خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
نود دائمًا أن تقوم حياتنا العامة والخاصة على قيم ومبادئ ومعايير وأسس أخلاقية مُهمة لكي يدوم الود والحب والاحترام بيننا؛ فالتمتع بتلك الجوانب يبني علاقات وتواصل بين الأفراد والمجتمعات، وإذا ما أردنا أن تستثب هذه القيم والأصول والمعاني السامية، فلابد أن يتمتع الكبار بها لأنهم الخيرة وقدوة للأجيال التي أتت وتأتي بعدهم من الأبناء، ولنعلم أنه لا حسب كالتواضع ولا شرف كالعلم.
وإذا كان التواضع من الصفات الجميلة الرائعة المحمودة المُحببة في حياتنا، فإنه يجب التزين والتجمل به، وللعلم إنه لا يتواضع إلّا كل رفيع، ولا يتكبر إلا كل وضيع. فكلما ارتفع الشريف تواضع، وكلما ارتفع الوضيع تكبَّر، وفي هذا الصدد ماذا عسانا أن نقول عن التواضع إلا أنه اجتلاب المجد واكتساب الود. وعليه أقول إننا نرتاح ونشعر بالفخر والاعتزاز إذا رأينا شخصية مجتمعية متواضعة وطيبة وخلوقة؛ إذ إننا نعلم بأنها لم تتمتع بذلك إلا لأنها اكتسب صفات عالية وأخلاق طيبة، كالتي رأيناها في شخصيتين مهمتين عرفناهما عن قرب، من خلال تعاملنا معهما في الحياة العملية والعامة، ظهرا مؤخرا في مقطع فيديو تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي.
الذي رأيناه أن اللواء الركن متقاعد سعيد بن ناصر السالمي قائد الجيش السلطاني العماني، قام بزيارة شخصية مهمة إلى اللواء متقاعد نصيب بن حمد الرواحي، وهو أول قائد عماني للجيش السلطاني العماني، وأحد القادة الذين ساهموا في تعزيز قدرات الجيش والقوات البرية خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
والذي تابع الفيديو سيرى أنَّ اللواء الركن متقاعد سعيد السالمي عند ترجله من مركبته باتجاه مستضيفه اللواء نصيب، قام بأداء التَّحية العسكرية له وهو بالمصر وبالدشداشة العمانية، أي بالزي المدني؛ إذ إنِّه وهو متجه صوبه، وقف منتصبا مستقيما جامعا رجليه مع بعضهما البعض على شكل الرقم 7، راصًا وجامعاً يديه وهما مستقيمتين على جسده، مع رفعه لجسده لثوانٍ من مُقدمة القدمين، ومن ثم الرجوع لوضعية الوقوف مستقيمًا وأيضا لثوانٍ. وهذه الحركة- أي حركة "التاهية"- هي ما تسمى بالتحية العسكرية بالزي المدني، وبعد ذلك تعانق القائدان عناقًا أخويًا حارًا، ولم يكتف السالمي بذلك؛ بل تواضعًا منه ذهب للسلام على مجموعة حاشية الجمال، التي كانت على ما يبدو مُعدة لاستقباله.
ما دعاني لأكتب عن هذا الموقف هو الوقوف على نقاط عدة لإيصالها للأجيال الحالية واللاحقة، ولتبيان أمر آخر. الشاهد أن كل مرحلة ولها رجالها، والشخصيتان اللتان ذكرتهما في غنى عن التعريف؛ فاللواء نصيب الرواحي سبق اللواء الركن سعيد في الخدمة العسكرية، وفي تولي القيادة في قوات سلطان عُمان البرية سابقًا، والجيش السلطاني العماني لاحقًا، ومع خروجهما للتقاعد منذ سنوات، إلّا أن قواعد العسكرية والانضباط لا زالت تسري بدمهما، ولا زالا يتمتعان بهما وهما في هذا السن.
من الدروس المستفادة من ذلك الموقف أولا احترامهما وتقديرهما لبعضهما البعض، وللأسبقية والأقدمية في العمل والخدمة العسكرية. اليوم اختلف الوضع تماماً، إذ قلما نجد احترامًا وتقديرًا للأقدمية في العمل من قبل الموظفين لبعضهم البعض، فتجد على سبيل المثال للحصر، الموظف القديم غير محترم من قبل بعض زملائه الذين أتوا بعده، فتجد من يهمشه ومن يرفع صوته عليه ومن يتجاهله ومن لا يحترمه ولا يقدره. وهذا يذهب بهيبة العمل، ويعني أيضا انسلاخ الموظف من عوامل التقدير والاحترام لغيره ممن سبقه في العمل، ما يدل ذلك على جهله وتكبره.
لكن في المقابل، هاذان القائدان- حفظهما الله تعالى ومتعهما بالصحة والعافية- وهما في هذا السن ومتقاعديْن، إلّا أنهما يتمتعان بالانضباط والاحترام والتقدير لبعضهما ولغيرهما؛ إذ عُرفوا بأخلاقهما وبتعاونهما وبأنهما أهلًا للكرم ولفعل الخير.
حقيقة أقول للإخوة والزملاء في أي مكان عمل، عليكم باحترام من سبقكم في العمل وتقديره، حتى بعد خروجه للتقاعد ووصلتم بعده إلى مراتب أكبر منه.. عليكم أن تحترمونه وتقدرونه وتتذكروا أنه قدم خدمات جليلة لهذا الوطن المعطاء، وتذكروا أنه لو دامت لغيركم ما وصلت إليكم.
حفظ الله رجالنا وأهلنا وشبابنا، وكل من يعمل بجد وإخلاص وتفانٍ، صونًا ودفاعًا عن مقدسات هذا الوطن ومنجزاته، وشكرًا للقائدين اللواء الركن متقاعد نصيب الرواحي واللواء الركن متقاعد سعيد السالمي على ما قدماه ويقدمونه للوطن.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإعدام لشرطي قتل بحّار متقاعد ثم رماه من شرفة مسكنه بـ”ميسوني”
وقّعت محكمة الجنايات الابتدائية بدار البيضاء اليوم الأحد حكما يقضي بتسليط عقوبة الإعدام. في حق المتهم الموقوف المدعو ” ل.إسلام” شرطي بالعاصمة البالغ من العمر 38 سنة. لازهاقه روح الضحية المدعو “ص.محمد ” 68سنة بحار متقاعد مستعملا سلاح أبيض سكّين من نوع ” بوشية”. بعدما أجهز عليه بطعنة أولى ثم رماه من أعلى الشرفة بمسكنه العائلي الكائن بحي “ميسوني ” بالعاصمة.
والغريب في القضيّة أن المتهم وبعد التخلص من ضحيته، ارتدى ملابسه وغادر الشقة متنكّرا ، وقبل الانصراف من موقع الجريمة راح يتأكّد ويتحقق من موت المجنى عليه. حيث شاهده مع سكان الحي ملقى على الأرض وسط بركة من الدماء، دون أن يتعرّف عليه أحد.
وجاء منطوق الحكم بعدما التمست النيابة العامة بالجلسة توقيع عقوبة الإعدام في حق المتهم الموقوف. معتبرة الجريمة فظيعة وكاملة الأركان، باعتبار أن المتهم نوى قتل المجنى عليه. من خلال قيامه بشراء سكين واستدراجه إلى شقته حيث اعتاد استقباله.
وقائع القضيةوقائع القضية انطلقت بتاريخ 16 سبتمبر 2024، حيث توجّه المتّهم ” ص.محمد”، إلى مسكن الضحية بحكم أنهما في علاقة صداقة منذ قرابة 5 سنوات. حيث طلب منه إستقباله كالعادة في شقته الواقعة بحي ميسوني بالعاصمة، وفي حدود الساعة الرابعة زوالا صعدا إلى المنزل. وبعد دخولهما تعاطا سوية سيجارة ملفوفة من القنب الهندي، ثم استلقى الضحية على سريره. وخلالها باغته المتهم بطعنة سكين على مستوى الصدر جهة القلب. وهو السلاح الأبيض الذي اشتراه من الحي، قبل صعوده إلى الشقة عاقدا العزم على قتل المرحوم.
ومن شدة الطعنة التي تلقاها الضحية ركض نحو الشرفة ليستنجد بالجيران، طالبا النجدة، غير أن المتهم واصل اللحاق به ووجه له ضربة بواسطة رأسه. حيث ارتطم بالباب وفور سقوطه جره بقوة إلى خارج الشقة ثم دفعه بكلتا يديه فسقط فوق سيارة كانت مركونة أسفل العمارة.
وخلالها سمع الجيران من بينهم الشاهد ” ن.عبد الله” استغاثة الضحية قبل سقوطه حيث شاهد واقعة دفع المتهم لجاره الضحية من أعلى الشرفة. إلى غاية سقوطه حيث كان يصرخ عاليا ينادي على الجار طالبا النجدة.
القاتل يتنكر بملابس الضحيةوقبل فرار المتهم، قام بارتداء ملابس ضحيته، ثم نزل السلالم، حيث وجد جمع من سكان العمارة حول جثة الضحية وهو ملقى على الارض يسبح في بركة من الدماء. فقام بإلقاء نظرة على المجنى عليه للتأكد من موته ثم غادر مسرح الجريمة. من دون لفت انتباه أي أحد من الحضور.
ولدى تنقل رجال الشرطة، تم معاينة مسرح الجريمة ورفع البصمات. كما تم استرجاع سلاح الجريمة الذي عثر عليه فوق السيارة التي كانت تكسوها الدماء.
وعلى إثره تم فتح تحقيق في ملابسات الجريمة، بداية بسماع الشهود من جيران الضحية، حيث أكد ” ن.عبد الله” أنه لمح القاتل، مقدما كل واصفاته بدقة، قبل أن يتم تحديد هويته.
وفي الجلسة تراجع المتهم عن تصريحاته الأولية، مصرحا أن سبب ارتكابه الجريمة هو مسألة شرف متهما الضحية بأنه حاول الاعتداء عليه جنسيا، بعد الانفراد به في شقته.
معترفا بأنه باغت المرحوم وطعنه بسكين كان موضوعا فوق طاولة صغيرة الحجم، ناكرا استحضاره معه، عن سبق اصرار لقتل ضحيته.
كما اعترف المتهم بأنه قام بتوجه ” نطحة” رأسية للضحية بعدما طعنه بسكين، لكون الإصابة لم تكن قوية. فراح يصرخ نحو الشرفة طالبا النجدة من الجيران ، ولدى سقوطه حاول المقاومة لكن جره بقوة إلى غاية الشرفة مجددا، ثم دفعه بكلتا يديه من أعلى فسقط أرضا.
وأضاف المتهم أن تصريحاته في الجلسة هي الحقيقة التي أخفاها خلال مجريات التحقيق الابتدائي. باعتباره شرطي خجلا من زملائه الشرطة الذين حققوا معه.