أطباء بلا حدود بالسودان: الوضع كارثي بمخيم زمزم ونخشى موسم الملاريا
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
شددت رئيسة فريق طوارئ أطباء بلا حدود على أن نقص الطعام هو العامل الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لهم مع ما يسببه من سوء التغذية التي تشهدها المنطقة.
التغيير: وكالات
قالت رئيسة فريق طوارئ أطباء بلا حدود في السودان، كلير نيكوليه، إن الوضع كارثي في مخيم زمزم في ولاية الفاشر في السودان مع ازدياد الحوادث الأمنية في المدينة وضواحيها، وإن 30% في المخيم يعانون من سوء التغذية كما رصدت المنظمة الكثير من حالات من الحصبة، معبرة عن قلقها مع اقتراب موسم الملاريا.
وأبلغت نيكوليه وكالة (أنباء العالم العربي)، الخميس، بصعوبة الوضع الأمني في الفاشر والذي يتسبب بتدهور الوضع الإنساني فيها خاصة في مخيم زمزم.
وقالت: “الوضع حالياً في الفاشر صعب، بسبب الحوادث الأمنية والقصف الجوي والمزيد من الضغط حول المدينة ومن نقاط التفتيش، ولسوء الحظ فإن الوضع الإنساني يتدهور كثيرًا.
وعدد الفاعلين (من منظمات) قليل جداً على الأرض. يعاني مخيم زمزم من سوء التغذية بشكل كبير جداً، ومع الوضع الحالي من الصعب تقديم المساعدة”.
وشددت رئيسة فريق طوارئ أطباء بلا حدود على أن نقص الطعام هو العامل الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لهم مع ما يسببه من سوء التغذية التي تشهدها المنطقة.
وأكدت نيكوليه أن 30% من سكان مخيم زمزم يعانون من سوء التغذية، بينهم أطفال دون الخامسة ونساء حوامل ومرضعات، وهو مايعني أن الوضع كارثي حقا، لأن هذا رقم كبير ويتعدى عتبة الطوارئ. وأضافت “الحاجة ملحّة للطعام في مخيم زمزم، نحن نتحدث عن قرابة نصف مليون شخص يعانون من الجوع، ليس لديهم طعام مناسب منذ عام كامل”.
وبالنسبة للأمراض الأخرى المنتشرة إضافة إلى سوء التغذية، قالت نيكوليه “لدينا الآن حالات اشتباه في الإصابة بالحصبة ونعلم أن الحصبة هي مرض قاتل كبير جدًا وترافقت مع سوء التغذية، سيكون الوضع كارثياً، وقريبًا جدًا سيكون موسم الملايا ويمكن تخيل وضع الأطفال الذي يعانون من سوء التغذية وأجسامهم ضعيفة في الأصل. ويمكن أن نشهد معدلات وفيات عالية”.
الوسومآثار الحرب في السودان أطباء بلا جدود إقليم دارفور حرب الجيش والدعم السريع مدينة الفاشرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان إقليم دارفور حرب الجيش والدعم السريع مدينة الفاشر من سوء التغذیة أطباء بلا حدود مخیم زمزم یعانون من
إقرأ أيضاً:
الفاشر تحت الحصار.. توقف التكايا يحرم آلاف الأسر من الوجبة اليومية
الفاشرـ في قلب ولاية شمال دارفور (غربي السودان) تعيش الفاشر واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي عرفتها البلاد منذ اندلاع الحرب، حيث تسير المدينة بخطى متسارعة نحو مجاعة محققة، وسط حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، وتوقف كامل للمطابخ الخيرية المعروفة محليا بـ"التكايا" في ظل غياب استجابة دولية فعالة.
فلم يعد سكان الفاشر يسألون عن الغد، بل يتشبثون بما يبقيهم أحياء حتى المساء، إذ بلغ تراجع الوصول إلى الغذاء والماء والدواء مستويات غير مسبوقة، وتوقفت الأسواق عن العمل، وأغلقت معظم المراكز الصحية بعد نفاد الإمدادات. أما الشوارع، فغدت شاهدة على مشاهد البؤس، حيث تتجول العائلات باحثة عن فتات يسد الرمق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصحة العالمية: سوء التغذية بغزة بلغ مستويات "تنذر بالخطر"list 2 of 2ممرضات يغمى عليهن والجوع يطارد مستشفيات غزةend of listوفي حديثه للجزيرة نت، قال والي ولاية شمال دارفور المكلف حافظ بخيت إن "الوضع المعيشي داخل مدينة الفاشر ينهار بصورة شبه تامة، لدرجة أن بعض السكان باتوا يقتاتون على علف الحيوانات المعروف محليا بـ(الأمباز) في مشهد يكشف عمق الكارثة".
وشدد بخيت على ضرورة كسر الحصار عن مدينته، مشيدا بصمود سكانها والقوات المسلحة والمقاومة الشعبية في مواجهة الوضع المتدهور.
ويعود أصل الأزمة في الفاشر إلى أبريل/نيسان الماضي، عندما فرضت قوات الدعم السريع طوقا محكما على المدينة، ومنعت دخول أي قوافل إغاثة أو مواد غذائية. كما تم نهب عدد من الشاحنات، وتعطلت الطرق الرئيسية، مما جعل الفاشر معزولة عن باقي مناطق السودان.
أحمد آدم، أحد تجار المواد الغذائية، قال للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع منعت دخول أي شاحنة أو بضائع إلى المدينة. وأضاف "الوضع كارثي، فحتى الأدوية البسيطة ممنوعة. لقد واجهنا اعتقالات، وتعرضنا لإطلاق نار أثناء محاولات إدخال البضائع، والمدينة تخنق بشكل ممنهج يهدد حياة الجميع".
إعلانوكانت التكايا، وهي مطابخ جماعية، تقدم آلاف الوجبات يوميا للفقراء والنازحين لكنها توقفت تماما مع انعدام المواد الأساسية.
ويقول الناشط الإغاثي محمد الرفاعي، الذي أشرف سابقا على "تكية الخير" للجزيرة نت "كنا نطبخ يوميا لأكثر من 4 آلاف شخص، وفي بعض الأيام كنا نزيد الكمية حسب التبرعات، أما الآن فقد توقفت بالكامل، وأصبح الناس يفتشون عن الطعام في القمامة، دون أن يجدوا شيئا".
وأضاف أن "المحاليل الوريدية والشاش الطبي غير متوفرة، ومعظم الأطباء والمتطوعين غادروا المدينة، مما ترك العائلات في عوز تام دون دعم أو عون".
مجاعة الأطفالمن جانبها، أكدت خديجة موسى مديرة وزارة الصحة بمنطقة شمال دارفور وجود حالات سوء تغذية حادة بين الأطفال والحوامل والمرضعات وكبار السن، مشيرة إلى أن الوضع الحالي والحصار المطبق يساهمان في تفاقم هذه الحالات.
وقالت مديرة الصحة بالمنطقة -للجزيرة نت- إن الوزارة تحاول التدخل عبر مراكز التغذية، رغم نقص الكوادر والمستلزمات.
لكن مصدرا طبيا بالمستشفى السعودي -وهو الوحيد العامل حاليا في الفاشر- أكد للجزيرة نت أن "الوضع يخرج عن السيطرة" مشيرا إلى ازدياد عدد الأطفال الذين يعانون من هزال شديد، مع نقص حاد في المحاليل العلاجية.
وأضاف "نحن لا نعالج، بل ننتظر الموت وهو يتباطأ أمام أعيننا. تصلنا أمهات يحملن أطفالا لا يتجاوز وزنهم 4 كيلوغرامات، بعضهم توقف نموهم بالكامل وآخرون لا يقوون على البكاء. نعيش عجزا كاملا".
الجوع لا يفتك بالجسد فقط، بل يمتد ليقوض الصحة النفسية. ويقول الاستشاري الاجتماعي محمد سليمان أتيم -للجزيرة نت- إن الأطفال والنساء يعانون من اضطرابات نفسية حادة بسبب الجوع، بينها الانعزال والحديث مع الذات ونوبات القلق والخوف من المستقبل.
وأشار أتيم إلى أن "الحرب في الفاشر تخلف مفارقات غريبة. فرغم المآسي، اجتمعت الأسر حول موائد الطعام النادرة، لكن التكايا التي كانت متنفسا اجتماعيا توقفت لتزداد المعاناة".
ورغم حجم الكارثة، تغيب الفاشر عن التغطية الإعلامية. فالصحافة الغربية لم تفرد تقارير عن الأزمة، ولا تحضر المدينة في نشرات الأخبار الدولية، وتعاني الصحافة المحلية من ضعف الإمكانيات وشح الكوادر.
ويقول مدير مركز الفاشر للخدمات الصحفية محمد سليمان استيك، للجزيرة نت "نكتب ونوثق ونتحدث، لكن لا أحد ينقل صوتنا، يبدو أن العالم لا يريد أن يرى. نحتاج إلى من يروي قصتنا للعالم" مشيرا إلى تحديات الوصول إلى المعلومات وفقدان المعدات، مما فاقم العزلة الإعلامية التي تعيشها الفاشر.
صمت دوليوعلى الرغم من النداءات المتكررة من النشطاء المحليين وقيادات المجتمع المدني، لم تعلن الأمم المتحدة أو المنظمات الإنسانية الكبرى عن خطة تدخل عاجلة لكسر الحصار أو فتح ممرات آمنة.
وتقول الناشطة الحقوقية سلمى فتحي للجزيرة نت إن "ما يجري تجاوز حدود التحذير. نحن نعيش داخل فخ اسمه الجوع، ونتساءل إن كانت أرواحنا أقل قيمة من أزمات أخرى تحظى بتدخل دولي فوري". وأضافت "الناس هنا بحاجة إلى غذاء ودواء، وكل لحظة تأخير تعني فقدان المزيد من الأرواح".
إعلانويروي السكان والناشطون قصصا مؤلمة لأطفال ونساء يعانون من سوء التغذية بعد انقطاع الطعام لأيام، حيث تحول التنقل بين المستشفيات ومراكز الإيواء إلى مشهد يومي.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال محمد حسن محمد، عضو المكتب الإعلامي لتنسيقية لجان مقاومة الفاشر "هناك من لم يجد ما يأكله، وأطفال ونساء أصيبوا بسوء التغذية بسبب توقف التكايا التي كانت تعتمد عليها الأسر. الوضع يتدهور يوما بعد يوم، والموت يطرق الأبواب".
وشدد محمد على ضرورة تدخل عاجل لكسر الحصار وتوفير المساعدات، مؤكدا أن "كل دقيقة تأخير تعني مزيدا من الضحايا، وعلى العالم أن يتحرك الآن قبل فوات الأوان".