قال أب عراقي، توفّت طفلته حديثا: "لم أستطع حمايتها، لن أسامح نفسي أبدا، لكن البحر كان خياري الوحيد"، وذلك عقب أسبوع، قبل الفجر، وعلى نفس الجزء من الساحل الفرنسي جنوب كاليه، حيث بكى على الشاطئ ينوح الأمواج المتراجعة، ويضرب صدره ويشده، مستسلما للحزن والغضب والشعور بالذنب.

وأوضح أحمد الهاشمي (41 عاما) "كان ذلك الوقت مثل الموت نفسه، رأينا الناس يموتون، رأيت كيف كان هؤلاء الرجال يتصرفون؛ لم يهتموا بما كانوا يدوسون عليه، طفل أو رأس شخص ما، صغيرا كان أو كبيرا، بدأ الناس يختنقون".



وتابع أحمد، الذي وجد نفسه محصورا بإحكام داخل قارب مطاطي قابل للنفخ، وهو يصرخ طلبا للمساعدة، ويسمحوا له بالعبور بينهم ليقفز ويغوص إلى أسفل الماء لينقذ ابنته سارة البالغة من العمر سبع سنوات، من ظلام البحر الخانق الذي غرقت فيه.

وأضاف: "أردت فقط أن يتحرك الناس حتى أتمكن من سحب ابنتي"، فيما تحدّث عن شاب سوداني كان جزءا من مجموعة كبيرة قدمت وتزاحمت على متن القارب في اللحظة الأخيرة، قبل أن يتحرك القارب وينجرف بعيدا عن الشاطئ. لكن الشاب تجاهله في البداية ثم هدده.

وقال موقع "بي بي سي" عربية، في تقرير له: "رغم أن أحمد عراقي الجنسية، إلا أن ابنته لم تزر العراق قط؛ فقد ولدت في بلجيكا وأمضت معظم حياتها القصيرة في السويد"، مبرزا أنه "في المجمل، لقي خمسة أشخاص حتفهم في نفس الحادثة، كانوا ضحايا لما بدا وكأنه تدافع مؤلم وبطيء الحركة".

وتابع الموقع نفسه، الذي تحدّث عن الحادث، الذي حظي بتفاعل واسع على عدد من منصات التواصل الاجتماعي، أن أحمد هو ذلك الرجل الذي كان يصرخ طلبا للمساعدة، حيث ناشد من حوله بشدة إنقاذ حياة ابنته سارة. كما حوصرت زوجة أحمد، نور السعيد، وطفلاهما الآخران، رهف البالغة من العمر 13 عاما وحسام البالغ من العمر ثماني سنوات، في القارب، لكنهم كانوا لا يزالون قادرين على التنفس.


وأكد أحمد: "أنا عامل بناء، أنا قوي، لكنني لم أتمكن من إخراج ساقي؛ ولا عجب أن ابنتي الصغيرة لم تستطع ذلك أيضا؛ لقد كانت تحت أقدامنا"، مبرزا أن هذه المحاولة اعتبرت الرابعة للعائلة، من أجل العبور، منذ وصولهم إلى المنطقة قبل شهرين.

تجدر الإشارة إلى أن الشرطة، قبضت عليهم مرتين على الشاطئ بينما كانوا يحاولون جاهدين مواكبة المهاجرين الآخرين الذين يركضون نحو قارب المهربين.

وفي سياق متصل، قال أحمد إن "المهربين هذه المرة؛ الذين كانوا يتقاضون 1500 يورو عن كل شخص بالغ ونصف ذلك المبلغ عن كل طفل، وعدوه بأن 40 شخصا فقط، معظمهم من العراقيين، سوف يصعدون على متن قاربهم، لكنهم فوجئوا عندما ظهرت مجموعة أخرى من المهاجرين السودانيين على الشاطئ وأصرت على التكدس على متن القارب".

وتابع: "فجأة، انفجرت قنبلة غاز مسيل للدموع تابعة للشرطة بالقرب منهم، وبدأت سارة بالصراخ، بمجرد صعودهم إلى القارب، أبقى أحمد سارة على كتفيه لمدة دقيقة أو نحو ذلك، ثم أنزلها لمساعدة ابنته الأخرى، رهف، على الصعود على متن القارب، وكان ذلك عندما لم يتمكن من رؤية سارة التي كانت بجانبه".

وأوضح موقع "بي بي سي" عربي أنه "في وقت لاحق فقط، عندما وصل رجال الإنقاذ الفرنسيون إليهم في البحر وأنزلوا بعضا من أكثر من 100 شخص كانوا محشورين على متن القارب، تمكن أحمد أخيرا من الوصول إلى جثة ابنته" متابعا: "رأيت رأسها في زاوية القارب؛ كان لونها أزرق بالكامل، كانت ميتة عندما أخرجناها، ولم تكن تتنفس".

وبعد الحادث بأيام قليلة، عملت السلطات الفرنسية برعاية الأسرة، بينما كانوا ينتظرون دفن جثة سارة. فيما قال أحمد إنه كان على علم بأنه يواجه انتقادات شديدة على وسائل التواصل الاجتماعي من أشخاص يتهمونه بتعريض عائلته لخطر غير ضروري. 

وفي هذا السياق، قال أحمد "لن أسامح نفسي أبدا، لكن البحر كان خياري الوحيد. كل ما حدث كان رغماً عني، نفدت الخيارات المتاحة لي. يلومني الناس ويقولون: "كيف يمكنني المخاطرة ببناتي؟".

وأضاف "لقد قضيت 14 عاما في أوروبا لكنني رُفضت"، موضحا سنوات من المحاولات الفاشلة لتأمين الإقامة في الاتحاد الأوروبي بعد فراره من العراق عقب ما وصفه بتهديدات من الميليشيات هناك.

وبحسب ما ورد، قد رفضت بلجيكا منحه حق اللجوء بحجة أن البصرة، مسقط رأسه في العراق، مصنفة على أنها منطقة آمنة. وقال إن أطفاله أمضوا السنوات السبع الماضية في الإقامة مع أحد أقاربهم في السويد، لكنه أُبلغ مؤخرا بأنه سيتم ترحيلهم معه إلى العراق.


وفي رسالة فيديو أرسلتها إلى "بي بي سي" وصفت إيفا جونسون، وهي معلمة سارة في أوديفالا بالسويد، الطفلة البالغة من العمر سبع سنوات بأنها "لطيفة رائعة"، مضيفة: "كان لديها الكثير من الأصدقاء في المدرسة؛ وكانوا يلعبون معا طوال الوقت، وفي شباط/ فبراير، سمعنا أنه سوف يُرحّلون وأن ذلك سيحدث بسرعة، تلقينا إشعارا بذلك قبل يومين".

وإثر إعلامهم بوفاتها، تجمّع زملاء سارة في دائرة ووقفوا دقيقة صمت حزنا عليها، فيما قالت معلمتها "من المؤسف للغاية أن يحدث ذلك لعائلة لطيفة كهذه، لقد قمت بتعليم أطفال آخرين في تلك العائلة، وقد صدمت حقا من قرار الترحيل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق العراق الطفلة سارة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على متن القارب من العمر

إقرأ أيضاً:

ضحاياها عرب .. كارثة إنسانية قُرب شواطئ اليونان

#سواليف

لقي 17 مهاجرا حتفهم فيما لا يزال 15 آخرون في عداد #المفقودين إثر #غرق #قارب كان يقل 34 شخصا قرب #جزيرة_كريت اليونانية ونجاة اثنين فقط من بين الركاب.

وأعلنت السلطات المحلية في اليونان أن غالبية الركاب من #السودانيين و #المصريين.

وبحسب رواية الناجيين الوحيدين (2)، فإن القارب كان يفتقر إلى الأغطية والطعام ومياه الشرب، كما أدى اضطراب البحر إلى فقدان توازنه قبل أن يغرق في ظل أحوال جوية قاسية ضربت كريت ومناطق أخرى من اليونان على مدى يومين.

مقالات ذات صلة اليوم الجمعة .. أقوى مواجهة بين النشامى والعراق 2025/12/12

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليونانية إن “جثامين الضحايا تخضع للتشريح لتحديد أسباب الوفاة”، مرجحة أن يكون انخفاض الحرارة أو الجفاف وراء مصرع عدد منهم داخل القارب.

وتم رصد القارب لأول مرة بعد ظهر السبت الماضي بواسطة سفينة شحن تركية، ما استدعى تدخل سفينتين من خفر السواحل وثالثة تابعة لوكالة “فرونتكس” الأوروبية، إضافة إلى مروحية “سوبر بوما” وطائرة أوروبية وثلاث سفن عابرة شاركت في عمليات البحث والإنقاذ.

ونقلت وسائل إعلام يونانية عن مسؤول محلي قوله إن جميع الضحايا من الشباب، وإن القارب كان مفرغا من الهواء في جانبيه، ما أجبر الركاب على التكدس في مساحة ضيقة.

وقد أدى تعطل المحرك وتعرض القارب لعواصف وأمطار غزيرة خلال رحلته التي انطلقت الأربعاء الماضي من مدينة طبرق شرق ليبيا إلى غرقه على بعد 26 ميلا بحريا جنوب غرب كريت.

ووفق وكالة الأنباء الفرنسية، أكدت مسؤولة في المكتب الإعلامي لخفر السواحل أن الناجيين أبلغا بسقوط 10 أشخاص في البحر، بينما عثر على بقية الجثث داخل القارب الذي كان يتسرب إليه الماء.

وأشارت المسؤولة إلى أن عمليات البحث ما تزال مستمرة بإشراف خفر السواحل.

مقالات مشابهة

  • دموع الفرح ورقص هستيري.. جمهور السوشيال ميديا يتفاعل مع حفل زفاف ابنة محمد هنيدي
  • السلامي مدرب الأردن يبكي بسبب إصابة يزن النعيمات وتوقعات صادمة لمدة غيابه
  • دموع محمد هنيدي تتصدر لحظة رومانسية في زفاف ابنته
  • نجوم الوسط الفني يشاركون محمد هنيدي فرحة زفاف ابنته
  • شاهد | نجوم الفن يحتفلون مع محمد هنيدي بزفاف ابنته
  • السلامي بعد عبور العراق: تأهل بطعم الحزن.. وإصابة يزن النعيمات تخيم على أفراح الأردن
  • بالأحضان ورقص العروسين .. محمد هنيدي يقبل ابنته فى حفل زفافها
  • إيثان هوك يعرب عن ندمه العميق على طفولة ابنته مايا "الصعبة"
  • ضحاياها عرب .. كارثة إنسانية قُرب شواطئ اليونان
  • مأساة على قضبان سوهاج.. شاب يلقى حتفه دهسا أمام الجميع