خلال الأيام القليلة الماضية، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن مسؤولي البلاد يخشون من صدور أوامر اعتقال وشيكة من المحكمة الجنائية الدولية ضد شخصيات رفيعة المستوى، بما في ذلك رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت.
وذكر موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي، الاثنين، أن نتانياهو طلب من الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال محادثة هاتفية جرت، الأحد، مساعدته في منع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف يمكن أن تستهدفه شخصيا أو تستهدف وزير الدفاع في حكومته أو رئيس الأركان.


ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأحد، السفارات الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم إلى تعزيز الأمن استعدادا فوريا لـ “موجة من معاداة السامية الشديدة” إذا صدرت أوامر اعتقال.
والجمعة، قال نتانياهو إن محاولات المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها “تقوض حق إسرائيل في الدفاع عن النفس لن تكون مقبولة أبدا”، قائلا إنها “ستشكل سابقة خطيرة تهدد الجنود والمسؤولين في جميع الديمقراطيات”.
وهذه القضية تقام بشكل منفصل عن القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية وتتهم فيها إسرائيل بانتهاك القانون الدولي من خلال ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية والفشل في منعها. وتنفي إسرائيل تلك الاتهامات.
ما الفرق بين المحكمتين؟
المحكمة الجنائية الدولية منفصلة تماما عن محكمة العدل الدولية، التي هي الأخرى مقرها أيضا في لاهاي وتعتبر هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة تأسست بعد الحرب العالمية الثانية لتسوية النزاعات بين الدول.
ويقول أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، إن هناك عدة فروقات بين المحكمتين أولها أن “العدل الدولية تفصل في أي نزاع قانوني بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها 193 دولة، فيما لا علاقة للمحكمة الجنائية الدولية بالدول على وجه الإطلاق”.
وفي حديثه لموقع “الحرة”، يضيف سلامة أن “الجنائية الدولية تلاحق الأشخاص وتصدر مذكرات الاعتقال وقرارات الإدانة وتوقع العقوبة على الأشخاص الطبيعيين المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان”.
وكما هو الحال بالنسبة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإن محكمة العدل الدولية يمكنها الفصل في النزاعات التابعة للدول التي لا تملك عضوية في الأمم المتحدة شريطة موافقة مجلس الأمن الدولي.، حسبما ذكر سلامة.
وكانت “الجنائية الدولية” فتحت عام 2021 تحقيقا في جرائم حرب محتملة في غزة يطال إسرائيل وحركة حماس وغيرها من الفصائل المسلحة الفلسطينية.
وسبق أن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أن التحقيق حاليا “توسّع ليشمل التصعيد في الأعمال العدائية والعنف منذ الهجمات التي وقعت في السابع من أكتوبر 2023”.
وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف بولايتها القضائية، لكن تم قبول الأراضي الفلسطينية كدولة عضو في 2015.
دعاوى “الجنائية الدولية”
ويقول سلامة إن “الجنائية الدولية هي هيئة دولية مستقلة غير تابعة للأمم المتحدة أو أي مؤسسة دولية أخرى وتأسست عام 2002، ولا يمكن لأي دولة أو جهة أن تؤثر على ما يصدر عن المحكمة”.
يوضح سلامة أن “قرارات الجنائية الدولية ملزمة وهي لا تصدر فقط قرارات، بل أيضا مذكرات اعتقال مثل المذكرة التي صدرت بحق الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين العام الماضي لاتهامه بارتكاب جريمة حرب”.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في حق بوتين شخصيا مذكرة توقيف في مارس 2023 بتهمة ترحيل أطفال أوكرانيين بشكل قسري.
وتعتمد هذه المحكمة على الدول الأعضاء فيها البالغ عددها 124 دولة لتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم.
ويمكن أن تتحرك الدعاوى في المحكمة الجنائية الدولية بأربع آليات، حسبما يقول خبير القانون الدولي سلامة، الذي أشار إلى أن المدعي العام فيها يمكنه “من تلقاء نفسه تحريك دعوى وفقا للمادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة ولابد في هذه الحالة أن تكون الدولة عضوا في المحكمة.
ويتابع حديثه قائلا: “في الحالة الثانية، يمكن أن تقوم دولة عضو في المحكمة بإحالة جرائم مدعى ارتكابها في إقليمها إلى المدعي العام كما فعلت فلسطين بشأن جرائم حرب مدعى ارتكابها من أشخاص إسرائيليين عام 2014”.
ويستطرد: “في الحالة الثالثة، تقوم دولة غير عضو بتقديم دعوى وهذا لا يعني إقرار الدولة بالانضمام للمحكمة، فيما الآلية الرابعة تتمثل في تدخل من مجلس الأمن الدولي بتقديم حالة معينة يعتقد أنها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يتم ارتكابها فيها كما حدث عام 2005 في القرار 1993 بإحالة أحداث دارفور إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية”.

ماذا حدث بعد المذكرات السابقة؟
كانت هناك حالات تجاهلت فيها الدول الأعضاء مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.

وفي عام 2015، لم تعتقل جنوب أفريقيا الرئيس السوداني آنذاك، عمر حسن البشير، خلال زيارته للبلاد، وهو القرار الذي قضت محكمة الاستئناف العليا في بريتوريا خلال وقت لاحق بأنه غير قانوني. كما لم يعتقل الأردن البشير خلال زيارته عمّان عام 2017.
وقال ديفيد بوسكو، الأستاذ بجامعة إنديانا ومؤلف كتاب يركز على المحكمة الجنائية الدولية بعنوان “العدالة القاسية”، إن “بعض الدول مستعدة للاستهزاء بالتزاماتها تجاه المحكمة”، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.
ورغم أن البشير أفلت من الاعتقال في بعض الدول الأعضاء، فإن أوامر الاعتقال لا تزال تفرض قيودا على سفر من يواجهونها، بما في ذلك الرئيس الروسي.
ولا تقع روسيا ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لكن القرار فرض قيودا شديدة على تنقلات المسؤولين الروس في أوروبا وأفريقيا، وآسيا وأميركا اللاتينية.
وكان بوتين أيضا أول رئيس دولة تملك العضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يواجه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة العدل الدولیة الدول الأعضاء المدعی العام فی المحکمة

إقرأ أيضاً:

الجنائية الدولية “تسجن” نتنياهو في إسرائيل

سلطت وسائل الإعلام الغربية الضوء على التقلبات المحيطة بنية #المحكمة_الجنائية_الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو.

وأعلن كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أمس الاثنين، أن المحكمة تسعى لإصدار مذكرات #اعتقال بحق زعيم حركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار ونتنياهو بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وبالإضافة إلى السنور ونتنياهو تسعى المحكمة أيضا إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ومحمد دياب إبراهيم المصري، قائد كتائب القسام والمعروف باسم محمد ضيف، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

ونستعرض تاليا أبرز ما كتبته الصحف والمواقع الغربية حول هذا القرار، والتي ركزت في المجمل على صعوبة تنفيذ قرار الاعتقال.

مقالات ذات صلة أكثر من علامة استفهام فوق الحطام!! 2024/05/21 صحيفة “نيويورك تايمز”

قالت إن هذا القرار أثار أسئلة صعبة لحلفاء إسرائيل الأعضاء في المحكمة، وقد يطلب منهم اعتقال نتنياهو وغالانت إذا صدرت مذكرات الاعتقال وسافر الرجلان بعد ذلك إلى أراضيهما، بينما قطر، التي تستضيف العديد من قادة “حماس” بما في ذلك هنية، ليست عضوا في المحكمة.

صحيفة الـ”تلغراف”

رأت أن صدور مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية هو أكبر مخاوف نتنياهو، والتي قد تصبح الآن حقيقة واقعة، مبينة أنه إذا وافق القضاة، فسيتم إصدار أوامر اعتقال وسيتعرض الرجلان (نتنياهو وغالانت) لخطر الاعتقال إذا غادرا إسرائيل للسفر إلى أو عبر أي من الدول الـ124 الموقعة على نظام روما الأساسي.

هيئة الإذاعة البريطانية BBC

لفتت إلى أنه إذا صدرت مذكرات الاعتقال، فهذا يعني أن نتنياهو، لن يتمكن من زيارة الحلفاء الغربيين المقربين دون المخاطرة بالاعتقال، مبينة أن الدول الموقعة على الاتفاق لا تشمل روسيا والصين والولايات المتحدة وإسرائيل.

وأوضحت أن المحكمة الجنائية الدولية قضت بأن لديها السلطة القانونية لمقاضاة الأعمال الإجرامية في الحرب لأن الفلسطينيين موقعون عليها. 

موقع “أكيسوس”

أشار إلى أن خان لا يسعى للحصول على أوامر اعتقال ضد القيادة العسكرية الإسرائيلية، بل هو يركز على مسؤولية نتنياهو وغالانت عن الأزمة الإنسانية في غزة، مبينة أن لجنة من القضاة ستقوم الآن بدراسة طلب خان وتقرر ما إذا كان سيتم إصدار أوامر الاعتقال أم لا.

صحيفة “الغارديان”

قالت إن هذه الخطوة تمثل أيضا تحديات جديدة لحلفاء إسرائيل الغربيين، الذين يكافحون بالفعل للتوفيق بين الدعم للدولة اليهودية والأدلة المتزايدة على جرائم الحرب في الصراع المستمر منذ سبعة أشهر واحترام النظام القائم على القواعد بعد الحرب العالمية الثانية.

موقع “بوليتيكو”

لفت إلى أنه ثبت تاريخيا أن تنفيذ أوامر المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتمد على وكالات إنفاذ القانون في الدول الأعضاء فيها البالغ عددها 124 دولة، أمر بالغ الصعوبة. 

شبكة “سكاي نيوز”

أشارت إلى أن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة، وحتى لو صدرت مذكرات الاعتقال، فإن نتنياهو وغالانت لا يواجهان أي خطر فوري للملاحقة القضائية. ولا تملك المحكمة وسيلة لتنفيذ أوامر الاعتقال، كما أن تحقيقها في حرب غزة يلقى معارضة منذ فترة طويلة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة لا تحمي نفسها فقط من المحكمة الجنائية الدولية. فمن تحصن أيضا؟
  • واشنطن بوست: معركة الجنائية الدولية مع “إسرائيل” تشكل اختباراً للنظام الدولي
  • أقرع: العالم يتغير
  • أمريكا تحاكم محكمة لاهاى
  • تختلف عن العدل الدولية.. الأمم المتحدة تنشر 5 حقائق عن المحكمة الجنائية الدولية (فيديو)
  • الجنائية الدولية “تسجن” نتنياهو في إسرائيل
  • “طلب خسيس”.. غالانت: إسرائيل لا تعترف بسلطة الجنائية الدولية
  • الدول الغربية تنتقد مساواة الضحية بالجلاد في قرار "الجنائية"
  • كريم خان المدعي العام لـ “الجنائية الدولية” في سطور
  • خبير قانون دولي يُعلق على تصريحات المدعي العام اليوم بالمحكمة الجنائية الدولية