في الوقت الذي تتنامى المخاوف من انزلاق الشرق الأوسط إلى نزاع إقليمي شامل بسبب التوترات الأمنية، أعلن الأردن عزمه إجراء انتخابات برلمانية في سبتمبر المقبل، وفق قانون انتخابي جديد، وضمن استحقاق برلماني بانتهاء عمر المجلس الحالي.

الانتخابات البرلمانية للمجلس التاسع عشر في أواخر 2020 أجريت في وقت صعب، حيث كانت جائحة كورونا قد فرضت واقعا جديدا حينها.

وفي العام الحالي تجري انتخابات المجلس العشرين والمملكة في عين العاصفة، التي بدأت بأحداث السابع من أكتوبر وحرب إسرائيل في غزة، وصولا إلى التظاهرات والاحتقان في الشارع الأردني، مرورا بتبعات الضربة الإيرانية على إسرائيل، حيث تصدت الدفاعات الجوية في الأردن لجزء كبير منها. 

ولم يستبعد محللون تحدثوا لموقع "الحرة" أن تفرز الانتخابات مرشحين عن قواعد حزبية أكثر تمثيلا من القواعد الشعبية التقليدية القائمة على العشائرية والمناطقية، ورجحوا أن تكون "الحرب في غزة" و"القضية الفلسطينية" حاضرة بقوة في الشعارات الانتخابية.

وبحسب الفقرة الأولى من المادة 68 من الدستور الأردني "مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية، وللملك أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على سنتين".

أما الفقرة الثانية من المادة ذاتها تنص على "إجراء الإنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق إنتهاء مدة المجلس فإذا لم يكن الإنتخاب قد تم عند إنتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب يبقى المجلس قائماً حتى يتم إنتخاب المجلس الجديد".

انعكاسات للأحداث في المنطقة على الانتخابات  الأردن يعول على قانون جديد للانتخابات لتحفيز العمل الحزبي. أرشيفية

الأكاديمي المحلل السياسي الأردني، عامر السبايلة، يقول لموقع "الحرة" إن ما يجري في المنطقة "بالتأكيد له انعكاسات داخلية في الأردن" فقد نرى لها انعكاسات "حزبية" في الشعارات أو غيرها، ولكنها بالمجمل لن تؤثر على المسار الانتخابي الذي تحكمه عوامل عديدة.

مدير مركز الحياة "راصد"، عامر بني عامر، يرى أن ما يجري في المنطقة من توترات وخاصة حرب إسرائيل في غزة، ستؤثر على "الانتخابات البرلمانية في الأردن".

ويشرح بني عامر الذي يدير مرصد مراقبة الانتخابات والبرلمان في الأردن، أن التأثير سيكون "باستخدام بعض القوى السياسية لشعارات ترتبط بما يحصل من أجل جذب المزيد من الأصوات" من جهة، ومن جهة أخرى ستركز قوى سياسية على "قضايا ترتبط بالهوية الوطنية والأمن الوطني، ووضع الأردن كأولوية في ظل ما يحصل في المنطقة" على ما أفاد لموقع "الحرة".

وتابع أن ما جرى على مدار الأشهر الماضية سيكون له "تأثيرات باتجاهات مختلفة، بعضها سيحفز على الانتخاب والمشاركة، وبعضها الآخر سيكون العكس، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن".

ويشير إلى أن بعض الأحزاب السياسية الناشئة في المملكة وجدت فرصة "لها من أجل حشد الجماهير واختبار قوتهم من خلال التركيز على أولويات وهموم المواطن الأردني، خاصة تلك الأولويات المرتبطة بالهم الاقتصادي، والتي كانت حاضرة ما قبل السابع من أكتوبر"، ويستطرد أنه "بعد الحرب على غزة تنامى حديث بعض القوى للتركيز على قضايا الأمن الوطني، ودعم صمود الشعب الفلسطيني".

حرب غزة تؤجج غضب الأردنيين.. تحولات في مشهد التظاهرات واتهامات لأياد خفية مع استمرار الاحتجاجات التي تخرج يوميا بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان للمطالبة بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل والإعراب عن الدعم لغزة والفلسطينيين، طفى إلى السطح نوعا من الجدل والاتهامات المتبادلة.

رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، موسى المعايطة قال في تصريحات أواخر أبريل إن "الانتخابات المقبلة ستكون بمثابة تمرين بالذخيرة الحية" للأحزاب.

وأضاف بحسب تقرير نشرته الهيئة أن "الأحزاب يجب أن تستغل الأربعة أشهر القادمة لإقناع الناخبين ببرامجها"، مشيرا إلى أنه "ليس من الضروري تقديم برامج واسعة بل مواقف محددة من القضايا المفصلية".

ما بين "التقاطعات" و"مادة دسمة للأحزاب" الحرب في غزة قد تشكل مادة دسمة في شعارات المرشحين. أرشيفية

أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، يؤكد أنه لن "يتأثر مسار الانتخابات البرلمانية" بأزمات المنطقة، ولكن ستكون هناك "تقاطعات، خاصة وأن ما يحدث في غزة، يمثل جزءا من القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية محلية لكل أردني".

وبمشاركة جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات من عدمها، أكد أمين عام الحزب لموقع "الحرة" أن الجميع يتطلع لأن نرى "مجلسا مسيسا، يكون فيه تمثيل واضح للأحزاب، وبكتل سياسية حقيقة تحمل رؤى وبرامج تتنافس من أجل خدمة الدولة".

واستطرد العضايلة أن المجلس المقبل "بإمكانه أن يكون خطوة أولى من أجل تشكيل حكومات برلمانية، والدفع بالحياة السياسية إلى مستويات متقدمة بعيدة عن المناطقية والعشائرية، وقائمة على خدمة الوطن من خلال برامج سياسية تصب في مصلحة المواطن".

عضو مجلس النواب الأردني، عمر عياصرة، بدوره يرى أن ما يحدث في المنطقة من توترات خاصة بـ"حرب إسرائيل على غزة" ستكون "حاضرة وستنعكس على المشهد الانتخابي في الأردن".

ويرجح في رد على استفسارات موقع "الحرة" بأن "هذا الأمر سيشكل مادة دسمة للحركة الإسلامية في المملكة، والتي تتبنى خطاب الشارع وتتقاطع مع الانتقادات التي توجه لبعض مواقف الدولة تجاه ما يحصل في المنطقة".

ويعتقد عياصرة أن تأثير هذا الأمر "قد يكون جانبيا في المدن الأساسية، وهامشيا في المحافظات والتي ستطغى عليها اعتبارات مختلفة من العشائرية والمناطقية في التصويت، ما يعني أن التأثير على تشكيلة المقاعد الانتخابية قد تكون محدودة".

وخلال الأسابيع الماضية شهدت المملكة تظاهرات يومية يتجمهر فيها المحتجون الغاضبون قرب السفارة الإسرائيلية في حي الرابية بالعاصمة عمان، مطالبين بإلغاء المملكة معاهدة السلام مع إسرائيل، دعما للفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب مدمرة يقودها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

ووقع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل العام 1994، لكن الشعب يرفض تطبيع العلاقات بشكل عام بحسب تقرير سابق لوكالة فرانس برس.

نقطة انطلاقة للعمل الحزبي البرلماني تساؤلات عما ستفرزه الانتخابات البرلمانية المقبلة . أرشيفية

ويتفق المحللون بأن الانتخابات المقبلة قد تشكل خطوة أولى في تغير المشهد البرلماني، بإيجاد مجلس قائم على الأحزاب يعمل وفق أسس وبرامج واضحة.

وتأتي هذه الانتخابات بعد إنجاز تعديلات دستورية، وصدور قوانين جديدة ناظمة للانتخابات والعمل الحزب، تهدف إلى تمكين الشباب والمرأة والتأسيس لثقافة أحزاب سياسية برامجية في المملكة، على ما أكد رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة أواخر أبريل.

ويوضح السبايلة لـ"الحرة" أن قانون الانتخابات الجديد يعول عليه وبشكل كبير أن يغير من المشهد الداخلي للانتخابات بأن "يكون المرشحين منتمين لأحزاب، ويمارسون عملهم البرلماني ضمن قواعد عمل حزبي سياسي، ليصبح لدينا برلمان أردني قائم على البرامج الحزبية".

وقال إن الجميع في المملكة يعلم "أن الوصول لبرلمان قائم على الأحزاب لن يكون بشكل مباشر، إنما من خلال مراحل ستحتاج وقتا حتى نصل إليها".

ويرجح بني عامر أن مجريات الانتخابات المقبلة ستفرز مجلسا تسيطر عليه ستة إلى ثمانية أحزاب أردنية من بين 38 حزبا مسجلة في المملكة، وسيكون لها كتلا راسخة لعدة معايير ومحددات".

ويعتقد أن البرلمان المقبل قد يشهد وجودا لكتل سياسية "فاعلة تنسجم مع قواعدها ضمن برامج وأطر حزبية، وليس مثل الكتل السياسية القائمة الحالية التي نشأت بطرق مختلفة".

ويرى العضايلة بدوره أنه "رغم الوضع الصعب في غزة، إلا أن إجراء الانتخابات تعني استقرار المملكة، واستمرار العمل بالاستحقاقات الدستورية في أوقاتها".

وأضاف أن "المملكة استطاعت إجراء الانتخابات في ظل جائحة كورونا، ولن تثبطها التوترات في المنطقة عن إجراء الانتخابات للمجلس المقبل".

وكشف العضايلة أن حزب جبهة العمل الإسلامي "لم يحسم حتى الآن مسألة المشاركة في الانتخابات البرلمانية للمجلس المقبل، إذ سيتم البت في المسألة من خلال مجلس الشورى الذي سيعقد في وقت لاحق خلال الشهر الحالي".

ويرى النائب في المجلس الحالي عياصرة أن قانون الانتخابات الجديد قد يفرز "تشكيلة ممثلة بشكل أكبر على الصعيد السياسي، ولكنها بالمجمل ستبقى قريبة من الحكومات ولكن تكون مناكفة لها".

ولم يستبعد أن نرى "بروزا لأصوات منتقدة للحكومات داخل البرلمان المقبل، ولكنها لن تشكل حالة مؤثرة قادرة على تغيير مسار الأحداث".

ونشر مركز الحياة "راصد" أواخر أبريل دراسة لتوجهات الأحزاب السياسية الأردنية للانتخابات النيابية 2024، من خلال التواصل مع 38 حزبا مسجلا لدى الهيئة المستقلة للانتخاب، إذ امتنع حزبان عن المشاركة في الاستطلاع وحزبا واحدا تعذر الوصول له.

وأظهرت النتائج أن عدد الأحزاب السياسية التي تنوي المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة بلغ 32 حزبا من أصل 35 حزبا استجابوا للاصتطلاع، فيما لم تحسم ثلاثة أحزاب مشاركتها في الانتخابات النيابية.

وأعربت الأحزاب السياسية أنها تواجه تحديات خلال الفترة الحالية كان من أهمها: ضعف الدعم المالي والقدرة المالية للحزب، وضعف القبول المجتمعي، وضعف توفر الأجواء الملائمة للعمل الحزبي، والتباين في التعامل مع الأحزاب من قبل الدولة، وضعف للثقافة الحزبية، وتباين بالتعامل الإعلامي مع الأحزاب.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الانتخابات البرلمانیة الأحزاب السیاسیة فی الانتخابات فی المنطقة فی المملکة فی الأردن من خلال من أجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

اليمين المتطرف يحرز مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي

بروكسل - رويترز

حققت الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي أمس الأحد، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدعوة إلى انتخابات مبكرة فضلا عن زيادة حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا.

وعلى الرغم من أن من المتوقع أن تحصل أحزاب الوسط والأحزاب الليبرالية والاشتراكية على على أغلبية في البرلمان المؤلف من 720 مقعدا، فإن الانتخابات وجهت ضربة في الداخل للرئيس الفرنسي ماكرون والمستسشار الألماني أولاف شولتس مما أثار تساؤلات حول الكيفية التي ستوجه بها القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي العملية السياسية داخل التكتل.

ودعا الرئيس الفرنسي إلى انتخابات برلمانية تُجرى جولتها الأولى في 30 يونيو حزيران، في خطوة محفوفة بالمخاطر سعيا لإعادة ترسيخ سلطته.

ومثل ماكرون، واجه المستشار الألماني ليلة مؤلمة بعد أن سجل حزبه الديمقراطي الاجتماعي أسوأ نتيجة له على الإطلاق، إذ عانى على يد المحافظين وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.

في الوقت نفسه عززت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني مكانتها بعد فوز حزبها، حزب إخوة إيطاليا، بمعظم الأصوات وفقا لاستطلاعات رأي الناخبين عند الخروج من مراكز التصويت.

والتوجه المتوقع للبرلمان الأوروبي نحو اليمين يعني أن سيكون من الأصعب تمرير تشريع جديد ربما يكون ضروريا للتعامل مع التحديات الأمنية وتأثير تغير المناخ والمنافسة الصناعية من الصين والولايات المتحدة.

ومع ذلك فإن حجم النفوذ الذي ستمارسه الأحزاب القومية المتشككة في الاتحاد الأوروبي سيعتمد على قدرتها على التغلب على خلافاتها والعمل معا. وهذه الأحزاب منقسمة حاليا بين فصيلين مختلفين كما أن بعض الأحزاب والمشرعين خارج هذين التجمعين في الوقت الراهن.

وأظهر استطلاع لآراء الناخبين بعد خروجهم من مراكز الاقتراع أن حزب الشعب الأوروبي سيكون أكبر تجمع سياسي في البرلمان الجديد بالحصول على 189 مقعدا في المجمل بزيادة خمسة مقاعد عن البرلمان السابق.

وتأتي هذه النتيجة في مصلحة أورسولا فون دير لاين العضو بالحزب حيث تضعها في موقع الصدارة للفوز بولاية ثانية في رئاسة المفوضية الأوروبية.

لكن فون دير لاين قد تحتاج إلى دعم من بعض القوميين اليمينيين مثل حزب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني (إخوة إيطاليا) لضمان الأغلبية البرلمانية وهو ما يمنح ميلوني وحلفاءها المزيد من النفوذ.

ويعزو المراقبون السياسيون التحول إلى اليمين إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، والمخاوف بشأن الهجرة وتكلفة التحول الأخضر، فضلا عن الحرب في أوكرانيا، وهي المخاوف التي استغلتها الأحزاب القومية والشعبوية.

وأظهر استطلاع خروج مركزي أن الجماعات القومية المتشككة في الاتحاد الأوروبي وكتلة الهوية والديمقراطية والمشرعين اليمينيين المتشددين الذين لم ينتموا بعد إلى تكتل سياسي في الاتحاد الأوروبي من حزب البديل من أجل ألمانيا، حصلوا معا على 146 مقعدا، بزيادة 19 مقعدا.

وتوقع استطلاع الرأي أن تحتفظ أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليين والخضر المؤيدة لأوروبا بأغلبية قدرها 460 مقعدا، لكن هذا العدد أقل مقارنة مع 488 مقعدا في المجلس المنتهية ولايته والذي يضم 705 نواب.

وتكبدت أحزاب الخضر في أوروبا على وجه الخصوص خسائر فادحة، إذ انخفض عدد مقاعدها إلى 53 نائبا مقارنة مع 71 نائبا في البرلمان المنتهية ولايته.

ويشترك البرلمان الأوروبي مع المجلس الأوروبي في اتخاذ القرار بشأن القوانين التي تحكم التكتل المكون من 27 دولة والذي يبلغ عدد سكانه 450 مليون نسمة.

مقالات مشابهة

  • تغيرات وتحركات في المعترك السياسي التركي
  • موديز تحذر فرنسا.. الانتخابات المبكرة تهدد التصنيف
  • ترودو قلق إزاء نجاح قوى اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي
  • رئيس جامعة المنيا يشهد اجتماع المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب
  • تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. الأسباب والتداعيات
  • اليمين المتطرف يحرز مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي
  • يوبيل فضي ومرحلة سياسية بظلال حزبية.. ما تحديات الانتخابات في الأردن؟
  • ماكرون يحل البرلمان الفرنسي ويدعو إلى انتخابات مبكرة بعد خسارته الانتخابات الأوروبية
  • انتخابات البرلمان الأوربي.. اليمين الداعم لسياسات المغرب يلحق هزيمةً بحزب ماكرون
  • بدء انتخابات برلمانية مبكرة في بلغاريا