الكركمين.. حل من الطبيعة لإنقاذ الشعاب المرجانية من تغير المناخ
تاريخ النشر: 31st, July 2023 GMT
اكتشف فريق من الباحثين مادة طبيعية فعالة لحماية الشعاب المرجانية من الأضرار التي تسببها تأثيرات التغيرات المناخية على البيئة البحرية وكائناتها وبدرجة أساسية ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية، وهي ظاهرة ناجمة بشكل أساسي عن تغير المناخ.
وتوصل فريق من عدة جامعات ومؤسسات بحثية إيطالية إلى اكتشاف فعالية الكركمين، وهو مادة طبيعية مضادة للأكسدة مستخلصة من الكركم، في الحد من ابيضاض المرجان، إذ طور فريق البحث من الكركمين مادة حيوية قابلة للتحلل من دون التسبب في تلف البيئة البحرية المحيطة.
من ناحية أخرى، أكد البيان الصحفي الصادر عن المعهد الإيطالي للتكنولوجيا -المنشور في موقع "يوريك ألرت" يوم 19 يوليو/تموز الجاري- أن الاختبارات، التي أجريت في حوض جنوة، أظهرت فعالية كبيرة في منع تبيض المرجان.
الشعاب المرجانية عبارة عن هياكل تتكون من كائنات حية تكثر في المناطق المدارية، وهي أيضا كائنات تحافظ على البيئة البحرية، كما أنها من أغنى البيئات التي تحتوي على أنواع متعددة من الأنواع البحرية الحية.
ووفقا للبيان الصحفي، فإن ابيضاض المرجان هو ظاهرة تؤدي -في الحالات المتطرفة- إلى موت هذه الكائنات مع عواقب مدمرة على بيئة الشعاب المرجانية -التي تعد ذات أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد العالمي- وحماية السواحل من الكوارث الطبيعية، والتنوع البيولوجي البحري. كما تعيش معظم الشعاب المرجانية في تكافل مع الطحالب المجهرية، التي لا غنى عنها لبقائها وهي مسؤولة عن ألوانها النابضة بالحياة.
وبسبب تغير المناخ، ترتفع درجات حرارة البحار والمحيطات، وهي حالة تؤدي إلى اضطراب العلاقة بين المرجان والطحالب، فيتحول المرجان إلى اللون الأبيض بسبب فقدان الطحالب.
وفي السنوات الأخيرة، ونتيجة لتغير المناخ، أثرت هذه الحالة على معظم الشعاب المرجانية الرئيسية في العالم، بما في ذلك الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا. ولا توجد حتى الآن طرق فعالة لمواجهة هذه الظاهرة ومنع ابيضاض المرجان من دون تعريض بقاء هذه الموائل للخطر والتنوع البيولوجي الاستثنائي المرتبط بها.
ووفقا للدراسة التي نشرت في دورية "أبلايد ماتيريالز آند إنترفيسيز" التابعة للجمعية الأميركية للكيمياء، فقد أظهر الباحثون فعالية جزيء طبيعي من الكركمين في منع تبيض المرجان الناجم عن تغير المناخ.
ويتم إعطاء الكركمين للشعاب المرجانية بطريقة خاضعة للرقابة من خلال تطبيق مادة حيوية تعتمد على الزين، وهو بروتين مشتق من الذرة، قام بتطويره الفريق البحثي من أجل ضمان سلامة البيئة.
وخلال الاختبارات التي أجريت في حوض جنوة، تمت محاكاة ظروف ارتفاع درجة الحرارة في البحار الاستوائية عن طريق رفع درجة حرارة الماء إلى 33 درجة مئوية.
وفي ظل هذه الظروف تأثرت جميع الشعاب المرجانية غير المعالجة بظاهرة التبييض كما يحدث في الطبيعة، بينما على العكس من ذلك، لم تظهر جميع العينات المعالجة بالكركمين أي علامات على هذا الاتجاه، مما يجعل هذه التقنية فعالة في تقليل تعرض الشعاب المرجانية للإجهاد الحراري.
وقد تم في هذه العملية الاختبارية استخدام الأنواع المرجانية "ستايلوفورا بيستيليتا" النموذجية للمحيط الهندي الاستوائي، والمعروفة باسم الشعاب المرجانية الناعمة، وهي نوع من الشعاب الحجرية، موطنها الأصلي في منطقة الهند والمحيط الهادي، وهي المسؤولة بشكل أساسي عن تكوين الشعاب المرجانية من خلال إنتاج كربونات الكالسيوم وإفرازها، وتستخدم عادة في التحقيقات العلمية، كما أنها أيضا مدرجة ضمن الأنواع المهددة بالانقراض في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.
يقول ماركو كونتاردي، المؤلف الأول للدراسة والباحث في قسم علوم البيئة والأرض في جامعة ميلانو بيكوكا، "سندرس استخدام المواد الأخرى المضادة للأكسدة ذات الأصل الطبيعي لمنع عملية التبييض، وبالتالي منع تدمير الشعاب المرجانية".
بدوره، أكد سيمون مونتانو، نائب مدير مركز البحوث البحرية والتعليم العالي في جامعة ميلانو بيكوكا، أن "استخدام مواد جديدة قابلة للتحلل البيولوجي ومتوافقة حيويا وقادرة على إطلاق مواد طبيعية قد تقلل من تبيض المرجان هو شيء جديد تماما، كما أنني أعتقد أن هذا النهج المبتكر سيمثل تقدما كبيرا في تطوير إستراتيجيات لاستعادة النظم البيئية البحرية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشعاب المرجانیة البیئة البحریة تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
تغير بعض المواقف الأوروبية.. إنساني أم نفعي؟
في السادس عشر من أيار/ مايو الماضي أصدر قادة سبع دول أوروبية، وهي: إسبانيا والنرويج وأيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورج ومالطا وسلوفينيا، بيانا مشتركا دعوا فيه إسرائيل إلى التفاوض بحسن نية لإنهاء حرب الإبادة على قطاع غزة، ورفع الحصار عنه فورا وإعلان رفضهم أي خطط للتهجير القسري لسكان القطاع، وأنهم لن يصمتوا أمام الكارثة الإنسانية، مطالبين بضمان تدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق، ودعمهم لجهود أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية وعلى رأسها الأونروا، كما دعوا إلى مسار سياسي ينهى العدوان ويؤسس لحل الدولتين.
وبعد ثلاثة أيام من بيان قادة الدول السبع كان بيان لقادة بريطانيا وفرنسا وكندا، يشير إلى أنهم سيتخذون إجراءات ملموسة إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري، وواكب ذلك تصريح للمستشار الألماني ميرتس بأن الغارات الإسرائيلية لم تعد مبررة، وتصريح لرئيسة وزراء ايطاليا بأن الوضع الإنساني في غزة يزداد مأساوية ولا يمكن تبريره، والإعلان عن مؤتمر دولي في نيويورك برئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية، في السابع عشر من حزيران/ يونيو الجاري لمناقشة إقامة دولة فلسطينية، بعد تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرد واجب أخلاقي بل ضرورة سياسية.
ورغم ترحيبنا بأي موقف من أي طرف رافض للعدوان على غزة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ظهرت تلك التصريحات الآن؟ أليست دول بريطانيا وإيطاليا وفرنسا مشاركة للولايات المتحدة في الدعم العسكري والاستخباراتي والسياسي بل والقانوني لإسرائيل؟ ما الذي تغير كي تتغير لهجة هؤلاء؟ وهل هناك فرق بين سقوط أكثر من 53 ألف ضحية في غزة بخلاف الجرحى، وبين سقوط 54 ألف ضحية حتى يتحرك هؤلاء، الذين برروا قصف المنازل والأسواق والمدارس والمستشفيات والمرافق، والحصار والتجويع ومنع إدخال الدواء والوقود بمبرر حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها؟
رغم ترحيبنا بأي موقف من أي طرف رافض للعدوان على غزة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ظهرت تلك التصريحات الآن؟ أليست دول بريطانيا وإيطاليا وفرنسا مشاركة للولايات المتحدة في الدعم العسكري والاستخباراتي والسياسي بل والقانوني لإسرائيل؟ ما الذي تغير كي تتغير لهجة هؤلاء؟
العجز التجاري أحد عوامل التغير
وإذا كانت مواقف دول مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا ومالطا وسلوفينيا ليست جديدة، حيث سبق لها إدانة عمليات القصف الوحشي الإسرائيلي منذ عدة أشهر، فإن هناك تساؤلات حول أسباب التغير الجزئي لمواقف دول مثل بريطانيا وألمانيا وايطاليا وفرنسا، على اعتبار أن العامل الإنساني ليس هو المبرر لتلك التصريحات.
فهناك شك في أسباب التغير الجزئي بمواقف بعض تلك الدول، ولهذا يربط البعض بين توقيت صدور تلك البيانات والتصريحات وانتهاء جولة الرئيس الأمريكي ترامب في دول الخليج العربي، والتي أسفرت عن تعهدات استثمارية تريليونية وصفقات بالمليارات مع الولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن تَحقق تلك الاستثمارات سيكون على حساب الاستثمارات الخليجية في الدول الأوروبية وغيرها، بما لذلك من آثار سلبية على مصارف وبنوك وشركات تلك الدول وعلى التشغيل بها.
وراح أصحاب هذا الرأي يربطون ذلك بتراجع الواردات العربية من الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير بيانات صندوق النقد العربي إلى تراجع حصة الاتحاد الأوروبي من الواردات السلعية العربية، من أكثر من 40 في المائة من الإجمالي عام 2000 وما قبله، إلى حوالي الثلث في السنوات الثماني التالية، لتنخفض عن نسبة 30 في المائة منذ عام 2009 وما تلاه حتى بلغت 20 في المائة عام 2022، ثم تكسر الرقم عام 2023 إلى 19.6 في المائة لصالح جهات أخرى أبرزها الصين.
ويعزز تلك التوقعات حالة الميزان التجاري السلعي للدول التي أصدرت البيانات والتي تعاني معظمها من عجز تجاري مزمن، وهو العجز الذي بلغت قيمته في العام الماضي 303 مليارات دولار في بريطانيا و110 مليارات دولار في فرنسا، و48 مليار دولار في إسبانيا، و9 مليارات دولار في لكسمبورج، و5.3 مليار دولار في كندا، و5 مليار دولار في كل من مالطا وسلوفينيا.
التفرغ لدعم أوكرانيا وزيادة التسلح
وهنا يتحدث البعض عن تأثير جزئي لحركة مقاطعة السلع لبعض الدول الأوروبية المساندة للعدوان الإسرائيلي في الدول العربية والإسلامية، وتأثر السياحة العربية والإسلامية الواصلة للدول الأوروبية الغربية، وهي السياحة الأكثر إنفاقا بالمقارنة بالسياحة القادمة من دول شرق أوروبا، كذلك التخوف من موجات هجرة غير شرعية إلى السواحل الأوروبية في حالة التهجير لسكان غزة إلى ليبيا أو السودان كما تردد مؤخرا، حيث لن يقبل الكثيرون منهم بالبقاء في ليبيا أو السودان أو غيرهما.
وكذلك خشية تزايد الأعمال الانتقامية الفردية من قبل بعض المتعاطفين مع غزة من الأوروبيين أنفسهم أو المهاجرين، والتي تأخذ أشكالا متنوعة من الدهس للجموع والطعن للمواطنين وإطلاق النار، مثلما حدث في مدن أمريكية وأوروبية من قبل، مما يؤثر على حالة الأمن والاستقرار الداخلي والسياحة، في ظل وجود الكثيرين من الغاضبين من الدعم من قبل تلك الأوروبية لإسرائيل.
رأي آخر يربط بين تغير المواقف لبعض الدول الأوروبية وبين تغير الموقف الأمريكي من دعم أوكرانيا عسكريا، ومطالبتها بمقابل مادي عن الدعم العسكري الذي قدمته مسبقا، والتي حصلت عليه باتفاقية المعادن النادرة الأوكرانية مؤخرا، وحاجة الدول الأوروبية لتعويض تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وفي نفس الوقت زيادة إنفاقها العسكري بعد مطالبة ترامب لها بذلك لتتولى حماية نفسها.
استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يعني تقديم الدول الأوروبية دعما عسكريا وماليا لكل من أوكرانيا وإسرائيل، مما يزيد من متاعبها الاقتصادية، بينما يؤدي توقف العدوان على غزة إلى تركز الجهود مع أوكرانيا
ومن هنا، فإن ، في ظل التفوق الروسي وتمسكه باقتطاع أجزاء من أراضيها وهو ما لم يعارضه ترامب، وعدم حضور بوتين للقاء الرئيس الأوكراني في تركيا حسبما رتب ترامب الشهر الماضي.
مطلوب إجراءات عملية بعد الإدانات
رأي آخر يتوقع أن ترامب قد منح رئيس الوزراء الإسرائيلي مهلة للإجهاز على المقاومة حتى نهاية أيار/ مايو، وبعدها سيتدخل لوقف الحرب للتفرغ لملفات أخرى دولية، فرأت أطراف أوروبية أن تلحق بالركب بحيث يمكنها أن توجد لها مكانا ومبررا أخلاقيا إذا توقفت الحرب؛ أمام شعوبها وأمام قطاعات سياسية في برلماناتها ونشطاء حقوقيين في بلادها وأمام الشعوب العربية والإسلامية.
لن ننكر الكثير من الأسباب التي ساقها آخرين للتغير في المواقف الأوروبية، ومنها استمرار الفعاليات الرافضة لاستمرار الحرب من تظاهرات والرسائل الجماعية الموجهة من نشطاء ومؤثرين لقادة تلك الدول للتدخل لوقف الحرب، وبعض الخطوات الرمزية مثل إيقاف إقليم كتالونيا الإسباني لمكتب تمثيلها الخارجي وتمثيلها التجاري في تل أبيب، وإعلان بلدية برشلونة الإسبانية عن وقف العلاقات مع إسرائيل، ودعوة قادة في منطقتين إيطاليتين صغيرتين لقطع العلاقات مع إسرائيل، وعودة المخيم المساند لفلسطين في جامعة كامبريدج البريطانية، والمظاهر المؤيدة لفلسطين في جامعات أمريكية خلال حفلات التخرج، والتصريحات المتعاطفة مع معاناة سكان غزة في العديد من البرلمانات الأوروبية، لكن الواقع ما زال بعيدا عما نأمل.
فإذا كانت نحو تسع دولة أوروبية قد تحسنت مواقفها نسبيا، فإن الاتحاد الأوروبي يضم 27 دولة ما زالت كثير منها مساندة تماما لإسرائيل رغم ما تقوم به من إبادة، وحتى الدول التي صدرت عنها تلك التصريحات ما زالت علاقاتها الدبلوماسية وتجارتها مع إسرائيل مستمرة، وما زال بعضها يمدها بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية التي تساعدها في استمرار عدوانها، وما زالت مواقفها الجديدة لا تتخطى مرحلة البيانات والتصريحات، ولم تتجه بعد إلى أية إجراءات عملية ولو بإدخال الغذاء والدواء والأطقم الطبية وفتح المعابر، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي شريك في اتفاقية تشغيل معبر رفح.
x.com/mamdouh_alwaly