفقات إضافية مع إسرائيل بقيمة 20.3 مليار دولار، شملت بيع طائرات مقاتلة من هذا الطراز بما فيها النسخة الإسرائيلية، وصواريخ، ومعدات عسكرية أخرى.

شحنات ميرسك إلى شركة لوكهيد مارتن

وبحسب التقرير الذي أعدته حركة الشباب الفلسطيني لفهم الدور الرئيسي الذي تؤديه شركة ميرسك في سلسلة التوريد الخاصة بطائرات "إف-35″، فقد جرى تحليل بيانات بوالص الشحن المتعلقة بالشحنات التي تعاملت معها ميرسك نيابة عن شركة لوكهيد مارتن للطيران، التي تعد من المواقع الأساسية لتجميع الطائرات المقاتلة، التي تُستخدم على نطاق واسع من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

تُعد منشأة فورت وورث واحدة من 3 منشآت فقط على مستوى العالم مخصصة لمرحلة التجميع النهائي والفحص للطائرات المقاتلة إلى جانب منشأتين أخريين في كاميري بإيطاليا وناغويا في اليابان.

وفي عام 2017، نقلت شركة لوكهيد مارتن إنتاج طائرات "إف-16" من منشأة فورت وورث إلى غرينفيل بولاية ساوث كارولينا لإفساح المجال لتوسيع عمليات إنتاج طائرات "إف-35".

تمت دراسة جميع الواردات إلى شركة لوكهيد مارتن للطيران في فورت وورث منذ 30 ديسمبر/كانون الأول 2019، وأظهرت النتائج ما يلي: من بين 501 شحنة واردة، كانت ميرسك مسؤولة عن 404 شحنات منها، وجميعها مرتبطة ببرنامج "إف-35".

وقد شملت هذه الشحنات أكثر من 10.5 ملايين رطل من أجنحة الطائرات، وأجزاء الطائرات، والمكونات الخاصة بهذا النوع من الطائرات، وتم تسليمها إلى لوكهيد مارتن في فورت وورث.

ميرسك وصناعات الفضاء الجوية الإسرائيلية

تُعد شركة صناعات الفضاء الجوية الإسرائيلية (آي إيه آي) من أبرز الشركات الإسرائيلية العاملة في مجال تصنيع الطيران والفضاء، ولها دور كبير في سلسلة توريد طائرات "إف-35″، وقد تورطت -حسب تقارير سابقة- في تصدير منتجات من المستوطنات الإسرائيلية.

إعلان

وورد اسم هذه الشركة الإسرائيلية في تقرير حمل عنوان "ميرسك ودورها في تسهيل الصادرات من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية إلى الولايات المتحدة" الصادر بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 2025.

تُعد "آي إيه آي" واحدة من بين 3 موردين لأجنحة طائرات "إف-35" إلى جانب شركة ليوناردو في مدينة كاميري بإيطاليا، وشركة لوكهيد مارتن في فورت وورث بولاية تكساس، وتُشكل القطع التي تنتجها جزءا من سلسلة الإمداد العالمية، التي تعود في نهاية المطاف إلى إسرائيل على شكل طائرات "إف-35 أدير".

وحسب شركة لوكهيد مارتن، فإن طائرات "إف-35 أدير" تتضمن تحسينات على النسخة القياسية "إف-35 إيه" في 3 مجالات: القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات "سي 4 آي" (C4I)، والحرب الإلكترونية، ودمج الأسلحة. وتتعاون لوكهيد مارتن مع قسم "لاهاف" التابع لشركة "آي إيه آي" في تطوير تعديلات "سي 4 آي".

وتؤكد النتائج التي توصلت إليها الحركة -حسب تقريرها- أن ميرسك شحنت ما لا يقل عن 174 شحنة من شركة "آي إيه آي" إلى شركة لوكهيد مارتن للطيران في فورت وورث منذ 30 ديسمبر/كانون الأول 2019، وقد انطلقت هذه الشحنات من مطار بن غوريون أو من المنطقة الصناعية المحاذية له، حيث تقع المنشأة الرئيسية لشركة "آي إيه آي" والمرفق الشرقي التابع لها.

ومن بين 174 شحنة، احتوت 171 شحنة على أزواج من صناديق الأجنحة الخارجية، وكل زوج مرتبط بطائرة "إف-35" معينة من خلال رقم المُصنّع، وفي بوالص الشحن، أُخفي محتوى 159 من هذه الشحنات ووُصفت ببساطة على أنها "قطع غيار طائرات".

وتثبت البيانات والجداول التي قدمتها الحركة في تقريرها أن جميع شحنات صناديق الأجنحة الخارجية التي شُحنت من قبل شركة لوكهيد مارتن إسرائيل كان مصدرها شركة صناعات الفضاء الجوية الإسرائيلية، إذ لا تمتلك لوكهيد مارتن إسرائيل منشآت لإنتاج صناديق الأجنحة.

برنامج تصنيع "إف-35" المتعدد الجنسيات يعتمد في إنتاجه على شبكة إمداد عالمية تضم أكثر من 1500(رويترز) شركات برنامج تصنيع "إف-35"

وبالإضافة إلى تعاون شركة ميرسك مع شركة لوكهيد مارتن وشركة صناعات الفضاء الجوية الإسرائيلية، فقد قدم التقرير تفصيلا عميقا لتعاون شركة ميرسك مع كل من شركة ليوناردو الإيطالية وشركة لوكهيد مارتن غلوبال، وشركة ميشلان لصناعة الإطارات والصناعات الجوية التركية، وكلها شركات لها علاقة ببرنامج تصنيع المقاتلة المعقدة "إف-35".

إعلان

كما يقدم التقرير بيانات عن عمليات شحن الذخائر التي قامت بها شركة ميرسك من شركة "يو إس أدفانست سيستمز إل إل سي" الواقعة في توينسبورغ بولاية أوهايو، إلى مصنع شركة إلبيت سيستمز، وإلى منشأة صناعات الجيش الإسرائيلي في رمات هشارون.

ويُستخدم نظام التحميل "بي إل-1" (BL-1) لتحميل الذخائر على طائرات "إف-35″، ويُذكر في موقع الشركة الأميركية المصنعة أن هذا النظام هو المفضل لدى سلاح الجو الإسرائيلي لاستخدامه مع طائرات "إف-35″، ومن خلال شحن هذه الأنظمة إلى شريك وثيق لسلاح الجو الإسرائيلي، تُمكّن شركة ميرسك جيش الاحتلال من تنفيذ ضربات جوية باستخدام طائرات "إف-35".

عنصر رئيسي في دعم حرب الإبادة

وفي خاتمة التقرير، يقول معدوه إنه يقدم أدلة لا يمكن إنكارها أن شركة ميرسك ليست مجرد ناقل سلبي للبضائع، بل هي عنصر رئيسي في دعم المجمع العسكري الصناعي الإسرائيلي.

بينما كشفت تقارير سابقة عن دور ميرسك في نقل الأسلحة وتصدير منتجات المستوطنات، يكشف هذا التقرير بعدا آخر من تورط ميرسك، إذ تعمل بوصفها حلقة بحرية حاسمة لنقل المكونات العسكرية المستخدمة في تصنيع وصيانة مقاتلات تُستخدم في العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.

وتظهر نتائج التقرير أن ميرسك مسؤولة عن نقل مكونات أساسية لوظائف حيوية في الطائرة "إف-35″، مثل تشغيل المحركات، وتخزين الوقود، وإعادة التزود بالوقود في أثناء الطيران، والهبوط الاضطراري، والملاحة في أثناء الطيران، والاتصال مع الطائرات الأخرى، وفتح باب المدفع، وتحميل القنابل، وإسقاطها.

ويوضح التقرير أن ميرسك ستظل مسؤولة عن نقل الأجنحة والمكونات الحيوية الأخرى لهذه الطائرات، وبذلك، تواصل دورها في دعم حرب الإبادة، فقد تسلمت إسرائيل 3 طائرات "إف-35" منتصف مارس/آذار 2025 وأعلنت وصولها في 16 مارس/آذار، قبل يومين من شن هذه الطائرات غارات جوية منسقة على غزة، أودت بحياة أكثر من 400 فلسطيني وبذلك أنهت الهدنة التي كانت قائمة.

إعلان

في وقت نشر هذا التقرير، وقعت ميرسك عقودا جديدة على أن تكون رابطا أساسيا لنقل الأسلحة والمكونات الحربية التي ستزيد من الترسانة القاتلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • تفعيل بلا إذن وسحب بلا علم.. القصة الكاملة لتورط 12 موظف بالبريد لسرقة العملاء
  • مخاوف دولية | أمريكا تبحث ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وذوي السجلات الجنائية إلى أفريقيا.. القصة الكاملة
  • شحنات الموت.. القصة الكاملة لتورط شركة ميرسك في حرب الإبادة على غزة
  • مات قبل تنفيذ حكم الإعدام| وفاة المسن قاتل الطالب أحمد البنا.. القصة الكاملة
  • إصابة 17 عاملًا في حادث مروع على محور منفلوط | القصة الكاملة
  • بعد 48 ساعة زواج فقط| هل طلق مسلم زوجته يارا بسبب بلوجر؟.. القصة الكاملة
  • بـ 10 طلقات نارية.. القصة الكاملة للهجوم على السفارة الإسرائيلية في واشنطن
  • القصة الكاملة لجدل انفصال مسلم ويارا تامر بعد ساعات من زفافهما
  • من السجن للإفراج .. القصة الكاملة في قضية عمر زهران مع المجوهرات
  • تحولت لجريمة.. القصة الكاملة لـ خناقة طلاب الأزهر في أطفيح