البحرين - خليفة الرواحي

"تصوير: نواف البوسعيدي"

شاركت سلطنة عُمان ممثلة في اللجنة الأولمبية العُمانية الأربعاء في الافتتاح الرسمي لدورة الألعاب الآسيوية للشباب في نسختها الثالثة التي تستضيفها مملكة البحرين خلال الفترة من 22-31 أكتوبر الجاري.

أقيم الحفل بحضور سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، وحضر من سلطنة عُمان سعادة الدكتور عبدالله بن خميس أمبوسعيدي وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم رئيس البعثة والعميد متقاعد سعيد بن محمد الحجري نائبا رئيس البعثة، وعبدالله بن محمد بامخالف الأمين العام للجنة الأولمبية العُمانية، وذلك في مركز البحرين العالمي للمعارض بمنطقة الصخير.

بدأ الحفل بدخول طابور عرض الدول المشاركة، حيث تقدم وفد سلطنة عُمان بعلم سلطنة عُمان والذي حمله اللاعبان فداء بنت فؤاد البروانية وقابوس بن سعيد البلوشي من منتخب التايكواندو، كما شارك في طابور العرض ممثلو المنتخبات الوطنية وإداريو البعثة وذلك في الدورة التي يشارك فيها أكثر من خمسة آلاف رياضي ورياضية يمثلون 45 لجنة أولمبية آسيوية للشباب.

وتضمن حفل الافتتاح عروضا فنية مبهرة جمعت الحداثة والتقاليد البحرينية الأصيلة، من خلال مجموعة من اللوحات الفنية التي روت قصة مملكة البحرين عبر آلاف السنين وحتى حاضرها المزدهر، جسدت رسالة السلام والإنسانية من خلال الرياضة والفن التي توحد الدول والشعوب في القارة الآسيوية، كما تضمن الحفل إلقاء الكلمات الرسمية، وتلاوة قسم الدورة، بعدها تم رفع علم الدورة وإضاءة الشعلة الآسيوية التي تبقى متوهجة طوال أيام الدورة.

تألق العداء رائد البلوشي

نجح لاعب المنتخب الوطني رائد بن محمد البلوشي في التأهل للتصفيات النهائية وذلك بعد حصوله على المركز الأول ضمن التصفيات الأولية للمجموعة الأولى في سباق عدو 100 متر بعدما حقق زمنا قدره 10.98 ثانية، كما بدأت منتخباتنا الوطنية للفروسية والجولف منافسات الفرق والفردي من منافسات دورة الألعاب الآسيوية للشباب في نسختها الثالثة التي تستضيفها مملكة البحرين خلال الفترة من 22-31 أكتوبر الجاري، في الدورة التي يشارك فيها أكثر من خمسة آلاف رياضي ورياضية يمثلون 45 لجنة أولمبية آسيوية للشباب، يتنافسون في 24 رياضة و31 فئة و253 حدثاً في المنافسات التي تقام في عدد من المنشآت الرياضية، أبرزها مدينة عيسى الرياضية، ومدينة خليفة الرياضية، ومركز البحرين العالمي للمعارض، وقرية التحمل، ومنطقة سما باي.

وجاء تأهل لاعب المنتخب الوطني رائد بن محمد البلوشي للنهائيات في سبق 100 متر عدوا، بعد حصوله على المركز الأول ضمن التصفيات الأولية للمجموعة الأولى بعدما حقق زمنا قدره 10.98 ثانية، وحل الإيراني درافيش في المركز الثاني بعدما حقق زمنا قدره 11.02 ثانية، وجاء اللاعب ونج من هونج كونج الصين في المركز الثالث بزمن قدره 11.08 ثانية، فيما حل الباكستاني مرتضى في المركز الرابع بعدما قطع مسافة السباق في زمن قدره 11.20 ثانية، وهنأ العميد متقاعد سعيد بن محمد الحجري نائب رئيس البعثة، وعبدالله بن محمد بامخالف الأمين العام للجنة الأولمبية العُمانية اللاعب تأهله للنهائيات مؤكدين ثقتهم بقدراته وإمكانياته في مواصلة العطاء في التصفيات النهائية وصولا للتتويج.

منافسات الفرق والفردي

وبدأ منتخبا الفروسية والجولف مسابقات الفردي والفرق في مسابقات دورة الألعاب الآسيوية للشباب، حيث يشارك منتخب الفروسية في مسابقات الفرق والتي يمثلها الفرسان السيد عبدالعزيز بن فهد البوسعيدي وطه بن زياد البلوشي والفارسة سارة بنت سهيل الكثيرية، كما بدأ منتخب الجولف منافسات الفرق والتي يمثلها ثلاثة لاعبين وهم: أدم بن مسعود البرواني وماهر نكيل سمبت وبرانش بن جوبال جاجواني وحملت منافسات اليوم الأول الكثير من التحدي والمنافسة الصعبة في ظل المشاركة الواسعة من أفضل لاعبي القارة.

وتتواصل غدًا الجمعة منافسات منتخبات الفروسية وألعاب القوى والجولف في ألعاب القوى يشارك اليزن بن راشد الشامسي يوم الجمعة في سباق 800 متر، ويشارك أيضا رائد البلوشي في التصفيات الأولية لسباق 200 متر عدوا، ويلعب العداء حمد بن ناصر الريامي غدا السبت منافسات سباق 2000 متر موانع، كما يبدأ الخميس منتخب التايكواندو، حيث تشارك اللاعبة شهناز المعولية وزياد البلوشي في التصفيات الأولية لمنافسات اللاعبين في الفئات الوزنية المحددة لهم، وخضع ثلاثة لاعبين لاختبار الأوزان، فيما تبدأ تصفياتها الأولية للأوزان المحددة غدا السبت وهم: قابوس البلوشي والمعتصم الحجري وفدى البروانية.

التايكواندو جاهزية عالية

وأكد طلال بن محمد البلوشي رئيس اللجنة العُمانية للتايكواندو جاهزية المنتخب لخوض المنافسات وقال: معنويات اللاعبين عالية ونثق في قدرات اللاعبين رغم صعوبة المنافسات وقوتها نظرا لمشاركة أفضل لاعبي القارة، موضحا أن المنتخب خاض استعدادات جادة تحضيرا للمشاركة في البطولة الآسيوية الثالثة للشباب، ضمن خطة واضحة المعالم خطتها اللجنة العُمانية للتايكوندو لتطوير الأداء الفني للمنتخبات الوطنية ورفع جاهزيتها للمنافسات القارية والدولية، حيث خضع اللاعبون خلال الفترة الماضية إلى برنامج إعداد شامل تضمن تدريبات فنية وتكتيكية متقدمة، بالإضافة إلى تدريبات بدنية ومهارية تهدف إلى تعزيز السرعة والقوة وردة الفعل، بإشراف مباشر من الجهاز الفني الوطني وبمتابعة دقيقة من اللجنة العُمانية للتايكواندو.

وأضاف: أظهر جميع أفراد المنتخب التزامًا وانضباطًا عاليًا خلال فترات الإعداد والمعسكرات، مما يعكس الجدية الكبيرة في تمثيل سلطنة عُمان خير تمثيل، كما أثنى رئيس اللجنة العُمانية للتايكواندو على الجهود المبذولة من قبل الجهازين الفني والإداري، مشيرًا إلى أن هذه المشاركة تأتي في إطار الاستثمار في الكوادر الوطنية وصقل المواهب الشابة للمنافسة على المراكز المتقدمة في البطولات الآسيوية والعالمية، متمنيا للمنتخب الوطني التوفيق والنجاح في البطولة القادمة، وأن تتوَّج هذه الجهود المثمرة بميداليات وإنجازات مشرّفة ترفع راية سلطنة عُمان عاليًا في سماء مملكة البحرين، وتعزز حضور رياضة التايكواندو العُمانية في الساحة الآسيوية.

طموحات عالية للفروسية

من جانبه أكد زياد بن أيوب البلوشي من الجهاز الفني للمنتخب الوطني للفروسية جاهزية الفرسان الفنية والمعنوية لخوض المنافسات وقال: الحمد لله المعنويات عالية وبدأ الفرسان المنافسات بطموح عال لتمثيل سلطنة عُمان خير تمثيل بفضل الاستعدادات الجيدة التي سبقت دورة ألعاب آسيا للفروسية، حيث خضع المنتخب لتدريبات لمدة ثمانية أسابيع توزعت من 5 إلى 6 حصص تدريبية في الأسبوع بهدف رفع اللياقة العامة، تحسين التناسق مع الفرس، ومعالجة الأخطاء التقنية الأساسية، حيث ركزت التدريبات على لياقة أرضية وتمارين مرونة للفرس (دوائر، انتقالات مشي–هرولة–كانتر)، فيما تضمنت تمارين اليوم الثاني تمارين قفز منخفضة (50–70 سم) على خطوط مستقيمة، وتم التركيز على الإيقاع والاقتراب الصحيح، وفي اليوم الثالث من كل أسبوع تضمن ركوبا خارجيا لمسافات طويلة 45–60 دقيقة، لزيادة قدرة التحمل، وتضمن برنامج اليوم الرابع تمارين تقنية (الاقتراب بزوايا مختلفة، تخطي الحواجز المفردة بخطوات محددة)، وفي اليوم الخامس ركزت على لياقة الفارس، تضمنت الجري وتمارين كارديو وتقوية عضلات الوسط والفخذين، وفي اليوم السادس تم التدريب على مسار تدريبي قصير بارتفاع أقل من المنافسة بـ20–30 سم، ويمر فيه التركيز على الانسيابية، وفي اليوم السابع يكون راحة أو مشيا حرا للفرس.

وتواصلت التدريبات في الشهر الثاني بحصص المحاكاة والتركيز على السرعة والدقة، هدفت إلى تعويد الفرس والفارس على ظروف المنافسة، وضبط السرعة مع الحفاظ على النقاء الفني وكان توزيع التدريبات الأسبوعي يتضمن من 4 إلى 5 حصص تدريبية، فيما يخضع يومين للراحة والاستشفاء، حيث تضمنت تدريبات اليوم الأول في هذا الشهر تدريبات لمسار كامل على ارتفاع 80–100% من ارتفاع المنافسة، مع حساب الزمن، وفي اليوم الثاني تضمنت تمارين مركّزة على قفز المجموعات، وفي اليوم الثالث تضمن تدريبات خفيفة (هرولة وكالوب خفيف) بالإضافة إلى تمارين استجابة للفرس، وفي اليوم الرابع تضمنت الحصص التدريبية محاكاة مسار للمسابقة بملابس وتجهيزات المنافسة، وفي اليوم الخامس تضمنت التدريبات لياقة للفارس أو تمارين تحمل بالإضافة إلى استشفاء الفرس (تدليك، مشي يدوي)، وفي اليوم السادس تضمن مراجعة الأخطاء الفردية وتمارين حواجز فردية بارتفاع المنافسة أو أعلى قليلاً، فيما منحت الفرسان الراحة في اليوم السابع أو التدريب الخفيف.

وأضاف: بدأنا في البحرين بإجراء حصص تدريبية فنية ومهارية ومراجعة بعض الجوانب الفنية وذلك لضمان الجاهزية التامة للفرسان قبل انطلاق المنافسات، ونتطلع إلى تقديم مستوى مشرف في هذه البطولة.

خدمات طبية

وحول مشاركة الوفد الطبي، قالت الدكتورة أفراح بنت حمود الجابرية عضو اللجنة العُمانية للطب الرياضي: تأتي المشاركة ضرورة وأهمية وجود طواقم طبية مرافقة للرياضيين المشاركين وأيضا للإداريين والفنيين في البعثة، وذلك لتوفير السلامة الصحية ومتابعة الاحتياجات الطبية للجميع في كافة الأوقات، موضحة أن الوفد الطبي يضم كذلك خليل بن خلفان البوسعيدي -أخصائي علاج طبيعي بدائرة الطب وعلوم الرياضة، حيث قمنا خلال الفترة الماضية بالتواصل مع إدارات المنتخبات الوطنية المشاركة للتأكد من جاهزية الرياضيين، والاطلاع على أي إصابات سابقة أو حالية إن وجدت، كما تم التحقق من الأدوية المستخدمة من قبل الرياضيين لضمان توافقها مع اشتراطات اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات، ونهدف من تلك الإجراءات ضمان مشاركة سلسة وناجحة لجميع المنتخبات في البطولة، وتوفير الرعاية الطبية وخدمات العلاج الطبيعي.

وأضافت: وفي إطار سعي اللجنة الأولمبية العُمانية إلى دعم تحقيق الإنجازات الرياضية من خلال توفير كافة السبل اللازمة عبر مختلف التخصصات، بما في ذلك اللجنة الطبية. وفي هذا الإطار، تم إنشاء عيادة طبية مجهزة بخدمات العلاج الطبيعي خلال فترة البطولة في أحد الفنادق، تتولى الإشراف على الخدمات الطبية فيها، حيث تقوم العيادة بتقديم الرعاية الصحية الشاملة للرياضيين وذلك عن طريق معاينة الحالات الصحية والإصابات الرياضية، وكذلك إجراء الفحص السريري وتقديم العلاج اللازم والتنسيق مع اللجنة المنظمة لتوفير العناية الإضافية، إذا استدعى الأمر التنسيق معهم اطلب نقلا إلى المستشفى لعمل أشعة أو فحوصات إضافية، كما يقدم أخصائي العلاج الطبيعي خليل البوسعيدي خدمات علاجية متقدمة باستخدام أحدث الأدوات والتقنيات، مثل الموجات الكهربائية، الإبر الجافة، الحجامة الجافة، وغيرها من العلاجات المتخصصة، لضمان تعافي الرياضيين بسرعة والعودة إلى المنافسات بكفاءة عالية.

وحول الرعاية الطبية أثناء المنافسات، قالت الدكتورة أفراح الجابرية : يتولى الفريق الطبي متابعة جميع المنافسات الرياضية للمنتخبات المشاركة، بهدف ضمان سلامة الرياضيين وتقديم الخدمات الطبية العاجلة والعلاج الفوري عند الحاجة، بالإضافة إلى متابعة حالات إصابات الرياضيين بعد تلقيهم العلاج في الملاعب أو بعد العودة من المستشفيات، إذا استدعى الأمر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دورة الألعاب الآسیویة للشباب الأولمبیة الع مانیة التصفیات الأولیة اللجنة الع مانیة مملکة البحرین بالإضافة إلى خلال الفترة وفی الیوم فی الیوم بن محمد

إقرأ أيضاً:

اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني

بالنظر إلى التطورات المتسارعة في المشهد الاقتصادي الإقليمي والدولي، تبدو اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند خطوة تحمل طابعًا استراتيجيًا واسع التأثير، ليس فقط من حيث تعزيز التبادل التجاري، بل من حيث إعادة صياغة الدور الاقتصادي لسلطنة عمان على مدى السنوات المقبلة. فالمؤشرات الأولية القائمة اليوم تُظهر أن التعاون بين البلدين آخذ في النمو بوتيرة ثابتة، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية خلال العام المالي 2024-2025 ما يقارب 10.61 مليار دولار، وهو رقم يعكس علاقة اقتصادية راسخة قابلة للتوسع بمجرد تفعيل الاتفاقية المرتقبة. ويأتي ذلك في وقت تتطلع فيه سلطنة عُمان إلى اقتصاد أكثر تنوعًا، وأكثر قدرة على المنافسة، وأكثر انفتاحًا على الأسواق الآسيوية والعالمية.

وإذا ما نظرنا إلى طبيعة العلاقة الاقتصادية بين البلدين، فإن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لعُمان يمنحها نقطة قوة محورية. فالموانئ العُمانية مثل صلالة والدقم وصحار لا تُعد بوابات بحرية عادية، بل منصات إقليمية ذات قدرة عالية على خدمة التجارة الدولية وربط آسيا بأفريقيا والخليج وأوروبا. وفي حال اكتملت اتفاقية CEPA، فإن هذه الموانئ لن تكون مجرد نقاط عبور للسلع العُمانية أو الهندية، وإنما محاور لوجستية تجذب الاستثمارات الصناعية والخدمية، وتدعم حركة إعادة التصدير، وتُسهم في بناء منظومة اقتصادية تُضاعف القيمة المضافة داخل سلطنة عُمان. ومن شأن هذه المنظومة أن تُعيد تشكيل قطاعات واسعة تتعلق بالنقل والتخزين والخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية، الأمر الذي ينعكس على توسيع فرص العمل وتحسين نوعية الأنشطة الاقتصادية.

ومع أن الاتفاقية تفتح آفاقًا واسعة أمام التجارة في الاتجاهين، إلا أن الجانب الأكثر أهمية لسلطنة عمان يكمن في تعزيز الصناعات المحلية. إذ تستهدف عُمان ضمن رؤيتها 2040 بناء اقتصاد متنوع قائم على الصناعة والتكنولوجيا والخدمات المتقدمة، وليس اقتصادًا يعتمد على سلعة واحدة. ومع الحصول على نفاذ تفضيلي إلى سوق تتجاوز قوامها 1.4 مليار نسمة، فإن مجالات مثل البتروكيماويات، الفولاذ، الألمنيوم، الأسمنت، الرخام، المنتجات الزراعية، والمنتجات التقليدية العُمانية يمكن أن تشهد توسعًا نوعيًا في صادراتها. هذه الأسواق الضخمة لا تستوعب المنتجات فحسب، بل تحفّز أيضًا الصناعات المحلية على رفع مستويات الجودة، وتحسين سلاسل الإنتاج، وزيادة الطاقة التشغيلية، وإيجاد مساحات أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تطمح إلى التصدير.

ومن زاوية مستقبلية، يمكن اعتماد سيناريويهن لتقدير أثر الاتفاقية على حجم التجارة الثنائية: سيناريو متحفظ يفترض نموًا سنويًا بمتوسط 8%، وسيناريو تفاؤلي يفترض نمواً بمتوسط 12%، وذلك مقارنة بمعدل النمو الطبيعي للتجارة الذي يدور حول 3%. وبناء على هذه الحسابات، يمكن أن يرتفع حجم التجارة الثنائية من 10.6 مليار دولار اليوم إلى ما يقارب 15.6 مليار دولار خلال خمس سنوات في السيناريو المتحفظ، وإلى ما يتجاوز 18.7 مليار دولار في السيناريو المتفائل. ومع استمرار النمو لعشر سنوات، يمكن أن يصل الحجم التجاري بين البلدين إلى نحو 23 مليار دولار في السيناريو المتحفظ، فيما قد يصل إلى قرابة 33 مليار دولار في السيناريو التفاؤلي. وهذه القفزات المحتملة لا تأتي فقط من زيادة حجم المبادلات التقليدية، بل من توسع في الصناعات التحويلية، والاستثمار في خطوط إنتاج جديدة تستهدف السوقين معًا.

ومن شأن هذه التحولات أن تُعيد تشكيل الاقتصاد العُماني ليصبح أكثر مرونة في مواجهة التقلبات العالمية، وأكثر قدرة على النمو الذاتي من خلال الإنتاج المحلي والصناعات الوطنية. ومع ازدياد النشاط اللوجستي، وتوسع المناطق الحرة، وتجدد الاستثمارات الصناعية، سيكون لعُمان موقع جديد على خارطة التجارة العالمية، موقع يعكس قدرتها على استغلال مواردها الجغرافية والبشرية والاقتصادية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. وإذا ما وُظفت هذه الفرص بالشكل الصحيح - عبر التخطيط، وإدارة الموارد بكفاءة، وتطوير التشريعات، وتحفيز الكفاءات الوطنية - فإن السنوات العشر المقبلة قد تشهد تحولًا جذريًا في شكل الاقتصاد العُماني وحجمه.

بينما تتعمق سلطنة عُمان في توسيع شراكاتها الدولية، تمثّل اتفاقية التجارة الحرة مع الهند نقطة تحول قادرة على إطلاق موجة جديدة من النشاط الاقتصادي الذي يترابط فيه التصنيع بالتجارة، ويُكمل فيه الاستثمار اللوجستيات، ويتقاطع فيه النمو الصناعي مع توسع أسواق التصدير. فالعلاقة مع الهند ليست علاقة تجارية عابرة، بل علاقة راسخة تستند إلى تاريخ طويل من التبادل والتداخل الاقتصادي والثقافي، ما يجعل الاتفاقية القادمة امتدادًا طبيعيًا لمسار مشترك يتطور باستمرار. ويُتوقع أن تشكل الاتفاقية حافزًا لعدد من القطاعات التي كانت تتطلع إلى الوصول إلى أسواق أكبر، وفي مقدمتها القطاعات الصناعية التحويلية التي تعتمد على المواد الأولية المتوفرة في سلطنة عُمان، وتستهدف خلق قيمة مضافة قبل التصدير.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيو-اقتصادية عميقة تتجه فيها دول عديدة إلى تعزيز الاندماج الإقليمي والانفتاح على آسيا، ما يجعل توقيع الاتفاقية مع الهند خطوة تجسد فهمًا استراتيجيًا لموازين القوى الاقتصادية الجديدة. فالهند اليوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، وضمن أكبر خمس اقتصادات عالمية من حيث الناتج المحلي الإجمالي؛ وبالتالي، فإن تأسيس شراكة اقتصادية شاملة معها يضع عُمان ضمن شبكة اقتصادية صاعدة ستعيد تشكيل مسارات التجارة خلال العقود المقبلة. ومن خلال هذه الشبكة، يمكن لسلطنة عمان أن تعمّق دورها كمركز إقليمي للتجارة والخدمات الصناعية، وأن تستفيد من الطلب الهائل في الهند على المواد الخام والمنتجات الصناعية والسلع الاستهلاكية.

وإذا ما نظرنا إلى تأثير الاتفاقية على الشركات الصغيرة والمتوسطة في عُمان، سنجد أن CEPA قد تكون فرصة تاريخية لهذه الفئة من الشركات لتوسيع آفاق أعمالها. فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل جزءًا أساسيًا من هيكل الاقتصاد الوطني، وتحتاج إلى بيئة تجارية تدعم منتجاتها وتمكنها من الوصول إلى أسواق جديدة. ومع تيسير الإجراءات الجمركية، وتخفيض الرسوم، وتسهيل النفاذ إلى الأسواق، يمكن لهذه الشركات أن تجد في السوق الهندية منفذًا واسعًا لتسويق منتجاتها، سواء في قطاعات الأغذية، أو المنسوجات، أو المنتجات العطرية، أو الصناعات التقليدية. وهذه النقلة يمكن أن تُسهم في خلق ثقافة تصدير أقوى، وترسيخ روح المبادرة، وتعزيز الابتكار داخل الشركات العمانية.

أما على مستوى الأمن الغذائي، فإن الهند ـ باعتبارها قوة زراعية ضخمة ـ يمكن أن تكون شريكًا استراتيجيًا لسلطنة عمان في تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة. ومع تسهيل الاستيراد عبر CEPA، يمكن لعُمان أن تؤمن سلة غذائية متنوعة بأسعار تنافسية، ما يرفع من مستوى الاستقرار الغذائي ويعزز من قدرة السوق المحلي على مواجهة تقلبات الأسعار العالمية. وفي المقابل، يمكن للمنتجات العمانية الفريدة - مثل التمور واللبان ومنتجات الرخام - أن تجد طريقها إلى منافذ البيع الهندية بطريقة أكثر سلاسة، وهو ما يشكل مكسبًا اقتصاديًا وثقافيًا في آن واحد. ومع توسع المبادلات التجارية وتحسن كفاءة سلاسل الإمداد، ستصبح عُمان مركزًا لوجستيًا أكثر جاذبية للشركات العالمية التي تبحث عن نقطة ارتكاز بين آسيا وأفريقيا والخليج. ويمثل هذا التحول فرصة كبيرة للقطاع الخاص العماني الذي يمكنه استثمار هذا الموقع عبر إنشاء مراكز تخزين وتوزيع حديثة، وتطوير شبكات نقل، وإطلاق خدمات لوجستية متقدمة تدعم التجارة العابرة للقارات. وهذا التحسين في أداء الموانئ والمناطق الحرة سيؤدي إلى دوران اقتصادي أسرع داخل سلطنة عمان، ويُعزّز إيرادات الدولة من الأنشطة المرتبطة بالنقل والموانئ والجمارك والخدمات المساندة.

وفي ضوء هذه المعطيات المتداخلة، ومع ما تحمله المؤشرات الاقتصادية من دلالات واضحة على اقتراب مرحلة جديدة في العلاقات العمانية الهندية، تبدو سلطنة عمان أمام منعطف تاريخي يمكن أن يغيّر مسار اقتصادها خلال العقد المقبل. فكل الأرقام، وكل التوجهات، وكل السيناريوهات المستقبلية تشير إلى أن تفعيل اتفاقية CEPA لن يكون مجرد حدث اقتصادي عابر، بل نقطة انطلاق نحو دورة نمو أكثر نضجًا وجرأة وتنوعًا. ومن المتوقع، إذا ما سارت الأمور وفق الإيقاع الذي ترسمه اليوم المعطيات، أن تتضاعف التجارة الثنائية خلال سنوات قليلة، وأن تتجاوز حاجز 20 مليار دولار في منتصف العقد القادم، وربما تقترب من 30 مليار دولار خلال عشر سنوات، في حال استفادت سلطنة عمان إلى أقصى حد من مزايا التموضع الجغرافي والتكامل الصناعي مع الهند.

ولا تقف التوقعات عند حدود التجارة وحدها، بل تمتد إلى الصناعات التحويلية التي يُرجّح أن تشهد توسعًا ملحوظًا، خاصة تلك المعتمدة على المعادن والبتروكيماويات والمواد البنائية، إلى جانب فرص متنامية في الصناعات الخضراء والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الصناعية. ومع بروز الموانئ العُمانية كمراكز توزيع إقليمية، يتوقع أن تتسارع حركة الاستثمار في المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، بما يعيد تشكيل الخريطة اللوجستية في المنطقة، ويجعل من سلطنة عمان محطة رئيسية في سلاسل الإمداد بين آسيا والخليج وأفريقيا.

وعلى مستوى سوق العمل، تشير التقديرات المستقبلية إلى إمكانية خلق الوظائف النوعية التي يمكن أن تمنح الشباب العُماني فرصًا غير مسبوقة للاندماج في قطاعات صناعية وتقنية جديدة، وترفع من مستوى المهارات الوطنية، وتدعم مسار التوطين في القطاع الخاص. ومع اتساع رقعة التصنيع والتصدير، ستنشأ احتياجات موازية في قطاع الخدمات والتعليم والتقنية، ما ينتج دورة اقتصادية متكاملة ترفد بعضها بعضًا، وتُرسي قواعد نمو متواصل ومستقر.

أما على المدى الطويل، فإن تفعيل الاتفاقية قد يمهد لمرحلة يصبح فيها الاقتصاد العُماني أكثر قدرة على مواجهة التقلبات العالمية، وأكثر استعدادًا لاستيعاب التحولات التقنية والبيئية والاقتصادية. ومع استمرار التنويع، وتوسّع الصادرات، وتعاظم دور سلطنة عمان كمركز لوجستي محوري، يمكن لعُمان أن تنتقل من موقع المنافس الإقليمي إلى موقع اللاعب الفاعل في التجارة الدولية. وقد نشهد خلال عشر سنوات اقتصادصا عمانيًا متجددًا، واسع القاعدة الإنتاجية، متصلًا بشبكات التجارة العالمية، ومتقدمًا بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية عُمان 2040 بوصفها رؤية طموحة لاقتصاد مرن، مبتكر، ومستدام.

من الناحية النوعية، يشير هذا النمو إلى زيادة الصادرات غير النفطية، حيث من المتوقع أن تستفيد قطاعات مثل البتروكيماويات، الفولاذ، الألومنيوم، الأسمنت، الرخام، اللبان، والتمور من تحسن سلاسل التوريد وفتح الأسواق الهندية. النمو في هذه القطاعات، الذي بدأ يظهر بالفعل في بيانات 2025، يعكس قدرة الاقتصاد العُماني على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. عمليا، إذا ارتفعت الصادرات غير النفطية بمعدل يتراوح بين 6% و12% سنويا نتيجة النفاذ إلى السوق الهندي وتحسين اللوجستيات، فإن هذا سيترجم إلى زيادة ملموسة في حصيلة التبادل التجاري الكلي.

تحقيق السيناريو التفاؤلي يتطلب مجموعة من العوامل التمكينية، أبرزها تسريع عمليات التصديق والتوقيع والتنفيذ للاتفاقية مع وضع آلية متابعة مشتركة لضمان تطبيق بنود التفضيل الجمركي وإزالة العوائق الإجرائية. كما يشمل تطوير البنية التحتية اللوجستية للموانئ والمناطق الحرة ومرافق التخزين والتبريد وطرق الربط الداخلي لالتقاط الطلب المتزايد.

كذلك، تعد الحوافز الاستثمارية للقطاعات ذات القيمة المضافة وبرامج التدريب الفنيّة من العناصر الأساسية لضمان استدامة النمو الصناعي. إضافة إلى ذلك، فإن إقامة تحالفات تجارية وشراكات تسويقية مع موزعين هنود يسهم في تسهيل النفاذ إلى الأسواق الهندية على مستوى المدن والمناطق، بينما تتيح حزم الدعم للصادرات الصغيرة والمتوسطة وصول المنتجات العُمانية إلى رفوف السوق الهندي بفعالية وجودة تنافسية.

بشكل عام، تشير هذه التقديرات إلى أن تفعيل CEPA يشكل فرصة استراتيجية لعُمان لتعزيز التجارة الثنائية، تنويع الاقتصاد، جذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل واسعة، ما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتقليل الاعتماد على النفط، مع تعزيز قدرة سلطنة عمان على تأدية دور متنامٍ في التجارة الإقليمية والدولية.

مقالات مشابهة

  • إنجازات عراقية مميزة لألعاب القوى البارالمبي في البطولة الآسيوية للشباب
  • افتتاح مستشفى «أمانة» للرعاية الصحية بالبحرين
  • منصور بن محمد يفتتح الألعاب البارالمبية الآسيوية للشباب «دبي 2025»
  • 8 ميداليات سعودية في افتتاح الألعاب البارالمبية الآسيوية
  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني
  • فعاليات متنوعة في السباق الترفيهي ترويجًا للألعاب الآسيوية «ناغويا 2026»
  • اليوم تنطلق بأنغولا فعاليات دورة الألعاب الإفريقية وتستمر على مدار 10 أيام
  • "الإفتاء" تعلن عن دورة مجانية للشباب لمواجهة الإدمان الخفي والإباحية
  • الفوج الأول للبعثة المصرية يغادر لأنجولا للمشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للشباب
  • الفوج الأول لبعثة مصر المشاركة بدورة الألعاب الإفريقية للشباب يغادر إلى أنجولا