روما– ازدادت هواجس المسلمين المقيمين في إيطاليا مؤخرا بعد إقرار مجلس النواب الأربعاء الماضي مشروع قانون جديد وصفه المراقبون بالمناوئ للمساجد نظرا للإجراءات الصارمة التي يتضمنها والتي من المحتمل أن تؤدي إلى إغلاق العديد من مصلّيات المسلمين وحظر إنشاء دور عبادة جديدة في البلاد.

ويحظر مشروع القانون الجديد عمليا استخدام المقرات التابعة للمؤسسات الخيرية والهيئات غير الربحية أماكن عبادة للطوائف الدينية التي لم تبرم اتفاقيات مع الدولة، مثل الجاليات الإسلامية المنتشرة في كافة أنحاء إيطاليا.

وتوجد في إيطاليا 4 مساجد مرخصّة فقط بهيئة المسجد، في حين يوجد أكثر من 1300 مركز ثقافي إسلامي في أماكن خُصصت في البداية لوظائف أخرى مثل مرآب سيارات ومخازن وأقبية العقارات، وتُستخدم الآن مصلّيات يلجأ المسلمون لاستئجارها أو شرائها نظرا لصعوبة الحصول على تراخيص لإنشاء مساجد رسمية تتصف بالتصميم المعماري الإسلامي.

وجاءت الموافقة على مشروع القانون الذي قدمه النائب تومازو فوتي، رئيس مجموعة الحزب الحاكم "أخوة إيطاليا" اليميني في البرلمان بأغلبية 135 صوتا مقابل 112 صوتا ضده. وسيعرض القانون الأيام القادمة على مجلس الشيوخ لاكتمال الإجراء البرلماني ليصبح نافذا.

وقد أثار تمرير مشروع القانون الجديد في البرلمان غضب العديد من المنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة التي أكدت  عدم دستوريته، ووصفته بالتمييزي والظلامي بحق الإسلام والمسلمين.

مسلمو إيطاليا يضطرون لاستئجار أماكن للصلاة نظرا لوجود 4 مساجد فقط مرخصة (رويترز) تمييز غير دستوري

 أكد المحامي المتخصص في مجال القانون الإداري فينشينزو لاتورّاكا على عدم دستورية مشروع القانون الجديد لانتهاكه المادة رقم 3 حول مبدأ حق المساواة المنصوص عليه في الدستور الإيطالي.

وأوضح لاتورّاكا أن مشروع القانون يفرض تمييزا بين الجمعيات بإدخاله حصرا، للجمعيات التي تمارس أنشطة دينية، معايير تقييدية إضافية غير مقررة بالنسبة لمرافق حضرية أخرى كالمدارس والمستشفيات وصالات الألعاب الرياضية والمراكز الثقافية.

وأشار المحامي للجزيرة نت إلى أن المحكمة الدستورية عام 2019 كانت قد أبطلت قانونا شبيها كان يهدف إلى الحدّ من افتتاح مساجد جديدة في مقاطعة لومبارديا، لانتهاك ذلك القانون حرية العبادة والمعتقدات الدينية التي يكفلهما الدستور الإيطالي.

وفي رده على سؤال إن كان القانون الجديد سيؤدي إلى إغلاق المصلّيات القائمة حاليا في إيطاليا، قال المحامي من الصعب تحديد ذلك، ويعود هذا بالنظر إلى مبدأ عدم رجعية القانون الذي سيطبق فقط على الوقائع التالية لنفاذه.

وأردف "لكن ومع ذلك فإنه من المؤكد أن إدخال مثل هذه المعايير الصارمة سيؤدي إلى وضع قيود خطيرة على إصدار تراخيص جديدة خاصة بدور العبادة والمساجد في البلاد".

سياسة التهميش

على الرغم من أن المسلمين في إيطاليا أصبحوا يشكلون جالية مهمة من حيث الحجم حيث يبلغ عددهم نحو 2.7 مليون شخص من بينهم 1.7 مليون من حملة الجنسية الإيطالية، فإنهم لا يزالون يعانون من عدة مشاكل على مختلف الأصعدة من أهمها التهميش والتمييز وغياب التمثيل السياسي في الأجهزة الحكومية.

ويرى زعيم حزب أوروبا الخضراء أنجليو بونيللي -في حوار مع الجزيرة نت- أن مشروع القانون الجديد غير دستوري لأنه يخالف المادة رقم 19 التي تنص على حق الفرد في ممارسة شعائره الدينية بحرية كاملة والدعاية لها وممارسة عبادتها سرّا أو علنا، على ألا يكون ذلك مخالفا للعادات الحميدة.

وأضاف النائب أن مشروع القانون المطروح يعتبر نتاجا لسياسة التهميش والتمييز التي تنتهجها الأحزاب اليمينية، ضد الجاليات المسلمة، التي لن تتمكن في حال أصبح القانون نافذا من ممارسة حقها في التعبد داخل الأماكن المسموح بها للأديان الأخرى.

ولفت بونيللي إلى أن الأحزاب اليمينية تعمل في كثير من الأحيان على الربط بين المسلمين والإرهاب والمهاجرين والجريمة "وهذا خطأ لا يغتفر، مبنيّ على أكاذيب، ويهدف في الواقع إلى إثارة الفزع والخوف بين السكان من أجل الحصول على إجماع انتخابي".

وشدّد النائب على اعتزام حزبه -قريبا- عرض مشروع القانون على المحكمة الدستورية لإبطاله.

رئيس اتحاد الجاليات الإسلامية ياسين لفرم يصف مشروع القانون الجديد بالمجحف (الصحافة الإيطالية) تعاظم المخاوف

وفي سياق تعاظم المخاوف ومشاعر ضياع الحقوق بين أوساط المسلمين في إيطاليا، وصف رئيس اتحاد الجاليات الإسلامية ياسين لفرم -في حوار مع الجزيرة نت- مشروع القانون الجديد بالمجحف بحق المسلمين نظرا لأنه مبنيّ على أساس التمييز الديني، ويستهدف حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.

وأكد لفرم أن الصعوبات الحقيقية التي تواجهها الجاليات المسلمة نابعة من السياسات التي تنتهجها العديد من الحكومات المحلية التي تقودها الأحزاب اليمينية المتطرفة وتركز في حملاتها الانتخابية على ضرورة إغلاق المساجد غير المرخصة وتضييق الخناق على المسلمين، الأمر الذي يزيد من مشاعر الكراهية وتعريض المسلمين، وخاصة المحجبات، لاعتداءات ليست لفظية فحسب بل جسدية أيضا.

وقال رئيس اتحاد الجاليات الإسلامية "على الرغم من استعدادنا منذ 35 عاما كمؤسسة تمثيلية للمسلمين في البلاد بالتوقيع مع الحكومة على اتفاقية وفقا للمادة 8 من الدستور، فإن الأمر تعذر حتى الآن بسبب غياب الإرادة السياسية لدى جميع الحكومات التي تعاقبت خلال السنوات الماضية".

من جانبه، رأى إمام مسجد مدينة فلورنسا عز الدين الزير أن القانون الجديد يحمل في طياته رائحة العنصرية والكراهية للإسلام والمسلمين.

وقال الزير للجزيرة نت "صحيح أن الدستور ينص على ضرورة احترام الأديان إلا أن سنّ مثل هذه القوانين يجعل تأدية الصلوات وبعض الشعائر الدينية أمرا في غاية الصعوبة أو حتى مستحيلة".

وشدد على حقوق المسلمين بالقول "نحن نريد أن نمارس أنشطتنا ضمن أطر قانونية عادلة، وعلى الدولة أن توفر لنا الأماكن المناسبة لأداء شعائرنا الدينية".

من جانبها قالت مسؤولة منظمة العفو الدولية بإيطاليا تينا ماريناري إنه بدلا من هذه المحاولات الهادفة لحظر المساجد، ينبغي اتخاذ خطوات إلى الأمام من أجل التوصل إلى اتفاق بين الدولة الإيطالية والجاليات الإسلامية لتشجيع إنشاء مساجد نظامية.

وأضافت في حديث للجزيرة نت "المجتمع الإسلامي في إيطاليا موجود ومن المهم أن نضمن له كسائر الجماعات الدينية الأخرى حرية العبادة على النحو المنصوص عليه في دستورنا". ورأت الناشطة الحقوقية أن التمييز يضرب قلب الإنسان ذاته ويلحق الضرر بحقوق الأشخاص لمجرد هوياتهم أو معتقداتهم، علاوة على أنه يديم عدم المساواة بين البشر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات مشروع القانون الجدید الجالیات الإسلامیة فی إیطالیا

إقرأ أيضاً:

نقابة العاملين بالبترول تنظم ندوة تثقيفية حول قانون العمل الجديد

نظّمت النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول برئاسة المحاسب عباس صابر، ندوة تثقيفية بعنوان: “قانون العمل الجديد”، وذلك في إطار جهودها لرفع الوعي القانوني لدى العاملين وتعزيز فهمهم لحقوقهم وواجباتهم في ضوء التشريعات الحديثة.

أشاد المحاسب عباس صابر رئيس نقابة البترول في كلمته بجهود الدولة ووزارتي العمل والبترول في تطوير بيئة العمل ومعالجة الملفات العمالية المهمة، مؤكدًا أهمية القانون الجديد في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل.

كما أكد الأمين العام للنقابة، المحاسب أحمد السروجي، على دور العمل النقابي في دعم حقوق العمال ومواكبة التطورات القانونية بما يخدم الصالح العام، مشددًا على أهمية التكاتف النقابي لمواجهة التحديات.

وقدّم الدكتور نيازي مصطفى، الخبير في التشريعات العمالية، عرضًا تفصيليًا حول القانون الجديد، موضحًا الفروق بينه وبين القانون السابق، وناقش أبرز بنوده المتعلقة بالأجور، والعقود، والعقوبات، وأجاب عن استفسارات الحاضرين.

واختتم الندوة المستشار محمد عيسى، خبير التشريعات العمالية و الإدارية بدار الخبرة للتطوير الإداري ، بالتأكيد على دور النقابات في تفعيل مواد القانون، ودعم العمال في مواجهة التحديات، معتبرًا أن وعي العامل بالقانون هو الضامن الحقيقي لحقوقه.

وشهدت الندوة تفاعلًا إيجابيًا من المشاركين الذين طالبوا باستمرار تنظيم مثل هذه الفعاليات التوعوية، واختُتمت بالتقاط صورة جماعية للمشاركين.

طباعة شارك قانون العمل الجديد النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول نقابة البترول التشريعات العمالية النقابات

مقالات مشابهة

  • 38 محكمة عمالية ومكاتب مساعدة قانونية لتطبيق قانون العمل الجديد أول سبتمبر
  • نقابة العاملين بالبترول تنظم ندوة تثقيفية حول قانون العمل الجديد
  • "شباب الشورى" تواصل مناقشة مشروع قانون الهيئات الرياضية
  • شبابية الشورى تناقش قانون الهيئات الرياضية مع رؤساء الأندية
  • كم سيدفع مستأجرو المناطق المتميزة في أول شهر من تطبيق الإيجار القديم؟
  • البناء والأخشاب تعقد دورات تثقيفية عن قانون العمل الجديد
  • حالات وقف صرف الدعم النقدي في قانون الضمان الاجتماعي الجديد.. والتظلم خلال 60 يومًا
  • تسلسل زمني.. حسم مصير قانون الإيجار القديم يقترب|تفاصيل
  • فيديو مثير يورّط أحد مسؤولي الشؤون الدينية التركية.. تصرف صاعق يفتح باب التساؤلات
  • اتهامات تطال أيمن عبلي بعد فيديو مثير للجدل.. ومحاميه يرد