مكسب وليس خسارة.. كيف تلقى الشارع التركي قرار إيقاف التجارة مع الاحتلال؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
أثار إعلان وزارة التجارة التركية إيقاف التجارة بشكل كامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ردود فعل واسعة في الأوساط التركية، حيث أشاد معارضون بالقرار في حين دعا آخرون إلى استكمال التصعيد ضد "إسرائيل" عبر ضمان استدامة الإجراء.
وكان قطع التجارة بالكامل مع الاحتلال الإسرائيلي من أبرز القضايا التي تصدرت أجندة السياسة الداخلية التركية خلال سباق الانتخابات المحلية، التي أسدلت ستارها في 31 مارس /آذار الماضي عن خسارة كبيرة لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وكانت العديد من الأحزاب المعارضة، وفي مقدمتها حزب "الرفاه من جديد" و"المستقبل، وجهت انتقادات حادة للحكومة التركية بسبب تواصل التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار مراقبون تحدثوا سابقا لـ"عربي21"، إلى أن "العدالة والتنمية" خسر جزءا من كتلته التصويتية بسبب تواصل التجارة مع الاحتلال، لصالح أحزاب محافظة مثل "الرفاه من جديد" الذي تمكن بزعامة فاتح أربكان من توسيع قاعدته الشعبية ليصبح ثالث أكبر حزب من حيث أصوات الناخبين والأعضاء المنتسبين.
وتبنى الحزب المحافظ خلال حملته الانتخابية حينها، خطابا حادا ضد الحكومة مطالبا بقطع العلاقات التجارية بشكل كامل مع الاحتلال الإسرائيلي نصرة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية في قطاع غزة.
دعوة إلى "إيقاف دائم"
وفي معرض تعليقه على قرار أنقرة الأخير، أشاد أربكان بوقف جميع الصادرات والواردات مع دولة الاحتلال "إلى أن تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفق غير متقطع وكاف للمساعدات الإنسانية إلى غزة".
وشدد على أن حزبه الذي دعا منذ مدة بعيدة إلى قطع العلاقات التجاري بالكامل يجدي القرار تطورا إيجابيا للغاية، موضحا إلى أنه يقف إلى جانب الحكومة في هذا الصدد.
‘İsrail laftan değil güçten anlar’ gerçeği doğrultusunda, Hükümet’in atacağı daha ileri adımların da destekçisi olacağımızı ifade ediyoruz. pic.twitter.com/D5IHl09ata — Dr. Fatih Erbakan (@ErbakanFatih) May 3, 2024
وأكد السياسي التركي عزمه "دعم الخطوات الإضافية التي ستتخذها الحكومة بما يتماشى مع حقيقة أن إسرائيل تفهم بالقوة، وليس بالكلمات"، حسب تعبيره.
من جهته، أعاد العضو في حزب "الرفاه من جديد"، صباح الدين حزين أوغلو، مشاركة بيان أربكان، مطالبا بضمان استدامة قطع العلاقات التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي.
بدوره، ثمن رئيس الوزراء التركي الأسبق، زعيم حزب "المستقبل" المعارض، أحمد داود أوغلو، قرار قطع العلاقات التجاري، الذي نادى به بقوة منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي.
Geç alınmış ancak doğru bir karardır! https://t.co/qHhxfknUxW — Ahmet Davutoğlu (@Ahmet_Davutoglu) May 2, 2024
وقال في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس"، إن "القرار متأخر لكنه قرار صحيح".
واتفق الناشط التركي فورقان بولوك باشه مع السياسيين التركيين بشأن أهمية القرار، إلا أنه شدد في تدوينة عبر منصة "إكس" إلى أن قطع العلاقات التجاري "خطوة كان ينبغي أن يتم اتخاذها قبل الانتخابات".
أما وزير الاقتصاد التركي الأسبق، وزعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعارض "ديفا - DEVA"، فقد شدد على أن قرار التجارة كان يجب أن تتوقف منذ اليوم الأول للمجزرة المتواصلة في قطاع غزة.
Gazze’deki katliamın ilk günü kesilmesi gereken ticaret, 7 ay geçip, 34 bin Gazzeli katledildikten sonra sonlandırıldı.
Tekrar soruyorum: Neden bu kadar geciktiniz? Neyi beklediniz? pic.twitter.com/937oz8rcTX — Ali Babacan (@alibabacan) May 3, 2024
وأضاف في تدوينة عبر منصة "إكس" مخاطبا الحكومة: "لماذا تأخرت إلى هذا الحد، وماذا كنتم تنتظرون؟".
"مكسب وليس خسارة"
أعرب رئيس جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين في تركيا "موسياد"، محمد أسماله، عن دعمه لقرار وقف التجارة بشكل كامل مع الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن التحرك التركي "ليس خسارة اقتصادية، بل مكسب إنساني".
وقال في بيان عبر حسابه في منصة "إكس"، إن بعد قرار تقييد التصدير الذي اتخذته وزارة التجارة لدينا في 9 نيسان /أبريل الماضي، ذكرنا في جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين، أنه ينبغي تنفيذ ممارسة مماثلة للمنتجات المستوردة.
“İsrail'le ticari ilişkilerin kesilmesi ekonomik bir kayıp değil, insani bir kazanımdır.”
9 Nisan’da Ticaret Bakanlığımızın almış olduğu ihracat kısıtlaması kararının ardından MÜSİAD olarak, ithal edilen ürünlerde de benzeri bir uygulamanın yapılmasını dile getirmiştik.… — Mahmut Asmalı (@MahmutAsmali) May 3, 2024
وأضاف أنه يرى أن "العالم الذي لا يتحرك ضد العدوان الإسرائيلي الوحشي المتزايد (في غزة)، والنظام الدولي الحالي الذي لا يستطيع تحقيق العدالة والسلام، قد أفلسا"، حسب تعبيره.
وشدد على أن "دولة واحدة والإدارة التي تحكمها (الاحتلال الإسرائيلي وحكومته)، تجر الإنسانية جمعاء إلى الفوضى أمام أعين العالم أجمع"، مشدد على أنه "من الآن فصاعدا، فإن الخطوة الأكثر أهمية التي ينبغي اتخاذها ضد هذه العقلية يجب أن تكون فرض حظر اقتصادي".
وأشار إلى أن جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين الأتراك "تؤيد قرار الحكومة بوقف الصادرات والواردات لجميع المنتجات إلى إسرائيل، وتعتبره خطوة مهمة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة وضمان سهولة نقل المساعدات الإنسانية".
وأكد أن الجمعية التركية ترى "قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل أنه مكسب إنساني وليس خسارة اقتصادية"، مشددا على أنهم ينتظرون "اتخاذ هذا القرار وقرارات مماثلة من قبل جميع مسؤولي الدول ذوي الضمائر الحية في العالم".
"9.5 مليار دولار نعتبرها غير موجود"
وفي وقت سابق الجمعة، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن بلاده "اعتبرت حجم التجارة الثنائية البالغ 9.5 مليارات دولار غير موجود وأغلقت هذا الباب"، موضحا أن أنقرة "اتخذت الخطوات التي يتوجب عليها أخذها".
وتطرق أردوغان بشكل مقتضب إلى أسباب تأخر بلاده في اتخاذ قرار إيقاف التجارة، قائلا في تصريحات صحيفة، إن "هناك بعض الأحزاب في بلدنا الذين يمثلون الوجه القاسي للسياسة، استخدموا هذه القضية (التجارة مع الاحتلال) بشكل قاس خلال الانتخابات، لكننا أردنا تقييم الوضع دون تعجل. والآن انتهت الانتخابات وأقدمنا على هذه الخطوة (إيقاف التجارة بالكامل)".
وفي 9 نيسان /أبريل الماضي، فرضت تركيا قيودا على صادرات 54 منتجا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بهدف دفعها إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وربطت أنقرة على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان، قرارها تقييد الصادرات التي تضمنت مواد بناء ووقودا للطائرات، بعرقلة "إسرائيل" المساعي التركية الرامية إلى تنفيذ إنزالات جوية للمساعدات الإنسانية على قطاع غزة.
تجدر الإشارة إلى أن تركيا توجهت خلال الشهر الأخير بخطوات متسارعة إلى التشديد على وقوفها إلى جانب فلسطين ومقاومتها بشكل لا لبس فيه عبر اتخاذ العديد من القرارات المهمة، بما في ذلك إعلانها الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية التجارة الاحتلال أردوغان الفلسطيني تركيا تركيا فلسطين أردوغان الاحتلال التجارة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع الاحتلال الإسرائیلی التجارة مع الاحتلال إیقاف التجارة قطع العلاقات إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
غزة- أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، أنه بدأ بتوجيهات من المستوى السياسي سلسلة عمليات لتحسين الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، بإسقاط المساعدات من الجو وتحديد ممرات إنسانية يسمح عبرها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن بغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية.
ويأتي الإعلان الإسرائيلي مع اشتداد التجويع الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني في غزة بعد مرور 5 أشهر على إغلاق إسرائيل المحكم لمعابر القطاع، ومنع دخول إمدادات الغذاء والدواء.
وتجيب الأسئلة التالية على تفاصيل التجويع التي يعيشها سكان غزة، وآليات إدخال المساعدات التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكميات المواد الغذائية التي يحتاجها القطاع يوميا.
كيف تعمقت المجاعة في قطاع غزة؟
منذ 2 مارس/آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع معابر قطاع غزة منقلبا بذلك على اتفاق التهدئة الموقع في 18 يناير/كانون الثاني، والذي نص على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميا إلى قطاع غزة.
ومنذ ذلك الحين، اعتمد سكان القطاع على المواد الغذائية التي كانت لديهم، والتي بدأت تنفد تدريجيا من الأسواق، حتى انتشر التجويع بين السكان وظهرت عليهم علامات وأمراض سوء التغذية سيما مع نقص المواد الأساسية من مشتقات الحليب واللحوم والدواجن والخضراوات، كما طال المنع الأدوية ومستلزمات النظافة الشخصية.
وأدى التجويع إلى وفاة 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا، حسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، بعدما منع الاحتلال منذ ذلك الوقت -وحتى الآن- إدخال أكثر من 80 ألف شاحنة مساعدات ووقود.
كيف عادت المساعدات إلى غزة؟في 27 مايو/أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتماد آلية جديدة لتوزيع المساعدات تعتمد على "مؤسسة غزة الإنسانية" الممولة أميركيا ويديرها ضباط خدموا في الجيش الأميركي، وافتتحت نقطة توزيع في المناطق الغربية لـرفح التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، ومن ثم أقيمت نقطة أخرى في ذات المدينة، وبعدها نقطة ثالثة في محور نتساريم وسط قطاع غزة الخاضع لسيطرة جيش الاحتلال أيضا.
إعلانوأبقت المساعدات الأميركية سكان غزة في دوامة المجاعة، ولم تحدث تغييرا على واقعهم المعيشي الصعب لعدة أسباب:
تقام نقاط التوزيع في مناطق خطيرة "مصنفة حمراء" ويسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لا يوجد آلية معتمدة بتوزيع المساعدات، ويغيب أي قاعدة بيانات للقائمين عليها، وتترك المجال للجوعى للتدافع والحصول على ما يمكنهم، دون عدالة في التوزيع. يضع القائمون على هذه المراكز كميات محدودة جدا من المساعدات لا تكفي لمئات الأسر الفلسطينية، وتبقي معظم سكان القطاع بدون طعام. ساهمت مراكز التوزيع الأميركية بنشر الفوضى وتشكيل عصابات للسطو عليها ومنع وصول المواطنين إليها. يتعمد الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الذين اضطروا بسبب الجوع للوصول إلى هذه المراكز، مما أدى لاستشهاد أكثر من 1100 فلسطيني من منتظري المساعدات، وأصيب 7207 آخرون، وفقد 45 شخصا منذ إنشائها، حسب وزارة الصحة بغزة. أغلقت المؤسسة الأميركية نقطتي توزيع خلال الأيام الماضية، وأبقت على واحدة فقط غربي رفح، مما فاقم أزمة الجوع.
وفي 28 مايو/أيار الماضي، أعلن جيش الاحتلال أنه سيسمح بإدخال المساعدات إلى غزة عبر المعابر البرية التي يسيطر عليها، وذلك عقب الاتفاق بين أميركا وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) القاضي بإطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر مقابل السماح بتدفق المساعدات للقطاع.
ومنذ ذلك الحين، لم يلتزم جيش الاحتلال بالاتفاق، وسمح بمرور غير منتظم وبعدد شاحنات محدود جدا عبر معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شمال غرب القطاع، ومحور نتساريم وسط غزة، لكن الاحتلال:
يرفض وصول المساعدات إلى المخازن، ويمنع توزيعها عبر المؤسسات الدولية. يستهدف عناصر تأمين المساعدات بشكل مباشر، مما أدى لاستشهاد 777 شخصا، واستهداف 121 قافلة مساعدات منذ بداية الحرب. يريد البقاء على حالة الفوضى واعتماد المواطنين على أنفسهم في التدافع للحصول على القليل من الطعام، وفي معظم الأحيان يفشلون في ذلك. يستدرج المواطنين لمصايد الموت، ويطلق النار عليهم.بعد ارتفاع الأصوات المنادية بضرورة وقف تجويع سكان قطاع غزة والضغط الذي مارسته المؤسسات الدولية، والتحرك الشعبي سواء العربي أو الأوروبي الرافض لمنع دخول المواد الغذائية، أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، السماح بإدخال المساعدات بما فيها تلك العالقة على الجهة المصرية من معبر رفح والسماح بمرورها عبر معبر كرم أبو سالم.
ورغم أن الاحتلال حاول إظهار أنه سمح لتدفق المساعدات بكميات كبيرة، إلا أن قراره جاء لامتصاص الغضب المتصاعد، وذلك ما تؤكده الكميات المحدودة جدا التي سمح بإدخالها إلى قطاع غزة، أمس، واقتصرت على 73 شاحنة فقط دخلت من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شماله، و3 عمليات إنزال جوي فقط بما يعادل أقل من حمولة شاحنتين.
من يستفيد من المساعدات الواردة لغزة؟مع رفض الاحتلال الإسرائيلي عمليات تأمين وصول المساعدات إلى مخازن المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، وتعمده إظهار مشاهد الفوضى بين الفلسطينيين، يتجمع مئات الآلاف من المواطنين يوميا أمام المنافذ البرية التي تدخل منها المساعدات، وكذلك مراكز التوزيع الأميركية رغم خطورة ذلك على حياتهم، ويتدافعون بقوة على أمل الحصول على أي من المساعدات الواردة، ويضطرون لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام في سبيل ذلك.
إعلانوأفرزت هذه الحالة التي يعززها الاحتلال الإسرائيلي ظهور عصابات للسطو على المساعدات وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة.
تُقدر الجهات المختصة حاجة قطاع غزة من المساعدات بـ600 شاحنة يوميا، و500 ألف كيس طحين أسبوعيا، و250 ألف علبة حليب شهريا للأطفال لإنقاذ حياة 100 ألف رضيع دون العامين، بينهم 40 ألفا تقل أعمارهم عن عام واحد، مع ضرورة السماح بتأمينها ووصولها للمؤسسات الدولية بهدف توزيعها بعدالة على سكان القطاع، والسماح بإدخال البضائع للقطاع الخاص التي توفر جميع المواد والسلع التي يحتاجها الفلسطينيون يوميا.