4 خطوات للشركات الصغيرة لمواجهة الاقتصاد العالمي المضطرب
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
مع تزايد تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي، يواجه أصحاب الأعمال الصغيرة عددًا لا يحصى من التحديات والشكوك.
وسط تنافر التغطية الإعلامية والمحادثات المستمرة حول ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم وتوفر المساكن ومرونة الصناعة المصرفية، تشير "فوربس" في مقال لها إلى أنه من أجل كل ذلك يتعين على الرؤساء التنفيذيين الحفاظ على التركيز والوضوح للتنقل في هذه المياه المضطربة.
وفيما يلي 4 اعتبارات حاسمة للشركات الصغيرة في اقتصاد اليوم:
1- انتبه إلى المؤشرات الاقتصادية المحليةتؤكد فوربس أنه في حين أن العناوين الرئيسية الأميركية قد تهيمن على دورة الأخبار، فإن فهم المؤشرات الاقتصادية الإقليمية أمر ضروري لأصحاب الأعمال الصغيرة. يمكن أن تختلف أنماط الإنفاق الاستهلاكي ومعدلات التوظيف المحلية والنمو الاقتصادي العام بشكل كبير من سوق إلى آخر.
ومن خلال مراقبة اقتصاداتهم المحلية عن كثب، يمكن لأصحاب الأعمال تحديد الفرص الفريدة لتوسيع خدماتهم أو خطوط إنتاجهم.
وتشير المجلة إلى أن التعاون مع البنوك أو المقرضين الذين يقدمون خدمات مخصصة مصممة خصيصًا لقطاعات محددة أو لديهم فهم عميق للاقتصادات المحلية، يمكن أن يوفر رؤى ودعمًا لا يقدر بثمن.
على سبيل المثال، في حين أن العناوين الرئيسية في أميركا قد تدق أجراس الإنذار بشأن ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم، فإن الشركات الصغيرة العاملة في المناطق التي تشهد نموا اقتصاديا قويا قد تجد فرصا كبيرة للتوسع.
وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تتصارع مع ركود الإنفاق الاستهلاكي أو ارتفاع معدلات البطالة قد يحتاجون إلى اعتماد نهج أكثر تحفظا في التعامل مع النمو والاستثمار.
2- فصل الاضطرابات المؤقتة عن التحولات الدائمةيعد التمييز بين الاضطرابات المؤقتة والتحولات الدائمة أمرًا بالغ الأهمية للتخطيط الإستراتيجي. يمكن أن تساعد اتجاهات السوق والتقارير الاقتصادية في تحديد التحديات التي من المرجح أن تكون قصيرة الأجل وتلك التي قد تمثل تغييرات طويلة الأجل.
وتنصح فوربس الشركات الصغيرة بتخصيص الموارد بشكل فعال واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الاستثمارات والتعديلات.
على سبيل المثال، قد يكون الارتفاع المفاجئ في الطلب على منتجات أو خدمات معينة خلال أزمة عالمية مؤقتا، بالمقابل يمكن للتحولات نحو التحول الرقمي أو التغيرات في سلوك المستهلك أن تشير إلى تغييرات أكثر ديمومة. ومن خلال التمييز بهذه الاختلافات، تستطيع الشركات تكييف إستراتيجياتها وفقا لذلك، وتخفيف المخاطر والاستفادة من الفرص الناشئة.
3- إعطاء الأولوية للتكنولوجيا والاحتياجات التشغيليةفي المشهد التنافسي اليوم، لم تعد الاستفادة من التكنولوجيا أمرًا اختياريا، بل أصبحت ضرورة. وتشير فوربس إلى أنه ينبغي للشركات الصغيرة أن تفكر في اعتماد تقنيات جديدة لتعزيز الكفاءة التشغيلية والاستفادة من الفرص الجديدة في السوق.
من الحلول البرمجية المتقدمة لإدارة المخزون إلى المنصات عبر الإنترنت للوصول إلى جمهور أوسع، يمكن أن يؤدي تبني التكنولوجيا إلى دفع النمو والابتكار، وفق فوربس.
علاوة على ذلك، فإن تكوين شراكات إستراتيجية يمكن أن يؤدي إلى تسريع النمو، وتزويد الشركات الصغيرة بالموارد والدعم اللازم للازدهار في بيئة اقتصادية مليئة بالتحديات.
ومن خلال التعاون مع مقدمي التكنولوجيا وخبراء القطاع وغيرهم تستطيع الشركات الصغيرة الوصول إلى الحلول المتطورة وأفضل الممارسات، مما يؤهلها لتحقيق النجاح على المدى الطويل.
4- التركيز على البيانات ذات الصلة والاستعداد بشكل إستراتيجيفي حين أن الأخبار المحلية غالبا ما تدور حول نقاط البيانات الرئيسية مثل أسعار الفائدة، يجب على الشركات الصغيرة التركيز على البيانات التي تؤثر بشكل مباشر على عملياتها. ويمكن أن يوفر تتبع قطاعات مثل البناء والتجزئة والسفر رؤى قيمة حول طلب المستهلكين واتجاهات السوق.
وتشير تقارير الوظائف الأخيرة ونمو الأجور إلى قوة الاقتصاد الأميركي مثلا، ولكن يجب على الشركات الصغيرة أن تظل متفائلة بحذر وتستعد بشكل إستراتيجي لتحقيق النجاح في المستقبل.
في عالم متزايد التعقيد، يتطلب اتخاذ القرارات التجارية السليمة اليقظة والقدرة على التكيف والبصيرة. ومن خلال المراقبة الدقيقة للطلب المحلي والمؤشرات الاقتصادية والبيانات ذات الصلة، يمكن لأصحاب الأعمال الصغيرة أن يضعوا أنفسهم في موضع تحقيق النجاح والاستدامة على المدى الطويل.
ويعد البقاء ذكيًا وانتهازيًا أثناء التخطيط الإستراتيجي أمرًا ضروريًا لبناء مؤسسة مرنة ومزدهرة في المشهد الاقتصادي الديناميكي اليوم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ريادة الشرکات الصغیرة لأصحاب الأعمال ومن خلال یمکن أن
إقرأ أيضاً:
بين كلفة الدين العالمي وتحديات الفائدة وملامح تباطؤ الاقتصاد الدولي 2025-2026: لبنان إلى أين؟
من الواضح للعيان بعد جملة تقارير دولية أن العالم يقف اليوم أمام مرحلة دقيقة من التحول الاقتصادي، حيث لم تعد السياسات التقليدية القائمة على الإنفاق والاقتراض كافية لضمان التعافي. ويبدو أن المَخرج الوحيد يتمثل في تحقيق توازن دقيق بين الانضباط المالي وتحفيز الإنتاج، وبين الواقعية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، حتى لا يتحول تباطؤ النمو في عامي 2025 و2026 إلى أزمة طويلة الأمد تطال أسس النظام المالي الدولي بأسره.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي في تقاريره الأخيرة إلى أن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة تباطؤ خلال عامي 2025 و2026، مع تسجيل معدلات نمو متدنية مقارنة بالسنوات السابقة. فوفق تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر في نيسان/ أبريل 2025، يتوقع الصندوق أن يبلغ معدل النمو العالمي نحو 3 في المئة في عام 2025 و3.1 في المئة في عام 2026، وهي نسب تعكس حالة من الانكماش النسبي في النشاط الاقتصادي بعد سنوات من الاضطراب والتقلبات المتلاحقة.
وببساطة مطلقة ما يعنيه التباطؤ في النمو الاقتصادي يشي بأن العالم لا يتجه إلى الانكماش الكامل أو الكساد، بل إلى مرحلة من ضعف النشاط الإنتاجي والاستهلاكي والاستثماري، حيث تتراجع حركة التجارة العالمية وتقل وتيرة الاستثمار الخاص والعام على حد سواء. ويرتبط هذا التراجع بعدة عوامل، في مقدمتها استمرار السياسات النقدية المتشددة التي اعتمدتها البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لمواجهة التضخم الذي بقي فوق المستويات المستهدفة. وقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى إبطاء الاستثمار والإقراض وإضعاف حركة الأسواق المالية، إضافة إلى ما ساهمت التوترات الجيوسياسية به، لا سيما في أوكرانيا والشرق الأوسط، لجهة تعطيل سلاسل الإمداد وزيادة كلفة الطاقة والغذاء، مما انعكس على الأسعار العالمية وعمّق أزمة التضخم.
وإلى جانب ذلك، تراجعت معدلات الطلب في الصين التي كانت محركا رئيسيا للنمو العالمي، وهو ما أثر سلبا في التجارة الدولية وأسواق السلع. ومع هذه التطورات، تجاوز الدين العام العالمي 95 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وفق صندوق النقد الدولي! في حين بلغت الديون العامة والخاصة مجتمعة أكثر من 235 في المئة من الناتج العالمي! وهو مستوى غير مسبوق في التاريخ الحديث! فهل من يدرك أن هذه الأرقام قد تكون مدخلا للحروب العالمية القادمة؟!
وفي قراءة سريعة تبدو الدول النامية الأكثر تأثرا بهذه البيئة المعقدة، إذ تواجه عبئا مزدوجا يتمثل في ارتفاع كلفة التمويل الخارجي من جهة، وتراجع تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات من جهة أخرى. فكلما رفعت الدول المتقدمة أسعار الفائدة، انجذب رأس المال نحوها بحثا عن العوائد الأعلى والأمان المالي، مما يحرم الأسواق الناشئة من التمويل الضروري لمشاريعها التنموية.
وإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع الفائدة العالمية يزيد كلفة خدمة الدين العام في هذه الدول التي تعتمد على الاقتراض الخارجي، ما يضع موازناتها تحت ضغوط مالية حادة ويحد من قدرتها على الإنفاق الاجتماعي والاستثماري. وفي هذا الإطار، يبرز خطر أساسي يتمثل في أن استمرار معدلات الفائدة المرتفعة حتى عام 2026 قد يدفع بعض الاقتصادات النامية إلى حافة التعثر أو العجز عن السداد، خاصة تلك التي تشهد هشاشة مالية وتضخما مزمنا.
وهنا تزداد الحاجة إلى حلول دولية متوازنة تجمع بين الانضباط المالي والسياسات الداعمة للنمو. ومن بين المقترحات الواقعية إعادة جدولة الديون للدول الأكثر ضعفا، وتوسيع برامج التمويل الميسر التي يشرف عليها صندوق النقد والبنك الدولي، إلى جانب تحفيز الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة والبنى التحتية والتعليم، وهي قطاعات قادرة على خلق نمو مستدام دون زيادة المديونية.
أما على المستوى الوطني، فالمطلوب من الدول النامية تحسين إدارة مواردها العامة وضبط العجز المالي من دون خنق النشاط الاقتصادي. ويتعين تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتحسين كفاءة الجباية الضريبية، بما يسمح بزيادة الإيرادات من دون رفع الضرائب على الفئات المنتجة. كما أن تنويع الاقتصاد وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي يقللان من الاعتماد على الاستيراد ويخففان الضغط على العملات الوطنية في مواجهة الدولار.
ويُعد لبنان نموذجا بارزا لتأثير هذه الأزمات في الدول ذات المديونية المرتفعة. فوفق تقديرات صندوق النقد والبنك الدولي، تجاوز الدين العام اللبناني 160 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، فيما يعيش الاقتصاد حالة انكماش حاد وتراجع في الإيرادات العامة وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة. وقد أدى الانهيار المالي منذ عام 2019 إلى فقدان الثقة في النظام المصرفي، وتدهور سعر العملة المحلية، وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.
ومع استمرار ارتفاع الفائدة العالمية، فإن خدمة الدين الخارجي ستصبح عبئا إضافيا على المالية العامة في لبنان، مما يجعل أي تأخير في الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية خطرا على الاستقرار النقدي والاجتماعي في السنوات المقبلة.
وعليه، فإن استمرار الأوضاع الحالية من دون إصلاحات جذرية في الدول النامية، وفي لبنان على وجه الخصوص، قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في النمو وإلى تفاقم الفوارق الاجتماعية وازدياد هشاشة الاقتصادات المحلية، فهل من يتعظ قبل فوات الأوان؟